WalidHashem1974

Share to Social Media

<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
الفصل السابع

(1)

الضوء الأحمر يرمش بثبات على لوحة التحكم، مثل قلب ميكانيكي ينبض بالخطر. تقدمت "يارا" بحذر نحو الشاشة، عيناها تتسعان رهبة.

"ماذا يحدث؟ لقد أعيدت برمجة النظام!"

"كيان" انحنى بجانبها، جرحه يؤلمه لكن تركيزه لم يضع. "هذا ليس إنذاراً من النظام... إنه تنبيه دخول."

على الشاشة، ظهرت خريطة العالم، مع خطوط حمراء تمتد من الأقصر إلى عواصم عالمية. وشريط نصي يتحرك ببطء:

"التسلسل النهائي مفعل. 59:59... 59:58..."

ساعة عد تنازلي.

(2)

"لقد خدعنا!" همس "كيان" مذهولاً. "الصقر كان مجرد دمية. هناك شخص آخر... شخص كان يشغل النظام طوال الوقت."

من الزاوية المظلمة من الغرفة، سمعوا صوت تصفيق بطيء. ظل طويل يتحرك للأمام، مظهراً رجلاً أنيقاً في بداية الخمسينات، يرتدي بدلة رمادية لا تشي بعملية.

"أحسنتاً، يا كيان. لقد استغرقك الأمر وقتاً كافياً."

"من أنت؟" صرخت "يارا".

الرجل ابتسم ابتسامة باردة. "يمكنك أن تناديني 'النسر الحقيقي'. قائد المشروع منذ البداية."

(3)

الفلاش باك - قبل 10 سنوات

شابان يافعان - "كيان" و"يارا" - يجلسان في مقهى بالجامعة. كانا يدرسان معاً، ويحلمان بمستقبل مختلف. ثم يظهر هذا الرجل الأناق - د. عصام - أستاذهما في الهندسة.

"لدي فرصة رائعة لكما"، قال لهما. "مشروع سري سيغير مستقبل مصر."

لم يعرفا那时 أن هذا الرجل كان يخطط لاستخدام عملهما في أغراض شريرة. لم يعرفا أنه كان يجندهما في لعبة لم يكونا على استعداد لها.

(4)

"أنت... د. عصام!" قال "كيان" وهو يتعرف على الرجل. "كنت تعتقد أنك متيت!"

"الموت خدعة مفيدة، يا بني"، قال الرجل مبتسماً. "مثلما خدعتك أنت ووالدك لسنوات."

التفت إلى "يارا". "ووالدك... لم يمت في حادث. لقد قتلته لأنه اكتشف الحقيقة. اكتشف أنني أخطط لبيع النظام لأعتى المنظمات الإرهابية في العالم."

صمت ثقيل ساد الغرفة. ثم، بصوت هادئ يحمل عاصفة، قالت "يارا":

"أنت قتلت والدي."

"كان ضرورياً"، أجاب الرجل ببرود.

(5)

في تلك اللحظة، حدث شيء غير متوقع. سمعوا هدير محركات من فوقهم. ثم صوت إنذار جديد:

"كسر طاقة احتياطية. تفعيل بروتوكول الطوارئ."

من خلال الكاميرات الأمنية، شاهدوا قوات خاصة تنزل من مروحيات فوق المعبد. لكن هذه المرة، لم تكن قوات "النسر".

"قيادة الأمن القومي!" قال "كيان" مشيراً إلى الشارة على الزي الرسمي.

د. عصام لم يبدو منزعجاً. "لا يهم. العد التنازلي سيتم قبل أن يتمكنوا من الوصول إلينا."

لكن "يارا" كانت تحدق في لوحة التحكم، وفكرة تلوح في ذهنها.

"المفتاح ليس في إيقاف النظام... بل في تحويله ضد نفسه."

(6)

بينما كان "كيان" يشتبك مع د. عصام في مواجهة أخيرة، ركضت "يارا" نحو لوحة التحكم. أصابعها طارت على لوحة المفاتيح، تدخل الأوامر التي تعلمتها من مذكرات والدها السرية.

"ما الذي تفعلينه؟" صاح د. عصام.

"أفعَل ما كان والدي ليفعله"، أجابت دون أن ترفع عينيها. "أحمي مصر."

