Grinta

شارك على مواقع التواصل

حدث في العصور القديمة
أن ابنة المل ك رفضت الزواج من كل من تقدموا لها من الأمراء في كل أنحاء البلاد.
ولا أحدًا يعلم السبب .
فبدء الكلام ينتشر رويدًا رويدًا بين أفراد الشعب، وبدء الناس في تألي ف الحكايات والشائعات الت ي تمس سمعة الأميرة؛
فوصلت هذه الشائعات لوالده ا المل ك الذي غضب غضبًا شديدًا، وبدء يتحدث مع نفسه ويتساءل.. لماذا أبنته الجميلة ترفض الزواج من كل الأمراء؟ فطلب زيارتها في جناحها الخاص.
- ابنتي غاليتي “ياسمينا" لقد تقدم لك تقريبا كل أمراء البلاد المجاورة فلماذا الرفض ابنتي؟
فردت برقة مصحوبة بالخجل
- ولماذا تري د أن أتزوج يا أبي ؟
- لأنها سنة الحياة ابنت ي
مشغول بال ك بأحد ؟ أجبي بصراحة هيا هيا
- لا يا أبي لقد ذهبت بعقلك بعيدًا
ياسمينا أنت ابنتي الوحيدة وأريد أن اطمئن عليك
فإن والدتك توفاها الله منذ زمن بعد ولادت ك مباشرة..
ولقد وصتني عليك ومن وقتها؛ أخذت عهد على نفسي أني لن أتزوج؛ وأعيش لك ولمملكتي.
التي سوف تحكميها أنت وزوجك من بعدي
- العمر الطويل لك يا أبي
ابنتي ليس لك أحدًا من بعد الله غيري أخاف لو حدث لي مكروه تضيعين من بعدي،
- لا تخاف علي يا أبي فأنا فتاة ذكية وقوية وعن أمر الزواج أتركه لله؛ فإنه مدبر الأمور.
- ونعم بالله
تصبحي علي خير
فنهضت ياسمينا لتوديع والدها
وظلت تفكر كثيرًا ماذا تفعل في أمرها الذي يزداد تعقيدًا ؟
فإنها لا تريد الزواج إلا برجل واحد فقط
فقالت بصوت حزي ن منخفض أين أجدك يا فارس أحلامي؟
أين أجد ذاك الشاب الذي يأتي لي يوميا في أحلامي نضحك ونلعب ونركض سويًا في الحديقة، ونتخاصم أيضًا أين أنت أين؟
ولكن هل هو موجود في الحقيقة ؟ أم مجرد أحلام!
وإلي متي سوف أرفض كل من يريد الزواج بي من أجل شاب لا أعرفه ولا أقابله إلا في أحلامي فقط ؟
من ناحية أخري
أبي مشغول بي جدًا جدً أنه لي س لديه أحدًا غيري.
ماذا! ماذا أفعل لكي؛ ينشغل أبي عني بشيء اخر؟
- وأخذت تفكر وتفكر إلي أن وصلت لحل؛ وهو بأن تزوج والدها؛ لكي ينشغل بزوجته وأطفاله فيما بعد، وأثناء اندماجها في التفكير استأذنت وصيفتها خديجة في الدخول فسمحت لها.
وقالت لها خديجة مولاتي اليوم هو ميعاد الرواتب الشهرية للفقراء.
نعم نعم خديجة، سأعطيك المال؛ وفجأة دب في عقلها فكرة وهي أن تذهب معها لتتجول بين منازل الفقراء ولكن متنكرة؛
وكأنها وصيفه من وصيفات القصر
هيا يا خديجة أحضري ملابس من ملابس الوصيفات
- أجل مولاتي ولكن هل سمحتي لي أن أسألك لماذا؟
- لأني سأتنكر في ملاب س الوصيفات وسأذهب معك للتجول بين منازل الفقراء.
وبعد ظهور علامات التعجب على وجه خديجة!
- هذا فيه خطر كبير على حياة مولاتي .
- وهل سيوافق الملك على هذا التصرف؟
- لا يوجد خطر إني أحتاج أن أخرج خارج القصر فقد مللت
من كل شيء وأريد أن أرى جديد.
نعم مولاتي
وبالنسبة لوالدي الملك سوف أقول له بأني ذاهبه إلي الحديقة؛ للتنزه.
- ونظرت الوصيفة خديجه لأسفل وقالت بصوت مخنوق ولماذا الكذب مولاتي ؟
- لأن والدي الملك لن يوافق على شيء كهذا، ومنعني منذ صغري من الخروج خارج القصر.
