الفصل التاسع: السر في الرماد
اقترب ميشيرو من المرآة، والإحساس بالعالم من حوله بدأ يتلاشى. كل شيء صار صامتًا… وكأن الزمن نفسه حبس أنفاسه.
مدّ يده نحو الانعكاس، فاخترقت أصابعه الزجاج دون مقاومة. شعور بارد اجتاح جلده، ثم وجد نفسه داخل القاعة… لكن بشكل مختلف. لم تكن محترقة، بل جميلة كما كانت قبل الحريق، مزينة بالفوانيس الورقية، وتعبق برائحة زهور الساكورا.
كان وحده، لكن صدى ضحكات قديمة ما زال يملأ المكان.
وفي منتصف القاعة، كان الصندوق.
تقدّم نحوه ببطء، وفتحه.
في داخله، لم تكن هناك رسالة هذه المرة… بل مذكرات صغيرة، مغطاة بقطعة حرير بيضاء.
فتحها، وقرأ:
"هذا يومي الأخير كعروس… وليس بسبب الموت، بل بسبب الحقيقة التي لا يعرفها أحد. لقد تلقّيت تهديدًا قبل زفافي. رسالة تقول: إذا تمّ الزفاف، ستحترق القاعة.
ظننت أنها مزحة… أو غيرة. لم أخبر أحدًا. لم أرد أن أفسد يومي، ولا حياة رين.
والآن، كلما نظرت في المرآة، لا أرى نفسي… بل أراه، قادمًا من الظلام.
أنا مذنبة بالصمت. سامحني يا رين. سامحني يا من سيأتي بعدي، لتكمل قصتي…"
انتهت الصفحة، لكن أثرها بقي.
ثم رأى في آخر الصندوق خاتمًا محروقًا، محفورًا عليه من الداخل:
"إلى الأبد، مهما كان."
أخذ الخاتم بين أصابعه، فاهتزت الأرض تحته.
ظهر له رين، شابًا كما في ذكريات يوكي، عيناه تدمعان وهو ينظر إلى المذكرات، ثم إلى ميشيرو.
ثم ظهرت يوكي، بثوبها الأبيض، تقف بجانبه، وتمدّ يدها نحو رين.
لكنها لا تستطيع لمسه… بعد.
قال ميشيرو، صوته يملأ الفراغ:
"لقد عرفنا الحقيقة الآن. لم تعودي وحدك، يوكي. ولم يعد قلبه نائمًا."
أعطاها الخاتم.
وعندما أخذته، اشتعلت القاعة بنور أبيض نقي، لا نار فيه، بل طمأنينة.
رين اقترب منها، واحتضن يدها بلطف.
وفي لحظة خاطفة، تلاشى الاثنان... تاركين خلفهما المذكرات، والخاتم، وزهرة ساكورا بيضاء على الأرض.