الوعد
غربت شمس النهار التي لم يرها احدٌ من المساجين منذ مدةٍ لا يعلمها سوي القليل منهم ,نام ظل و محمد نوماً عميقاً فلم تكن تلك البطولة بالشيء الهين عليهم ولكن مهما طالت مدة النوم او عمقه فالنهاية هي الاستيقاظ لمواجه الواقع
استيقظا محمد وظل علي صوت اجراس تعلن عن بدء البطولة اليومية
محمد: انت ناوي تدخل المسابقة دي ؟
ظل: ايوه ,دي أنسب فرصة بما ان اغلبهم كانوا موجودين امبارح وشكلهم مش قادرين ومحتاجين فتره راحه
محمد: بس انت اكتر واحد منهك وكمان احنا لسه واكلين امبارح فمش محتاجين اكل
ظل: انا مطلبتش منك تيجي معايا علشان عارف حالتك
محمد: متنساش تاكلني معاك
غادر ظل متجهاً الي الحلبة وهو يقول في سره تباً للجاسوس الي ساكن معايا ,وفاكر اني معرفش, هو الي طلع الاشاعات دي عليا وخلاني معاه في نفس الزنزانة ,بس الموضوع دا اكيد هيفدني فهحاول اني اتصرف على اني معرفش حاجه
وصل ظل الي الحلبه وكما توقع لم يجد سوي 15 سجين من الفئه الرابعة والثالثه وهم من الاشخاص الذين انسحبوا والذين لم ينضموا في البطولة البارحة
بدأ الهجوم و علي عكس المتوقع لم يهاجم أحد ظل , هذا منطقي و لكنه في نفس ذات اللحظة غريب فلقد كان ظل مستهدف منذ قدومه ,هل لأنه أثبت قوته فخاف المساجين منه ؟ أم لسبب أخر ؟
انتهت ما تدعي بالبطولة بفوز ظل أخذاً الطعام و الماء و بعض من المكملات الغذائية و عاد الي محمد
محمد: شكلك فزت ؟
ظل: أيوه (رمي ظل الحبوب عليه) وزعها علي المساجين
محمد: هو أنا خدام عندك ؟
ظل: بتقول ايه ؟ مش عايز تأكل ؟
محمد: خلاص هروح أوزعهم بس استناني
غادر محمد المكان و ترك ظل محدقاً في الطعام
ظل: هي البطاطس مبتخلصش ؟ من ساعة ما جيت السجن ده و أنا مش بكل غير بطاطس حتي المرة الوحيدة الي جابوا فيها لحمه معرفتش أكلها
محمد: أنا جيت يلا نأكل بسرعه
ظل: لحقت توزع ؟
محمد: عيب عليك أكيد يعني مأخدتهاش كلها ليا
ظل: طب يلا كل
و أثناء تناول الطعام بدأ محمد بالسعال ,ضربه ظل علي ظهره بقوة حتي خرج الطعام من فمه
ظل: كل براحة محدش هيأخده منك ......خد ميه
محمد: مكنش لازم تضرب جامد كده ..... لا شكراً مش عايز
ظل: الميه هتساعدك ,خد اشرب
محمد: قلت مش عايز أنت أولي بيها
نظر ظل الي الماء بتمعن و هناك رأي الصدمة
ظل في سره: أنا كنت فاكر ان الموضوع انتهي ؟ هل بيعملوا عليا ابحاث هنا ؟ و دلوقتي ؟ العقار الي كنت بأخدة في الانفرادي رجعوا يحطوه تاني ؟ , بس لو هيكملوا ابحاث كان هيكون احسن لو كنت لسه في الانفرادي ...... ممكن يكونوا عايزين رؤية عن قرب علشان كده محمد موجود ؟ لا كان ممكن يراقبوني و أنا مفروض بالنسبة لهم مش هعرف ,ممكن عايزين يشوفوا التأثيرات الجسديه هنا بما ان كل يوم قتال ؟ و لا تصرفاتي مع المساجين ؟ أنا مش فاهم اي حاجه بس أكيد دي دماغ زياد
محمد: في حاجه ؟
ظل: لا مفيش
محمد: طب ليه ماسك الميه كده ؟
ظل: حاسس بالإرهاق شويه ,أنا هشرب و انام عايز حاجه ؟
محمد: تصبح علي خير
شرب ظل الماء المحمل بالعقار و مع قدرة عين البوم التي اكتسبها دخل الأن في حالة ظل الجسد و لكن تلك المرة لم تكن كسابقتها فيبدو ان العقار اصبح لا يؤثر عليه كما كان فاصبح بامكانه الكلام بصعوبة أو حتي التحرك حركات خفيفه بارادته
وجد ظل جسدة نائماً و هو يسمع صوت خربشات علي الورق من فوقه
لم يستغرقه الوقت ثانية حتي استوعب ان محمد يكتب تقريره عنه
ظل في عقله: الجاسوس ده مش هيرتاح ؟ هو ليه أصلاً باعتين حد مكشوف زيه يراقبني ؟ صراحة أنا في الحالة دي زهقت من الأسئله الي ملهاش اجابة ......