لا تثرثري كثيرًا يا خديجة هيا أحضري الملابس
وقدمت لها خديجة تحية الولاء والطاعة واستأذنتها للخرو ج

وبعد عدة دقائق رجعت الوصيفة ومعها الملابس ولكن فاجأتها الأميرة وقالت
- كيف سأخرج من القصر بهذه الملابس؛ وهو عليه حراسة مشددة؟
- وبعد تفكير ليس بقليل قالت خديجة تضعي وشاحًا على وجهك فلا يعرفك أحد.
فرحت الأميرة بهذه المغامرة.
- وقالت أجل أجل
وارتدت الملابس والوشاح؛ وبدأت في الخروج من الجناح الخاص بها، وهي تارة تمشي بثقة بين الحراس، وتارة أخري تمشي بعجل مصحوب بتوتر.
إلي أن قابلهم كبير الحرس وقال إلي أين أنت ذاهبة يا خديجة ومن هذه الوصيفة التي معك؟
قالت اليوم موعد توزيع مساعدات الفقراء والأميرة طلبت أن أوزعها بنفسي
ومن هذه الوصيفة ؟ تلعثمت خديجة ونظرت إلى أسفل.
فردت الأميرة وهي تحاول تغير نبرة صوتها أنا وصيفة جديدة أعمل في الجناح الخاص للأميرة، وطلبت مني أن أساعد الوصيفة خديجة في توزيع المعونات،
وقال بصوت جهور أفتحوا البوابة يا حراس.
وأخيرا خرجت الأميرة من القصر وتنفست الصعداء وقالت عمري عشرون عامًا؛ وأول مرة أخرج من القصر لماذا منعي والدي من الخروج كل هذه السنين لا أدري؟
وركبوا عربة من عربات القصر
عربة مغلقة يجرها أربعة من الخيول، وأمروا السائق بسرعة التوجه إلى حي الفقراء.
وذهب مسرعًا والخيول في نشاط وكأنه ا فرحة سعيدة؛
بركوب الأميرة العربة لأول مرة وعند الوصول إلي حي الفقراء أمرت الوصيفة خديجة السائق بالعودة وأنهم سوف يقوموا بتوزيع الإعانات سيرًا على الأقدام.
وعندما ذهب السائق كشفت الأميرة عن وجهها، وكانت متوترة تارة وسعيدة، وتارة حزينة، وتارة خائفة؛ لأن هذه المرة الأولي التي تغادر فيها القصر والأولى أيضًا في الكذب على الملك.
وخلال تجولها في حي الفقراء.
لاحظت الأميرة أن كل ما تمر علي قوم ينظرون إليها وكأنهم يشبهون عليها وتساءلت في صمت أمن المعقول أنهم يعلمون من أنا؟
ولكن ذهبت بعيدًا عن تلك الفكرة
فكيف يعلمون من أنا وهي المرة الأولي التي أغادر القصر فيها؟
إلي أن اقتربت منها امرأة وتحدثت إليها كيف حالك نورمند؟
ولكنني لست نورمند
فأشارت إليها الوصيفة خديجة بعدم التحدث مع أحد وذهبوا بعيدًا عن تلك المرأة في صمت ورأت الأميرة الأطفال يمرحون ويرقصون في الطرقات وواضح عليهم الفقر الشديد المصحوب بالسعادة ونساء ورجال هنا وهناك وفجأة ركض مسرعًا من جانبهم شاب بملابس رثه، ووجه شاحب، وجسد نحيل، وركض ورائه العسكر ووقفوا يسألون هل من أحد رأي شاب يركض؟ ولكن لم يجب أحد.
إلى أن أتت امرأة تركض وتركض، وواضح عليها الإجهاد الشديد فتوقفت لالتقاط أنفاسها إلى أن استطاعت التحدث وقالت اتركوا ابني؛ فهو لم يسرق إلا قطعتين من الخبز من أجلي ومن أجل أخواته الذين يتضرعون جوعًا كل يوم
فقالت الأميرة بدون تفكير للعسكر كم ثمن الخبز ؟
فقال كبيرهم ثمانية ورقات وأعطتهم الأميرة وقالت اتركوا هذا الصبي ولا تلاحقوه مرة أخري، فشدت الوصيفة خديجة الأميرة من يدها إلى أن أبتعد العسكر، ورجعت الأميرة إلى المرأة، ووجدتها جالسة أمام منزل متهالك جدًا، وأعطت لها مبلغ كبير من المال ووعدتها بأن تجد عمل لأبنه ا الصبي.
وشكرتها المرأة وأخذت في البكاء فجلست بجوارها الأميرة وقالت بحنان ما بك أيوجد لديك مشكله أخري؟
فقالت المرأة، أن الملك الظالم هو سبب في كل ما أعانيه فدارت الأميرة وجهها مسرعة ناحية خديجة وانتابها شعور غريب.
