تتوالى الأيام وتمر الليالي وأحمد يحاول فهم ما يحدث، ثم وقف أمام المرآة وقال لنفسه:
- لمن كانت الخطوات الخافتة هذه؟ هل هي من وحي خيالي أم أنَّ ثمَّة شخص يتجسس عليَّ؟ وما علاقة م م ر ي المكتوبة في المجلد بسارة؟ هل هي مريم كما قال لي يحيى وكُتبت بهذا الشكل لسببٍ ما؟
ولو كانت مريم حقًّا هذا يعني أنها صديقة سارة والتي فعلت بها كل هذا؟ أم أنَّ هذا تشابه أسماء بين الطبيبة مريم وأخرى؟
ثم فتح دفتره الخاص ممسكًا بالقلم، وإذ به يرسم دائرةً صغيرةً وحولها الأسماء التالية:
سارة
مريم
سعد "والد سارة"
كريم "الرجل الثلاثيني الذي أحبته سارة"
يونس "زوج سارة"
سيف "الطبيب النفسي المعالج لسارة"
حاول أن يقنع نفسه بأنَّ ما يحدث ما هو إلا أوهام وسارة قامت بالانتحار؛ بسبب مرضها النفسي فقط، لكن يحيى يطرح عليه دائمًا بعض الأسئلة التي تُثير الجدل حول موت سارة، وانتهى به المطاف للجوء لصديق طفولته سيف، وأن يراقب الطبيبة مريم أيضًا، وبعد العديد من المحاولات للاتصال بصديقه سيف تحدَّثا، حتى بدأ الحديث عن سارة وقال أحمد لسيف عمَّا يعرفه وقراءته للمجلد، فحاول سيف مساعدته قائلًا:
- سارة كانت تعاني من DID وأنا المعالج لها، لكن لم تستمر معي كثيرًا، في أول جلساتنا النفسية كانت تبدأ بالحديث ثم تهرب ولا تُكمل ما بدأت من حديث، وكل جلسة تفعل هذا حتى انقطعت فجأةً ولم نتواصل مرة أخرى، كانت في كل جلسة تتبدَّل شخصية سارة وتروي القصص ذاتها من وجهة نظر كل شخصية، خيَّم الصمت المكان، ثم أردف قائلًا:
- سارة لديها طفلة تُدعَى كيان وزوجها على حد علمي غير سوي ومعاملته لها كانت شديدة الحدة.
- مريم؟
- مَن مريم؟
- هل هي صديقة سارة؟
- لا.
- إذًا فأنت تعرف مَن صديقة سارة؟
- بالطبع لا، لكن لم تقل لي اسم مريم في حديثها معي.
- وقالت مَن؟
- مرَّ الكثير من الوقت على جلسات سارة معي، ولا أتذكَّر ماذا قالت بالتفصيل الدقيق، لكن ما أتذكَّره أنَّ صديقة سارة لا تُدعَى مريم.
- حسنًا يا صديقي، سأعاود الاتصال بك قريبًا، آسف لإزعاجك مع السلامة.
- مع السلامة.
أغلق أحمد المكالمة مع سيف وقرر عدم البحث فيما يخص سارة؛ لأنَّ ما يفعله لا داعي له، فهو طبيب وليس ضابط شرطة، كما أنَّه أيضًا ترك عمله والمستشفى ولا يذهب إليها إلَّا للضرورة القصوى، وموت سارة طبيعي جدًّا فكان انتحارًا كأي انتحار، لكن يحيى حاول أن يُثير الجدل مرة أخرى واتفقا على البحث فيما يخص موت سارة، بينما أحمد كان دائم التردد، ويقول إنَّ ما فعله خاطئ وضغطه على دكتور سيف ليعرف أسرار المرضى يتنافى مع مهنة الطب السامية، ثم قال لنفسه مرة ثانية:
- هذا الحل الوحيد للوصول لفك تلك الطلاسم والرموز ومعرفة ما حدث لها.
واتفق أحمد ويحيى على موعد يجلسان معًا فيه بعد محاولاتهما لجمع أي معلومات عن سارة وهو يوم الجمعة من كل أسبوع لربط الأحداث، وكل واحد منهما يحاول أن يجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات.