AlaaTabbal

شارك على مواقع التواصل

الله لا ينسى معاقبة الآثمين القَتَلة لأن كلمته حية وأمضى من كل سيف... تشاك بن أَنِيتا كَفَّارتي الأخيرة. في تلك الليلة افتقدنا دفء حضورها بشدة، ومخاوفه الطفولية من وحوش خزانات الملابس تفاقمت بعد رحيلها. ولذلك نمت بجانبه.
حلمتُ حلماً مشوشاً.. لا أعرف كيف أصفه بدقة... تقريباً هو من الكوابيس التي يبقى منها شيء في ذاكرة المرء حالما يفيق من جراءها. صحوت في النهاية مذعوراً، صحوت على صخب... تشاك الصغير يحاول الإفلات من كُمين عريضين قرمزيين عبثاً، أطراف تشاك تتخبط في الهواء بلا فائدة. تركتُ ابن زوجتي ابني لمصيره ببساطة! البذلة نهتني عن إنقاذه بِجَرْس أبي... المجرم ضَحَكَ وبكى بجنون وهو يلثم القماش الرقيق، وهو يتمرَّغ ويتمسَّح.. نسيت أنَّ الصغير توفيَّ للتو وأنا أغفو بين أحضان أمي!... التحفَ الأسود القَمِيء نَبْضَ حبيبتي فاستمنى بتركيز وهدوء.. ثم غبتُ في نوم عميق...
العار.. الذنوب تطاردني أينما ارتحلتُ وحللتُ!... لقد استجرتُ بالظلام لإخماد الظلام، استعنت بالأشرار على الأشرار ليتوب الله عني توبة نهائية صادقة لا رجعة فيها... يابن الزنا ماذا تريد مني لتغفر ما تقدم وما تأخر؟! أليس لديك غيري؟!... خَلِّصني منك ومن قيودك إلى الأبد!...
توقف جرانت. حبسَ دموعه وشهقاته بمشقة، أراد معالجة ما يعتمل في نفسه دون أن يزيد الأوجاع وجعاً. خرجَ هيرنان بحجة شراء بقية الحاجيات، أما أولغا أشرفتْ على تحضيرات الأصدقاء لكي تكون الحفلة المسائية كبيرة ولائقة بالوداع. لعلع فجأة خليط بليد من الأغاني في القاعة فاشتعل الاحتفال، ونسي الجميع انتظار هيرنان في غَمْرَة المراسيم البهيجة... «إنها الأميركا يا أصحاب» كما قال الدي جيه المَجدور منذ قليل.
لو أنصتَ أحدهم للمحادثة القصيرة التي انتهتْ بفصل فَزَّاعة الطُّيور رأس جرانت بيديها القشيتين، لو أدركتْ العجوز البلهاء أنَّ ما ركلته أثناء رقصها المحموم السخيف هو كرة لحم وليس كرة قدم لاستعدوا بشكل أفضل لملاقاةِ العماليقِ المقنعينَ المسلحينَ وهيرنان والهُولَةِ.
دمَّرَ رجل القش الدرامبروت ومكبرات الصوت واللابتوب فبكى المجدور أشياءهُ، ثم ألحقَ الـ«ـإنها الأميركا يا أصحاب» بأشيائه.
- تبّاً للزنجي الشهواني الكافر!.. حَسِبَ أنَّ الغاية من قتل ابنه هي إتيانُ ابنتي الصغيرة، المختل اشتهى بذلة عسكرية رقيقة! لم يتوقفْ خيال المآتة عن القفز والتلويح بإم سكستين مُتسخٍ مُبقَّعٍ بدماء متخثرة أثناء صراخه بذلك.
