HossamElAgamy

شارك على مواقع التواصل

جاك كارل بيتون
من خلال إدارة الأحوال الشخصية توصل فريق العمل الي قصة حياة لعائلة يهودية كانت الاقرب الي رفعت وبعد تجميع كل تفاصيلها ذهب محسن بها الي رفعت لتلقينه إياها

 

محسن : صباح الخير يا رفعت كيف حالك ، اليوم ستعرف إسم شخصيتك التي ستلعبها

رفعت ضاحكا : الله ، شخصية و سألعبها ...التمثيل مرة أخري ...تفضل 

 

محسن : إسمك جاك كارل بيتون ...ما رأيك ؟

رفعت مبتسما : إسما جميلا ...لنقل ...جاك بيتون

محسن : مولود في 23 أغسطس عام 1919 في المنصورة، من أبا يهودي ذو أصل فرنسي  وأم إسمها لارا ذات أصل إيطالي وجاك هو الإبن الأكبر وكان له  أخا إنتحر صغيرا و إسمه روبرت وتوفت أمه بعده بعامين .

 

رفعت : ياللكآبة ثم ؟

محسن : تزوج والده من فرنسية عاني جاك بسببها كثيرا  وأنجب والده بنتين أختين له  ثم إنتقلوا جميعا الي فرنسا قبل الحرب العالمية الثانية مباشره إلا انهم اختفوا تماما مع احتلال الألمان لفرنسا .

رفعت : ماتوا ؟

محسن : لا علم لأحد ،ربما ذلك أو قبض الألمان عليهم و ساقوهم لسجونهم

رفعت : أو إلي الافران الألمانية

محسن : كل شئ الجائز

رفعت مبتسما : إلا جاك قطعا الذي إستطاع أن يهرب

محسن معجبا : نعم أيها اللئيم ستقول انك إستطعت أن تهرب بمساعده يهود آخرين والمقاومة الفرنسية هناك ثم أخذت في التنقل الي اسبانيا ومنها الي المغرب العربي

رفعت مكملا : ومنها إلي ليبيا

 

محسن : فعلا ، هربا من الألمان وفي ليبيا  تم القبض عليك و إرسالك إلي مصر ومنها الي سجن الحضرة.

رفعت : قصة تبدو واقعية

محسن : فعلا لكن سيكون عليك أن تتقنها و تقنع الجميع بها بأسلوبك و بلغتك المصرية الركيكة بعض الشيء

 

رفعت : وما المرحلة القادمة

محسن : ستنتقل لتعيش بالإسكندرية

رفعت : ولماذا الإسكندرية ؟

محسن : الجماعات اليهودية بها من أنشط محافظات مصر و أكبرها عددا و أشرسها وهناك ستنطلق في العمل معهم

 

كان جاك رسميًا في الرابعة والثلاثين من العمر آنذاك، أكبر من سن رفعت الحقيقي بثمان سنوات تقريبا وتم تسليمه رقم تليفونا أرضيا ، وحدد له موعدا للاتصال عن طريقه، والإفادة بما لديه من معلومات.

 

 

 

 

 

الأسكندرية

سافر جاك الي الإسكندرية و بدأ في البحث عن مكان لإقامته حتي عثر على شقة صغيرة جميلة في أحد شوارع حاره اليهود و من خلالها بدأ في التعامل مع أهلها و سكانها

 

كان قليل الكلام مع من حوله  فلم يكن يروي لأحد قصته الحقيقية مما أضفي عليه بعض الغموض لكن كان أسلوبه الجميل و طلعته الباسمة هما طريقه لدخوله الي قلوب من يتعاملون معه.

 

استطاع جاك بعد جهد كبير من البحث أن يحصل على وظيفة كاتب في إحدى شركات التأمين بشارع شريف ورويدًا رويدًا تزايدت ثقته بنفسه وزالت مخاوفه وبدأ هو نفسه يقتنع بأنه يهوديًا.

 

البداية

وفي إحدي اللقاءات مع السيد محسن

محسن : سنبدأ من الغد مهمتك الحقيقية لقد تركناك الفترة الماضية حتي تتمكن من شخصيتك فهل انت مستعد ؟

رفعت بثقة : أتم الإستعداد

 

محسن :  (ليڤي سلامه) هل تذكره

صمت رفعت لثوان مستعيدا الإسم : بالطبع ذلك الذي كان معي بقسم الحضرة بعد ترحيلي من حدود ليبيا

محسن : تمام ، عليك أن ترمي بنفسك  لكن دون أن تجعله يشعر

رفعت مبتسما : صدفة

محسن : تمام، هل تعرف مقهي فاروق ؟

رفعت : طبعا موجود في بحري

محسن : إذن ستجده يجلس في هذا المقهي بعد الثامنة مساءا

رفعت : ثم

محسن : ستحكي له عن نفسك وتكتسب ثقته ومن خلاله أريد معرفه كل ما تستطيع عنه وعن نشاطه وهل حقا يعمل في تهريب الأموال أن لا ؟ و إن كان علينا أن نعرف كيف ؟

 

قهوة فاروق

واحدة من أعرق المقاهي بالإسكندرية بل ومصر كلها أنشأئها صاحبها الذي كان يونانيا في عام ١٩٢٨ تحت إسم كاليميرا....اي صباح الخير بالمصري

تحولت إلي اسم فاروق تيمنا بإسم الملك فاروق الذي جاء الي الإسكندرية بعد تنصيبه ملكا علي مصر و مر أمام مقهي كاليميرا .

 

واسرعت إبنة صاحب المقهي ماري بيانوتي بإقتحام موكبه داعية إياه لشرب الشاي بالمقهي و قبل الملك فاروق الدعوة و عند رحيله كافأها مكافأة سخية فقامت بملأ أعمدة المقهي بالتاج الملكي و تحول إسمها من يومها الي مقهي فاروق ويقال إنه كان يخرج يجلس عليها  حين يكون في زيارة الإسكندرية وهي موجودة حتي يومنا هذا

 

في مساء اليوم التالي ، دخل ( ليڤي) الي المقهي حيث كان رفعت جالسا في انتظاره والذي ما إن لمح دخوله حتي رفع إحدي الجرائد الفرنسية أمام وجهه خافيا نفسه وراءها .

 جلس (ليڤي) مع بعضا من أصدقائه و كان يختلس النظر كل حين محاولا رؤية صاحب هذه الجريدة .

ليڤي لأحد أصدقائه : أهذا شمعون ؟ ( مشيرا لمن وراء الجريدة )

صديقه : لا شمعون لا زال في السجن

ليڤي هامسا: فمن هذا الذي يعرف اللغة الفرنسية قليلين من المصريين فهذا القارئ إما أجنبي أو يهودي.

 

الصديق : لا أعرف لقد دخل متوجها إلي هذا الكرسي منذ ساعة تقريبا ...والآن دعنا نكمل عشرتنا

وبعد ربع ساعة  ، شعر رفعت بأنه لابد من أن يتحرك حتي يتقدم منه ليڤي المنهمك في لعب الطاولة وإلا غادر دون أن يتحدث معه أو حتي بلحظه .

