في ليلة شديدة الظلمة حالكة السواد اهتز الهاتف مُعلنًا اتصالًا جديدًا ليونس زوج سارة، وهو رجل أربعيني طويل القامة نحيف الوجه ذو لحية سوداء ممزوجة ببعضٍ من الشيب القليل، له عينان يخيفان مَن ينظر فيهما.
- ماذا تريدين؟
- لماذا تتحدث معي بغلظة؟ هذا الأسلوب سيجعلني أغضب منك وإذا غضبت منك سأُنهي لك حياتك يا عزيزي.
- هذا تهديد؟
- تحذير، تحذير يا يونس.
سكت يونس ولم يرد بأي كلمة أخرى، فأردفت قائلة:
- زوجتك المصون بين يد الله الآن، ما يُقلقك أخبرني؟
خرج عن صمته وتغيَّرت نبرة صوته عن قبل وتعالى صوته أكثر، ليقول لها:
- أنتِ السبب في كل هذا، أنتِ مَن قتلتِ زوجتي.
قالت ساخرة:
- زوجتك؟ ألم تدرك أنها زوجتك غير الآن؟ ومَن خطَّط لموتها؟ أليس أنت؟ لا تُمثِّل الآن أنَّك الملاك البريء.
وبعد المشادة الكلامية بينهما ارتجفت يد كيان ابنة سارة ويونس ليقع منها كوب المياه، فسقط الهاتف من أبيها وجمد الدم في عروقه، ثم تسمَّر مكانه وقبل أن يتكلم صاحت كيان قائلة:
- ماذا، أنت مَن خطَّطت لقتل والدتي؟!
- لا لا، لا يا كيان والدتك هي مَن قتلت نفسها، أنا لم أفعل.
هرولت كيان إلى الخارج وهي تبكي ليخرج يونس وراءها فاصطدمت بها سيارة Nissan Maxima سوداء، فأخذها يونس بسرعة إلى المستشفى، وبعد إجراء الفحوصات تبيَّن أنَّ لديها كدمات لا تُذكَر، لكن فقدت القدرة على النطق وذلك سبب حالتها النفسية، فاطمئن يونس أنها لن تتكلم مع أحد فيما سمعته، فهو لم يقلق عليها مثلما كان قَلِق من أن تروي لأحد ما حدث، فحياته أهم لديه من حياة ابنته، أب قاسٍ حقًّا.
كيان طفلة تبلغ من العمر عشرة أعوام، وحيدة والديها، جميلة العينين، بريئة الملامح كوالدتها، لديها طابع حسَن، لها صوت مميز ورقة لا مثيل لها، تتميز أيضًا باللباقة رغم صغر سنها.