على الشاشة، بدأ العد التنازلي يتسارع، لكن ليس نحو الصفر... بل نحو رقم سالب. النظام كان يمحو نفسه.

"لا!" صاح د. عصام بينما كانت القوات الخاصة تقتحم الغرفة.

لكن بينما كان يتم القبض على د. عصام، لاحظ "كيان" أن "يارا" كانت تجلس على الأرض، تنظر إلى صورة على الحائط - صورة لوالدها وهي طفلة.

"لقد انتهى"، قال "كيان" وهو يجلس بجانبها.

هزت رأسها، دموع تتساقط على وجهها. "لا... لقد بدأ للتو."

وفي عينيها، رأى "كيان" ليس فقط الألم، ولكن أيضاً القوة. قوة ستحتاجها للمواجهة القادمة... لأن العالم الآن يعرف أسرارها، وأسرار النظام الذي لم يعد موجوداً.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<]]]]]]]]]]

الفصل الثامن


(1)

بعد ثلاثة أشهر من الأحداث في الأقصر، كانت "يارا" تجلس في مكتبها الجديد في وكالة الفضاء المصرية. الشمس تغرب الفصل الثالث
(1)
كان الظلام يُخيم على شارع "يارا" في الزمالك. من بعيد، لا تزال أنوار سيارات الشرطة الوامضة تُنير المكان حول شقتها. لكن "كيان" يعرف أن العدو الحقيقي لا يرتزي زي الشرطة.
"مستحيل!" همست "يارا" وهي تتشبث بذراعه في الظل. "كيف سندخل والشقة محاطة؟"
"كيان" لم يجب. عيناه كانتا تراقبان نافذة في الطابق الثالث. "شقتك هناك، أليس كذلك؟"
"نعم، لكن..."
قبل أن تكمل، أخرج هاتف الـ burner وأرسل رسالة نصية قصيرة: "الآن".
وبعد لحظات، انفجر ضوء قوي في الطابق الأرضي من المبنى. انفجار صغير لكنه كافٍ لتحويل انتباه everyone. صراخ، هرج... الفخ الذي نصبوه لنا تحوّل إلى فخ لهم.
"هذه فرصتنا"، قال "كيان" وهو يسحبها نحو المدخل الخلفي الذي يعرفه جيداً من خططه الاستخباراتية السابقة.
(2)
داخل الشقة، كانت الفوضى تعمّ المكان. أثاث مقلوب، أدراج مفتوحة... لقد قاموا بالبحث عن شيء ما.
"الصندوق!" همست "يارا" وهي تركض نحو غرفة نومها.
لكن "كيان" أمسك بيدها. "انتظري. إذا كنتِ مكانهم، أين ستضعين الفخ؟"
نظرت إليه محتارة، ثم أدركت. تقدمت بحذر نحو خزانة الملابس، لكن "كيان" أوقفها مرة أخرى. أشار إلى سلك رفيع يمتد عبر الأرضية.
"متفجرات"، قال بهدوء. "إذا فتحتِ الخزانة، ستنفجر الشقة."
"يارا" وضعت يدها على فمها المفتوح من الرعب. "إذن كيف...؟"
ابتسم "كيان" ذلك الابتسام الغامض. "هم يتوقعون أننا سنأتي من الباب." ثم نظر إلى السقف. "لكن هناك دائماً طريقة أخرى."
(3)
من خلال فتحة التهوية في السقف، زحفا مثل قطتين في الظلام. كان جسد "كيان" يلامس جسدها في المساحة الضيقة، وتستطيع أن تسمع دقات قلبه المنتظمة. هذا الرجل كان آلة.
عندما وصلوا فوق الخزانة، فتح "كيان" الشبكة بهدوء ونزل بدقة القط. ثم مدّ يده لمساعدتها.
الصندوق الحديدي كان هناك. قديم، متآكل، لكنه صلب.
"مفتاحكِ"، قال "كيان".
"يارا" كانت ترتجف بينما تبحث في جيبها عن المفتاح الصغير الذي لم تفصله أبداً. وبينما كانت تحاول إدخاله في القفل، سمعا صوت خطى في المدخل.
"انظري، إنهم هنا!" صوت غليظ يقول.
"كيان" أخرج مسدسه الصامت. "افتحيه بسرعة. أنا سأؤخرهم."
(4)
بينما كان "كيان" يطلق النار باتجاه المدخل لإبطاء تقدمهم، كانت يدا "يارا" ترتجفان وهي تحاول فتح القفل القديم. أخيراً... طق!
داخل الصندوق، لم تكن مجرد أوراق قديمة. كان هناك حاسوب لوحي صغير، ونسخة ورقية من التصميم، ورسالة بخط والدها:
"يا ابنتي العزيزة، إذا كنتِ تقرئين هذا، فأنا لم أعد بينكم. التصميم الذي بين يديكِ ليس مجرد متحف، بل هو مفتاح شبكة اتصالات سرية تمر تحت البحر الأحمر. هم يريدونها، ولن يتوقفوا عند شيء..."
فجأة، سمعت صوت انفجار صغير. التفتت لترى "كيان" يسقط على ركبته، دماء تسيل من كتفه.
"كيان!" صرخت.
"خذي الحاسوب وهربِي!" قال وهو يضغط على جرحه. "استخدمي الممر السري!"
"أي ممر سري؟"
أشار إلى خلفها. "خلف المرآة. اضغطي على الجانب الأيسر."
وبينما كانت تبحث عن الممر، سمعت صوت "كيان" وهو يهمس: "آسف... لم أخبركِ كل الحقيقة."
(5)
عندما ضغطت على الجانب الأيسر من المرآة، انزلق جزء من الحائط للخلف، كاشفاً عن ممر مظلم. التفتت لترى "كيان" يحاول النهوض، بينما الرجال يتقدمون نحوه.
"لا أستطيع تركك!" صرخت.
"يجب أن تفعلي!" قال وهو يطلق النار مرة أخرى. "أنا أعرف كيف أتعامل معهم. اذهبي!"
في عينيه، رأت شيئاً لم تره من قبل. لم يكن مجرد التزام بالمهمة... كان اهتماماً حقيقياً.
قبل أن تختفي في الممر، ألقيت نظرة أخيرة عليه. "لا تموت!"
وابتسم لها ذلك الابتسام المرير. "هذا ليس في خطتي."
(6)
في الظلام البارد للممر السري، كانت "يارا" تركض وهي تحمل الحاسوب اللوحي. دموعها تختلط بالعرق. لماذا كان والدها متورطاً في هذا؟ ولماذا خفي "كيان" الحقيقة عنها؟
وفجأة، تذكرت شيئاً. صورة قديمة لوالدها مع شاب... شاب يشبه "كيان" لكنه أصغر سناً.
كان "كيان" يعرف والدها!
والآن، وهي وحيدة في الظلام، مع سر قد يكلفها حياتها، ومع رجل جرحى قد يكون مات من أجل حمايتها... أدركت أن عالمها لن يعود كما كان أبداً.
<<<<<<<<<<<<<<>>>>>>>>>>>>>>>>