 

وقف رفعت واضعا الجريدة تحت إبطه جانبا وأخذ ينادي :  جرسون ..جرسون ...الحساب

صديق ليڤي : صاحب الجريدة راحل ليڤي....لقد طلب الخساب.

رفع ليڤي رأسه  وبصوت خفيض : ديڤيد أرنسون  أنه ديڤيد آرنسون

صديقه : ماذا ...ديڤيد من ؟

هب ليڤي واقفا : إبق مكانك ولا تغلق الدور

 

أسرع ليڤي متجها إلي حيث يقف رفعت : ديڤيد آرنسون ...كيف حالك ديڤيد ؟

التفت جاك إليه وقد بدا علي وجهه القلق و التوتر : ماذا !!! ليڤي ( مد جاك يده ممسكا بذراعه ) لا تذكر ذلك الإسم هكذا أجننت يا رجل

ليڤي جالسا : حسنا ...حسنا !!  أين كنت لقد بحثت عنك كثيرا يا ...ديڤيد

رفعت هامسا : أنا لست آرنسون ...و مرة أخري لا تذكره وإلا اوقعتنا في مشاكل جمة آلا تعرف من هو صاحب هذا الإسم ؟

ليڤي : بالقطع اعلم لكني لم أره سابقا ..لكن قل لي إن لم تكن أنت ديڤيد فمن تكون إذا وقد كان القسم كله بناديك بهذا الإسم

 

رفعت : ولماذا أبوح لك بإسمي ؟ ثم من انت ؟ أنا لا اعلم عنك سوي إسمك ؟

ليڤي : يمكنك أن تسأل عني والجميع سيخبرك من أنا و ماذا يمكنني أن أفعل ؟

وقف جاك بعد أن وضع ورقة بخمسة قروش علي الطاولة نظير مشروبه

جاك : حسنا اسأل عنك ثم اقول لك ..الوداع

 

فوجئ ليڤي بردة فعل جاك فهب واقفا : مسيو أنا اجلس هاهنا كل ليلة من الثامنة حتي العاشرة مساءا

دون أي تعقيب أومأ له جاك برأسه محييا ثم انصرف لحاله محدثا نفسه : لماذا فعلت ذلك ؟

نفسه : ليس من المرة الأولي علي أن أتعبه ، أجعله يتشوق لمعرفة إسمي

 

ليڤي سلامة

إنطلق ليڤي فور خروج جاك من قهوة فاروق يراقبه من بعيد و ظل يسير خلفه لأكثر من ربع ساعة علي كورنيش الأسكندرية حتي ظهرت انوار ميدان المنشية .

سار جاك ببطء يطالع محلات الملابس و يقرأ الأسعار وفي منتصف الميدان أسرع بعبور الشارع الي اول ناصية ستؤدي به إلي شارع صفية زغلول ثم إنعطف يمينا مع اول شارع قابله.

 

حث ليڤي من خطواته حتي لا يفقد أثره و ما إن إنعطف في ذلك اليمين حتي فوجئ بوجود هذا المجهول يقف أمامه مبتسما.

جاك مبتسما : حبيبي ليڤي ..عد إلي بيتك أفضل من متابعتي

ليڤي متلجلجا : لقد ...لقد كنت اريد أن أطمئن عليك ( نظر له جاك بحدة ) حسنا ..حسنا كنت اريد أن أعرف من انت

 

إبتسم جاك في وجهه : غدا مساءا في نفس المقهي إنتظرني ...والآن لا تتبعني و إلا إختفيت تماما عنك.

كالتلميذ الراسب وقف ليڤي متوترا ، قلقا حين عاد إلي منزله و دخل الي حيث يسكن رئيسه إبراهيم  ومساعدته مارسيل ننيو

 

إبراهام : حسنا ليڤي غدا من السابعة مساءا عليك بالتواجد بالمقهي ولا تتركه دون أن تعرف عنه كل شئ ....أسمعت كل شئ ...رجلا كهذا يظهر ثم يختفي ثم يظهر وبإمكانيات بمثل ما تروي عنه ليڤي و يكشفك و أنت ما أنت في فنون المراقبة لا يمكن أن نتركه هكذا.

مارسيل : ماذا تنوي أن تفعل معه ؟

إبراهام : لا شئ إستثنائي ...إما معنا فيعيش أو ضدنا فيقتل

 

جاك بيتون

في تمام السابعة والنصف دخل جاك الي مقهي فاروق باحثا عن ليڤي سلامة الذي لمحه من بعيد و أشار إليه وبعد السلام و طلب مشروبين .

ليڤي  بلهفة : والآن أروي لي عنك

جاك بهدؤ : لماذا ؟

أصاب السؤال ليڤي بنوعا من التوتر فلم يكن يتوقع مثل هذا السؤال

ليڤي مستدركا : كي ...كي نكون بجوارك ونساعدك

 

جاك أكثر هدؤا : من أنتم ؟ و تحموني ممن ؟

ليڤي : نحن اليهود ...ألست يهوديا

جاك : أرني بطاقتك ؟

ليڤي متفاجئا : آلا تثق بي ؟

جاك : حين أري بطاقتك سأقرر ؟

قدم ليڤي بطاقته وهو ينظر إلي جاك الذي أخذ يتفحصها كأي ضابط و ينظر إليه ثم أعاد البطاقة إليه وقد لانت ملامحه مما شجع ليڤي علي الإبتسام.

 

ليفي : هل اطمأننت الآن ( إبتسم جاك في وجهه لأول مرة ) إحك لي  عن حالك ؟ حتي نستطيع أن نحميك و نساعدك ؟

جاك : تمام .. بفرض أني يهودي ..فمما ستحمونني إذا ؟

شعر ليڤي بنوعا من التيه فهو ما إن يجد إجابة علي سؤال حتي يلاحقه بسؤال أشد صعوبة

ليڤي : من المصريين ...الإنجليز ...كل ما يهددك

وهنا قرر جاك أن يتحول الي مشهد اللهفة

جاك : حقا ...ليڤي

ليڤي : وحق الرب يا صديقي ... لنبدأ بإسمك ؟

جاك : جاك ...إسمي جاك بيتون... ثم أخذ يقص عليه روايته وأحواله وكيف أن والده و زوجة أبيه و أختيه قد قضيا نحبهما في أفران النازي و الحق فقد برع في إظهار حزنه الشديد عليهم وقد سالت دموعه من عينيه وهو يسب النازي .

 

وكانت لردة فعل( ليڤي) الحزينة و المشاطرة لجاك ولحزنه هي من جعلت جاك يدرك أن( ليڤي )قد صدق روايته وسلم بأن هذه حقيقته منذ هذه اللحظة

 

جذب ليڤي كرسيه بجوار جاك مربتا علي كتفه : صديقي لا تقلق منذ الآن سنكون معا و لن نتركك وحيدا و سنحميك

جاك ممتنا : شكرا ليڤي

ليڤي : دعنا نلتقي غدا في نفس الموعد و سيكون لك معي خبرا سعيدا.

