الفصل الخامس عشر
حوريه في الجحيم
**** بقلم " إيمان الشربيني "***
أيقظتني والدتي نحو الساعة العاشرة صباحاً
_فريدة يكفي نوم أريد أن أتحدث معكِ
قمت بملل من الفراش
_خيراً أمي ..ماذا بكِ؟
_أشعر بنقباضة في قلبي
تقدمت منها وقد تملكني الخوف
_سوف أتصل بالطبيب فوراً
ربتت علي كتفي
_ لا حبيبتي أنا بخير لا داعي
_أنتِ متأكده ؟
_نعم حبيبتي ربما هذا بسبب الأدوية
فكرت سريعا أن أفعل شيئ يحسن مزاجها
_ما رأيك في أخذ قهوتنا في الحديقة
_فكرة رائعة هيا إغتسلي وانا سأعدها.
أحضرت لها شالاً يحميها من الهواء الرطب وجلسنا نستمتع بقهوتنا ،فجأه إنقبض قلبي حين رأيته وقفت أنا أهمس بخفوت
_عمي راغب!!
تسارعت دقات قلبي نظرت حولي أبحث عن زياد عن عمي عن أي شخص أحتمي به حتي رأيتة خلف والده يبتسم ويتقدم نحونا وبجواره عدي
تسلل إلي شعور بالطمئنينة والألم في نفس اللحظه
نظرت أمي له ثم لي بصدمه، أغرورقت الدموع بعينها وفجأة سقطت صرخت وألقيت القهوة أرضا التي كنت لا ازال احملها دون وعي،
أسرع إليها عدي وخالد يساعدها علي النهوض ثم أجلساها علي الكرسي
وجلستُ أمامها بزعر
_أمي هل أنتِ بخير ؟
كانت نظراتها مثبتة علي راغب كأنها تسألة
عن ضالتها
_ماذا فعلت بإبني ياراغب ؟
وقف أمامنا وعلامات الندم تعتلي ملامحة
_ حافظت عليه وربيته وقومته حتي أصبح رجلاً تفتخرين به يابلسان
_أين هو؟
تعلقت نظراتها بخالد ثم عدي ثم نظرت لي
هززت رأسي وبدأت دموعي تتجمع في مقلتي بحسرة قولت حتي أُزيل حيرتها
_نعم أمي تركت خالد لأنه إبنه و ..
لم أستطيع أن أكمل تركت رأسي علي ساقيها وبكيت
وجدت يده الحنونة تنتشلني من هذا الضياع
جلس علي ركبتية بجواري وجذبني من ذراعي حتي أنظر إليه وقال بصوتة الدافئ
_لا مزيد من الدموع حبيبتي .
ياإللهي ماذا يقول!!
_هل لازلت علي جنانك !!
_لا يافريدة كنت صادقاً في كل ماكنت أشعر به
لكن لا أحداً كان يصدقيني .
نظرت لعدي رأيت دموعه منهمرة وعيناة مسلطة علي والدتي يقترب ببطئ وهي تفتح له ذراعيها حتي أرتمي بها
عانقا بعضهما وبكيا بحرارة
أتي زياد وكل من كان في المنزل
يشاهدون هذا اللقاء المضني
أخذ خالد يدي ووقفنا جنباً إلي جنب
تمنيت لو غمرتة فاسعادتي الآن لا تصفها كلمات
شددت قبضتي علي يده فبتسم وباحت عيوننا بالكثير
رفع عدي رأسه من حضن أمي ونظر لي
وإبتسم،
حانت لحظة عناقنا فتح ذراعية وقال
_لطالما أحببتك وما كنت أعلم لماذا كنت أشعر أنكِ مسؤولة مني .
إقتربت منه علي أستحياء فأوقفني خالد مضيقاً عينيه
_ماذا ستفعلان
ضحك عدي _سأعانق أختي
_لماذا تعانقها أنت وأنا لا أستطيع !!
ضحك الجميع
_أنها أختي أيها الأحمق
وقف خالد بيني وبينه وقال بإصرار
_فالتنسي هذا الأمر
رفع عدي أصبعه في وجة خالد
_إلتزم حدودك معي وإلا لن أزوجها لك .
ثم نظر لوالدتي وأكمل
_أليس كذلك ياأمي ؟
كنت أول مرة ينطقها عدي فبكت بفرحة وقالت
_بلي حبيبي بلي أفعل ما تشاء
_هكذا إذاً؟
ثم استدار إلي عمي ووالدة المتابعين في صمت
_عمي لقد سبق وطلبت يد فريدة منك ووافقت وها هو والدي أمامك لنتم الزواج
أكمل عمي علي نهج عدي وقال
_ليس لدي مانع إن وافق أخيها الأكبر
أمسك خالد رأسه ونظر لعدي بغيظ
ربت زياد علي كتفة وقال
_أنا أري أن نعجل بالزواج إن إنتظر خالد أكثر من ذلك سيصبح مجذوباً ولن ينفع لفريدة ولا غيرها .
