Yussefh7

Share to Social Media

الفصل الثاني عشر: فتاة الرماد
الريح كانت باردة تلك الليلة، والسماء بلا قمر. وكأن العالم كله قرر أن يصمت ليستمع لما سيحدث.
عاد ميشيرو إلى شيزوكو مرة أخيرة. لم يكن يحمل كاميرا، ولا دفتر ملاحظات. فقط المذكرات، والصورة التي التقطها لليلي في المرآة.
وقف أمام القاعة، ونظر إلى الباب المغلق منذ سنين. وضع يده عليه… فانفتح من تلقاء نفسه، بصرير طويل يشبه تنهيدة.
الداخل كان مختلفًا هذه المرة.
المرآة، التي كانت دائمًا بوابة الوجع، بدت مغطاة بطبقة من الرماد. وكأن الزمن نفسه قرر أن يُطفئ الضوء عنها.
تقدّم نحوها، وقال بصوت هادئ:
"ليلي… أنا هنا."
لم يحدث شيء.
ثم أخرج الصورة، ورفعها نحو المرآة.
وفي لحظة، اهتز الرماد، وظهر انعكاس جديد.
طفلة صغيرة، بشعر قصير وعينين واسعتين، تقف في الزاوية، ترتجف.
همست بخوف:
"أين أختي؟ كانت تمسك بيدي… ثم تركتني."
اقترب ميشيرو من الزجاج، وقال بلطف:
"يوكي عبرت. لقد كانت تنتظرك… لكنها لم تعرف أنك ما زلت هنا."
الطفلة نظرت إليه، ودموعها سالت كأنها لم تبكِ منذ خمسين عامًا.
"أنا خائفة… والناس يصرخون دائماً… والنار لا تنطفئ."
ثم انفجر المكان بضوء أحمر، وتحوّلت الجدران إلى لهب، والذكريات عادت، لكن هذه المرة من منظور الطفلة.
ميشيرو رأى من خلال المرآة ما عاشته ليلي:
كيف اختبأت تحت الطاولة، وكيف رأت الجميع يهرب، وكيف ظلت تصرخ باسم يوكي، لكن لا أحد سمعها.
همس:
"أنا معك، ليلي… لن تبقي وحدك."
مدّ يده نحو الزجاج، وهذه المرة، الطفلة اقتربت.
ولما لمست أطراف أصابعه، اختفى كل شيء.
القاعة، النار، الصراخ… تبخّر.
وبقيت زهرتان من الساكورا على الأرض، بدلاً من واحدة.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.