وقف جاك : حسنا سأرحل الآن فلدي عملا في الغد

ليڤي : أين تسكن ؟

جاك مبتسما : غدا مساءا سأقول لك 

 

مارسيل نينو

بين ليلة و ضحاها صارت قصة جاك بيتون علي كل ألسنة اليهود بعدما إقترب اصدقاء ليڤي بالقهوة بعد خروج جاك منها سائلين عنه  فروي ليڤي لهم كل شئ عنه بل وأضاف كعادة المصريين .

عاد ليڤي لمقابلة إبراهام وبعد أن روي له كل ما حدث ظل إبراهام يفكر ثم التفت إليه

إبراهام : و لما لم تتبعه ؟

ليڤي متهكما : كان سيكشفني كالأمس و عندها لم يكن ليأتي غدا

مارسيل : لديه كل الحق إبراهام و

إبراهام : حسنا غدا تتعرف علي مكانه ثم بعد غد تتعرفين عليه مارسيل ( مبتسما) ثم بعدها انتي تعرفين متي وكيف سيقول لك الحقيقة ؟

 

بعد يومين ، قابل (ليڤي ) جاك داخل أحد المطاعم بعد انتهاء العمل وقدم له(مارسيل نينو)

ليڤي : مارسيل كانت في زيارة إلى القاهرة وعادت للتو من محطة القطار

إنتهي العشاء و أدرك جاك القصد من اللقاء هو أن تتفحصه و تعاينه و كانت (مارسيل) امرأة جذابة وجميلة فعلا وبعيدا عن المهمة فقد أعجبت جاك وقرر أن يتقرب منها و بأسلوبه الساحر و هو الذي خبر كيف يعامل النساء خاصه الجميلات منهن .

 

إستطاع جاك أن يترك بها أثرا جميلا فأعجبت به فقرر أن يلعب عليها ويستميلها ونجح و بدأت علاقتهما معا وبعد ليلتين كان جاك بين احضان مارسيل و قد ارتبطت به .

 

وذات ليلة

مارسيل  : جاك ، حبيبي ماذا بك ؟ ما لي أراك ساهما هكذا ؟

جاك زافرا : مللت مارسيل ..مللت مما أنا فيه موظف في بلد لا تحب اليهود راتبي لا يكفيني

إعتدلت مارسيل وهي تداعب خصلات شعره : هدئ من روعك حبيبي

جاك بحزن : هل تعلمين كيف عشت حياتي في الخارج ؟

شعرت مارسيل بأن الوقت قد حان لتعرف عنه كل ما تريد و تتأكد

مارسيل : أعلم لكن بلا تفاصيل

 

جاك : مارسيل ، قبض علي والدي و انا في سن التاسعة عشر و عدت الي مصر في سن الرابعة والثلاثين ...خمسة عشر عاما ...ماذا تظنين كنت أفعل خلالها

بدا الإهتمام علي وجه مارسيل التي مدت يدها الي علبة السجائر مشغلة واحدة منها ومناولة إياها الي جاك : احك حبيبي ...لا أدري

 

جاك وكأنه يتذكر : خمسة عشرة عاما قضيت خمسا منها اعمل مع المقاومة الفرنسية ، عمليات إغتيال للألمان و المتعاونين معهم ، تهريب يهود من فرنسا بطول فرنسا ، عمليات تفجير

مارسيل وعلي وجهها الدهشة : واوو...حقا لم أكن أعرف ...ظننتك هربت منذ اليوم الأول

 

جاك : كلا حبيبتي ، لقد عشت و عاصرت كل رصاصة أطلقت

مارسيل : وماذا بعد ذلك ؟

جاك : ذهبت الي المغرب عن طريق أسبانيا بعد إنتهاء الحرب  وهناك عانيت الأمرين ثم بدأت في التنقل حتي وصلت إلي ليبيا وهناك وقعت

وقفت مارسيل وبدأت في صب كأسا من الخمر وهي تفكر ثم التفتت إليه : وماذا تريد أن تفعل ؟

جاك بحزن من لا يقدر : أريد الكثير ... أريد مالا ...أريد وطنا أعيش فيه كمواطن درجة اولي

إقتربت مارسيل حاضنة إياه : إهدأ حبيبي ..إهدأ ..إن غدا لناظره قريب ..لا تضع ليلتنا بذكريات حزينة...

وإحتضنته مقبلة إياه آما فقد إرتسمت علي وجهه إبتسامة منتصر .

 

المناضل

بعد عدة أيام ، مرت مارسيل علي جاك بعمله

مارسيل : حبيبي لا تعد الي شقتك ، أنهي دوامك و مر علي بشقتي

رفعت : لماذا ؟

مارسيل : هناك من سأعرفك عليه

رفعت : من هم ؟

مارسيل ضاحكة : أنهي عملك حبيبي والحق بي

 

داخل شقة مارسيل

جلست مارسيل مع إبراهام و ليڤي و شابا قليل الحجم وسيما

الشاب : متي سيأتي

نظرت مارسيل في ساعة يدها : عشر دقائق إيلي 

إيلي : إن كان ما تقولينه حقيقي عن هذا الشاب فإننا قد وقعنا علي كنزا يهودي

إبراهام مبتسما : لا تقلق إيلي فلقد إختبرته مارسيل بنفسها 

مارسيل ضاحكة : لقد كانت السكين تحت وسادتي و انت تعلم ..لذا فهو صادق، أنا أعلم  إيلي ، بل و رائع وسيفيدنا كثيرا في أعمالنا .

إيلي : حسنا ...حسنا سأتعرف عليه لكن سيكون معكما و لا تذكرا له شيئا عني سوي المعلومات الشخصية العادية

واخيرا وصل جاك

 

مارسيل : جاك ...هذا مسيو إيلي ...إيلي كوهين الإبن الأكبر لواحدا من رؤساء الطوائف اليهودية بالإسكندرية

تقدم إيلي من جاك الذي كان واقفا لا يتحرك : عزيزي جاك مرحبا بك حبيبي

جاك مبتسما : شامي ؟

إيلي بإعجاب : سوري ...عائلتي سورية

 

وبدأ جاك بالتحدث معه بالطريقة الشامية و ملقيا عليه بعض النكات فإذا بجليد اللقاء الأول يتكسر بينهما و إنتهي اليوم بالذهاب في المساء إلى إحدى الحانات سهر الجميع بها علي وعدا باللقاء في اليوم التالي.

تطورت علاقة الشابين حتي أصبحا صديقين مقربين  وعرفه إيلي علي مجموعة من أصدقاء مقربين له حتي صاروا يقضون معًا وقتًا طويلًا.