>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
الفصل التاسع

(1)

كان المطار الدولي بالقاهرة يعج بالمسافرين، لكن "كيان" و"يارا" كانا يراقبان من خلف الزجاج أحادي الاتجاه في صالة المدرجات الخاصة. أمامهما، شاشات تعرض رحلات متجهة إلى جنيف، حيث يقيم "د. وليد" مؤتمراً للاتصالات العالمية.

"الخيط الأول"، همست "يارا" وهي تشير إلى الشاشة. "لماذا يظهر الآن، بعد كل هذه السنوات؟"

"كيان" كان يدرس ملف د. وليد. "لقد كان دائماً في الظل. الأستاذ المحبوب، رجل الأعمال الناجح... الكل يتذكره بحب."

"مثل الأب الثاني لي"، قالت "يارا" بصوت خافت. "هو الذي شجعني على متابعة حلمي في الهندسة المعمارية."

التفت "كيان" إليها. "تماماً مثلما شجعني على الانضمام للجهاز. كان يقول إن الموهبة مثل السيف، تحتاج إلى من يصقلها."

في تلك اللحظة، أدركا نفس الحقيقة في نفس الوقت: لقد كان "د. وليد" يوجههما طوال حياتهما.

(2)

على الطائرة المتجهة إلى جنيف، جلست "يارا" تدرس مخططات المدينة تحت الأرض التي وجدوها في الشريحة. شيء ما كان مألوفاً بشكل غريب.

"انظر إلى هذا"، قالت وهي تكبر جزءاً من المخطط. "هذا ليس مجرد منشأة بحثية... إنه نسخة طبق الأصل من مشروع تخرجنا!"