ورجعت بوجهها مرة ثانية ناحية المرأة وقالت أتقولين بأن الملك ظالم ؟
كيف ذلك؟
- لقد سجن زوجي منذ سنوات ظُلم ومات في السجن ونفي أخي خارج البلاد ووو وو و
- وووو ماذا أجيبي
وقالت خديجه
- كفي تبا لك امرأة هيا بنا
- فقالت الأميرة
لا أكملي يا امرأة وماذا ؟
وأخذت ف ي البكاء وقتل ابنتي الوحيدة
وفي أثناء الحديث
- جاءت فتاة مسرعة وقالت نورمند
كيف حالك؟
ما هذه الملابس الجميلة؟
أتعملي وصيفة في القصر!؟
لم يخبرني أحدًا بذلك
وشدت خديجة الأميرة من يدها وذهبت بها بعيدًا
وقالت الأميرة من نورمند؟
- فقالت خديجة لا أعلم فأنا آتي إلى هنا مرة واحدة في الشهر.
وسألت الأميرة هل هذه السيدة صادقة في حديثها؟
وفي أثناء تبادل أطراف الحديث بينهما ركضت المرأة الباكية ورائهم وقالت لقد نسيت أنكما تعملون في القصر ومن المؤكد إنكم ستخبرون الأميرة ياسمينا عن حديثي هذا، وسيكو ن مصيري السجن أتوسل إليكم فإن أولادي ليس لديهم أحدًا غيري .
فقالت الأميرة مسرعة اهدئى يا امرأة فلن نخبر أحد اً بشيء فأرادت المرأة أن تقبل يد الأميرة ولكن شدت يدها بسرعة وقالت أستغفر الله
فقالت المرأة أنك فتاة طيبة حقا وذهبت هذه المرأة بعيدًا مسرعة وأثناء سيرهما مر من أمامهما فتاتان يرتدون ملابس قصيرة
عارية، ويضعون مساحيق تجميل بطريقة غريبة، ويتطاير
من أفواههم الدخان؛ وبعد ذل ك اتجهوا إلى مكان غري ب
- ما هذا المكان يا خديجة ؟
- إنها الخانة
وما معني خانة ؟
ونظرت لها خديجة نظرة دهاء وقالت لا أعلم
- لا يا خديجة إنك تعلمين جيدًا
- إنه مكان لبيع الهوى وشرب النبيذ وكل أنواع الخمور
- يا إلهي أيوجد شيء هكذا في مملكتنا؟
- قالت خديجة بصوت خافت حزين أجل مولاتي؟
ومصرح به رسميا
- كيف! معني حديث ك أن الملك يعلم ويساعد على انتشار هذه القاذورات؟
- لا أعلم مولاتي
- وقالت الأميرة
أشعر وكأن دوران في رأسي
لا أستطيع تحمل ما أراه وأسمعه
- هيا بنا مولاتي لقد تأخر الوقت
أنا خائفة ليعلم الملك بأمرنا
- لا لا لا أريد العودة إلى القصر
فإني بحاجة إلى أجابه تساؤلات عديد ة تدور في رأسي، ولا سيهدأ لي بالا إلا بعلم الحقيقة، وما هذا الذي يدور في مملكتنا؟
- وقالت لها خديجة مسرعة وهي تتجه ناحية طريق القصر هيا بنا هيا، وأنا أعدك بأننا سنأتي غداً إلى هنا، ولأننا لم نكمل توزيع باقي المعونات بعد.
فقالت الأميرة بصوت ضعي ف منكسر أجل
وذهبا مسرعان ناحية القصر وهرولت الأميرة إلى الجناح الخاص بها، وقامت بتغير ملابسها بسرعة متناهية وبعد قليل أرسل لها الملك أحد الخدم الذي قابلته وصيفة من وصيفات الأميرة على باب جناحها الخاص وقال: بأن الملك يريد رؤية الأميرة ولقد حان موعد طعام الغداء
فذهبت الوصيفة إلى الأميرة التي كانت شاردة الذهن مهمومة ومشغولة بما رأته اليوم خارج القصر.