صوت احتكاك القلم مع الورقة و الزمن الي بيتوقف فيه الصوت ممكن أعرف هو بيكتب ايه ....... " السمك علي الفستان باليه جوه كارتيه طفل بيلعب زمان ابلاتاب " معتقدش انه بيكتب ده ,علي الأقل حاولت
ها قد بدء اليوم الجديد نهض محمد ثم اتبعه ظل
محمد: هتشارك النهارده ؟
ظل: لا ........(في عقلة) هو أنا اتكلمت دلوقتي ؟! ازاي ؟
حاول تحريك يده و تحركت حركة خفيفة بصعوبه
عقل ظل: هل انا خرجت من الحالة ؟ لا معتقدش بس الظاهر ان تأثير العقار قل , في الغالب جسمي بيقاومه ,المرة الي فاتت طلعت منها لوحدي ,علي الوضع ده المرة الجاية هتكون الأخيرة
محمد: تمام أنا برده مش هشارك , ايه رايك نلعب عالم القراصنة ؟
أمسك ظل برقبة محمد و دفعه الي الحائط
محمد: أنت..... بتخنقني !
ظل.......(عقله) مش أنا الي بتحرك ده جسدي
استطاع محمد الافلات ثم وقع علي الأرض قائلاً في سره: كنت هقتلك لو مكنتش تحت تأثير العقار ده
ظل(عقله): تقتلني ؟ بصراحة معتقدش أنك تقدر
مضي مده من الوقت و ظل جالس حتي لاحظ وجود قلم فأمسك جسده به بسرعة و قام برسم صورة غريبة علي الحائط
و بعد انتهائه تراجع للخلف خطوتين ,لاحظ محمد ذلك فنزل من سريرة ليري ما الذي رسمه ظل
محمد: هي ايه الرسمة دي (نظر الي ظل)
رفع ظل ذراعه كنايةً عن عدم معرفته
محمد: بص العالم الي احنا فيه عبارة عن قارة و دي شبه الرسمة الموجودة في النص , بس ايه الجُزر و المناطق الي أنت راسمها دي ؟
دي مش جزء من العالم , شايف ان العقار مأثر جامد حتي في شغلك القديم (تنهد) توقعت حاجة احسن
ظل(في سره): الرسمة دي فيها خريطة العالم ؟ ليه أصلاُ جسدي حافظها ؟
محمد: تعرف الرسمة دي رجعتلي ذكريات لما كنا مع بعض من خمس سنين ,مكنتش في نفس المكان بالظبط بس كنا بنشوف بعض دايماً ,مش عارف اذا كان الي حصل صح أو غلط بس أنا مش ندمان(تنهد)...... و أنا بقيت أكلم نفسي بس أحياناً بسأل نفسي لو كنت هناك وقتها هل كان كل ده هيحصل ؟ خمسين مليون هل كانوا هيعيشوا لو كنت هناك في وقت معين و لا هما كانوا هيموتوا برضه زي ما الزعيم قالي .... أحسن حاجة أني بكلم نفسي و أنت و لا أكنك هنا
ظل(في عقله): خمسين مليون ؟! هو أنا ليه متفاجئ ما أنا عارف أن في حاجة حصلت للعالم ده بس برضه أنا انسان ....تقريباً انسان مقدرش أسمع الرقم علي انه حاجة طبيعية كم واحد كان ليه عائلة بيقعد معها صحاب يتكلموا أحلام و طموحات و تجارب كل ده يتعامل معاملة رقم ؟ رقم يتكتب أو يتقال ملوش معني ؟!
