Rashasalem

شارك على مواقع التواصل

أصبح كل من يعمل بالدار من بعد عرض الأزياء كخلية النحل بدون توقف عن العمل والأنجاز ؛ فالطلبيات لا حد لها ومتسارعة وآخذة في الأزدياد خاصة معروضات الحلي فالطلبيات تخطت الطلب المحلي لطلبيات تصدير للخارج بالدول العربية والأجنبية لتميزها وتفردها ؛ وكم أسعد ذلك أصحاب الورش الفنية لتنفيذ تلك القطع فائقة الجمال فأبدع الفنيين أيما أبداع وأصبحوا يعملون بورديات متلاحقة دون كلل أو تذمر أو حتي إعتراض؛ فالسنيورة وتصميماتها جعلتهم يتلهفون لرؤيتها الساحرة والتعلم علي يديها بكل مالا يخطر علي بال من دقة الصنع والتميز بالأداء؛ وبينما الكل يجتهد؛ كان هناك من يحتضر خجلا من سوء معاملته لها وهو بالتأكيد " عمر " فلقد أثبتت له الأيام جدارتها وكفاءتها التي تأكد منها من أول يوم وطئت قدماها أرض الدار فهو أظهر لها استخفاف بقدراتها وخبراتها وملفها الضخم المليء بإنجازاتها ؛ ولكنه بالحقيقة كان منبهر داخليا من البداية بنجاحاتها حيث قام بإدخال أسمها علي كافة محركات البحث قبل أن يلتقيها ويا هول ما قرأ ويالا كم النتائج المتلاحقة عنها سواء بمواقع الموضة والأزياء العالمية أو المجلات ذات الثقل في نفس المجال كما تصدرت صورها أغلفتها كعارضة أزياء ومصممة أيضا للملابس النسائية والحلي وكافة الأكسسورات النسائية وكم أنبهر بجمالها الفاتن من قبل أن يراها حتي أنه كان كل ليلة كان يتطلع لصورها بملامحها الفاتنة الهادئة الربانية وأستفزه كبرياءها وعزة نفسها حتي من أول صدام فيما بينهما ؛ وكان هناك دافع بداخله عجيب يحثه علي استفزازها حتي يتمتع بملامحها التي تزداد جمالا عند حنقها وغضبها ؛ هل أحتل حبها قلبه الحصين كقلعة ذات أسوار صلدة لا تستطع أي أنثي أختراقها أو الولوج لها ؟!!؛ ظل هذا السؤال المحير يزداد عمقا وأصرارا ويلح مرارا وتكرارا بعقله كلما أختلي بنفسه كل ليلة ؛ فهي ليست أنثي عادية ليس لجمالها فقط ولكن لكونها تشع طاقة تجذب إليها كل من حولها أو يحظي بشرف القرب منها أو التعرف عليها ؛ يا بهجة فؤادي يا محتلة روحي وبأسرك لي في سجن حبك المخملي كم أود الأعتراف لكي بمكنونات قلبي ولا أدري كيف أصيغ حبي إليكي في كلمات لم يخطها البشر من قبل أو بعد ؛ وظل " عمر " يتخبط بين جنبات جب بئر الحيرة والكتمان ؛ ومع الأيام لاحظت " تاليا " ظهور أعراض غريبة علي المغرور " عمر " لتكذب عيونها اللوزتين مما رأت منه من إبتسامة ما بعد العبوس في وجهها أحقا تلك إبتسامة أم هو عبوس يحمل مظهر جديد كنوع من التغيير ؛ وأزدادت حيرتها أكثر بالقاؤه التحية والسلام عليها لدرجة أنها نظرت خلفها لعله يقصد أحدا غيرها بالسلام والتحية ولكن لم تجد أحد سواها موجه له تلك التحية؛ وتحدثت : " أنتت جاتلك حمي وسخن ولا حاجة أصلك بتسلم ودي أعراض غريبة جدا وأنصحك تراجع دكتور بسرعة لأن حالتك غريبة " وتركته وأبتعدت لتسمع صدور تنهيدة منه آثارت ذهولها ومضت إلي مرسمها لتبدأ مغامرة جديدة مع تصميمات تثير الجدل من جمال وأبهار ؛ وبينما هي مستغرقة في تركيز عميق وقد تلطخت اناملها بآثار الألوان وعلي مكتبها يوجد العديد من اللوحات التي تحتضن تصميماتها الخلابة سمعت طرق علي بابها لتمنح الأذن للطارق بالدخول وبالفعل أجابت : " أتفضل" وأتسعت حدقتي عيونها اللوزتين من الدهشة لأن الطارق لم يكن سوي " عمر " المغرور لتجده يتلعثم قائلا : " ممكن نتكلم شوية " ولأن " تاليا " لا تتعمد أن تسخر من أحد حتي وأن كان سبب في ضيقها أو آذيتها لتقول : " أتفضل خير؟" أستكمل حديثه المتلعثم قائلا : " أنا عارف أني كنت سخيف معاكي من أول مقابلة لينا وإني ضايقتك كتير وبجد أنا جي أعتذر ليكي وأطلب منك نبتدي صفحة جديدة ممكن ؟ " ولم تستطع "تاليا" أخفاء دهشتها من هذا التغيير المفاجيء والغير متوقع خاصة بعد ما تعرضت له من سخافات منه وأي فتاة عانت مثلها المفترض أن تنتقم وتتشفي منه علي كل كلمة تسبب في مضايقتها بها ولكن " تاليا" ليست من تلك النوعية من البشر التي تنتقم من أحد يبادر بالإعتذار ويلوح بغصن السلام ؛ لذلك أدهشته حين قالت : " موافقة .. علي الصفحة الجديدة .. مرحبا أنا " تاليا" واتشرفت بمعرفتك " فقال مندهشا : " بالبساطة دي أنتي اذهلتيني بجد أنا كنت متوقع رد فعلك حيكون تشفي وعلشان كده كنت متردد إني أجي وأكلمك ؛ بس بجد فرحتيني وطمنتي قلبي " فرفعت " تاليا" حاجبيها مندهشة من جملة " طمنتي قلبي " ولكنها لم تعقب فاستطرد قائلا : " وبمناسبة التعارف وكرمك عليا بقبولك أعتذاري؛ ممكن أطمع في كرمك أنك توافقي علي دعوتي ليكي علي العشا النهاردة لو مش عندك مواعيد او أرتباطات بالليل " تجمدت " تاليا " من عرضه ولم تدري بماذا تجيب وأنتابتها دهشة وتخوف من هذا التغيير المفاجيء ولكي تستطيع أن تستوعب ما يحدث آثرت أن تعتذر عن دعوة العشاء وأن يتم تأجيلها لموعد آخر قائلة :" هو للأسف بأعتذر عن دعوتك الكريمة ولو ممكن نأجلها ليوم تاني " وآثرت الصمت ولم تفضل الكذب بتقديم أسباب للأعتذار كاذبة فوجهها يفضحها أن بادرت بالكذب في أي موقف محرج لها ؛ فهي لا تجيد الكذب ولا تفضله ؛ فتنهد وخيبة الأمل قد لونت ملامح وجهه متمتما :"تمام مش حاعطلك بعد أذنك موفقة في الكوليكشن الجديد وبجد الكوليكشن بتاعك نقل الدار في مكان تاني خالص وحقق مبيعات معملنهاش قبل كده أنا ممتن ليكي جدا علي تعبك وسهرك علشان تساعدينا نوصل للمستوي ده برافو عليكي بجد " وفر هاربا وكأنما سيصاب بمس من جني يخشي أن يتلبسه فهرب منه .
وظلت "تاليا" مؤرقة ما بين أستغراقها في التفكير في تصميم جديد وفرار " عمر " هاربا والذي لا يوصف سوي بالغريب ؛ وأطل النهار بشمسه ذات الخيوط الذهبية لتغزل للبشرية ثوب يوم جديد ؛ وبسبب الأرق الذي أصاب " تاليا" لبزوغ الفجر مسهدة؛ فقررت أن تعمل بالمنزل صبيحة هذا اليوم لتستطيع أن تحصل علي بعض من الراحة والهدوء؛ وتعاقبت الأيام و"تاليا" تعمل بجد وأجتهاد هي وفريق عملها علي التصميمات الجديدة ؛ ولاحظت " تاليا " أن "عمر" وقد أختفي عن ناظريها وكأنما يتعمد عدم الالتقاء بها فلم تركض وراء هذا التفكير ؛ وبينما هي تخطو نحو غرفة مكتبها رن هاتفها لتجد إتصال من والدتها فأسرعت بالرد فرحة لسماع صوتها الحبيب لتفاجيء ببكاء حار منها لتخبرها متلعثمة من أثر بكاءها الحار لتصدمها بخبر وفاة جدتها فأنهت المكالمة بعد أن قامت بمواساة والدتها وبأنها ستصل إليها في أول طائرة محلقة لفرنسا؛ وأسرعت للمساعدة الشخصية لها حتي تبحث علي مقعد في أول رحلة لفرنسا ؛ وسافرت " تاليا" ولم يتبقي لأنهاء كافة التصميمات إلا القليل وتحدثها مع رئيس الخياطين عن كيفية التنفيذ ؛وحزن الجميع لفراق "تاليا "ملكة جمال الدار والحورية المسحورة التي سحرت الجميع بطاقتها المشعة فجعلت المكان يشع جمالا وتميز؛ وحرص الجميع علي تقديم عبارات التعازي لوفاة جدتها لتجد " عمر" متمتما بعبارات التعازي وينتابه تلعثم وأرتباك وإرتجاف لنبرات صوته لا تدري مصدرها .

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.