karizmallnshroaltozi3

شارك على مواقع التواصل

قبل ٧ سنوات

حينما كان (حاتم) و(فريدة) لا يزالان في فترة الخطوبة، حين أصابها الذعر ممّا وجدته من كتب بمكتبته، من تلك التي تتحدث عن السحر والدجل والماورائيات، كتب مثل شمس المعارف، والعهود السليمانية، وأسرار تحضير الأرواح، وعوالم الجن والشياطين، تذكر (حاتم) ذلك اليوم الذي اقتاد فيه (فريدة) إلى أحد المطاعم الشهيرة المطلة على ضفاف النيل ليهدأ من روعها ويشرح لها لِمَ كان يقتني تلك الكتب تحديدًا.
كان يومًا مطيرًا من أيام شهر ديسمبر الباردة لعام ٢٠١٤م.

جذب (حاتم) المقعد بهدوء حتى تجلس عليه (فريدة)، ثم جلس في المقعد المواجه لها وهو يبتسم لها ويقول:
- ها هو النيل الذي تحبينه، والزجاج الذي تشاهدين منه الأمطار!
- حسنًا جدًّا! هل أستطيع أن أفهم الآن؟
- بكل تأكيد، لكن اسمحي لي أولًا أن أطلب ما نشربه من النادل.
- أظنك ما زلت تتذكر ما أفضله.
أشار بيده إلى النادل وطلب كوب القهوة (السادة) لنفسه والشكولاتة الساخنة التي تحبها (فريدة)، ذهب النادل لإحضار ما طلباه وهو يبدأ الحوار قائلًا:
- اسمعيني جيدًا يا (فريدة)، أنا لا أقرأ تلك الكتب التي رأيتها بمكتبتي لكي أعمل بالسحر والشعوذة أو أقوم (بتحضير العفاريت).
- إذًا ما معنى تواجدها عندك، (هو فيه حد بيقرا الكتب دي غير عشان كده)؟
- نعم بالتأكيد، أنا.
- وكيف ذلك؟
- سأخبرك يا عزيزتي، أنا طبيب نفسي، رأيت العديد من المرضى ممن لديهم مشكلات نفسية غريبة، لكنها بتشخيص مدرج في كتب الطب النفسي، بينما كانت هناك حالات أخرى لم يستطع أحد أن يجد لها تشخيصًا طبيًّا ونفسيًّا مُقنعًا، على الرغم من كل الكتب والدراسة، لم يزل هناك بعض الحالات ليس لها أي تشخيص طبي معروف، من الممكن جدًّا أن يكون لها تشخيصًا لم يصل إليه العلم بعد، لكن في كل الأحوال ما زال الأمر غامضًا للأطباء.
- ما زلت لا أستطيع أن أفهم ما علاقة ذلك بتلك الكتب.
- سأحاول أن أشرح لك، على مر التاريخ كان هناك دائمًا مشاهدات وأحداث مسجلة ومعروفة ليس لها أي تفسير، التخاطر على سبيل المثال، والتأثير عن بعد في الأشخاص وفي الأشياء، بعض الأشخاص لديهم القدرة على تحريك الأشياء بتركيز تفكيرهم وقوة عقولهم فقط، كما أن لبعض البشر القدرة على استشعار الخطر، وللبعض القدرة على قراءة الأفكار، كل تلك الظواهر مرصودة ومسجلة من مراكز طبية عالمية، ولكن بدون أي تفسير علمي.
- أعتقد أنني كنت قد قرأت عن أمور مماثلة، لكن يظل سؤالي، ما دخل كل ذلك بالسحر والأرواح والأشباح.
- كل ذلك لا يتوفر له أي تفسير علمي محدد، فدائمًا ما يتم تفسيره بالخوارق، على الرغم من إن الكثير من الأمور يمكن تفسيرها بأسباب حقيقية، لو أننا بحثنا بطريقة أفضل.