حدقت عيني ظل لا ارادياً التفت محمد اليه فوقف و تراجع الي خلف حتي اصطدم بالجدار
ظل(في عقلة): هل كان في حد أعرفه من ضمن الأرقام دي ؟ لا أكيد بس أنا مش فاكر... (صراخ داخل عقله) أنا فاكر ان كان عندي أخين ,هل ماتوا ؟ أنا عارف ان في حاجة حصلت بس متوقعتش انها ابادة جماعية ......(صوت انذار داخل عقلة) لا كنت عارف بس بنكر......(صوت انذار داخل عقلة) يعني .... الذكريات , ... عن صاحبي ..... عن أخواتي.... حاولت و حاولت و خاطرت بحياتي علشان اجبها ,عايز بعد كل ده تقولي أنهم كلهم ماتوا ؟
ظل الأن لا يري انتهت مهلة عين البوم و لكنه أيضاً لم ينم كما كان يحدث و انما سواد يراه و عقل يفكر و اذن منعزلة
محمد: أنت جاي ليه ؟(بدء العرق ينزل من وجه) اهدي... اهدي.... هو أنت أصلاً سامعني ؟
ظل: رقم..... رقم.... أنا رقم...... و أنت رقم
محمد: أنت بتتكلم ؟؟!
في مكان مظلم حالك الظلمة يستيقظ ظل من سباته ليري شخص بعيد واقف ,جري ظل نحوه و لكن مع كل حركة يحس بإحساس غريب حتي وصل للشخص كان ينظر للأمام ,طلب ظل منه الاستدارة لرؤيته و هنا حدث ما لم يتوقعه ,رأي ظل نفسه واقفه أمامه
ظل: أنت مين ؟ و ليه أنت شبهي ؟
؟؟؟: أنا ظل و ده مش السؤال ,السؤال هنا أنت الي مين ؟
ظل: ده اسمي أنا
؟؟؟: غلط ده مش اسمك و عمره ما كان اسمك ,أنت اعتمدت الاسم ده صح ؟ الاسم ده هو اسم الجزء الاعلم منك , أنا بسحب منك الاسم ده
217: لا ده اسمي أنت متقدرش تأخده مني !
ظل: أنت عارف أنه مش اسمك و لا كان يوم اسمك , لو عايزه افتكره
217: مفيش فائدة فكل الي أعرفهم كلهم ماتوا ,العالم الي هفتكره انتهي
(صوت مألوف من الخلف): طب و هتعمل ايه ؟
التفت ظل خلفه فرأي نفسة مرة أخري
217: أنت مين كمان ؟
؟؟: أنا رقم 217 و ده مش السؤال ,السؤال هنا انت الي مين ؟
؟؟؟: ........سمعرفش مبقتش عارف
ظل من خلفه: طب و ليه متعرفش ؟
نظر الشاب الية مرة أخري: هو أنا ليه هنا ؟ هو أنا فين ؟
ظل: مش هتعرف الاجابة لو معرفتش احنا مين
؟؟؟: ما أنا سالتكم و عرفت ؟
217 من خلفه: اسمينا مش كفاية ,مش احنا الي اخترنها
نظر الشاب للوراء مرة أخري: طب قلي أنا مين , اي حاجة عني
ظل من خلفه: في الظروف العادية الجزء الواعي منك "ظل" كان هيقلك بس أنا مقدرش ,في قوة خارج حدود البشر بتمنعني
نظر الشاب خلفه: المنظمة ؟
217: لا
؟؟؟: طب مين ؟
صوت من جانبه: الشرق
نظر الشاب اليه: انت مين كمان ؟ و ايه الشرق ؟
؟؟: أنا الجزء الي بيمنعهم من الكلام, الجزء الي خارج ارادتك و وعيك ,لو هتسميني فسميني بـ " الوعد "
؟؟؟: أنا مش فاهم حاجه ممكن حد يشرح ؟
217: طالما الي اسمه الوعد موجود فاحنا مقيدين
ظل: بس أنت تقدر تعرف ,فكر انت مش عادي و انت عارف ده كويس
جلس الشاب أغمض عينيه لم يلاحظ فرق قرر استخدام عقل الغراب
؟؟؟: القدرة مش راضية تشتغل ليه ؟
الوعد: مش هيقدروا يجاوبوا لازم تعرف لوحدك
؟؟؟: مش أنت خارج ارادتي يبقا أنت مش جزء مني.....