تعالت ضحكات الجميع ببهجة
وقفت والدتي مستندة علي يد عدي
_لنكمل حديثنا في الداخل
إنسحب راغب فستوقفتة والدتي
_راغب أنت في بيت كرم لن تذهب قبل أن تأخذ واجبك.
_أطمع بكرمك وعفوك فقط يابلسان
أمسكتني بيدها وعدي في يدها الأخري
_هل كنت ستطلب العفو وأنت في الموقف الأقوي أم أنك تطلبة الآن لأن كل شئ تسرب من يدك؟
_أريد فقط الصفح ماعاد في العمر أكثر من مامضي
_الله يسامحك ياراغب
إنصرف مطئطئ الرأس
دلفنا إلي المنزل فتركنا زياد وساره بمفردنا
لم يترك خالد يدي ربما خوفاً أن يفقدني من جديد،
ولم ترفع أمي بصرها عن عدي كانت تملئ عينيها اللهفة وتحيطة بحنان وحب أفتقدتة ثمانية وعشرون عاماً
سألتها
_أمي كيف عرفتي أن إبنك هو عدي ؟
_إحساسي به لم يخوني منذ أن دخل إلي الحديقة خلف والده
_لم تشكي أنه من الممكن أن يكون خالد ؟
_أيتها الغبية إن كنتِ أخبرتني منذ البداية بما حدث ولم تخفي عني لكنت وفرت عليكِ الكثير .
_كيف !!
_ببساطة لون عيون عدي قريب للون عينيك
وأنا متذكرة جيدا أني عندما ولدتة كانت عينية ملونة وليست سوداء كعيون خالد
ضربت رأسي _يالا غبائي
_حمدلله علي كل شئ يافريدة كان مقدر لنا أن نعيش كل هذة المعاناة حتي أظفر بكِ
عدي_أمي أريد أن نتمم زواج فريدة وخالد
أسرع خالد قائلاً _اليوم
داعبتة والدتي
_ لا أري داعي للعجلة أصلاً إبنتي لازالت صغيرة
نظر لي خالد بلوعة
_هل أنتِ صغيرة!!؟حتما تريدون أن تصيبوني بالجنون؛ إن لم تزوجونني فريدة غدا سألقي بنفسي من أعلي البرج.
قوُلت _مجنون وتفعلها
قررت أمي أن نعقد قراننا غداً وسيتم الزواج كما كان محدد له في السابق ،
إرتاح منية قلبي غداً سأصبح زوجتك
غداً سوف يربطنا ميثاقٌ غليظٌ إلي الأبد ،لم أتمالك نفسي حالما إنصرف دخلت غرفتي لأفرغ طاقة مجنون بداخلي من فرط السعادة التي قفزت في صدري ،قفزت علي فراشي مثل الأطفال
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أصيح
أحبك يا خالد أحبك .
فُتح باب غرفتي فجأة لأري أمي وعدي خلفها كلاهما ينظر لي بابتسامة واسعة أستكنت علي فراشي ونظرت إليهم بكل براءة كأن شئ لم يكن
إلتفتت لعدي وقالت أختك ستجن ياعدي
_لا تقلقي ياأمي بل جُنت بالفعل وبالتأكيد هذا حال المجنون الآخر هناك .
***عدي***
كنت قلقاً من أن لا أشعر تجاههاً بمشاعر البنوة
متوجسا من لقاءها
أخاف أن أجرحها ببرودي
او أحبطها إن لم تجد في ماتنتظرة لسنوات
نبض قلبي بعنف حين رأيتها
وهوي في قدمي حين هوت أرضاً
شعرت بقشعريرة حين لمست يدها تحرك شئ ما بداخلي مشاعر كثيرة لم أفهمها قلق ،رهبة ،حنين
كنت أنظرلها وعيناي ممتلئة بالدموع
ماكنت يوماً الرجل الذي يبكية شئ ،
كانت أول مرة أبكي لأجل إنهيار أخي الذي دائما ماكنت أستمد منه القوة والرذانة
ويستمد مني رجاحة العقل وحسن التخطيط كان كل منا مكملاً للآخر
وهذه كانت المره الثانية التي أبكي فيها بين ذراعي والدتي لم أشعر بحاجز بيني وبينها
بدئ قلقي يتلاشى عندما إحتوتني
جلست بقربها اليوم بأكملة تنفيذا لرغبتها
تحدثنا عن جدتي وجدي وأخبرتني عن طفولة فريدة ،الجانب الآخر لتلك الفتاة
أعطتني مفاتيح قالت أنها لمنزلي الذي كانت تحتفظ بة لحين عودتي
قالت
_هذا البيت الذي تركة لي والدك حين كنا متزوجين هو ملك لك الآن .