- أي أمور تعني؟
- استمعي إليّ يا (فريدة)، طبيب الأمراض النفسية ليس مجرد رجل هادئ الطباع، يحمل بيديه (نوتة) ويجلس أمامه مريض على (شزلونج) ليطلب منه أي يروي له عن الماضي في حياته، لا، بالتأكيد ذلك المشهد السينمائي الذي تشاهدينه في الأفلام والمسلسلات ليس صحيحًا، الطبيب الحقيقي هو الذي يستطيع فهم كيف يعمل عقل الإنسان وماذا يحدث له حينما يضطرب، العقل يا (فريدة) هو مجرد مجموعة خلايا عصبية تربطها إشارات كهربية، ويتحكم به مجموعة من الإنزيمات والعناصر الكيميائية، العقل نفسه باعتباره عضوًا من أعضاء الجسد لا يفكر ولا يقرر ولا يتخيل، ولا يفعل شيئًا تقريبًا سوى أن ينتج بعض الشحنات الكهربية، بينما ترجمة تلك الشحنات هي ما تصل إلى إدراكنا وتتحول إلى مشاعر وأحاسيس، خوف وطمأنينة وفرحة وحزن وحتى إحساس بالحب!
دوري أنا –وكل طبيب نفسي– أن نترجم تلك اللغة بطريقة صحيحة، لغة العقل، ونحولها إلى المشاعر والإدراك، ذلك الأمر يشبه كثيرًا أن يعطيكِ أحدهم نوتة موسيقية، فتشاهدي بها العديد من الرموز والأشكال التي لا تستطيعين فهمها، لكن حين يتم وضعها في يد مايسترو ليترجمها، يحولها لأفضل مقطوعة موسيقية يمكنكِ سماعها في حياتك.
- كل ما قلته عظيم جدًّا، لكن لا علاقة له (بالعفاريت)!
- على العكس تمامًا، بل له علاقة وطيدة بما تسمينه (العفاريت)، سأروي لك قصة صغيرة إن سمحتِ لي، لدي على سبيل المثال مريض يعاني من (اضطراب الهوية التفارقي) ذلك المرض الذي يعرف بتعدد الشخصيات، هذا المريض يعيش بداخله ثلاثة شخصيات مختلفة في كل شيء، شخصيته الحقيقة التي ولد بها، بالإضافة إلى شخصيتين مختلفتين تمامًا، ولكل شخصية حياة منفصلة وذكريات مختلفة عن الثانية تمامًا، وتعيش كلها في جسده بصورة متناوبة، تتملكه إحداهن بعض الوقت، ثم تتملكه الأخرى وهكذا، كما يحدث له نوع من فقدان الذاكرة الجزئي للشخصيات الأخرى حين تتملكه إحداهن، بمعنى أن (الوقت اللي بتعيشه الشخصية بيتمسح من ذاكرة الشخصيات الثانية) هل فهمتِ ما أقصد؟
- أحاول.
- حسنًا جدًّا، كل ما أخبرتك به حتى الآن هو معلومات طبيه بحتة، ومتوفرة في الكتب التي درسناها، لكن الغريب في حالة هذا المريض تحديدًا، هي أن تلك الأعراض قد ظهرت عليه منذ عام واحد فقط، بينما قبل ذلك كان طبيعيًّا تمامًا ولا يمتلك أي تاريخ مرضي أو خلفية للمرض.
- وما المشكلة في ذلك؟ البشر يمرضون في أي وقت، هذا الأمر بيد الله.
- لا أقصد ذلك، المشكلة أنه –وطبقًا لكل المراجع الطبية، ودراستي وخبرتي الطويلة– أخبرك أن أكثر من 90٪ من أسباب ذلك المرض تعود لمرحلة الطفولة، على هيئة صدمة نفسية أو اعتداء على الطفل، أو نتيجة لتعاطي المخدرات، كما دائمًا ما يصاحب المرض مجموعة أعراض أخرى مثل الاكتئاب والتوتر وصعوبات في التذكر، وأحيانًا إيذاء النفس، كل تلك الأعراض تعد مؤشرًا للاختلال النفسي، أما ذلك المريض فعلى العكس تمامًا، مرح جدًّا ومتفائل وهادئ تمامًا ومتزن جدًّا، وتلازمه تلك الصفات في الشخصيات الثلاثة، لا يدخن ولا يشرب حتى القهوة، ولا يمتلك أي تاريخ مرضي، أو صدمات أو محاولة تعدٍ قديمة على الإطلاق، ولا حتى لأحد أفراد العائلة تاريخ مرضي مشابه يمكنني أن أتتبعه وراثيًّا، وقد تأكدت بنفسي من كل ذلك، من أهله وأصحابه وزملائه وجيرانه، وحتى المكان الذي كان يعمل به!
- أنت قمت بكل ذلك، (ليه يعني، ده مجرد مريض عادي)!
