3aberorg

شارك على مواقع التواصل

من آيات الله - تبارك وتعالى - أن خلق للناس من أنفسهم أزواجًا؛ ليجدوا فيها سكنًا للنفس والأعصاب، وراحة للجسم والقلب، واستقرارًا للحياة والمعاش، وأنسًا للأرواح والضمائر.

فالأصل في العلاقة الزوجية الاستقرار في الحياة، وهي غايةٌ يسعى إليها كلُّ زوجين، فالحب مثل البنيان يحتاج إلى دعائم وأوتاد تقيم صلبه، تجعله قويًّا لا يسقط، وبدون ذلك يشعر الشريكان بالغربة النفسية، والشعور المستمر بالضياع، والعطش الدائم للرواء.

يحكى عن زوجين أنهما ظلا متزوجين ستين سنة، كانا خلالها يتصارحان حول كل شيء، ويسعدان بقضاء كل الوقت في الكلام أو خدمة أحدهما الآخر، ولم تكن بينهما أسرار؛ ولكن الزوجة العجوز كانت تحتفظ بصندوق، وحذرت زوجها مرارًا من فتحه أو سؤالها عن محتواه، ولأن الزوج كان يحترم رغبات زوجته فلم يأبه بأمر الصندوق.

إلى أن جاء يوم أنهك فيه المرض الزوجة، وقال الطبيب إن أيامها باتت معدودة، وبدأ الزوج الحزين يتأهب لمرحلة الترمل، ويضع حاجيات زوجته في حقائب ليحتفظ بها كتذكارات، ثم وقعت عينه على الصندوق فحمله وتوجه به إلى السرير حيث ترقد زوجته المريضة، والتي ما إن رأت الصندوق حتى ابتسمت في حنو وقالت له: لا بأس.. بإمكانك الآن فتح الصندوق.

فتح الرجل الصندوق ووجد بداخله دُميتين من القماش وإبر النسج المعروفة بالكروشيه، وتحت كل ذلك مبلغ خمسة وعشرين ألف دولار، فسألها عن تلك الأشياء فقالت العجوز هامسة:
- عندما تزوجتك أبلغتني جدتي أن سر الزواج الناجح يكمن في تفادي الجدل، ونصحتني بأنه كلما غضبت منك أكتم غضبي وأقوم بصنع دمية من القماش مستخدمة الإبر.
هنا كاد الرجل يشرق بدموعه: دُميتان فقط؟ يعني لم تغضب مني طوال ستين سنة سوى مرتين!!

ورغم حزنه على كون زوجته في فراش الموت؛ فقد أحس بالسعادة لأنه فهم أنه لم يغضبها سوى مرتين... ثم سألها: حسنًا، عرفنا سر الدميتين؛ ولكن ماذا عن الخمسة والعشرين ألف دولار؟ أجابته زوجته: هذا هو المبلغ الذي جمعته من بيع الدُمى!
من هنا يمكن القول إن أي علاقة زوجية تريد أن تستمر بنجاحها وتصل إلى مرحلة الاستقرار الزوجي، عليها أن تقف عند المناسك الآتية:

1. المحبَّة: فهي جوهر بقاء التواصل، وبدونها يكون التواصل الجسدي ظاهريًّا وباهتًا، خاليًا من روح العاطفة والمودة والألفة، فتبادل المحبة بين الطرفين أصل الاستقرار الزوجي، وضرورة لتحقيق التواصل، وإلا ستتحول العلاقة الزوجية لوضع آلي ميكانيكي فقط، لذلك ينبغي على الطرفين أن يحافظا على الحب الزوجي مهما استمر الزواج.
فالمحبة هي التي جعلت نبينا محمد ﷺ حينما يذكر السيدة خديجة رضي الله عنها بعدما قضى خمسة وعشرين عامًا معها كلها محبة وسعادة، ولما ماتت لم ينسَ هذه السنوات، واستمرَّ يذكرها بالخير ويهدي أصحابها الهدايا ويتابع أخبارهم.
والمحبة هي التي تجعل هذه الزوجة مخلصة لآخر حياة زوجها، ولم تثنِها إصابته بالشلل التام عن الكلام والحركة أن تتحدث معه بلغة العيون ويتكلمان بها بدلًا عن الكلمات، وتجالسه تمسح بيديها على رأسه، وتربت على كتفه وهو ينظر لها نظرة شكر وعرفان للجميل، وما تتحمله من جهد وتعب في خدمته وهو مريض، إلى أن توفاه الله.
2. الاحترام: فالمحبة تدفع الطرفين لحفظِ مقام كلٍّ لدى الآخر، عن طريق حسن التواصل بصريًّا وحسيًّا؛ لأنه علامة على الاحترام، كما أنَّها دليل على أنَّ شريك الحياة مهتم وسريع الاستجابة للمشاعر، سواء كانت مشاعر فرح أو حزن، فمراعاة الآخر رصيد في خزانة الأيام لا ينفد ولا ينتهي.

ومن أهم مظاهر الاحترام في العلاقة الزوجية هو احترام الطموح، فمن المؤكد أن لكل من الزوجين أهدافًا وطموحات وأحلامًا في الحياة يتمنى تحقيقها رغم الصعوبات والانشغال بمسؤوليات الحياة، فعلى الطرفين احترام هذه الأحلام وتقديم المساعدة في تحقيقها بدلًا من تسفيهها والاستهزاء بها.

3. المشاركة والتعاون: فالحياة الزوجية تبادل وتعاون، تشمل كل مناحي الحياة الزوجية، وبقدر كون المشاركة روحية عاطفية؛ تتوطَّد المشاركة الجسدية والتعاون على ما يهمهما من أمور الحياة الدنيا، وأن يكون كل منهما عضدًا للآخر، ومساندًا له، ومعايشًا لآلامه وآماله، ومعاونًا له على القيام بمصالحه وأعماله.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.