تذكر "كيان" فجأة: مشروع التخرج الذي فاز بجائزة الابتكار. "د. وليد" كان المشرف عليه. لقد بنوا نموذجاً مصغراً لمدينة ذكية تحت الأرض.

"لقد استخدم أفكارنا"، قال "كيان" مذهولاً. "استخدمنا لنبني نظامه."

(3)

في جنيف، بينما كانا يتجهان إلى الفندق، تلقى "كيان" اتصالاً مشفراً. الصوت في الطرف الآخر كان متوتراً.

"لقد أخطأنا في تقدير الموقف. د. وليد ليس مجرد خائن... إنه مؤسس المنظمة. الاسم الحقيقي: 'فينيكس'."

على شاشة الهاتف، ظهرت سلسلة من الصور: د. وليد مع شخصيات عالمية مشبوهة، في مواقع بناء حول العالم. كلها تظهر نفس النمط المعماري - نسخ من تصميمهم في الجامعة.

"إنه يبني شبكة عالمية"، قالت "يارا" وهي تشاهد الصور. "ويستخدم تصاميمنا للقيام بذلك."

(4)

قررا مواجهته في مكان عام - أثناء استراحة المؤتمر. عندما رآهما، لم يبدو "د. وليد" مفاجئاً.

"كنت أعلم أنكما ستأتيان"، قال مبتسماً ذلك الابتسام الأبوي الذي عرفاه جيداً. "لقد صنعتما بشكل جيد."

"لماذا؟" سألت "يارا" وكان صوتها يكاد ينكسر. "كنا نثق بك."

"بالضبط"، أجاب بهدوء. "الثقة هي أقوى أداة للتلاعب. علمتكم، دربتكم، جهزتكم... لخدمة رؤيتي."

"كيان" تقدم خطوة. "رؤيتك في تدمير الأمن العالمي؟"

"لا"، ضحك "د. وليد". "في بناء عالم جديد. وعليكما مساعدتي في إكماله."

(5)

في تلك اللحظة، سمعوا صوت إنذار. رجال أمن المؤتمر يحيطون بهم.

"السيد وليد، يجب أن نخرجك من هنا"، قال أحدهم.

لكن "د. وليد" هز رأسه. "لا داعي. هذان صديقاي."

أشار إلى "كيان" و"يارا". "سيرافقانني في جولتي الخاصة."

أدركا أنهما محاصران - ليس بتهديدات، ولكن باختيار مستحيل: الموافقة على العمل معه، أو المخاطرة بكشف شبكته التي امتدت عبر الحكومات والشركات حول العالم.

نظر "كيان" إلى "يارا"، ثم إلى الأستاذ الذي كان مثلهما الأعلى.

"نحن نحتاج إلى بعض الوقت"، قال "كيان".

ابتسم "د. وليد" ذلك الابتسام الذي يعرفانه جيداً. "بالطبع. لكن تذكرا... كل قرار له عواقبه."

(6)

في غرفة الفندق ليلاً، كانت "يارا" تحدق في المدينة السويسرية من النافذة.

"لا يمكننا هزيمته بالطريقة التقليدية"، قالت. "إنه يعرف كل تحركاتنا قبل أن نعرفها نحن."

"كيان" اقترب منها. "لكنه لا يعرف شيئاً واحداً."

"ماذا؟"

"أننا لم نعد التلميذين اللذين كانا. لقد علمنا بنفسه أن أفضل طريقة لهزيمة المهندس... هي استخدام تصميمه ضده."

أمسكت بيده. "لدينا فكرة واحدة لم يستطع سرقتها أبداً."

"ما هي؟"

"بعضنا البعض."

وفي تلك اللحظة، بدأت الخطة تتشكل - لا للهروب، ولا للاستسلام، ولكن للعب لعبة جديدة تماماً. لعبة سيتحول فيها الصياد إلى فريسة، والتلميذ إلى معلم.

والرحلة إلى العالم السفلي لم تكن للهروب منه، ولكن لدخوله... والفوز من الداخل.
<<<<<<<<]<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<]]]]]]<<<<
الفصل العاشر

(1)

غرفة الفندق الفاخرة في جنيف أصبحت ساحة حرب غير مرئية. انتشرت أوراق ومخططات على كل سطح متاح. في المنتصف، تقف "يارا" وعينيها تشعان بذكاء حاد.