 

ليڤي سلامه

في اليوم التالي ، ذهب جاك الي موعده الأسبوعي مع السيد محسن ممتاز 

محسن وقد ظهر علي وجه السرور : أحسنت جاك .... ما وصلت إليه أكثر من رائع كل من تعرفت عليهم تحوم من حولهم شبهات عديدة 

جاك : شكرا محسن بك

محسن : والآن حان وقت العمل

إعتدل جاك منصتا

محسن : ليفي سلامة

جاك : ماذا به ؟

 

محسن : أكثر هؤلاء الأربعة حركة و تعامل مع اليهود ...و أكثرهم شبهة و نظن أنه عضوا من ضمن شبكة كبيرة لتهريب أموال اليهود

جاك : وماذا عن إبراهام و مارسيل و إيلي

محسن : سيكون عليك أن تكشفهم أنت لنا ...انت من سيقول

جاك : كيف  ؟

محسن : إستمع إلي جيدا

 

قهوة فاروق

في الليلة التالية ، إلتقي جاك مع ليفي  داخل المقهي

جاك مهموما  : أريدك في موضوع هام جدا

ليفي : ماذا بك ؟ انا رهن أمرك

جاك : اريد ان اخرج مبلغا من المال من مصر  أتعرف من يساعدني؟

تلفت ليفي ناظرا لرواد المقهي ليطمئن بعدم سماع أيهم ما قاله جاك : حقا ..أيخصك هذا المال و كم المبلغ ؟

 

جاك : عشرة آلاف لعميل لدي و الألفين الآخرين يخصاني وهما كل ما أملكه من حطام الدنيا  ..يصبح المجموع اثنتا عشرة ألف جنيه

فغر ليفي فمه : و ماذا عن عمولتي ؟

جاك : مضمونة لكن الأهم أن نضمن خروج المبلغ بسلام

 

ليڤي : لا تقلق ، اعتبره قد خرج

جاك فرحا : حقا

ليڤي : نعم لكن إياك ( إلتفت جاك إليه ) إياك أن تخبر مارسيل أو إبراهام بأي شئ مما نتحدث فيه

جاك مستفهما : لماذا ؟ آلا يعملان معك

ليڤي : كلا بالطبع هذه العمليات اقوم بها لصالح نفسي

جاك : إذن فماذا عن إيلي كوهين ؟

ليڤي : و إيلي أيضا لا تخبره كلما قل عدد من يعلمون كلما خرجت أمانتك بسلام

تبسم جاك بعدما التقط ليڤي الطعم كالغر وعلم أنه يعمل منفردا

بدأ ليڤي بإحضار عروض عديدة رفضها جاك  جميعًا بحجة أنها غير جادة مرة و مرات لارتفاع عمولة التهريب منفذا أوامر و تعليمات السيد محسن .

 

علي الطرف الآخر و تحت ذريعة البحث عن عملاء جدد لشركة التأمين التي يعمل بها إنعدم تواجد جاك داخل مكتبه ليبدأ في مراقبة ليفي وتعقبه لعله يكتشف نشاطه وأسلوب عمله مستخدما معه كل الوسائل التي تعلمها من السيد محسن سواء المراقبة أو من إلقاء أسئلة غير مباشرة

وبعد عدة أيام من المراقبة ، لاحظ جاك  أن( ليڤي) يجاهد كثيرا للتمويه عند ذهابه الي أحد مكاتب الصرافة دونا عن المكاتب الأخري التي يتعامل معها كما إن فترة بقائه داخله كانت دائما أطول من مكاتب الصرافة وشعر بأن وراء هذا المكتب بالذات أمرا .

 

وليقطع الشك باليقين ، تتبعه جاك ذات يوم إلي هذا المكتب  وما إن دخله ليڤي حتي أخرج جاك  شاربا مستعارا قام بتركيبه ثم ارتدي باروكة شقراء ثم وضع نظارة شمس و ولج خلفه ليتفاجئ بما رآه داخل مكتب الصرافة .

 

الشبكة 

أسرع جاك بعد خروجه بالاتصال بالسيد محسن

جاك : مساء الخير ، أريد زيارة ابو الهول في اقرب وقت

محسن : مساء الغد في منتصف الليل، منطقة الأهرامات تكاد تكون خالية لكن لا تحضر أحد معك

فهم جاك أن الموعد بشقة الإسكندرية الساعة التاسعة مساءا علي أن يؤمن حضوره

في الموعد المحدد تقابل الإثنان بعد العديد من المناورات التي قام بها جاك

بدأ جاك يروي للسيد محسن ما حدث حتي وصل إلي نقطة تنكره ودخوله وراء ليڤي

 

محسن : وماذا بعد دخولك وراءه

جاك : لم أجد ليفي وسط المتعاملين مع الشبابيك

محسن : بمعني ؟

جاك : لمحت خياله داخل مكتب المدير في نهاية مكتب الصرافة .

 

محسن : العروض السابقة كانت عمولته فيها كبيرة و رفضك الدائم لها أجبره أن يلجأ إلي الشبكة الأم كي تتعامل معك و حركته داخل المكتب كانت فصالا علي عمولته التي غالبا ما تقل حين تتولي الشبكة الأم العمليات.

 

جاك : وما الخطوة القادمة ؟

محسن : في الأغلب سيطلب منك المال المرة القادمة

جاك : يبدو ذلك ، لقد اتصل بي بالعمل صباح هذا اليوم للقائه إلا أنني إعتذرت كما نبهت علي حتي أنه قال لي أن أمر عليه في أي وقت

محسن : حاول أن تماطله بقدر الإمكان علي الأقل ثلاثة أيام

 

جاك : وماذا سأقول له ؟

محسن : مرة ستحضر المبلغ من صاحبه و الثانية انك تريد تسليم المبلغ للمسئول عن إخراجه بنفسك كي تطمئن

انطلق الصقور بناءا علي أوامر السيد محسن في التحري خلف مكتب الصرافة الذي أبلغ جاك عنه، فقاموا بتجميع كل المعلومات اللازمة في أقل من ٤٨ ساعة...مالكه ...موظفيه ...عملاءه...تعاملاته.

 

تجمعت خيوط هذه الشبكة أمام محسن الذي لم يبرح الإسكندرية طوال هذه المدة ...واهم معلومة توصل إليها فريق البحث أن مالك هذه الصرافة كان رجل أعمال يهودي بريطاني الجنسية و اسمه ( جون دارلينج) والذي كان رجلا غامضا ، لم يره الكثيرين أو يعرف أحدا أين يسكن حتي الصور التي إستطاع رجال محسن من إلتقاطها له كانت بلا نتيجة فلم يظهر وجهه بها أبدا.

 

السقوط

إلتقي السيد محسن بجاك وسلمه المبلغ المراد تهريبه خارج مصر

جاك بقلق : محسن بك ....هذا المبلغ ثروة ..

محسن مبتسما : لا تقلق

نفذ جاك اوامر محسن و أصر علي تسليم المبلغ المسئول عن تهريبه،  بالفعل نجحت الخطة و إصطحبه ليڤي لمقابلة السيد (جون دارلينج ).