أحضر المَمْلُوك الأرجنتيني أفضل كرسي خشبي لمالكهِ الخيال، وما إن قعدَ المآتة مُصالباً رجليه حتى شَرَع في نضوِ زِيِّه التنكريِّ. تحوَّل فير سيز من فزاعة إلى كائن حرشفي أحمر اللون، إلى الصورة النمطية الهزلية التي لا تختلف عن الأصل المُتخيَّل إلا في كونها حقيقية. كَبَّلَ اللاتين العمالقة أولغا ثم أفراد المجموعة، وتأكد أحدهم غير مرة من متانة وِثاق الصهباء وهو يلبسها القَشَّ.
أنزل هيرنان حقيبته عن كتفيه، أفرغ محتوياتها بمهارة ثم رتبها على شكل دائرة حول العَرْشِ. فعل الحُرَّاس ما فعله لكنهم رتبوا محتويات حقائبهم على شكل مستقيمين، يبدأ امتداد الأول من يمين فير سيز أما الثاني يبدأ امتداده من الجهة المقابلة. تجاذب الجنوبيونَ أطراف الحديث حول انهيار الولايات المتحدة الوشيك ريثما يُهيئُ فير نفسه، وتُحضَّر النرجيلة احتفاء بوالد البطلة. وما إن فتحتْ الراقصةُ البلهاء البدينة فمها لتتشدق في مدحه حتى رماها بيقطينة برتقالية أخرستها بخشونة.
- سأهبكِ وعباديَّ حق التعبير وحرية الاختيار، لكن إياك أنْ تتلفظي بحرف ما لم أسمح لكِ بذلك!
فرَّق المحررونَ العباد ثم انتشروا بينهم. ناول المملوكُ المالكَ خطبته والميكرفون والسماعة بخشوع، سحب فير سيز نفساً عميقاً من النرجيلة كي يدخل بقوة في صُلْبِ العقيدة السماوية. تنحنح للفت انتباهِ المُقيدين لكنهم لم يمنحوه أدنى انتباهٍ، فأمر المسلحين بتصفية خمسة رؤوس. تمَّ له ما أراد فعلتْ وجهه ابتسامة حَيِية. نفخ في الميكرفون، نقر السماعتان نقرات متتالية بأصابعه ليطمئن بأن صوته سيُطرِّب الأسماع ويُشنِّف الآذان... قرأ أخيراً مضمون اللفافة:
- يَئِسَ ربُّ السماوات السبع والأرضين السبع من البشرية، ولذلك أرسل إلى المخلص نسخة من القرار رقم 3 وفوَّضني بنشره في أرجاء المعمورة... المهم.. نصَّ الإلهيُّ على الآتي:
1- يتولى المخلص آيات البِشر بن قُلْفة منصب ابن الله منذ استلام القرار.
2- يتمتع ابن الله بصلاحيات منصب المخلص الممنوحة له في القرار رقم 1.
3- تعد حفيدة الله القائدة العامة للجيوش والقوات المسلحة اللاتينية المتحدة المسؤول الأول عن تنفيذ إرادة ابن الله.
4- بموجب القرار رقم 2 ترث حفيدة الله ابن الله بعد وفاته مباشرة...
استشاطَ فير سيز وطالَبَ هيرنان بتفسير منطقي:
- أين اختفت التَكْمِلةُ يا خادمي الأمين؟!
- في الواقع يا مولانا.. لم أعثر على ورق الكرافت.. و... فأحضرت لولبَ ورقِ المرحاضِ ولوُّنته...
- مولانا! غريب، لم يمضِ وقت طويل على اتهامك المرحومة بالسحاق زوراً والإساءة لي و... كيف طاوعك ضميرك أنْ ترسل هذا الورق لرب العالمين؟! تناولَ حقيبتهُ الموضوعة خلف ظهره، أخرج منها رؤوساً صغيرة مبتورة مربوطة بسلسلة فولاذية رفيعة. نويتُ سابقاً أنْ أُؤجِّلَ إرسالك إلى جهنم لتعيش مع أبنائك فيها أبد الآبدين ولكنك كافر لا تستحق الرحمة.
أَسِفتْ أولغا على المُندس أسفاً شديداً، هو الآخر دمية وضحية للمُتألِّه... قرَّ عَزْمُها في النهاية على خوضِ المَعْمَعة، على ضرب نقاط ضعف البِشر بأسلحة البِشر الفتاكة. ستفلح الآيات وحدها مع آيات فيما لو اسْتخدمتُها بحكمة، ستفلح الآيات وحدها مع آيات فيما لو اسْتخدمتُها بحكمة... سأنتقم منه شر انتقام. حدثتها نفسها بذلك وهي تزحف نحو قدميه على مهل، سجدت له وأجهشت باكية:
- آمنتُ بك يا أبانا، «لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ».
دُهِش فير سيز مما جرى فخلع رِداءها القشيَّ، ندَّمهُ إيمانها به على كل ما فعله معها. ارتسمتْ بسمة عريضة على وجهه بالكامل فزادته قُبحاً، واستعرتْ رغبته نحوها. رخَّم صوته وهو يخاطبها دون أن تفارق عيناه عيناها نصف المغمضتين اللتين تشعان توقاً:
- أتؤمنين بي حقاً؟
- نعم، أنتَ سيدنا ومولانا... أنتَ المسيح مخلِّص العالم وفاديه.
أنهضَ فير سيز أولغا على قدميها. مسح على شعرها بلطف ليباركها، وبإبهاميهِ نشَّف دموعها. لحسَ إصبعاً فانتشى من حلاوةِ السائل. اختطف الميكرفون من يد عملاق يلعب به، وأذاعَ نبأ تعيينها رئيسة للملأ الأعلى. وبمناسبة هذا الحدث السعيد أمر فير سيز الحَرَسَ أنْ يعثروا على القرآن بين الأغراض، وأنْ يتلوا ما تيسر منه تلاوة جماعية. اجتمعوا حوله محاولين فكَّ الحروف، ولما اسْتَعجموا القراءة بدو كالبهلوانات بالنسبة لفير سيز، كالقالب الشكلي الكلاسيكي الشائع للمهرجين.
- أَعفِنا من هذه المهمة المستحيلة يا بن الله...
انبرتْ الرئيسة للعصيان فاستحسنَ ذلك أيما استحسان، ترقرقتْ الدموع وتحجرت في مُقْلتيهِ حينما سمعها تقول باندفاعٍ وحَمِيَّةٍ:
- فير سيز هو الله ذاته وليس ابن الله يا كَفَرة! ثم كيف تمسكون محكم التنزيل بأيادكم القذرة؟!... عليكَ بهم يا رب!، لا ترحم ناقضيِّ الوضوءِ!
دحضوا مَزاعِم أولغا، لكن البُهلُول حصد أرواحهم بالإم سكستين.
رائحة فير سيز التي اقتحمتْ منخاريها اقتحاماً أصابتها بدوار حاد في رأسها، خشيت أن تسقط قتيلة بين القتلى مثلما خشيت أن يبقى المَجْرور ملتصقاً بها. لم تمانع أو تُبْدِ أيَّ اعتراض حين ازداد عناقه لها من الخلف قوة، فتوقع منها المزيد ومنى نفسه بمتع أشد روعة.
- أنتَ كُلِّيُّ المعرفة والقدرة يا سيد العوالِم، أَشبِعْني لبِّني لأُشبعكَ وأُلبيكَ.
أبعدهُ حُسنُ عبارتها وأَرتجَ عليه، القرمزية لم تترك له قضيباً رخواً ضئيلاً حتى. خضَّ سبابته ثم مصها، وردَّ بعد لأْي وهو يُخضخض ويُمصمص:
- لكِ ما تريدين أيتها المقتدرة بالله...
ابتسمتْ بخبث وأطبقتْ أصابعها على شفتيه. امتثل المسيخ لهمسها وأنفاسها الدافئة في الحال، تهاوى صاغراً على العرشِ. جلست في حضنه فتغضن وجهه... كيف لم يقدرها حق قدرها؟ وحدها المرأة الروسية من عَطَفت على تسلُّخاتهِ عطفاً حقيقياً تاماً.