- لا، ليس مجرد مريض عادي أبدًا، ما رأيك إن علمتِ أن ذلك المريض اسمه (عبد الحميد)، مسلم ووالده يعمل إمامًا لمسجد كبير، ولد وتربى في بيت ملتزم دينيًّا جدًّا، وهو أيضًا كان ملتزمًا جدًّا وقد عاش طوال عمره في القاهرة، تقريبًا لم يخرج منها أبدًا سوى لرحلة مصيف أو فسحة بسيطة، ثم فجأة بدأت تظهر عليه أعراض المرض عندما ظهرت بداخله شخصية (بيتر أسعد شكر الله) أو(الراهب باسيليوس) الشماس المُرتل في دير العذراء مريم بأسيوط، وبدأ يتكلم ويظهر في يوم ١٥/٨/٢٠١٣م، هل تتخيلي أنني قمت بزيارة مكتبة الكتاب المقدس، واقتنيت كتابًا مقدسًا (عهد قديم وعهد جديد) وكتاب (أجبيّة) خصيصًا لكي أتأكد من كلام (بيتر) أو(باسيليوس) وهو يصلي.
- ماذا يعني كتاب أجبيّة؟
- الأجبية هي الصلوات، هل تتخيلي إنني كنت أقرأ من الكتب كل الكلام الذي كان يحفظه (بيتر) عن ظهر قلب ويردده بمنتهى السهولة لساعات طويلة، كما كان يردد أسفارًا كاملة ويعرف جيدًا تفسير كل آية أسأله عنها، وموضعها في أي سفر، ويروي لي قصتها ويشرح لي معناها باستفاضة وبمنتهى الدقة.
- حقًّا إنه أمر غريب جدًّا!
- حسنًا! وما رأيك إن أخبرتك أيضًا إنه كان يعرف جيدًا كل رهبان الدير بأسمائهم وصفاتهم وحتى بعض الناس العادية، التي كانت تواظب على الصلوات والدروس في الكنيسة والدير، أنا أيضًا سافرت إلى هناك وذهبت إلى الدير وتأكدت من كل ذلك.
- الأمر حقًّا قد أصبح في غاية الغرابة لقد أصبح مخيفًا!
- لم نصل بعد لما قد يخيفك يا عزيزتي، هل ترغبين في معرفة ماذا كان يوافق تاريخ ظهور الحالة على (عبد الحميد)؟
- وهل يحدث ذلك فارقًا؟ ماذا كان يوافق؟
- يوم حادثة تفجير حافلة دير العذراء مريم الذي فجرته الجماعة الإرهابية وراح ضحيته ١٢ فردًا، منهم الراهب باسيليوس، أو(بيتر شكر الله)!
- ماذا تقول؟ وكيف ذلك؟ هل تخبرني أن (بيتر) مات في نفس لحظة ظهور شخصيته بداخل جسد (عبد الحميد)، وكيف لذلك أن يحدث؟
- كيف يحدث هذا؟ لا أملك له أي إجابة حتى الآن، لكنني عازم على إيجادها، ولكن يا ترى هل تريدين معرفة الشخصية الثالثة؟
- لقد سمعت ما يكفي ليخيفني يا (حاتم) لكن الفضول يقتلني، وماذا تكون الثالثة إذًا؟
- لن أطيل عليكِ، الشخصية الثالثة هي (تيم برهان) سوري درزي وقد ظهر (تيم) للوجود بعد (بيتر) بحوالي أربعة أشهر، ومثل (بيتر) تمامًا، استطاع (تيم) أن يروي لي كل شيء عن المنطقة التي كان يعيش بها، والتي تدعى منطقة البجعة إحدى ضواحي مدينة السويداء في سوريا، وأخبرني كل شيء عن أهله وجيرانه، حسنًا! أخبرتك أنني لن أطيل عليكِ، أنا بالفعل قد تواصلت مع صديق لي، طبيب سوري كان زميلًا لي في أثناء دراستي للحصول على رسالة الماجستير في جامعه أدنبرة، وقد ذهب بنفسه ليتأكد من كل كلمة قالها (تيم)، وتأكد بالفعل من موته أيضًا في نفس يوم ظهور شخصيته بداخل (عبد الحميد).
