ShrElRawayat

شارك على مواقع التواصل

كانت تجلس في غرفة بمفردها وهي مُمسكة بصورة ما، تتأملها بابتسامة مصحوبة ببكاء وعيناها تلمعان كبريق الذهب، قطع شرودها سيدة تطرق الباب وترتدي ملابس المرضى فأدركت أنها مريضة مثلها، ابتسمت السيدة لها فبادلتها الابتسامة ثُم تبدل وجهها لعبوس قائلة بتجهم:
- لا أريد تبادل الأحاديث.
اكتفت السيدة بابتسامة هادئة ومدت يدها إليها لتعطيها إناء به طعام قائلة:
- لن أفرض عليكِ شيء، ولكن يجب أن لا تهملي صحتك ابنتي، الحياة تصبح قاسية علينا في بعض الأوقات ولكن تأكدي إنها لن تظل هكذا دومًا.
-أتمنى ذلك.
انصرفت السيدة وشرعت الفتاة في تناول الطعام، حتى دلفت الطبيبة حياة ومعها تقرير بحالتها تريد التحدث معها.
جلست بجانب الفِراش لتقول بهدوء:
- ما اسمك؟
- لُقى.
- كم عمرك؟
- يقولون تسعة عشر عامًا.
- ما الذي تقصدينه؟
- توالي الخيبات عليَّ جعلني أشعر بأني تخطيت الخمسين عامًا.
- أنا هنا لمساعدتك.
- لا أريد شيئًا، دعيني وشأني.
- سأصبح صديقتك قبل أي شيء، أنا وهم ونحن جميعًا نمُر بتجارب ليست بهينة أبدًا، ولكن ثقتنا بالله وبأنفسنا تجعلنا نخوض معارك الحياة بعزيمة، سأكون موجودة هنا دومًا، في أي وقت تريدين استدعائي به أخبري أي طبيب هنا وسآتي إليكِ.
ثُم انصرفت إلى مكتبها الخاص، وبينما هي جالسة شاردة في الفراغ أتى طبيب زميلها وجلس في الكرسي الأمامي لها قائلًا بانفعال:
- ما كل هذه الحالات التي أتيتِ بها إلى هنا؟ المرضى يزدادوا يومًا بعد يوم ولا يوجد وقت لمعالجتهم.
أغمضت عينيها لتتمالك انفعالها قائلة بلهجة آمرة:
- أنت تعمل هنا في المشفى الخاصة بي ولا يحق لك أن تتدخل، حاولت كثيرًا أن أذوب التفرقة بيني وبين العاملين ولكن أنت تُعاملني بالعكس تمامًا وكأنك صاحب تلك المشفى! وإذا لم يعجبك الوضع فارحل ولا تثرثر كثيرًا.
أخفض رأسه بأسف واتضح عليه الخجل قائلًا:
- لم أقصد هذا بالطبع، ولكنكِ مرهقة وتعملين كثيرًا لتهتمي بالمرضى، ونحن أيضًا نكاد نكون نقضي حياتنا كلها هنا.
- كلما نُعالج مريضًا ما نبعث به الأمل وبعائلته، ونكسب دعوة لطيفة منهم، فلا تتأرجح أمام فعل الخير؛ لأنه سيعود لك يومًا ما.
- حسنًا، هل يمكن أن تُقسمي تولية المرضى علينا؟
صمتت لثوانٍ ثم تنفست الصعداء وأغمضت عينيها حتى اتضح على ملامح وجهها التوتر قائلة: سأتولى حالة المريضة لُقى، وأنت والطبيبة مُنى ستتولان حالة المريضين الآخرين.
اتضح عليه التساؤل:
- لماذا ستتولين حالة تلك المريضة دونًا عن غيرها؟
- لا أعلم حقًا، ولكن منذ المرة الأولى التي تحدثت معها شعرت وكأنها من أوائل مسؤولياتي.
قاطع حديثهما دخول طبيب آخر قائلًا لها:
- توجد حالة في انتظارك.
- حسنًا أنا قادمة.
ذهبت إليها وجلست أمامها قائلة بابتسامة: ما الأمر؟
نظرت لها نظرة المرتعش الخائف مِن الإجابة وقالت بخجل:
- علمت إنكِ توليتِ أمر علاجي، رغم أنك لا تُعالجين أحدًا لأنك مالكة تلك المشفى.
- هذا صحيح، أخبريني هل تشعرين بالراحة؟
- نعم كثيرًا.
تنحنحت وقالت بخوف:
- أريد أن أقص عليكِ كل شيء.
- أسمعُكِ.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.