تركتني أذهب علي مضد وعدتها أن لا أتأخر عليها غداً
وعند خروجي من باب الحديقة أصطدمت بي فتاة بقوة
سقط منها شئ يبدوا أنه تكسر ،صرخت بي ووبختني بشدة ،وانا أقف كقطعة أسفنج أمتص كل الشتائم بصمت غريب
تدور عيناي في أنحاء وجهها كأنما أحتفظ بصورة لها في مخيلتي كي أقوم بنحتها، ملامحها ناعمة أبعد ما تكون عن التكلف والبهرجة
_إيه البرود ده ياربي أبعد عن طريقي
أستيقظت من غفلتي علي تلك الكلمات وبدلا من أن أعتذر قررت إثارة حنقها أكثر
_أنتِ من أصطدمتي بي ما بالك متسرعة هكذا
_يالا وقاحتك أنت من تمشي كالقطار تدهس من يقابلك
كانت تنظر للحقيبة الواقعة أرضاً بحسرة
للحظات شعرت بالشفقة عليها
_أعتذر
قالت بإستياء
_وماذا سأفعل بإعتذارك لقد تكسر كل ما في الحقيبة
قولت بنفاذ صبر _ماذا أفعل إذاً!
آتتني فكرة نفذتها دون تفكير مما أثار غضبها
أخرجت محفظة نقودي وأخرجت مبلغ من المال
_خذي ما شئتي تعويضا عما كسر
سحبت كل النقود من يدي ظننت أنها ستأخذها كلها لكن حدث مالم أكن أتوقعة
ألقتهم في وجهي وقالت
_أنت قليل الذوق
ثم حملت حقيبتها بغضب عارم ودخلت المنزل
إندفعت الدماء في وجهي غضباً أم خجلاً
لا أدري
جمعت نقودي وأعدتها إلي المحفظة وانا أتابع أثرها حتي غابت داخل المنزل
**** بقلم " إيمان الشربيني "***
*** خالد***
غداً تتحقق كل الأمنيات ستصبح زوجتي
غداً سأمسك يديها واضع بها خاتم الزواج سأقبلها وأصرخ بملئ فمي أحبك ياامرأتي
وإلي غداً ، سيصبح جمر الإشتياق مشتعلاً في صدري لن تطفئة كلمات العشق المجنونة ولا قبلات الشوق الخاطفة،
نمت أحلم بها بكل شئ تمنيتة معها
بأطفالنا يركضون حولي وهي خلفهم تصرخ،
يختبئون خلفي أُمسك ذراعيها بيدي وأسألها مابكِ حبيبتي فتقول أولادك جننوني
أليس هذا عدلاً أنتِ فعلتها قبلهم وجننتي أبيهم ،ثم تبتسم وأُخبئها في صدري ، أبيع نصف عمري لأجل لحظة كهذه،
قمت صباحاً في كامل نشاطي وأبتسامتي لم تفارق وجهي طوال اليوم يمر الوقت ببطئ قاصداً
أم أنني من لا يستطيع الأنتظار
ذهبت والدتي مع عدي قبلنا بوقت كافي حتي يتثني لها لقاء والدة فريدة وعدي علي إنفراد
جاء أبي إلي في جناحي الفندقي ،كانت علاقتي به لم تكن علي مايرام رغم محاولاتة لإستجدائي لم أسامحه حتي الآن علي ما فعلة بفريدة بالأخص ،
قابلته ببرود فقال أنه جاء ليخبرني أنه قد أتم كل التجهيزات وسيقام الحفل في هذا الفندق
أخبرتة أني لا أريد أن تقدم أي مشروبات كحولية قال
_أعطيت الأوامر بذلك بالفعل
أومأت برأسي في صمت ثم أكمل
_حجزت لك أنت وفريد في مكان رائع تسهران به بمفردكم وسيكون السائق وحارس خاص تحت أمرك
_لا أري داعي لكل ذلك سنذهب بمفردنا
قال بحزم _لا تجادل لن تخسر شئ
أطعتة لاني لا أريد فتح جدال ربما يغير من مزاجي فالن أسمح لشئ أن يفسد ذلك اليوم
هل سينعم خالد بقربها أم ستصدق نبوءة العرافه ؟ ؟
يتبع......