- ما بكَ يا إلهي؟ وما لي أراكَ حزيناً؟
- شوهوني يا أولغا... شوهوا ظاهِري.
- شوهوك؟ لا!، المسيح لا يتغير.. المسألة برمتها لا تعدو كونها اضطراباتاً نفسية تسيطر عليكَ... «... اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».
تنهد فير سيز تنهيدة ارتياحٍ. آيات البِشر قنبلة مَوْقُوتة مُعدَّة للانفجار في أيِّ وقت، ولذلك قررتْ ألا تؤجل أولى ضرباتها أكثر:
- أَعِدهم إلى حظيرة الإيمان القويم يا ربَّ الأربابِ ومسببَ الأسبابِ!
فشل في تحقيق رغبتها فأغضبه شِرْكُ الخَلْقِ به وأرضاهُ في آن. المُنزَّهةُ رئيسة الملائكةِ تسبِّحهُ بعد كل برهان ينير بهِ دربَ الهِداية لهم، الصهباءُ تغمزه ثم تقرصه ثم تشتمه شتيمة جنسية وهكذا دواليك. لكنه في النهاية تخلص منهم وأرتاح من تخبطهم وتشتتهم ليحفظ هيبته أمام من ألهبته من ألهب فتيلَ أنوثتها.
- يا ماهوند يا حُثالةَ الدنيا يا رِمَم!... هَشِّمْ زجاج النوافذ، هيا لا تتلكأ!
أرهقتني الاعوجاجاتُ واستنفدتْ قوايَّ، يستحيلُ أنْ تصفَ إنسانة عادية الخالقَ بما وصفتني به الطاهرةُ.. من الأكيدِ أنني لم أسمع ما قالته جيداً... لا بد أن أرتاح قليلاً، التعب هو ما يبعث في نفسي الانقباض. تملَّكَ خصرها بحرشفتيه، دسَّ رأسه بين كتفها وعنقها ثم أسند ذقنه الأمرد هامساً:
- طلباتكِ مجابة بإذني يا ربة الخِصب.. أَعِيدِي ما قلتِ.
دفعته عنها بخشونة بالغة كادتْ أن تُخِلَّ بتوازنه فاتَّقد بسرعة، بقلة أدب لا تليق بمربوبة من الصِنف البشري الممتاز. خَمِد مثلما اتقد حين قبَّلته الربة المُتقزِّزةُ قُبلة طويلة عميقة.
- يا ماهوند يا حُثالةَ الدنيا يا رِمَم!... هَشِّمْ زجاج النوافذ، هيا لا تتلكأ!
لم تكذب مسامعه. سالتْ دموعه دون أن يشعر بذلك ثم نثرها ولُعابه على وجهها:
- أتكفرين بالذي خلقكِ من تُرابٍ ثم من نُطفةٍ.. ثم سواكِ في أحسن تقويمٍ؟! سأكفِّرنَّ عنكِ سيئاتكِ وأدخلنَّكِ جَنَّاتي ما إنْ تتذللي طالبةً الغفرانَ، إنني غفور رحيم.
- زجاج النوافذ أولاً ثم فتحُ الباب ثانياً بعدها سأفكر بجنونكَ قليلاً... لا أعرف، ربما سأفكر به.
عوَّل فير سيز ألماً وحزناً، ارتمى جاثياً أمامها يضربُ جبينه بالأرضية اللماعة. لم تكترث الروسية، اكتفت بالانحناء لخلع حذائها.
- أرجوكِ اُطلبِي طلباً آخر لأُنفذه دون أيِّ اعتراضٍ يا أولغا.. ابنتنا في الخارج تتسلى بالقطعان لتحمينا أنا وأنتِ، أنا أحبك بجنون... أنتِ أول مؤمنة بدعوتي الجهرية، إلى جانب كونك بارعة الجمال فتَّانة.
