---
استيقظت روح في صباح جديد، غير أن هذا الصباح لم يكن كسابقيه. كانت أشعة الشمس تغمر الغرفة دفئًا ونورًا، بيد أن قلبها كان غارقًا في ظلمة كثيفة، كأنها على وشك الغرق في بحر من الندم العميق.
"أليس هذا هو اليوم الذي عزمت فيه أن أعود إلى ذاتي؟"
كانت تسأل نفسها وهي تتأمل ملامح وجهها المنعكسة في المرآة. بدا وجهها ساكنًا، لكن في داخلها كانت العواصف تعصف دون هوادة.
كانت الأيام تمضي ببطء شديد، إلا أن كل لحظة منها كانت مشبعة بقرارات موجعة، قرارات تكاد تُسكت نبض قلبها. شعرت وكأنها تخوض امتحانًا عسيرًا، صراعًا بين ما يخفق به قلبها، وما يمليه عليها ضميرها.
"كيف وضعت نفسي في هذا الموضع؟ أكنتُ أستحق ما هو أكثر؟"
حاولت أن تصب تركيزها في عملها، إلا أن الكلمات التي كانت تخطها على الورق بدت خاوية، بلا روح. كان ذهنها معلقًا بكل لحظة جمعتهما، بكل كلمة قالها، بكل حديث دار بينهما.
"أكان يحبني حقًا؟ أم كنتُ مجرد عابرة في فصول حياته؟"
وحين بلغت مكان عملها، لم تفلح في طرد اسمه من أفكارها. كانت تدرك أن الرسالة التي أرسلتها إليه كانت خطوة جسورة، خطوة قد تدفع بها نحو عالم لا رجعة منه.
"أين أنا الآن؟ وما الذي سيحدث؟ هل سأتمكن من تركه خلفي كما نويت؟ أم أن قلبي سيظل يهمس باسمه كل حين؟"
ثم وردتها رسالة، لكنها لم تكن منه هذه المرة، بل من صديقتها، منى:
"كيف حالك؟ كيف يمضي يومك؟ هل ترتاحين؟"
تبسمت روح بخفة، ولكن الابتسامة ما لبثت أن تلاشت. كان قلبها مثقلًا بالهموم. فكرت أن ترد، لكنها شعرت أن لا كلمات تفي بما يجول في صدرها.
"كيف أبوح لها بسليم؟ كيف أشرح لها ما يحدث في أعماقي؟"
عدلت عن التفكير، وحاولت أن تشتت نفسها بالعمل، متظاهرة أنها قادرة على البدء من جديد.
لكن ما إن اعتقدت أن الأمر انتهى، حتى جاءت رسالة جديدة... هذه المرة، منه.
"هل أنت بخير؟ لقد اشتقت إليك."
هزّت روح رأسها، محاوِلة أن تتنفس بعمق، كأنها تُحاول صد ذلك الشعور الذي بدأ يتسلل إلى قلبها مجددًا. تلك الكلمات أعادت إليها شيئًا غريبًا... شيئًا يشبه الانكسار.
"ما الذي سأقوله له؟ وكيف أواجه هذا الموقف؟"
أغلقت الهاتف على عجل، كأنها تحاول إغلاق الباب أمام كل ما تحاول نسيانه، إلا أن كلماته كانت تطاردها بإلحاح.
"أين ذهب قرار الوداع؟"