مرحباً بالرفاق الاوفياء الذين ما زالوا يتابعون احداث قصتى بفضول وشغف ارفع لكم القبعة جميعاً لتحملكم كل هذا الغموض، واما من يتفاعل على احداث قصتى فلهم شكر خاص ولو بيدى لاعدت لهم وجبة محشى وتناولناها جميعاً سوياً، المهم لندخل في القصه وقبل 6 اعوام كنت حديثة العهد بالطب الشرعى وكنت أصغر سناً وأكثر برائة عن الان فلم أكُن حتى الساعة قد شرحت بعد جثة ساحر وما أدراكم ما هو تشريح جثة ساحر يا اعزائي!
المهم قد كانت جريمة قتل من الدرجة الاولى وقد كان فتى يتعاطى كميات كبيرة من المخدرات وقتل والدته التي حاولت منعه من الخروج من المنزل بعد ان تشاجرت معه عندما كان يسرق ذهبها لبيعه ويأخذ جرعة جديدة من مئات الجرعات من هذا السم الابيض الذى اذهب عقله واودى بحياة امه وليت الجميع يتعظ ويعتبر من مثل تلك الحوادث المتكررة ولكن البعض استبدل عقله بحبة بطاطا ولو ان للبطاطا نفع اكثر من ضررها !
المهم قد كنت في مكتبي انهى التقرير النهائي بعد تشريح تلك الجثة المطعونة سبع طعنات متفرقة فى الجسد وبالطبع لم اكتسب هذا البرود القاتل الذى انا فيه وقتها بل كنت مُتأثرة بحال تلك الاسرة التي فقدت الام والابن فى وقت واحد وقد تدمر الاب الذى فقد ابنه الوحيد وتذكرت دموعه المنهمرة كشلال جارف عندما ذهبت لمعاينة ابنه واخذ عينه من دمه للتحاليل وقد أثر بى قوله " يا دكتور ده عكازي وسندى الوحيد فى الدنيا محرمتوش من حاجة يقوم يقطم ضهري، والست اللي طول عمرها شيلاني وهى اللي بتديني كوباية الماية تروح منى كده، ساعدني يارب".
نهاية مأسوية لاب كان يحلم لبناء اسرة وعائلة لكن احلامه تلك تحطمت على صخرة الواقع المرير القوبة وتهشم حلمه الى شظايا متناثرة في الف مكان مع الرياح العاصفة !
اما انا فقررت ان انهى التقرير واسلمه اليوم فى قسم السيدة زينب واتابع مع وكيل النيابة موعد المُحاكمة لأشهد بما كتبت في تقريري الان .
وكم اشعر بالكسل والثقل فى ذهابي الى قسم الشرطة ومُقابلة الضابط معتز مرة اخرى، ليس لأجل شيء معين لكن نظراته فى موقع الجريمة لم تعجبني وكلامه الكثير واسئلته الغريبة تلك فلقد تعاملت مع بعض الضباط من قبل لكن معتز ذلك شيء اخر مُثير للريبة والشك وكانه يحاول ان يستميلني الى الحديث معه بشتى الطرق، ولعل شكوكي خاطئة!
وضعت التقرير فى تلك الحافظة الزرقاء ذات الزر البلاستيكي وقدى كنا في شهر اغسطس احر شهور السنة بلا منازع وقد ارتديت حقيبة ظهري الجلدية البيضاء التي تتماشى مع بنطالى الابيض الفضفاض وقميصي البنفسجي وكدت ان اخرج لولا ان احدهم طرق باب مكتبي ودخل بعد ان اذنت له ولكن تجمدت للحظه عندما دخل "كابتن عضلات" الضابط معتز وقد ابتسم بهدوء قائلاً: صباح الخير، ياريت ماكونش عطلتك؟
هززت رأسى نافيه وانا استفيق من دهشتى تلك وقد كنت افكر فيه منذ ثوانى وها هو يظهر الان امامى!
اشرت إليه تجاه الكرسى المقابل للمكتب قائله بهدوء: لا أبداً اتفضل حضرتك، انا كنت جايه القسم عشان اسلم التقرير النهائي، واعرف معاد الجلسة عشان اشهد بالتقرير.
ابتسم بهدوء ومد يده لأعطيه التقرير قائلاً بهدوء: متتعبيش نفسك انا هاخده، ولو على الجلسة فهى هتبقي يوم 15 سبتمبر الجاى
هززت رأسى بالموافقة وقد اثرت الصمت ونظرت إليه في توتر خفيف بينما كان هو يتفحص التقرير باهتمام لينتهى منه ثم ألتفت لى قائلاً وتلك الابتسامة السخيفة على شفتيه: انا بعطل حضرتك ولا حاجه؟ اصلى شايفك لابسه شنطتك.
بللت شفتي قائله بتكلف: اصل فرح اختى قرب وكنت هروح بدري شويه عشان بنشترى شويه حاجات.