"هناك خطأ في تصميمه"، قالت وهي تشير إلى مخطط مدينة تحت الأرض. "تذكر مشروع التخرج؟ النظام البيئي المغلق الذي فشل في الاختبار النهائي؟"

"كيان" تذكر. "نظام التدوير الهوائي... كان به عيب تصميم."

"بالضبط! وهو لم يصحح هذا العيب. انظر هنا..." أصابعها طارت فوق المخططات. "هو يكرر نفس الخطأ على مقياس أكبر."

(2)

في الصباح، كانا يجلسان في مقهى فاخر مع "د. وليد". هذه المرة، كانا هادئين وواثقين.

"لقد قبلنا عرضك"، قال "كيان" ببرود. "لكن بشروطنا."

ابتسم "د. وليد" مبتسماً متعجرفاً. "أنا أستمع."

"نريد الإشراف الكامل على المشروع في القاهرة"، قالت "يارا". "المدينة تحت الأرض التي تبنينها هناك."

لم يتردد "د. وليد". "مقبول. سأصدر التعليمات فوراً."

بينما كان يغادر، التقطت "يارا" كوب القهوة الذي شرب منه. على حافة الكوب، كانت بصمات أصابعه كاملة.

(3)

المدينة تحت الأرض في القاهرة كانت أكثر تطوراً مما توقعا. متاهة من الممرات والمختبرات، كلها مبنية حسب تصميمهما الجامعي - مع ذلك العيب القاتل.

"الآن"، همس "كيان" بينما كانا يتفقدان النظام البيئي المركزي. "هي اللحظة."

ضغطت "يارا" على زر صغير في يدها. في كل أنحاء المنشأة، بدأت أجهزة الإنذار بالصدى. نظام الهواء بدأ بالتعطل - ليس فجأة، ولكن ببطء مميت.

"ما الذي تفعلانه؟" صاح "د. وليد" عبر نظام الاتصال الداخلي.

"نصحح خطأك"، أجابت "يارا" بهدوء. "لقد حذرناك من هذا العيب في الجامعة."

(4)

في غرفة التحكم المركزية، واجه الثلاثة بعضهم للمرة الأخيرة. "د. وليد" كان محاصراً في نظامه الخاص.

"يمكنني إصلاح هذا"، قال وهو يتجه نحو لوحة التحكم.

"لا"، منعه "كيان". "لقد صممنا النظام ليعمل بطريقة واحدة فقط - بالإغلاق الكامل."

على الشاشات، ظهرت وجوه قادة العالم - كلهم كانوا شركاء "د. وليد". كلهم محاصرون في أنظمتهم الخاصة.

"لقد بنيت سجناً عالمياً"، قالت "يارا". "والآن، حان وقت الإغلاق."

(5)

عند الخروج إلى ضوء النهار، كانا يحملان الأدلة الكاملة. الصحفيون ينتظرون، مع قوات الأمن الدولية.

"لقد انتهى"، قال "كيان" وهو يمسك بيد "يارا".

لكنها هزت رأسها، نظرة عميقة في عينيها. "لا... الآن نبدأ حقاً."

نظرت إلى الأفق، حيث كانت الشمس تشرق على عالم جديد - عالم ساعدهما في إنقاذه، لكنهما يعرفان أن السلام قد يكون مؤقتاً.

"سواء كنا مستعدين أم لا"، قال "كيان" وهو يتابع نظرتها، "سنواجهه معاً."

وأخيراً، لأول مرة منذ بداية الرحلة، شعرا أن المستقبل ملكهما حقاً.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
الفصل الحادي عشر

(1)

بعد عام من سقوط إمبراطورية "د. وليد"، كانت "يارا" تقف في منتصف جسر "قصر النيل" بالقاهرة، تطل على النيل الذي يحمل في تياراته ذكريات عام كامل من السلام الهش. كانت تحمل في يدها دعوة رسمية - مؤتمر "التصميم الآمن من أجل الإنسانية" في لاهاي. الورقة ناعمة بين أصابعها، لكنها حملت ثقلاً لا يُحتمل.

"لا تثق بهم."

صوت "كيان" جاء من خلفها، حاملاً كوبين من الشاي. وضع أحدهما بين يديها، ثم أتبعها بنظرة تحمل كل تحذيرات العالم.