وقالت لها: مولاتي
إن جلالة الملك يريد استضافة مولاتي على طعام الغداء وبعد تردد شديد قالت أجل
وبعد عدة دقائق نهضت الأميرة وقامت بتغير ملابسها وخلال سيرها ناحية جناح الملك، بدأت تتحدث مع نفسها وقالت إن الملك أراه طيب خلوق وهادئ الطباع، ولكن كيف وكل من خارج القصر يتهمه بالظلم؟ وأيضًا أحوال الشعب في سوء شديد
من الضروري أن اكتشف الأمر
وعندما رأت والدها قابلها بحفاوة كبيرة ولكن هي قابلته ببرود شديد
- وقال ما بك صغيرتي ؟
أرا ك غير سعيدة
- لا يوجد شيء أبي
وبعد قليل استأذن أحد الحراس بالدخول وقال الوزير شحرور يريد مقابلة الملك في أمر هام
فارتجفت الأميرة وخافت ليكون الوزير شحرور اكتشف أمرها
وأمر الملك بدخول الوزير
وبعد تقديم الولاء والطاعة
- قال الوزير:
جلالة الملك لديك بيان أحوال الشعب في الأشهر الست السابقة في كل أنحاء البلاد
- تفضل
فإن كل الشعب يشكرون جلالة الملك على كل ما حل بهم من تطورات
فإن الطبقة الفقيرة بدأت في التلاشي، وانتقالهم إلى الطبقة البرجوازية.
فلا يوجد فقير واحد ف ي المملكة
وكذلك لقد تم تعين كل من قادر على العمل فانتهت مشكلة البطالة، أما عن الأرامل والمطلقات فقد تم تعين خازن لإعطائهم رواتب شهرية تقيهم شر الحاجة، وأيضًا لقد انتهينا من بناء خمس مدارس للتعليم والقضاء على الأمية أما عن المجال الصحي فلقد أنشأنا مستوصف في كل منطقة لإسعاف المرضى.
أما عن خزائن المال فإنها ممتلئة واستأذن مولاي في شراءكميات كبيرة من الحبوب، ونشرها أعلى الوديان والجبال؛ لإطعام الطيور
حتي يقول التاريخ بأن الملك العادل أطعم حتى الطيور؛ فلا يوجد في المملكة جائع من أُناس، أو طيور، أو حيوانات، عز ك الله مولاي
فتعجبت الأميرة من حديث هذا الشحرور فإنه كاذب وحال البلاد في سوء، وفقر شديد
وتمتمت بصوت منخفض، الآن فهمت ما الذي يحدث فإن هذا
الوزير شحرور وبعض من الحاشية؛ يقومون بنهب المملكة وأكل حق الفقير ويكذبون أيضًا على الملك الطيب ولكن ماذا أفعل ماذا ؟
- فقال الملك: أحسنت يا وزيري المخلص الُهمام
وعن مظالم الرعية
فلم تصلني مظلمة واحدة منذ أكثر من عام تقريبا
فتلعثم الوزير ورد قائلا لا توجد مظالم مولاي
فالكل في المملكة ينعمون في خير مولاي
فتهلل وجه الملك وأمسك بطرف شاربة وقال بصوت مغلف بالثقة عفارم عفارم
فاستأذن الوزير في الرحيل
ومر الوقت سريعًا؛ وغابت الشمس
فاستأذنت الأميرة الملك في الرحيل أيضًا؛ لأنها في حاجة إلى الراحة
وذهبت مسرعة إلى جناحها الخاص وما أن خلدت إلى النوم، إلى أن زارها هذا الشاب الذ ي يرادوها في أحلامها ولكن كان في هذه المرة حزين سجين وكأنه داخل قفص كبير ويستنجد بها .
وهذا القفص متواجد على أطراف القصر في جناح مهجور، تسكنه الحشرات والفئران، بعيد ع جناحها الخاص، وهذا الجناح دائما مظلم، ممنوع منعًا باتا من الاقتراب منه، أنه جناح مبهم حقا
وبدأ يعل ي صوته شيئ ا فشيء حتي ميزت كلماته وهو يقول، حبيبتي فك أسري فك أسري
حتي نهضت الأميرة مفزوعة في وسط الليل، وزادت دقات قلبها واستدعت واحدة من الوصيفات وأمرتها بالذهاب معها فورًا إلى هذا الجناح، ولكن الوصيفة حاولت منع الأميرة من الذهاب في هذا الوقت المتأخر إلى الجناح المهجور؛ ولكن بدون جدوي وذهبت مسرعة حتى أنها نسيت تغير ملابس النوم، وأخذ ت تجري وتجري وسط الليل المظلم الدامس، وتحاول الوصيفة اللحاق بها؛ ولكن وقعت الأميرة من شدة الإجهاد، ووصلت لها الوصيفة؛ وحاولت إقناعها بالرجوع عن هذه الفكرة ولكن واصلت ركضها وبعد أكثر من نصف ساعة أخيراً وصلت إلى هذا المكان المهجور وتفاجأت بأن عليه حراسة مشددة.