ليڤي : تفضل يا جاك

 

دخل جاك مكتب مدير مكتب الصرافة فوجد أمامه رجلا في الأربعينات من العمر أشيب الفودين يرتدي نظارة طبية كبيرة ذات عدسات بنية تكاد تخفي نصف وجهه واضعا فوق رأسه طاقية إنجليزية مما جعل جاك يشعر بالغضب لعدم تمكنه من رؤية ملامحه فلقد كان الرجل بالنسبة له غير موجود فقط صوته هو الذي كان حاضرا.

ليڤي : السيد جون دارلينج يا جاك

جون مبتسما : كيف حالك جاك ، علمت من ليڤي أنك تريد أن تسلمني المبلغ بيدك

 

وبعد خمس دقائق كان جاك يخرج بعدما سلم المبلغ كاملا إلي جون دارلينج

وهكذا تأكدت كل الشكوك نحو هذا المكتب و صاحبه وتم وضع الجميع تحت المراقبة.

 

حانت ساعة الصفر، اطبق رجال الشرطة و البوليس السياسي علي حامل المبلغ أثناء تسليمه داخل ميناء الإسكندرية .

في نفس الوقت ، كانت قوة من الشرطة تهاجم مكتب الصرافة و تقبض على كل اعضاء المنظمة إلا صاحبها الذي استطاع الهرب في آخر لحظة من باب خلفي آما ليڤي فقد تم إحتجازه لمدة أربعة وعشرين ساعة ثم تم الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة و إثباته لتواجده بالمقهي مع بعض زملائه.

 

فوجئ (جاك)  بحضور ليڤي الي شفته إذ كان يتوقع القبض عليه إلا أنه سرعان ما تمالك نفسه وهو يلمح ملامح الحزن و الانكسار علي وجه ليڤي

جاك بقلق : ماذا بك ؟ ولماذا أتيت الي شقتي ؟ هل حدث شيئا ما ؟

ليفي : ال...ال...

 

امسك جاك بيده : إنطق ليفي ماذا بك ؟ هل اصاب أحد مكروه ؟

إبتلع ليفي ريقه : لقد سقطت شبكة مسيو جون دارلينج .

و بإبداع و مهارة أدي جاك واحدا من اقوي مشاهده علي الإطلاق فلقد بدأت عيناه تدوران في محجريهما و تداعت قدماه لوهلة فأسرع يستند بيديه علي أقرب كرسيا له ومد ليڤي يده ليسنده

 

جاك و قد احتبس صوته : ماذا ...ماذا تقول أيها التعس ؟

ليفي : قبض البوليس علي شبكة مكتب الصرافة و صادر المبلغ

إعتدل جاك ممسكا يتلابيب ليفي : صادر ماذا ؟ صادر المبلغ ( أخذ يصفق بيديه غاضبا ) أيها اللعين ..أضعتني و أضعت المال

 

أخذ جاك يسب ليفي الذي جلس صامتا دون أن يرد عليه  مقدرا حالته النفسية  و أجاد جاك القيام بدور الضحية التي خسرت كل أموالها وصار فقيرا وضيعا بسبب غباء صديقه ليڤي سلامة

 

في موعد اللقاء التالي

محسن : مبروك( جاك )بفضلك تم القبض علي أكبر شبكه تهريب لأموال اليهود.

جاك : عدا ليڤي و جون دارلينج

محسن : لا يهم ليڤي تحت أعيننا آما هذا الدارلينج فلم نستطع العثور عليه أو علي اي أثر له ولا صورة حتي تساعدنا

جاك : فعلا سيد محسن حتي عندما رأيته كان شبه مختفية لكأنه شبح

محسن : دعك منهما ...والآن حان دور منظماتهم الإرهابية هل أنت مستعد ؟

جاك : جاهز سيادتك من أين سنبدأ ؟

محسن : من إبراهام و إيلي كوهين

جاك : كنت أشعر ..

محسن مقاطعا : بماذا ؟

جاك : أن ورائهما شيئا 

 

محسن : هناك الكثير من الشكوك حولهما  وعليك أن تستفيد بقربك منهما و ستركز مع إيلي بالأخص في الفترة المقبلة خاصة و انك من المفروض غاضب من ليڤي .

جاك : هناك طريقه معينه أم اجتهد

محسن : كل ما عليك هو أن تظهر له تبرمك و غضبك من المعيشة بمصر ، خاصة بعد ضياع أموالك بسبب البوليس المصري وغضبك من شتات وعذاب اليهود و أحقيتهم في وطن

 

جاك : ثم

محسن : هو سيقوم بالباقي

في بيت مارسيل

إيلي هامسا : كف جاك عن إظهار تبرمك هذا علانيه فللبوليس السري المصري عيونه

جاك مفتعلا الغضب هامسا : أنت تطلب المستحيل ، إلي متي سنظل هكذا الجميع يتعامل معنا بدونيه كبيرة كما صادروا أموالي لعنهم الرب.

أمسك إيلي ذراع جاك موقفا إياه  : قم بنا ، لنتريض قليلا علي البحر

وبعد قليل وعلي كورنيش الأسكندرية

إيلي: هل تحب أن تخدم وطنك وأهلك حقا

توقف جاك بغته غاضبا : أهذا سؤال( إيلي) ؟ بالطبع

إيلي : هناك جماعة انا عضوا بها والحق أنك مرشح للانضمام إليها منذ زمن إلا أننا كنا ننتظر الوقت المناسب

جاك بحماس كبير: يا رب موسي ,ضمني إليها (إيلي) أرجوك

 

إيلي مبتسما : لا تقلق فكما قلت كان هناك ترشيح لك وسأعضده لديهم وقريبا جدا ستكون معنا

جاك : فيما تعمل هذه الجماعة ؟ وما اسمها ؟

إيلي علي ابتسامته : إهدأ ...في حينه( جاك )...كل شيء في حينه

 

الجماعة 

في اللقاء التالي مع السيد محسن وبعد أن روي له (جاك) بكل ماحدث

محسن : ستسأل (إيلي) عن إنضمامك لجماعتهم مره واحده فقط بعد يومين من الآن ثم لا تكررها مره اخري فإن لم يفدك فعليك أن تنقطع عنه بعدها بدعوي كثره العمل ثم المرض حتي يأتيك الخبر اليقين .

عاد محسن سريعا الي مكتبه مستدعيا فريق من ثلاثة أفراد في وجود رئيسه حسن بلبل

محسن : عليكم بالنزول الي المنصورة حيث كان يقيم الخواجة بيتون وتراقبوا المنطقة التي كان يعيش فيها وهناك سيكون عليكم أن تعيدوا لذاكرة سكانها و بعض من سكان بالشارع إسم الخواجة ( بيتون)  وابنه (جاك) بالذات .