هز رأسه الخالى من الشعر هذا بتفهم ثم وقف لاقف انا الاخرى بينما كور الملف بين يديه قائلاً: خير والف مبروك ان شاء الله، انت كنت حابب اقول لحضرتك على حاجه بس وقت تاني افضل.
قطبت جبينى قائله في توجس: طيب لو الموضوع مهم اتفضل لسه معايا شويه وقت.
وضع يده في جيب بنطاله الاسود قائلاً: لا مش مشكله وقت تاني افضل لان عاوز اسال علي حاجه مهمه.
ثم اخرج قلم ودفتر صغير من جيب بنطاله واخذ يخط عليهم بعض الارقام ثم قطع الورقه ومدها الى لاخذها واتفحصها وقد كانت ارقام هاتف محمول لانظر اليه بينما الورقه اسيرة بين يدى وقد اجاب عن سؤالى قبل ان اتفوه به قائلاً: ده رقم تليفونى سجليه عشان تعرفيه.
قطبت جبينى والتحم حاجبى قائله بدهشة: معلش بس حضرتك جبت رقمي منين؟
ابتسم بسخرية واضحة وقد شعرت ببعض الغضب والخجل من ابتسامته وكأنه يقول من تلك الغبية؟!
وبالرغم من انه لاحظ غضبى لم تُبارح الابتسامة شفتيه وتحدث بهدوء: السؤال ده بالذات ميتسألش لظابط، سهله جداً اجيب رقم تليفونك وعناون بيتك كمان، عن اذنك.
ثم خرج من المكتب ببساطة لاكور تلك الورقة بغضب ووضعته في حقيبة ظهرى واغلقت الانوار وخرجت خلفه وانا ألتهم خطواتى على الارض بغضب من اكثر شخص مستفز على وجه البسيطة.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وصلت الي البيت بسيارة الاجرة البيضاء ولم أكن وقتها قد اشتريت سيارتى الخاصة بعد.
ترجلت من السيارة واتجهت الى بيتنا الذي بناه ابى مخصوص ليجمع زوجتيه وابنائه في بيت واحد وقد اخذت اطرق على الباب الخشبى بعد ان اجتزت سور البيت العالى من خلال البوابة الحديدية ولكن لم يُجب احد وكان هناك صوت عراك وصراخ من البيت.
فتحت بمفتاحى الخاص وقد كان براء يتشاجر مع هاجر على شاشة العرض ثلاثية الابعاد التى اشتراها ابى وقد قسم ابى بينهم الوقت حتى لا يتشاجران ولكن هاهما يضربان بعض وأمى وأمى رجاء وفاطمة يحاولان الفصل بينهم.
وقد ضربته هاجر في صدره قائله بغضب وحده: انت مستفز يلا قاعد اكتر من وقتك بساعة متفقناش على كده ده دورى.
نظر لها براء باشمئزاز قائلًا بغضب: بس يا بت انا امبارح كنت بره مقعدتش عليه اكتمى بقى مش ناقصه صداع، مبقاش الا الغلطه اللي جابها بابا تعلى صوتها.
هنا صاحت هاجر رجاء بغضب قائله: انت يا زفت لم نفسك غلطه في عينك.
نظر لها براء بسخريه قائلًا: اه غلطه ابويا جابك عشان كان فاكرك ولد عشان يدخلنى الجيش، وادينى قاعد اهو.
ربتت امى على كتف براء قائله بهدوء حتى تمتص غضبه: خلاص يا حبيبي صلى على النبي أختك متقصدش حاجه براحه علي بعض مينفعش كده.
وقد همت هاجر بسبه لولا امى رجاء التى كممت فمها قائله بحده: بس انتو الاتنين ابوكم هيصحى ولو صحى مليش دعوه بيكم، يلا اعتذر لاختك انت اللي بدأت.
اما انا فكنت اتابع هذا المشهد الدرامى الساخر المتكرر في بيتنا كثيراً باستمتاع وسخرية وقد اتجهت الى مبرد المياة بعد ان اجتزت تلك التلال من الصناديق الكارتون المليئة بجهاز فاطمه المُقبلة على الزواج وبينما انا استمتع بمذاق هذا الكوب البارد واللذيذ بعد عطش شديد في يوم حر رهيب ولكن كدت ان اختنق بالماء عندما استيقظ ابى وخرج من الغرفة الخاصه به مع امى رجاء فاليوم هو يومها فى المبيت عندها يصيح على براء وهاجر قائلًا بغضب: انت يلا انت وهى لموا نفسكم والا والله لكسر الشاشة على دماغكم.
وهل تعتقدون اننا وقفنا عندما سمعنا صوت ابى على العكس قد اخذنا نركض بسرعه في جميع أنحاء مملكة السيد منصور حتى هربنا من بين يديه وقد اختبئنا جميعًا في غرفتى واغلقنا الباب جيداً نحن الاربعة وما هي الا دقائق مرت في خوف حتى نظرنا الى بعض وانفجرنا من الضحك على مدى تفاهتنا وخوفنا وبالاخص انا وفاطمة ولم نفعل شيء لكننا هربنا معهم أيضاً.