وأخذت تفكر لماذا مكان مهجور كهذا يضعون عليه حراسه كتلك!
ودق قلبها دقات متتالية
ولكن كيف سوف تدخل من وسط كل هذه الحراسة؟ وهي لا تريد أن ينكشف أمرها!
فأمرت الوصيفة أن تضع شئيًا علي وجهها حتي لا يعلمها أحد وأن تذهب إليهم وتقول؛ بأن الملك يأمركم بإخلاء هذا المكان
فورًا وإلا سيكون هناك خطر عليكم
وبالفعل أخلوا المكان على الفور وواضح أن الحراس من شدة الإجهاد لم يكثروا في الكلام معها و فرحوا لذلك
ودخلت الأميرة والوصيفة هذا البهو المخيف وأخذت تصرخ الأميرة تارة والوصيفة تارة أخري؛ فإنه مليء بالعنكبوت، والحشرات الزاحفة، والطائرة وأخذت تضئ الوصيفة بالمصباح الذي بيدها بدأوا في البحث في جميع الغرف إلي أن وصلوا إلى غرفة في آخر هذا البهو، وصادر من داخلها صوت انين مكتو م وللغرفة إضاءة خافتة كئيبة فهرولت سريعًا ناحية الغرفة؛ وحاولت فتحها ولكن دون
جدوي وأخذت الوصيفة في البحث عن أي آلة تصلح لفتح الباب وأخير اً وجدت آلة حادة في وسط هذا الحُطام وضربت الأميرة الباب ضربات قويه متتالية؛ حتى أحدثت كسرًا صغيرًا داخله، وبدأت في إدخال هذه الآلة الحاد ة بداخل الكسر، إلى أن كبر جدًا ومن خلاله رأت شابًا مُكبل اليدين، مكمم الفم، وتحاوطه السلاسل الحديدية من كل مكان ومعلق علي الحائط؛ فأخذت في الصراخ وقالت يا إلهي؛ فإن حُلمي أصبح حقيقه وليس أضغاث هيا يا وصيفة، ساعديني في كسر جزء كبير من الباب؛ فأخذت الوصيفة هذه الالة وكسرت أكبر جزء منه يصلح لدخولهما، ودخلت الأميرة مسرعة، ورأته هو الذي يراودها في أحلامها ولكن واضح عليه التعب والهزل الشديد؛ من شدة التعذيب وعدم المأكل والمشرب، وقامت بإزالة الكمامة من على فمه وأخذت تتحدث إليه ولكن بدون جدوي
فقالت الوصيفة: إنه فارق الحياة مولاتي
فقالت الأميرة: لا لا تقولي هذا واقتربت منه وجدته مازال
يتنفس ولكن ببطيء شديد.
نحمد الله إنه علي قيد الحياة
هيا ساعديني لنفك أسره هيا أسرعي وبدأت الوصيفة في تكسير القيود الحديدية بهذه الآلة؛ إلي أن وقع علي الارض وأخذت ف ي جره الأميرة إلي أن أصابها التعب
وقالت: ساعديني يا وصيفة؛ لكي نخرجه من هنا قبل ما يعلم أحد بأمرنا هيا أسرعي
وبالفعل نجحت الأميرة بمساعدة الوصيفة في إخراج هذا الشاب من هذا البهو المظلم.