 أريد علي الاقل ثلاثة أفراد من كبار السن بالشارع أن يتذكروا هذه العائلة ، لا تتركوا قهوة إلا و جلستهم عليها في الشارع هذه صوره الخواجة (بيتون) ، اريد لملامحه هذه ومقاس جسده هذا أن يعاد طباعته في مخيله كل من ستجلسون معهم ( رفع إصبعه محذرا )  لكن  دون أن يروا الصورة وعليكم بملاحظة ومراقبة أي غريب او أي شخص غيركم يتحدث عن عائله (بيتون).

 

التأمين

إنطلق الصقور الثلاثة لتأدية مهمتهم

بلبل وقد قطب حاجبيه : خيرا يا محسن

محسن : اليهود مرشحين (جاك) ليعمل معهم ، من المؤكد أنهم سيقومون بالتحريات عنه في المنصورة

بلبل : و من أين أحضرت صورة الخواجة بيتون

 

محسن : ليست لبيتون ...إنها لجاك...فهؤلاء العجائز لن يتذكروا صورة بيتون لكن حين يرون صورة  جاك التي أظن اليهود سيعرضونها عليهم سيكون ردة فعلهم تذكر ما سيمليه عليهم رجالنا و سيوهمون أنفسهم بانه هو الخواجة ذات نفسه بل وسيقسمون

بلبل مبتسما علي استحياء  : فكرة هائلة ، عليك أيضا

 

بقسم مصر الجديدة ودفاتره

محسن : بالفعل رجلي الآن هناك

بلبل : ومتي سنطمئن ؟

محسن : حين يتم ضم جاك

بلبل : وإن لم يضموه

محسن : سنري بعدها هل كشفوه فألغي العمليه أم أنها مسالة وقت لا أكثر

بلبل : وإن تم ضمه

محسن : سنكون قد وضعنا اول قدم لنا في اسرائيل.

التحريات

 

مر اسبوع قام خلاله الجميع بتنفيذ التعليمات علي أكمل وجه ، رجال محسن إنتشروا بالمنطقة و اليهود ذهبوا فعلا الي المنصورة وقسم مصر الجديدة فكان كل شيء علي مايرام كما خطط له محسن .

في الإسكندرية نفذ (جاك ) كل التعليمات بالإختفاء التام عن الظهور

 

في مكتب محسن

انطلق صوت تليفونه الاسود برناته الطويلة معلنا وصول مكالمه خارجية  ، أسرع محسن برفع سماعته سريعا آملا أن تحمل هذه المكالمة الخبر الذي يتمناه

صوت : سيد محسن , (إيلي) صاعد الي شقه(جاك) وبصحبته رجلين أحدهما ( إبراهام )

محسن : إبقيا قريبين من شقته و إن نزل لا تتركاه و أتبعاه

 

وضع محسن السماعة ثم هب واقفا يأكله القلق و لدقيقتين أخذ يروح و يجيئ داخل غرفته كالأسد الحبيس ثم فتح باب مكتبه متوجها إلي مكتب رئيسه بلبل حاملا قلقه و توتره معه

محسن متلهفا : سأسافر إلي إسكندرية حالا

وقف بلبل بعدما رأي هيئة محسن وقلقه : ما الذي حدث ؟ أنت بخير ؟ هل حدث شئ لجاك ؟

محسن : ( إيلي ) و ( إبراهام )  صعدا لشقة لرفعت

بلبل بقلق : حسنا ..حسنا أسرع

 

أخيرا

داخل شقه جاك المتواضعة ، جلس (إيلي) يتفحصها بعدما إستقبلهما جاك الذي إستأذن في الدخول لتبديل ملابسه و تجهيز الشاي لضيوفه .

داخل غرفة نومه وأثناء تبديله لملابسه

جاك لنفسه : هؤلاء القوم إما قد أتوا لضمي أو لقتلي وعلي أن أحتاط

 

أسرع جاك الي مطبخه لتحضير الشاي وبخفة و سرعة علق سكينا بحزام بنطلونه ثم أغلق الجاكت الذي يرتديه فوقه ثم رفع الصينية وتوجه لزائريه

جاك : اتفضل ( إيلي) ، خطوه عزيزة نورت شقتي المتواضعة ( إبراهام ) ، غريب أمر هذه الزيارة حقا لعل السبب مهم 

 

إيلي  بخبث : من المؤكد مهم ، اختفيت عن الأنظار ثم  علمنا من عملك انك مريض منذ يومين وترقد بالبيت

جاك : الحمد الله ، أنا أحسن حالا اليوم

إيلي : هل تذكر موضوع جماعتنا

أخذ جاك ينقل عينيه بين جاك و إبراهام دون أن يرد

إبراهام مبتسما : لا تقلق ..فأنا المسؤول الأمني والتحري عن أي فرد مطلوب إنضمامه الي الجماعة.

جاك مستهزئا : فهمت ، والنتيجة ؟ هل هي قبول أم قتل

إبراهام ضاحكا : طبعا ...( صمت لثوان وهو ينظر في عيني جاك بتحد ) قتل

بهدؤ وأثناء جلوسه ، فتح جاك زر جاكته وبدأ يتحسس سكينه ويعد نفسه لسحبه

جاك مبتسما بلهجة متحدية : إذا هيا  أنا علي إستعداد

إيلي مبتسما : كان لابد لنا أن نتأكد منك ( مربتا علي قدم جاك )

 

جاك متبرما : أتشكون بي ؟

إيلي : ليس شكا يا صديقي ، لكن أن تكون نظيفا ، ليس عليك مراقبه مثلا او انك تتعاون مثلا مع أحد قد يكون هو علي علاقه ما مع المصريين

جاك بغضب  : لكنكم هك...

وقف إبراهام مقاطعا  : مبروك جاك ، أنت الآن عضوا في جماعه ( العالياه بيت ) أي البيت العالي وستقسم اليوم أمامنا علي الانضمام إليها

 

جاك مخفيا فرحته الداخلية مظهرا عدم فهمه : وما الذي سنفعله بهذه الجماعة ؟

إيلي مبتسما  : كل شئ واي شيء يفيد إسرائيل  تهريب أموال ، عمليات هجره وقريبا الكثير ….الكثير جدا عزيزي جاك

جاك بغضب : تهريب أموال مرة أخري وماذا عن الغبي ليڤي وجماعته

إيلي : صديقي ..بعد سقوط جماعة ليڤي ستتولي جماعتنا هذه الأمور بأسلوب جديد سيحير المصريين ...والآن ستقسم قسم الانضمام و الولاء

وبعد القسم

تناول إبراهام كتاب التوراة الذي أقسم جاك عليه

إبراهام : سننطلق نحن الآن ونترككما سويا

ولأكثر من ساعة جلس جاك يستمع من إيلي لتعليمات العمل بالجماعة الأمنية كيف يتقابلون و طرق التواصل ثم نزل تاركا إياه يفكر كيف يبلغ السيد محسن وقد شعر أنه من المؤكد سيكون مراقبا منهم ليروا ردة فعله .