- جنون حبي أشد من جنون حبك يا آيات. ردتْ ببرود أعصاب وثقة، ثم نقرتْ جبينه الذي ما زال يضربه بمُقدمتي الفردتين. حسناً، أنتَ سيدي المسيح فادي البَشر؟
- نعم أجل نعم أجل، أنا اللهُ جلَّ جَلالي.
- «أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ«.
تبسَّم لها بسمةَ امتنان فتبسَّمتْ له بسمةً جعلته ينهض ممتلئاً بالحيوية. أعياهما البحث عن الأداة المناسبة، فاقترحتْ عليه أن يصعد إلى السماء بإم سكستينه. بتر يده اليمنى دون أن يُذعِن للآلام.
- حبيبي.. اُقتل إيفان.
تخاطرَ البِشر مع خليفته على الأرض:
- يا بُنيَّة، أَلقِي السَلام على الطبلِ الأجوفِ البرميلِ الصدئِ وقولي له: «آيات البِشر أفرغ مخزن الإم سكستين في أولغا«.
ساعدته الأنثى الروسية على الرحيل بعدما تبقى منه رِجلٌ وجِذعٌ ورَقبة ورأس، فقأتْ عينه اليمنى.
- أشهد باسمي الأعظم أنني لم أقتل ابنتنا الكبيرة، أشهد باسمي الأعظم أنني لم أقتل ابنتنا الكبيرة.. أشهد باسمي الأعظم أنني لم أقتل ابنتنا... اغفري لي صدِّقني قبل أن أترك الفانيةَ لأستوي على العرش إلى الأبد!
انهمرتْ الدموع التي حبستها طويلاً:
- سامحتكَ صدقتكَ... أتوسل إليك أن تموت مُتْ!
تحقق خلاص الأعور بن قُلفة، تخلص من البشرية وخلصها منه. تحقق صعود الأعور بن قُلفة، صعد إلى مكانٍ بعيدٍ بعداً شاسعاً عن الأرض ثم استوى فوقَ مُستوٍ مُدبَّبٍ. تناولتْ المعروفة في الأوساط السياسية ولدى معظم المؤرخين بقَحْبَة الروسِ رشاش القِرد البِشر كلوي، وفعلتْ ما فعلته وحيدتها بنفسها.
اشتعلتْ الحرب العالمية الثالثة بعد ما جرى. راحتْ الولايات المتحدة الأمريكية ضحية من ضحاياها، وما زالت البلاد الزرقاء إلى اليوم مجرد كارولاينا الشمالية فقط، كارولاينةً وحيدةً تصول كندا فيها وتجول. البَشَرُ عاليهم وسافلهم انقسموا ثلاثة أقسام: قسم انحاز إلى صف دول المحور، والثاني وقف بجانب الحلفاء، أما الثالث بالأخص العرب لمْ يجد من التعامي والتطارُش والتخارُس بُداً لأن بلاده ساحةُ حربٍ ومَقلَبٌ للطرفينِ.
***
نتناسى ما آلت إليه الأمور كلما اجتمعنا، ولكن بالرغم من ذلك يعاود أحد أفراد الشِلَّة فجأة حَكِيَّ تريندات ولَّى زمن رواجها ونحن نلعب البوكر، فيهب الجميع لإسكاته وأحياناً لتكميمه حفاظاً على الماضي من النَكْئ وعلى دونيتنا من التشويه في ألمانيا السخية. نفعل ما نفعله مدركين مسبقاً أننا سنفشل، وأننا سنقلب على أقفيتنا من الضحك وربما يغمى علينا.
ذات مرة حكيتُ عن التحولات الجذرية التي شهدها بلدي الأم. سقط حزب البعث العربي الاشتراكي وحلَّ حزب آخر مكانه، الخليفة أجبرتْ آل الأسد على الانتحار، تظاهروا بالاختناق ليفروا من قبضتها فماتوا خنقاً... مغزى الحكايات واحد: العَائِدُ صِفْر، العَائِدُ بذلة لا تفنى، العَائِدُ والفَاقِدُ سيان.

- انتهت -
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.