وقالت: ماذا نفعل؟ أريد أ ن أخبئ هذا الشاب وفي نفس الوقت أريد عرضه على طبيب القصر فإن حالته خطيرة ماذا نفعل ساعديني؛ فإن عقلي توقف عن التفكير؟
وبعد عدة دقائق أبت الوصيفة وقالت مولاتي فإننا على أطراف حديقة القصر، وجناح مولاتي بعيد جداً ومن المستحيل أن نستطيع أنا ومولاتي نقله إلى الجناح الخاص بك، وفي نفس الوقت من المحتمل أن يرانا أحد؛ فإن الحديقة مليئة بالحرس وفي نفس الوقت فإن نقله بهذه الطريقة فيه خطورة على حياة الشاب
مولاتي انتظرني هنا مع هذا الشاب؛ ولكن وراء الشجرة الكبيرة هذه مع الليل الدامس لا يراكم أحدًا
وأنا سأذهب مسرعة لإحضار أحد العربات الخاصة؛ بالحديقة وسوف ننقل هذا الشاب على الفور وبالفعل ركضت الوصيفة مسرعة وأتت بعد ساعة ومعها العربة
فقالت الأميرة: ولكن إلى أين سوف ننقله؟
فأنا لا أجرؤ على وضعه في جناحي ماذا أفعل ماذا أفعل؟
أها سوف ننقله إلي الجناح الخاص بالملكة أمي عليها رحمة الله فإن أبي منع أي أحدًا من دخوله منذ وفاتها وسيكون في أمان به هيا هيا أحمليه معي
يا إلهي لا أستطيع حمله هيا هيا
وبعد معاناة استطاعت الأميرة والوصيفة حمله إلى العربة واتجهوا فورا إلى جناح الملكة
وأرسلت الأميرة الوصيفة إلى طبيب القصر وقالت له إن الأميرة تريدك في أمر سري للغاية
وبالفعل ذهب الطبيب إلى الأميرة
- وقالت له أيها الطبيب
هنا شاب يريد مساعدتك أنه في حالة خطيرة؛ وأعلم بأنك لن تخبر أحدًا
وقدم لها فروض الولاء والطاعة ودخل على الشاب وقال الطبيب
- فإن هذا الشا ب تعرض لإيذاء جسدي كان سو ف يؤدي إلى موته لولا إسعافكم له
فإن له أكثر من يومين من غير مأكل ومن غير مشرب أرجوا من مولاتي ترك الغرفة فورًا، سوف أستدعي المساعدون لي في إسعاف هذه الحالة الخطيرة
- ولكن أيها الطبيب هذا الأمر في طي الكتمان فانحني الطبيب للأميرة وقال لها لا تقلقي مولاتي
وذهبت مسرعة إلى جناحها الخاص ورافقتها الوصيفة وعندما وصلت إلى غرفتها تنفست الصعداء وبدأت تتحدث إلي كل حوائط الغرفة وتقول بأعلى صوتها
(يا إلهي يا إلهي وحُلمي؛ أصبح حقيقة)
ولكن ما قصة هذا الشاب؟ ولماذا هو هنا؟ ولماذا كان يراودني في أحلامي؟ أكاد أُجن
وبعد قليل أشرقت شمس يوم جديد وأتت الوصيفة خديجة لتُذكر الأميرة
أعلي موعد لتوزيع باقي المعونات
ولكن قالت لها بتوتر بأنها لن تستطيع أن تذهب اليوم وبعد إلحاح خديجة، وافقت وخرجت من القصر بنفس طريقة البارحة، وبدأت الأميرة في التجول والذهاب إلى منازل الفقراء بنفسها وكان ينتابه ا شعور غريب، فإن كل تركيزها في هذا الشاب.
إلى أن وصلت إلى منزل متهالك؛ تكاد تسقط جدرانه ودقت
الأميرة والوصيفة دقات متتالية حتي فتحت لهم فتاة عشرينية فنظرت إليها الأميرة والوصيفة في تعجب شديد!
وقالت خديجة يا إلهي إنها طبق الأصل من الأميرة وتشبهها كثيرًا
كذلك تعجبت الفتاة أيضًا وصدر صوت من الداخل يقول من الطارق يا نورمند؟
ولكن من شدة الصدمة لم تجب نورمند.
وتكرر سؤالها ولكن لم تجب أيضًا فأتت المرأة منزعجة عالية الصوت
وقالت: لماذا لم تجيبي أيها الفتاة المشاكسة؟
وعندما وقعت عينها على الأميرة صرخت صرخات متتالية
وقالت: يا سمينا ووقعت أرضًا
قالت: الفتاة يا إلهي ما الذي حدث؟
وأخذت في البكاء وهي تقول أمي أمي
فأسرعت خديجة إليها وحاولت إسعافها، أما عن الأميرة فهي لن تتحرك من موضعها وكأن الصدمة أصابتها بالشلل المؤقت
- فقالت خديجة للفتاة أيوجد لديك أي نوع من أنوا ع العطر؛ لكي نضعه على أنفها فتفوق هذه المرأة؟


- فقالت الفتاة:
لا لا نحن لا نجد الطعام فكيف تكون لدينا روائح عطرية
- إذن أحضري بعض من الماء وأخذت خديجة في وضع الماء على وجه ذه المرأة
فبدأت بالتدريج في الإفاقة وأول شيئا فعلته قامت بالسؤال عن ياسمينا
ولكن يا سمينا لم تتحرك عن موضعها ولم تتحدث بأي شيء .
ولكن فجأة خرجت عن صمتها وسألت المرأة
- كيف علمتي بأن أسمي ياسمينا؟
وهل هذا الشبه الكبير بيني وبين ابنتك مصادفة؟
ولماذا وقعتي عندما رأيتني؟
فنظرت إليها المرأة نظرات حب وتمعن وأخذت في البكاء الشديد وقالت لم أكن أعلم أن هذا اليوم سوف يأتي بهذه السرعة
فقالت الأميرة: عم ا تتحدثين يا امرأة
فقالت المرأة: لا لا لا أتحدث بشيء
فلو تفوهت بكلمة واحدة سيقتلني الملك
فسألتها الأميرة متعجبة!