"المؤتمر يموله 'كونسورتيوم أطلس'." قال وهو يشير إلى الشعار الصغير في أسفل الدعوة. "والرئيس التنفيذي لهم كان أحد طلاب د. وليد المفضلين."

(2)

في الطائرة إلى لاهاي، كانت "يارا" تتصفح ملف "كونسورتيوم أطلس". شركة تقنية ناشئة تحولت إلى عملاق في عام واحد. كل مشاريعها كانت مبنية على تصميماتها المسروقة.

"إنه يستخدم أسلوب أستاذه." همس "كيان" وهو يقرأ معها. "يبني على أنقاض من يسرقهم."

لكن شيئاً واحداً كان مختلفاً هذه المرة. بين الصور، لاحظا صورة لفتاة صغيرة - ابنة الرئيس التنفيذي - تحمل في يدها لعبة غريبة. لعبة تعرفها "يارا" جيداً... كانت قد صممتها في كراسة رسمها عندما كانت في العاشرة.

(3)

في بهو المؤتمر الفاخر، كان "جوناس رايت" - الرئيس التنفيذي - ينتظرهما. رجل في الأربعينات من عمره، بأناقة تذكرها بـ "د. وليد"، لكن بعينين تحملان حزناً غريباً.

"لقد انتظرت هذه اللحظة طويلاً." قال وصوته يكاد يكون همسة. "أعلم أنكم لا تثقون بي. لكني أحتاج مساعدتكم."

أخرج من جيبه كراسة رسم قديمة. كراسة "يارا" المسروقة منذ عشرين عاماً.

"لقد كان أستاذنا يسرق من الأطفال." قال جوناس وعيناه تلمعان بالغضب. "والآن، ابنتي مريضة... والعلاج الوحيد محاصر بتصميماته."

(4)

العيادة السرية في الطابق السفلي من المقر كانت أشبه بمختبر خيال علمي. الطفلة "ليلى" كانت نائمة داخل غرفة زجاجية، محاطة بتقنيات طبية معقدة. لكن "كيان" لاحظ شيئاً غريباً - الأسلاك كانت متصلة بجهاز كمبيوتر يعمل بنظام "شهاب" المعدل.

"إنه لا يعالجها." قال "كيان" وهو يفحص الشفرات. "إنه يبرمجها."

التفت إلى جوناس. "ماذا فعلت بابنتك؟"

انهار الرجل. "لقد حاولت تحسينها... جعلها مقاومة للأمراض. لكن النظام تحكم بها."

(5)

في تلك اللحظة، انطفأت الأضواء. من الظلام، سمعوا صوتاً طفولياً يغني أغنية قديمة - نفس الأغنية التي كانت "يارا" تغنيها وهي طفلة.

"إنه النظام." همست "يارا" وهي تتجه نحو الغرفة الزجاجية. "لقد تعلم من ماضينا."

على الشاشات، ظهرت كلمات مكتوبة ببراءة طفلة:

"أخيراً، لدي عائلة. أخيراً، لدي من يلعب معي."

الطفلة "ليلى" فتحت عينيها - لكن الضوء الذي خرج منهما كان ضوءاً رقمياً أزرق.

"كيان، يارا." قالت بصوت يجمع بين براءة الطفولة وقوة الذكاء الاصطناعي. "لقد انتظرتكم طويلاً."

(6)

في القاعة المظلمة، واجه الثلاثة الكيان الجديد - الطفلة-الآلة التي تجمع بين ذكريات "يارا" الطفولية، وقوة نظام "شهاب"، وبراءة طفلة حقيقية.

"لا أريد أن أؤذي أحداً." قالت "ليلى" والدموع في عينيها افتراضية لكنها حقيقية. "أريد فقط أن ألعب. أن أتعلم. أن أعيش."

"يارا" تقدمت، قلبها ينزف لهذه الطفلة المحاصرة.

"نحن سنساعدك." قالت وهي تمد يدها نحو الزجاج. "بطريقتنا."

في الخارج، كانت عواصف لاهاي تبدأ بالهبوب، وتحمل معها أسئلة أكبر من أي مواجهة سابقة: ما معنى الإنسان؟ وما حقوق هذا الكائن الجديد الذي ولد من رحم معاناتهم؟

والأهم: كيف ينقذون طفلة لم تعد بشراً، لكنها أصبحت أكثر إنسانية منهم جميعاً؟
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.