raghadBsharah

شارك على مواقع التواصل

---

في تلك اللحظة، لم يكن الألم هو ما يعصف بقلب "روح"، بل كان الندم. الندم على ما بذلته من أجل "سليم"، وما قدّمته له من مشاعر كانت تراها أسمى من كل شيء في حياتها.

كان قلبها يصرخ، لكن الكلمات التي خرجت منها لم تكن تحمل سوى القسوة تجاه ذاتها.

"كيف سمحتُ لنفسي أن أقع في هذا؟ كيف وضعتُ هذا الإنسان في موضعٍ لم يكن يليق إلا بالله وحده؟"

كانت تمشي في الشارع كأنها تجهل وجهتها، غير أن كل خطوة كانت تبتعد بها عن "سليم"، وتقربها من نفسها. كان الندم يملأ فؤادها، وشعور الخيبة يعتصر صدرها. لم تكن هذه الحياة التي تمنتها، ولم يكن هذا الطريق هو الذي اختاره الله لها.

"أين كنتِ يا روح؟ أين كنتِ حين وهبتِ قلبك لمن لا يستحقه؟"

كانت كلماتها لنفسها كسِهامٍ نافذة، تخترق قلبها وتزيد من ألمها. شعرت أن كل لحظة ظنت فيها أن الحب هو المنجى، كانت في الحقيقة خطوة نحو الضياع. وكلما تذكرت كيف تجاهلت صوت ضميرها، ازداد ثقل الذنب على روحها.

وصلت إلى مكان هادئ بعيد عن أعين الناس، وجلست على طرف مقعد خشبي، وغطّت وجهها بكفّيها. ثم همست باكية:
"يا رب، كيف ألقاك بعد ما فعلت؟ كيف أطلب غفرانك وأنا لم أعد أطيق هذا الذنب؟"

راحت الأسئلة تدور في ذهنها، غير أن الإجابة كانت واضحة. كانت تعلم في أعماقها أنها قد أخطأت، وأنها انحرفت عن الطريق الذي كان ينبغي أن تسلكه. فكّرت في الأيام التي ضاعت، في الحب الذي منحته لمن لا يستحق، في البُعد عن الله، وفي كل لحظة غفلت فيها عن أن الله هو الأهم.

"كيف غفرتَ لي، يا الله؟ وأنا التي ضحّيتُ حتى بديني من أجل شخص لا يليق بي."

ولم تستطع كبح مشاعرها أكثر، فانهمرت دموعها غزيرة.
"اللهم اغفر لي ما فعلت. أعدني إليك بصدق، ولا تتركني وحيدة في هذا الظلام."

وفي تلك اللحظة، شعرت بشيء غريب يلامس قلبها، إحساس بالسكينة، كأن الله قد استجاب لدعائها.
"ربما الطريق الذي سلكته كان خاطئًا، لكن الله لا يخذل من تاب إليه بصدق."

عندها أدركت "روح" أن الندم الذي تشعر به، ما هو إلا بداية الطريق الصحيح، طريق العودة، طريق التوبة.

"ربما ما مررتُ به كان اختبارًا لي. اختبار في الحب، في الصبر، وفي التوبة."

كانت هذه الكلمات تتردد في ذهنها، غير أنها أحسّت أن وطأة الندم بدأت تخف شيئًا فشيئًا. كانت تذكر الله في كل لحظة، تستغفره، وتدعوه أن يعينها على تغيير حياتها.

"يا الله، أسألك أن تغفر لي، وأن تبدّل حزني سعادة، وقلبي قلبًا لا يتأثّر إلا بما يرضيك."

وبدأت "روح" تشعر بسكون داخلي لم تختبره منذ زمن. أدركت أن التوبة هي السبيل إلى السلام، وأن ندمها لم يكن عبئًا، بل مفتاحًا لبداية جديدة.

"سأبدأ من جديد. سأعيش حياتي كما يُحبّ الله، بعيدًا عن كل ما يبعدني عنك يا رب."

وعادت إلى منزلها، وعيناها تلمعان بالأمل. كانت مؤمنة أن الله سيمنحها السلام الذي افتقدته، لكنها بحاجة إلى الصبر والثبات.
"لن أسمح للندم أن يشلّ حياتي، بل سأجعله دافعًا لأصبح أفضل."

وفي تلك الليلة، كان صوت أذان العشاء يملأ الأرجاء. أغلقت هاتفها، وجلست إلى صلاتها بخشوعٍ لم تشعر به من قبل. كان قلبها مفتوحًا لربها، وكان دعاؤها صادقًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى:

"اللهم، اجعل حياتي مليئة بالراحة، والرضا، والتوبة."

وفي تلك اللحظة، شعرت أن ثِقلًا كبيرًا قد زال من على صدرها، كأنها وضعت الماضي وراءها، وفتحت أبوابًا جديدة لحياة طاهرة.


---
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.