ظلت (فريدة) صامتة في ذهول شديد مما سمعته من (حاتم) ولا تدري حقًّا ما إذا كان كلامه طمأنها أم زادها خوفًا ورعبًا، حتى قطعت صمتها بحروف غير مرتبة وهي تقول له:
- وما تفسير كل ذلك؟
- هذا ما أحاول معرفته يا (فريدة)، على كل حال ليست تلك هي الحالة الوحيدة اللي سُجِّلَت لأمور مماثلة، هناك حالات أخرى لتجسد شخصيات حقيقية في مرضى اضطراب الهوية التفارقي في كل أنحاء العالم، وكلها تدرج تحت بند الظواهر الخارجة عن المنطق والعقل وكل كتب الطب النفسي، مثلما أخبرتك أن هناك العديد من الأشياء في حياتنا لا يوجد لها تفسير حتى الآن، لكننا نخطئ إن أنكرنا وجودها، أو فسرناها بعدِّها سحرًا أو قوة خارقة أو بأنها (شغل عفاريت) كما تقولين، وبالتأكيد إنه لشيء جيد أن من يبحث عن تفسير لها ويقرأ الكتب التي تصيبك بالخوف، طبيب ومتعلم ومثقف، ذلك أفضل كثيرًا من أن يكون دجالًا أو مشعوذًا، أنا أبحث عن الحقيقة يا (فريدة) والحقيقة هي أنني بالفعل قد بدأت أبحث عن كل الحالات المشابهة، لعلني أصل إلى تفسير علمي.
- تصل إلى تفسير علمي! وكيف ذلك؟! أنا أشعر أنه عالم غريب من أفلام الأساطير والرعب.
- ليس الأمر كذلك، على الأقل ليس دائمًا كذلك، يا عزيزتي! العقل البشري ما زال يمتلك العديد من الأسرار التي لم نعلمها بعد، هنالك أشياء كثيرة جدًّا في كل مكان حولنا نستطيع أن نفهم منها أن العقل لا تتحكم به الشحنات الكهربية والإنزيمات والكيمياء فحسب، العالِم (نيكولا تسلا) كان يجري تجاربه على الطاقة الكهربائية المنقولة لاسلكيًّا، حتى في هذا المكان الذي نجلس فيه هنالك تقنيات مماثلة لا نلتفت إليها، شبكة (الواي فاي) تلك على سبيل المثال، تؤكد إمكانية نقل البيانات والمعلومات لاسلكيًّا، وموجات الراديو، والتلفاز والهواتف المحمولة، ونقل الصوت والصورة بالأقمار الصناعية، كل هذه التقنيات ربما تخبرنا باحتمال إمكانية نقل المشاعر والأحاسيس لاسلكيًّا بين العقول لو افترضنا كونها مجرد ترددات، أو نوعًا من الطاقة، إن كان ما أفكر به صحيحًا فقد يصل بنا ذلك في أحد الأيام لإمكانية نقل الوعي البشري، أو حتى لتقبل فكرة انتقاله بين شخص وآخر على هذا النحو، على صورة بيانات ومعلومات ومشاعر وأحاسيس وقناعات مخزنة على ذاكرة حية، ألا تجدين ذلك ممكنًا ولو بصورة نظرية، المنطق هو من يخبرنا بذلك، هناك العديد من الظواهر التي تشبه تلك التي حدثتك عنها أعتقد أنها مرتبطة بنفس تلك الطاقة المتنقلة المجهولة.
- لم أعد أفهم أي شيء، هل تقصد أنه نوع من تناسخ الأرواح؟
- لا، ليس كذلك تحديدًا، الأرواح لا تمتلك وعيًا، الأرواح هي نفخة نورانية تمنحنا الحياة، لكن الوعي والإدراك شيء مختلف تمامًا، يمكن أن يكون مرتبطًا بالنفس لا بالروح، الذي حدث هو أن هذه الشخصيات قد ماتت فعلًا، وأرواحهم تحررت من أجسادهم وعادت إلى خالقها، لكن وعيهم الكامل وإدراكهم وذكرياتهم انتقلت إلى جسد آخر، مثلما تنقلي أنتِ صورة أو مقطع ڤيديو باستخدام (الواي فاي) أو(البلوتوث)، كأنك تنقلين أي صيغة للمعلومات والبيانات.
- إذًا، وإن كان كلامك صحيحًا، لماذا ينتقل هذا الوعي إلى (عبد الحميد) هذا تحديدًا.
