ما زلت أتذكر ذلك اليوم عندما أرسلوا لي لنَيل جائزة أدبية على رائعتي (الدخلاء)، جلست في قاعة تشبه قاعة السينما من جانبي زوجي، امتلأت القاعة بالحضور، منظمو الحفل يرتدون الملابس الرسمية، أمسك أحدهم بالميكروفون ينادي أسماء المرشحين للجوائز، يسلمهم الجائزة واحدة تلو الأخرى، كنت أنتظر دوري، شعرت بالبرودة فالتكييف عالٍ بعض الشيء، وأخيرًا سمعت اسمي، انتفضت لاستلم جائزتي، تصفيق بارد من الحضور كبرودة التكييف بالمكان، اتجهت للمسرح قاصدة السلم المؤدي إليه بالجانب البعيد، صعدت درجاته، الدرجة الأولى ثم الثانية فالثالثة، تابعت الصعود، كدت أن أنكبَّ على وجهي، فقد تعرقلت فردة حذائي في درجة السلم المكسورة وأبت أن تصعد معي، توقفت للحظات أحاول جذبه بهدوء دون أن يلحظ أحد، حاولت الصعود، ما زال اسمي يتردد بميكروفون الحفل، عملت على جذبه مرة أخرى إلا أن شيئًا ما أمسك بالكعب رحت أجذبه بقوة هذه المرة دون نتيجة مرضية، كررت المحاولة مرات عدة متعاقبة توترت وحملت نفسي على الإسراع وتكرار مرات المحاولة وما زال اسمى يُنادِي به المنظمُ بميكروفون الحفل، حالة من الصمت انتابت الحضور ينتظرون صعودي للمسرح، انحنيت قليلًا للإمساك بالحذاء ونزعه عن طريق خلخلة كعبه من الثقب الموجود بدرجة السلم، لم تفلح المحاولة، ازداد الصمت في القاعة وسكت الميكروفون عن مناداة اسمي، رفعت رأسي لأرى الجميع في تململ ينظرون إليَّ في تلك اللحظة قررت أخذ الخطوة، خلعت قدمي من الحذاء ودنوت من الأرض، امسكت به انزعه من درجة السلم اللعينة، فكيف أصعد للمسرح بدونه؟ بدأت في التعرق وشعرت بسخونة المكان رغم وجود التكييف، بدأ حجابي في التحرر، ورأيت من بعيد أحدهم يسرع ناحيتي لمساعدتي انتبهت له فإذ هو زوجي يأمرني الابتعاد ليتصرف هو لكني رفضت، فكان علي أن أنجح في نزع حذائي بنفسي، نفد صبر الحضور، وبدأت القاعة تعج بالكلمات ارتفعت الأصوات وأفرج البعض عمَّا بداخله من استياء، وقف منظمو الحفل يراقبون الوضع أعينهم ترمقني وتتمتم شفاههم بتأفف وعتاب، سمعت صوتًا من بعيد يتساءل عمَّا يدور ولماذا توقف المنظمون عن تسليم الجوائز؟ اقترح آخر المناداة على الاسم الذي يعقبني حتى أنتهي من مشكلتي، رأيت زوجي منهمكاً في التفكير بطريقة ينزع بها الحذاء، و طلب مفكًّا لتوسعة ثقب السلم المحشور به الكعب، سارع أحدهم بتلبية المطلب وآخر حاول سكب الماء على الثقب وثالث اقترح كسر الكعب، كان الجميع يراقب ما يحدث عن كثب، بادرت بفك أزرار كُم قميصي الأنيق، اشتريته خصيصًا للحفل، شمرته لأعلى ومسحت عرق وجهي بيدي ليتزحزح حجابي وتطل بعض شعرات مقدمة رأسي فتلتصق بعرق جبيني، ساح مكياجي وفقدت هندامي، وحين كان زوجي ينهي توسعت الثقب بمفك في يده، دنوت من الأرض أمسكت حذائي بكلتا يدي أنزعه متحدية الدرج، متفادية النظر بعيون من حولي، لم أشعر إلا وجسدي يطير للوراء قبل أن يهوى ويرتطم بالأرض. نظرت بيدي حذائي فتنهدت وعلا وجهي الارتياح، نهضت وعلى الفور صعدت المسرح، نظرت الحضور رأيتهم يتطلعون إليَّ باهتمام، تلفتُّ حولي لأرى منظمي الحفل يحيطون بي وصاحب الميكروفون ينادي اسمي لاستلام الجائزة، رفعت يدي التي تحمل الحذاء في الهواء، صفق الجميع بحرارة تصفيقًا حادًّا، سارع المنظمون بالتقاط الصور معي وفلاش الكاميرات يزعج عينيَّ فأغمضهما، استمر التصفيق حتى خفتت إضاءة المسرح وابتعد الصوت شيئًا فشيئًا، فتحت عينيَّ لأجدنني مازلت في فراشي، مدت يدي التقط جوَّلي، تفقدت الإيميل الخاص بالمسابقة ورأيت قصتي التي أرسلتها إليهم والرد عليها بتاريخ شهرٍ مضى أقرؤه يوميًّا يقول:
"تم الاستلام وشكرًا".
***