أنا عرفت
الوعد: ورينا
؟؟؟: اسم ظل معرفتوش الا بعد المزرعة احترقت و كمان رقم217 مكنتش اعرفه الا بعد دخولي السجن و المشترك الوحيد هو الصوت الي اضاف في دماغي و الي سمتها بـعقل الغراب علشان كده مش شغاله لأنكم أصلاَ هنا معايا ,يبقي المكان ده هو عقلي بس مش عارف احدد اي جزء
ظل: تقدم حلو بس مش كامل ,السبب انك كنت بتسمع صوتنا هو ان جسدك كان عنده القدرة علي خلق ميكرفون لينا ,الجزء الأعلم منك أنا كان ممكن يرجعلك ذكرياتك لو مكنش الوعد ده موجود
نظر الشاب لوعد و سألة: ليه انت ضدي ؟ ليه أنت موجود ؟
الوعد: أنا مش ضدك ,أنا أكتر شخص معاك بس علشان ننقذ العالم احنا عايزينك ,عايزنك أو بمعني تاني نسخة منك .زي ما أنت كنت قائل من مدة الانسان بالتجارب و الخبرات و المواقف الي عاشها فعلشان كده لازم تتحط في تجارب و مواقف معينة علشان تكون الي احنا عايزينه و بالفعل في نجاح ,شوف كده نفسك قبل و بعد ,أنت أكتشف في جسدك قدرات يامه اوي و شفت حجات كتير
؟؟؟: بس أنت مين الوعد ؟ و ليه بتعذبني كده ؟ لو نيتك طيبة زي ما بتقول مش مفروض تأخذ اذن علي الأقل ؟
الوعد: لما تصحي بص علي رجلك ,مش هتفهم حاجة بس مش مهم ,الكلام انتهي ارجع لنفسك
؟؟؟: بس أنا لسه معرفتش المطلوب و الأهم أنا مين ؟
ظل: أنا برجعلك الاسم ده
217: و أنا بحرمك من الاسم ده
الوعد: مش مهم تعرف دلوقتي ,ليك حرية أنك تتجاهل الي حصل هنا و تعتبره حلم غريب أو تعرف هما مين بس الأكيد أنك مش هتقدر تنكر أن احنا موجودين و شايفينك
استيقظ ظل من سباته بطريقة طبيعية و كأنه غادر ظل الجسد كما كل مرة ,أراد التأكد من الذي حدث هل كان حلم ؟ أم واقع مستحيل ؟ نظر الي قدمه لأول مرة فلما ؟ ينظر اليها ؟ لاحظ وجود وشم غريب ! صغير و غير واضح و لكن مع التركيز راه , سلسلة سوداء حولها دائرة بيضاء ,لم يفهم ظل اي شيء و ما علاقة الأمور ببعضها نظر الي فراشه فوجد رسالة
" بص النهارده الفجر الزنزانة هتكون مفتوحة ,هقفلك الانذار و جهاز الرنين المغناطيسي اهرب بسرعة و اتجه للشرق هتلاقيني مستنيك ,متفقدش الذاكرة زي المرة الي فاتت و بسرعة و بخفة "
*************
زياد: يلا تكمل مهمتك
محمد: اتكلم بأسلوب احسن أولاً ,ثانياً مستحيل ارجع أنا عظماي متكسرة
زياد: اتكلم زي ما أنا عايز و يلا بلاش دلع
محمد: شكلك نسيت أن احنا نفس الرتبة , العقار بتاعك خلاه همجي
زياد: ايوه احنا في تفس الرتبة بس انت مش مفيد و مضمنش ايه الي الزعيم ممكن يعملة مع واحد زيك
*************
الوقت المتبقي112:4:10:20