 

علي الجانب الآخر كان محسن قد وصل إلي الإسكندرية وعلم بالمستجدات وأصدر أمرا بمراقبة كل من نزل من عند جاك .

وفي صباح اليوم التالي ، انطلقت طرقات قوية علي باب شقة جاك والتي كانت لبائع اللبن الذي يمر عليه يوميا ، فتح حاك  الباب كعادته ليتناول منه زجاجة اللبن و يحاسبه .

 

جاك : اتفضل يا عبد الحميد

بائع اللبن : شكرا يا خواجة ، اتفضل الباقي مع تحيات محلات ابو الهول للألبان

إخترقت كلمة ابو الهول أذنا جاك و رفع عيناه لينظر الي عبد الحميد بائع اللبن الذي يمر عليه يوميا فلم يجده .

دخل جاك مغلقا باب شقته و قد أدرك بحسه أن السيد محسن يحيطه برجاله حتي بائع اللبن ،  فتح جاك الباقي فإذا بورقة نقدية قيمتها خمس قروش مثل تلك التي دفعها الي عبد الحميد .

 

فتح جاك الورقة فإذا برسالة مكتوبة عليها : ( سأنتظرك في الثانية عشر ظهرا ...إحذر جدا )

إبتسم جاك و دبت داخله عدة احاسيس متضاربة  فما يفعله معه السيد محسن من متابعة و تأمين قد ملأه بالثقة و الأمان .

 

كان الموعد في التاسعة صباحا وقد تبقي عليه ساعة ونصف فأسرع جاك بالنزول ليمضي هذه المدة يناور و يحاور في الطريق ليضمن عدم تتبعه ما بين إفطارا علي عربة فول ثم الركوب متوجها إلي إحدى المقاهي ثم الركوب عكس الإتجاه عائدا والتنزه علي كورنيش الإسكندرية

 

وأخيرا وصل إلي مكان اللقاء و روي للسيد محسن كل ماحدث .

محسن فرحا : ممتاز يا جاك ..سيكون عليك أن تركز معهم خلال الفترة القادمة مطلوب منك أن تعرف أعضاء الجماعة أسمائهم ، أعمارهم ، أين يجتمعون ؟ خططهم ..كل شئ جاك .

 

جاك : وأبلغك في موعدنا طبعا

محسن : كلا ، سنلغي موعدنا الأسبوعي هذه الفترة

جاك مندهشا : كيف هذا ؟

محسن : كما قلت لك عليك أن تركز معهم و أمانا لك و إياك أن  تتصل بي إلا في حالة الضرورة القصوي

جاك مستفهما : ما هي الضرورة القصوي ...تهريب أموال مثلا .

 

محسن : كلا ...نحن الآن لا نبحث عن تهريب أموال بل شئ اقوي من ذلك عمليات إغتيال ، تفجير ...العنف يا جاك

جاك : لكن ماذا إذا كان الرقم كبيرا ؟

محسن : دعهم أيضا ( صمت لدقيقة ) ما لي أراك مشتتا هكذا , قلقا .

جاك  :  ليس قلقا بالمعني المفهوم ، لكنها اول مرة أشعر فيها أني سأكون وحيدا و انك ستكون بعيدا نوعا ما  ؟

 

محسن مبتسما : جاك لقد أصبحت تمتلك من الخبرة ما يكفي كي تدير الأمر لحالك كما أني سأكون خلفك ومعك لا تقلق .

جاك : و كيف ستتصل بي ؟

محسن ضاحكا : هل اعجبك اللبن اليوم

رفع جاك يده ثم انفجر ضاحكا : آسف ..

 

القاهرة – مكتب حسن بلبل

بلبل : لماذا ؟

محسن : آن الأوان لأدربه علي أن يتعامل معهم وحيدا و يحل مشاكله بنفسه

بلبل مبتسما : تفطمه !! أحسنت يا محسن

محسن : و أجهزه لمهمته الجديدة

بلبل : خيرا إن شاء الله

 

الأحداث تشتعل

لأكثر من ثلاثة أسابيع ظل جاك يحضر إجتماعات الجماعة والتي كانت دائما تدور حول بعض عمليات التهريب و بالفعل اشترك جاك في إحدى العمليات بل وكان هو بطلها حامل الأموال .

 

 

وأثناء الإجتماع

إبراهام مبتسما :  يا سادة أريد أن أبشركم بشئ سيحدث في الأيام القادمة

همم بعض المتواجدون و سأله الآخرين عن هذه البشري

إبراهام : الكولونيل ( إفراهام دار )  كلكم تعلمون هذا الإسم

الجميع : نعم ...نعم

 

إبراهام : لقد عينته المخابرات العسكرية السرية الإسرائيلية (الأمان) مسئولا عن مصر و ما سيحدث بها وهو واحد من أذكي وأنشط رجال المخابرات الإسرائيلية

إيلي : معني هذا أنه هناك عمليات جديدة و من نوع آخر سنبدأ في تنفيذها

إبراهام : نعم

 

جاك : و ماهي ؟

إبراهام : سيتضح لنا كل شئ حين يصل غدا

جاك : متي الموعد ؟

إبراهام : سيحدد صباحا لكنك لن تحضره

جاك : لماذا ؟ و هل أنا وحدي الذي لن يحضر

إبراهام : كلا ، بل انت و جماعة ليڤي سلامة التي كانت تتعامل معه في تهريب الأموال

 

جاك بغضب : ولماذا ؟ لقد كنت ممن خسروا أموالهم بسببهم فلا يحق أن تعاقبوني معهم

إبراهام بنعومة : جاك ..هذا ليس عقابا لأحد لكن ترتيب محدد من الكولونيل و سيشرح لنا كل شئ غدا وسنعود ونخبركم فإهدأ ولا تتذمر هكذا

ظل جاك طوال الطريق يفكر هل يبلغ السيد محسن أم ينتظر و كانت الإجابة هي الإنتظار حتي يعلم كل شئ عن ذلك الكولونيل خاصة وأنه لن يحضر هذا الإجتماع وسيكون عليه الإنتظار

 

في اليوم التالي

وصل الكولونيل إفراهام دار إلي مقر الإجتماع الذي تواجد فيه بعض أعضاء الجماعة و بعد الترحيب و التعارف علي الجميع .

 

كان الكولونيل شابا في أوائل الثلاثينات تشع عيناه ذكاء وحيوية أنيقا في ملبسه ذو جسد رياضي ممشوق .

دار مبتسما : شكرا علي حسن إستقبالكم لي ..و أرجو أن نكون معا مجموعة تستطيع أن تقدم خدماتها لوطنها بكل نجاح و أعلموا أنكم منذ الآن قد صرتم من أبطال اليهود فما ستقومون به سيقوي و يرسخ وجود وطنكم بين هذا البحر من الأعداء .