ماذا سيقتلك أبي؟
ما الذي يحدث يا خديجة؟
لا أعلم شيئًا يا مولاتي
وهما بالخروج مسرعين
- فقالت: لها المرأة مولاتي
هل لي أن اطلب من مولاتي شيئا
فقالت ياسمين: بالطبع
فقالت المرأة:

أقتربي مني فأنا أريد أن أضمك إلى قلبي، فاقتربت منها الأميرة؛ وضمتها بشدة وبكت حتي تبللت ملابسها فذهبت الأميرة مسرعة ناحية القصر وهي تجري مهرولة ناحية الملك، وجدت الطبيب يبحث عنها وقال لها بأ ن الشاب؛ بدأ في التعافي ويطلب أن يقابل مولاتي
فقالت الأميرة:
لا لا ليس الان يا طبيب القصر
فقال الطبيب:
ولكن هذا الشاب مُصر على مقابلة مولاتي الآن
يا إلهي إذن هيا بنا
واتجهت نحو جناح والدتها الملكة حيث يقيم هناك هذا الشاب الغريب
وعندما رأي الاميرة
أصابه الصمت وبعد ذلك شكرها
وقال: أعلم بأن هناك تساؤلات كثيرة تدور في فلك رأس مولاتي، ولكن لدي قصة لو نصتي إليها سوف تجيب عن كل هذه التساؤلات
فقالت الأمير: هيا إذ ن
فقال: أنا شاب وحيد لأم فقيرة من بلاد من وراء النهر
وكانت أمي تعمل وصيفة في هذا القصر فبدأ الملك في التودد
إليها وتطورت العلاقة بينهم، وانتهت بالزواج السري ومرت الأيام وحملت أمي بي فعندما علم الملك فرح فرحًا شديدًا بأن سوف يكون له ولد لأن الملكة غير قادرة على الإنجاب
فقاطعته الأميرة
- عفوًا ماذا تقول؟ كيف الملكة غير قادرة عن الإنجاب وأنا ابنتها ؟
- لا أدري
- أنت كاذب
- لا تتعجلي في الحكم يا مولاتي
- أكمل الحديث
- ولكن الملك تذكر بأن مع مرور الأيام؛ سوف يظهر حمل أمي؛ وسينكشف أمر الملك
فأمر أمي بترك القصر والذهاب إلى بلاد ما وراء النهر وبأنه سوف يلحق بها فيما بعد وبعد مرور عام ذهب الملك إلى رحله بحرية وأتى إلينا وفرح بي فرحًا شديدًا وختم على كتفي ختم العائلة الملكية، وذهب وطوال خمس وعشرون
عاما لم يعد أبي مرة ثانية، ومرت الأيام ونحن في فقر شديد
إلي أن مرضت أمي وقامت بتوصيتي وهي بتحتضر أن أعود الي أبي حتي لا اظل وحيدا
ماذا تقول يا هذا؟
أنت أخي هههه؟
ولكن عندما كنت تراودني في أحلامي كنت تأتي إلي وكأنك
. ....
وتلعثمت الأميرة
فضحك وقال: وكأني ماذا؟
- لا لا شي ء
- أكمل أرجوك
فأخذت عهد على نفسي أن أنفذ وصية أمي، وبالفعل مررت النهر وعندما وصلت إلي القصر منعني الحراس من الدخول ومقابلة الملك فاضطررت أن؛
أبوح بالحقيقة وعندما علم الوزير شحرور بأن الملك له ولد؛ فقرر أن يتخلص مني لأنه؛ يطمع في كرسي الحُكم
فأمر الحرس بأن يضعوني في هذا المكان المهجور؛ لكي أموت من شدة الإجهاد والعطش والجوع.
يا إلهي! ما الذ ي يفعله هذا الخائن شحرور؟
- ولكن ما أسمُك؟
- أسمي عدنان
- ولكن يا عدنان لم أشعر للحظة بأنك أخي !
وتركته وذهبت ناحية الملك
- مرحبا صغيرتي.
- أبي
- أريد التحدث إليك في أمور خطيرة
- ما بك ابنتي ؟
- سأقول لك الحقيقة يا أبي
لقد ذهبت إلي حي الفقراء.