- هذا هو اللغز الذي أحاول فك رموزه، أعتقد إن للوعي البشري المتنقل موجات ذات تردد معين متوافق مع تردد وعي وطاقة (عبد الحميد)، ونفس ذلك التردد هو الذي كان يمتلكه كل من تم رصد مروره بتجارب مماثلة في كل مكان في العالم، وذلك الأمر على ما يبدو لا يتقيد بالمسافات، أو الزمن، إن أردتِ توضيحًا أفضل لأخبرتك أنه أشبه بالموجات اللا سلكية للقنوات الفضائية التي تسبح في الفضاء عبر الأقمار الصناعية، عابرة ملايين الكيلومترات حتى تصطدم بمُستقبل ما، فتُتَرْجَم إلى أصوات وصور متحركة نستطيع مشاهدتها والتفاعل معها، كما يشبه ذلك ضبطك لتردد إذاعة راديو ما على موجة لكي تستمعين إليها بوضوح، (عبد الحميد) كان ذلك المُستقبل الجيد، وكانت ترددات موجته مضبوطة على ترددات موجات (بيتر) و(تيم)، أو على ترددات موجات نقل الوعي والإدراك بصفة عامة، والتي أحاول أن أصل لمعرفتها ورصدها، بينما أعتقد أن موت الاثنين بتلك الطريقة في حوادث صعبة هو ما دفع لديهم تلك الطاقة الكبيرة المفاجئة، وربما الرافضة للموت والتي تمكنت من حمل ذلك الوعي عبر الأجواء ليستقر بداخل المُستقبل الملائم للتردد أو(عبد الحميد)!
- أشعر وكأنك تروي ليّ قصة فيلم من أفلام الخيال العلمي.
- كما قلت تمامًا، ربما كان في هذا الوقت يعد نوعًا من الخيال ولكنه علمي، وذلك أقرب إلى الواقع، فكل حقيقة علمية مثبتة اليوم بدأت بفكرة أو نظرية في خيال أحد العلماء، الحقيقة أنني إن استطعت إثبات ذلك يا (فريدة)، لكانت تلك ثورة في قدرتنا على فهم قدرات العقل البشري، وإن صحت نظريتي، فإنني لا أستبعد يومًا ما أن أكتشف قدرة البعض على التحكم في ذلك أيضًا، ربما كان هناك من يستطيع التحكم في القدرة على نقل وعيه في التوقيت الذي يريده أو في الشخص الذي يختاره بإرادته، فذلك أشبه بمن يستطيع التحكم في الأشياء عن بعد أو نقل الأفكار والتأثير في الأشخاص أو التنويم المغناطيسي، ربما كان ما يصعب الأمور أن المرضى أو الأشخاص الذين يتملكهم وعي شخص آخر، يخرجون من تلك التجربة وهم لا يتذكرون شيئًا عنها، كأنما يغيب وعيهم الأصلي عن الحياة طوال الفترة التي يستضيف جسدهم وعيًا آخر، هل تدركين أن ذلك ربما يكون مؤشرًا على إمكانية وجود هؤلاء المتنقلين بالوعي بيننا في أي لحظة، ربما حدث ذلك لكي أو لأي شخص أو ليّ أنا شخصيًّا، بينما كنت غائبًا عن الوعي، لن أستطيع التذكر ولن أعرف يومًا ما إن كان هذا حدث أو لم يحدث.
- الأمر حقًّا أغرب من الخيال، وأعتقد أنني اكتفيت من الشرح بالله عليك، لقد كان يعتريني الخوف من بعض الكتب، أما الآن فقد أصابني الرعب ممّا تحتويه الحياة مما هو أغرب من كل ما احتوته الكتب، وربما منك أنت أيضًا!
- الحياة تمتلئ بالغرائب يا عزيزتي، وما سردته لك الآن هو مجرد حالة واحدة من الحالات التي أدرسها حاليًّا، هناك حالات أخرى مختلفة تمامًا وتشترك جميعها في أن ليس لها أي تفسير علمي واضح، ما أقصده هو(إن حاجات كتير بنسميها عفاريت وأشباحًا وأرواحًا وظواهر خارقة ممكن يكون ليها تفسير، بس لازم دراسة وفهم ومتابعة، وأنا قررت أن ده حيكون موضوع رسالة الدكتوراه بتاعتي).
همت (فريدة) بالرد لكن قطع استرسال حديثهما وصول النادل بالمشروبات التي كانا قد اختاراها، ووضعها أمامهما على الطاولة حين قطع الصمت صوت (حاتم) وهو يشعل سيجارة ويقول لها.
- أظن بقى كفاية كده وتشربي الشكولاتة السخنة دي عشان تهدي أعصابك بعد فيلم الرعب اللي حكيتهولك ده، وتسيبيني بقى أشرب القهوة دي بمزاج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• راجع القصة كاملة في رواية (كاليبوس)
2 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.