 

إيلي : سيدي إن مصر ذات خصوصية لا يعلمها إلا من عاش بها فما ينجح مع دول كثيرة قد يفشل هنا

دار بغرور : أعلم إيلي و لقد عملت بها من قبل وعلي دراية بكل ما تقول

إيلي متسائلا : عملت بالقاهرة إذن

 

دار ضاحكا : لا يهم أن تعرفوا أين الآن ..المهم الآن أن نرتب الأمور ونتجهز ( ملتفتا الي إبراهام ) هل جهزت ما طلبته منك

إبراهام : نعم يا كولونيل تفضل هذه قائمة بأسماء أعضاء المجموعة و أعمارهم و مدة تدريبهم والتحاقهم بنا

دار : شكرا ..والآن سيتم تصنيفكم الي فريقين الاول هم المحترفين والآخر من سينضمون الي برنامج تدريبي لتجهيزهم العمليات .

إيلي : معني هذا أن الجزء الاول فقط هو المنوط بالعمل الهام

 

دار : من قال ذلك ..إعلم إيلي أن كلا الفريقين مهمين و أعضاء الفريق الثاني لا يقلون أهمية عن الأول فهم سيقومون بأعمال هامة كتهريب الأموال  و أعمال التحريات الخاصة بالفريق الأول

 

إيلي : وما مهمة الفريق الأول

دار : ستعلم بها إذا كنت من الفريق الاول.

وبدأ الكولونيل عمله بتصنيف الفريقين أعضاء الجماعة، الفرقة الأولي كانت تحت إدارته مباشرة و خرج من قائمتها من إيلي كوهين لينضم إلي جاك بالفرقة الثانية تحت إدارة إبراهام والذي كان من ضمن مهامه إعداد أعضاء الفرقة الثانية للإلتحاق بالفرقة الأولي .

 

الجاسوسية

اسرع جاك بطلب إجتماعا عاجلا مع السيد محسن الذي أسرع بالمجيء إلي الإسكندرية ، بعدما إجتمع مع إبراهام هو وكل من إنضم الي الفرقة الثانية .

دخل جاك الشقة وعلي وجهه إبتسامة محييا السيد محسن بالأحضان وإذا به يلمح شابا آخر يقف في منتصف الصالة فنظر إلي السيد محسن الذي شعر بتوتره إلا أنه تجاهل هذا التوتر  .

محسن : اتفضل يا جاك ...أعرفك ...السيد علي غالي زميل والآن تفضل و احك لنا عن كل ما حدث

أنهي جاك رواية كل ما مر به منذ إنضمامه الي الجماعة ثم دخوله الي فريق إبراهام

 

محسن : بحضور إفراهام دار أصبحت هذه  المجموعة من أخطر وأشرس المجموعات اليهودية وليست مثل تلك التي ينتمي إليها (ليڤي سلامه ).

جاك : لماذا ؟

محسن : إفراهام دار هذا رجل حرب و مخابرات لذا فمن المؤكد أن الأمور ستتطور إلي عمليات مسلحة

جاك بقلق : ربنا يستر...مسلحة !!!

 

محسن : نعم ..و جاسوسية أيضا

إعتدل جاك وقد قطب حاجبيه : وجاسوسية .

محسن : نعم فحين يصبح الصراع  مع جهات خارجية يسمي جاسوسية...وهنا لابد أن يختلف اسلوب المتابعة...خاصة ومع هذا الأسلوب الذي ينوي أن يعمل به

جاك : حقا أنا لم افهمه

 

محسن : إنه يوسع دائرة أعماله كي يصيب الأجهزة الأمنية بالإرهاق والتخبط ..عملية تشتيت ومن ناحية أخري فهو يضمن التركيز مع كل فرقة علي حدة ..لذا سيكون علينا أن تطور أسلوبنا نحن أيضا.

جاك : إبن الكلب ( التفت جاك مشيرا إلي الشاب الصامت ) وقطعا هذا السيد الصامت هو مسئول التطوير

محسن مبتسما : نعم عندك حق ...  السيد (علي غالي)، المسؤول عن نشاط الجاسوسية بالإسكندرية وهو من سيتابعك  منذ الآن

إلتفت جاك الي السيد محسن مندهشا  : وسيادتك؟

محسن مبتسما : موجود لكن مهمتك الآن أصبح لها طابع دولي وخطير و (غالي) سيكون اقرب مني اليك و هو علي دراية بكل شيء كما إنه مقيم بالإسكندرية هذه الفترة

كان (علي غالي) شابا في نهاية الثلاثينات طويلا ، جسده ممشوق عريض المنكبين

 

تسلم علي غالي دفة الحديث  : خواجة جاك

جاك مقاطعا بنوعا من السخرية : و هكذا أصبحت خواجة بداية ...( ثم قطم كلامه بعدما زجره محسن بنظرة عتاب )

أكمل علي كأنه لم يستمع لما قاله جاك :  دورك يا خواجة  الآن أصبح أشد خطرًا فانت الآن تتعامل مع قضايا عسكرية و أمن دوله وليس مع مواطنين عاديين يقترفون جريمة تهريب.

 

جاك ضاحكا : نحن لا نخاف سيد علي لا تقلق

علي بصرامة : لا تخاف لكن الحذر واجب فهذه المجموعة التي ستتابع  نشاطها لن تتورع عن قتل أعدائها و أنت أولهم إن شكوا فيك فقط

 

ظهر التوتر علي وجه جاك الذي صمت محاولا استيعاب الأمر والموقف و إن بدا التوتر علي وجهه.

محسن مربتا علي كتفه  : خائف يا رفعت

نظر رفعت إليه لثوان ثم ابتسم : رفعت ...لقد كدت انسي هذا الإسم

محسن : إياك أن تنساه فهو من يدفعك و يقويك إجعله دائما موجودا بداخلك يوجهك، يشعر بك ،ينصحك ...والآن قل لي خائف ؟

رفعت : قلقان نعم ، لكن خائف  لا أعلم ( صمت لثوان والتفت إليه ) ، لا أظن محسن بك ، فكيف أخاف وانا أساعد بلدي كما إنك دائما معي و حولي أنت ورجالك .

 

علي : فعلا ، سنكون خلفك كل دقيقه ، لا تقلق

هب محسن واقفا : حسنا ..طمأنتني ....والآن علي أن ارحل ( مقتربا من جاك ) رفعت ، أحب أن أشكرك على جهودك وتعاونك معي حتى الآن وأعلم أني فخور بما قدمته حتي الآن وبداخلي ثقه كبيره فيك وفي وطنتيك ومصر الآن تنتظر منك الكثير ( مصافحا ) أشكرك

 

رفعت : سيد محسن ، أنا الذي وجب عليه الشكر لا أنت فيكفي ما علمتني إياه خلال هذه الفترة

محسن مبتسما :أستأذنكما الآن

رفعت : سيد محسن ( إلتفت إليه ) هل سأراك مرة أخري

محسن مبتسما وهو يفتح الباب : مؤكد ...مؤكد رفعت
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.