- ماذا تقولي لقد خرجتي من القصر يا ياسمينا ؟
- نعم يا أبي
وظهر على وجه الملك الحزن الشديد
- أكملي ابنتي
وقابلت فتاة تشبهني كثيرًا وعندما رأتني والدتها وقعت أرضًا
ألديك تفسير لما يحدث؟
ظهرت على الملك علامات الحزن المصحوب بالقلق
وطأطأ رأسه لأسفل
وفجأة دخل أحد الحراس؛ وقال: مولاي يوجد في جناح الملكة
عليها رحمة الله حركة غريبة،
- أتسمح لي باقتحام الجناح ؟
- أفعل فورا فارتبكت الأميرة، وحاولت الهرولة ناحية جناح الملكة؛ ولكنها لم تقوي على الحركة.
وبعد قليل جاء الحرس ومعهم الشاب عدنان
وقال: الملك بصوت جهور
من أنت؟ وكي ف دخلت إلي القصر؟
فقص عليه عدنان قصته فحزن الملك حزن ا شديداً؛ وقال له بحنان
- لو صحيح ما قصصت فأين ختم العائلة الملكية
فكشف الشاب على كتفه الأيمن؛ فوجد الملك ختم العائلة فضم الملك الشاب بشدة واعتذر له عن كل هذه السنوات السابقة.
وأعطي فرمان عاجل للشعب بأن الأمير عدنان سيُنصب ولي عهد البلاد. وسيقيم حفل كبير في كل أنحاء المملكة
وأكمل الملك حديثه وقال؛ أما عن الوزير شحرور فإن عقابه معي عسير، وروت الأميرة عما رأته عندما خرجت من القصر، وأن حال البلاد في سوء شديد، والفقراء في كل مكان، وأن الوزير وبعض من الحاشية قاموا بنهب المملكة والكذب علي الملك فغضب الملك كثيراً، وأصدر فرمان بإعدام الوزير، وكل من ساعده في سرقة المملكة؛ ليكونوا عبرة لغيرهم
وأصدر فرمان اخر يعتذر فيه للشعب؛ لعدم نروله من برجه العاجي وبذلك عدم معرفة كيف يعيش شعبه،
وبعد عدة أيام، ذهبت الأميرة إلى الملك تطلب منه توضيح ما رأته في حي الفقراء!
فقال: الملك لقد حان الوقت؛ لكي تعلمي الحقيقة صغيرتي
فأن الملكة ذهبت يوما إلى حي الفقراء؛ فوجدت امرأة فقيرة مسكينة، على وشك الوضع فوضعت فتاتان توأم، وعادت الملكة إلى هذه المرأة، منها أن تأخذ فتاة من هاتان الفتاتان لكي؛ تؤنسها في وحدتها، معرفتها لعدم قدرتها على الإنجاب مقابل مادي كبير،
ولكن رفضت هذه المرأة الفقيرة، وكان زوجها الثمل يستمع إلي الحديث بالمصادفة، وبعد خروج الملكة، وذهب هذا الرجل إلي الملكة وعرض عليها بيع إحدى ابنتيه مقابل المال؛ لكي يشتري الخمر؛
فوافقت على الفور الملكة وفي أثناء الليل الدامس؛ سرق هذا الرجل الطفلة وأحضرها إلي الملكة، وعندما علمت والدتها؛ مرضت مرضًا شديداً؛ فسمحت لها الملكة بزيارة القصر مرة واحدة شهريا لرؤية الفتاة عن بُعد. .
يا إلهي ومن تكو ن هذه الفتاة أنا؟
فقال: بحزن نعم ابنتي
فأخذت في البكاء وهرولت إلى جناحها الخاص
وبعد عدة أيام ذهبت ياسمينا إلى الملك واستأذنت في العودة إلى والدتها والعيش معها ومع أختها؛
فرفض الملك وقال سأرسل لهم من يحضرهم إلي هنا والعيش معنا في القصر.
فرفضت ياسمينا، وبالفعل غادرت القصر،
وعاشت مع والدتها التي فرحت فرحًا شديداً بها، وقالت أحمد الله أنه أعاد لي قطعة كانت ضائعة من قلبي .
وأما عن الأمير عدنان؛ فكان يذهب كل يوم إلي الحي الفقير لرؤية ياسمينا عن بُعد
يوم يزيد حبها في قلبه، أما عن يا سمينا فلم يزورها عدنان في أحلامها مرة أخري
وفاتح الأمير عدنان والده الملك في الزواج من يا سمينا؛
فوافق الملك على الفور؛
وتزوجت ياسمينا من الأمير، في عُرس أسطوري حضره كل أفراد المملكة.
وعادت الأميرة ياسمينا إلى القصر؛ لتعيش مع زوجها في سعادة بالغة بصفتها زوجة الأمير، وليست بصفتها ابنة الملك....
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.