وكلما نظرت تذكرت تلك الايام وتذكرت ابتسامة عزيزتي الراحلة بجوار رب العالمين تتمزق نياط قلبى حزنًا وكمدًا على ايامًا كانت السعادة والبسمة لم تفارق قلوبنا قبل وجوهنا وقد كانت فاطمه وردة البيت وحافظة اسرارى وخليلتى حيه تشاركنى الضحك والمرح والفرح فقط ادفع نصف عمرى وتعودين يا زهراء قلبى!
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مرت الايام والى الان لم يتصل ذلك معتز وقد أثار فضولي وقلقي ليس لشيئ معين لكن تخيلوا معى احد معه رقمك وسوف يتصل بك أليس أمر غريب ومُقلق؟!
ولكن على كلاً انا اليوم سوف اراه ولكن لن اتهور واحدثه ليتحدث هو اولاً.
وقد كنت اجلس في مقعد في مقدمة المحكمة الى جانبى المحامين وبعض العساكر وبالطبع معتز الذي كان يفصلنى عنه بعض العساكر الذين يجلسون بيننا بزيهم الابيض هذا، وقد كان يختلس بعض النظرات الي ولكن انا لم اكترث له تكفى حرارة الجو التى فاقت الاربعين درجة مئوية واشعر بالرغم من انى استحممت قبل نزولى من البيت اننى احتاج للاستحمام للمرة الثالثة، وبحقك اكره ذلك الفصل الحار والصعب.
وها قد نادى على منادى المحكمة امتثالاً لأمر القاضى وقد وقفت امام هيئة المُحلفين وتلوت القسم الذي ينكثه الكثير بلا اكتراث لعقوبته "اقسم بالله العظيم هقول الحق" ولكن هل حقاً من يُقسم ذلك القسم يقول الحق؟!
المهم قد بدأ القاضى ووكيل النيابة في استجوابى وانا أُجيب بما اخبرنى به عملى وضميرى اليقظ وقد كان ذلك الاب المسكين يُطأطأ رأسه بخجل من فعلة ابنه وحزناً على زوجته وفي ذلك القفص الحديدى الاسود ذو الشباك السوداء كان ذلك مُحتسى السم يبكى حسرة وندماً من ما اقترفت يداه وكأن تلك الدموع سوف تغسله من بشاعة وفظاعة ذنبه ولكن بعد ماذا يا رجل؟!
انتهيت من عملى ثم وفد الشهود للشهادة ومن بينهم معتز الذي اخذ يصف ظروف القبض على المتهم المدمن وظروف مسرح الجريمة، ثم اخذ الدفاع ووكيل النيابة كلاهما يقولان كلماتهم الاخيرة قبل ان يتشاور القاضي الرئيسى ذو الشعر الابيض والنظارات الطبية الكبيرة وأملس الوجه خالى من الشعر مع قاضى اليمين وقاضى اليسار ثم رتب الاوراق وطرق بالمطرقة الخشبية على قطعه خشبية اخرى مستديرة ليصمت جميع تلك الافواه التى تتهامس ليصيح بصوته الجهورى وبلغة عربية سليمه: حكمت المحكمة على المتهم سعيد على حسن مصطفى عن ما اقترفت يداه من قتل والدته مع سبق الاسرار والترصد بالإعدام شنقاً حتى الموت.
ثم صرخ الاب والابن بحزن والم وصاح المنادى: محكمة!
ليقف جميع من فى قاعة المحكمة _الممله والرتيبة والحارة وقد كانت نصف المراوح التى بالقاعة لا تعمل _عندما وقف القُضاه وخرجوا من المحكمة وقد ارتديت نظارتى الشمسية الطبية السوداء وقد خرجت من القاعة وانا اشعر بالتوتر من اصوات الصراخ والعويل العالية وقد توافد الصحفيون جاءت معهم أسئلتهم السخيفة تلك.
وبينما انا اقف في أول الشارع المؤدى للمحكمة انتظر مرور اى سيارة اجرى حتى اعود الى المشرحة وأكمل عملى والشمس فوق راسي تحرقنى مباشرةً وقد ضللت راسي ببعض الاوراق التى كانت في يدى ولكن التفت للخلف عندما صاح الضابط معتز الذي هرول أتجاهى قائلاً: دكتوره بتول كنت عايز اكلمك في الموضوع المتأجل.
هززت راسي بالموافقه ولم اتكلم ليتحدث هو بمنتهى الهدوء والبرود في الدنيا: دكتوره بتول انا بعد ما سألت عليكى وعرفت انك بنت دكتور منصور الاشهر من النار على العلم وعرفت قد ايه انك انسانه محترمه وبنت ناس انا عاوز اطلب ايد حضرتك للجواز!
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
اسفه جدا والله علي التأخير ده بس غضب عنى.
غير كده انا حابه اسال انشر كل يوم فصل بس هيكون صغير ولا كل حد واربع زى ما احنا.
وحابه اعرف رايكم في الفصل والاحداث النهاردة ❤😘