MalakWalidBakr

شارك على مواقع التواصل

لمْ يستطعْ السيدُ (أوينْ) أنْ يتمالكَ أعصابهُ، وأنْ يصمدَ أمامَ تلكَ النوبةِ الجديدةِ من الهلاوسِ والقلقِ، لقدْ فرَّط في حياتهِ بطلقةِ مسدسٍ أطلقها على رأسهِ، التي استقرتْ بعدَ موتهِ على مكتبهِ، وتركَ رسالةً صغيرةً، كتبَ فيها ملاحظةً أليمةً، قالَ فيها: «سنظلُ نتألمُ في هذهِ الحياةِ من أولِ يومِ من ميلادنا، إلى آخرِ يوم ننهيهُ بطلقةٍ من مسدسنا.. كلا، إنَ البؤسَ لنْ يختفيَ أبدًا، ولكنْ يكفيني خزيًا، أنّي استسلمتْ لهُ، ولمْ أستطعْ أنَ أجابههُ، وذلكَ هوَ الفرقُ بينَ المنتحرينَ الضعفاءِ، والمؤمنينَ الأقوياءِ».
طرقتْ الآنسةُ (أوليفيا) بابَ منزلهِ، لتسأل عنْ حالتهِ، ولتتعرفَ على آخر أخبارهِ، بعد أنْ اختفى تمامًا عنْ الأنظارِ لمدةِ أربعةِ أيامٍ، ولكنهُ لمْ يفتحْ لها، فخافتُ عليهِ من أنْ يكونَ قدْ أصابهُ مكروهٌ، ولمَّا لاحظتْ ضعفَ البابِ وإمكانيةَ كسرهِ؛ ركلتهُ ركلةً قويةً ثمَ دخلتْ، فاستنشقتْ رائحةً الفورمالين الشنيعة، ورأتْ جثةَ السيدةِ (ويد) على السريرِ، إذ كان قد أزاح الغطاء عنها ليراها ويقبلها لمرةٍ أخيرةٍ، فجزعتْ، ثمَ لمحتْ حبيبها القديمَ، السيدُ (فوردْ أوينْ)، نائمًا على مكتبهِ، وبجانبهِ زجاجةُ شامبانيا، فخطرَ على بالها أنَ زوجتهُ قدْ توفيتْ منذُ أربعةِ أيامٍ، وأنهُ لا يخرجُ لإفراطهِ في الشرابِ، محاولاً تخطي حُزنهُ على موتها، فلما هزتهُ؛ سقطتْ رأسهُ عنْ المكتبِ، ولاحظتْ تيبُس يديهِ وبرودتهما .. حدقتْ في وجههِ، وقربتْ ضوءَ الشمعةِ منهُ، فلما رأتْ ثقبَ الرصاصةِ مستقراً في رأسهِ، وآثارَ الدمِ على قميصهِ، وعلى المكتب؛ أطلقتْ صرخةً عاليةً.. ولمْ تستطعْ أنْ تتجاوزَ ذلكَ، فأمسكتْ بالمسدسِ الذي كانَ ملقى على المكتبِ، وأطلقتْ على نفسها رصاصةً أخرى، ختمتْ بها حياتَها، بعدَ أنْ فقدتْ أعزَ ما كانَ لديها.. ألا وهوَ السيدُ (أوينْ)، الذي لمْ يقدرُها حقَ قدرِها، واستخفَ بها واستغلها، لأجلِ امرأةٍ خانتهُ في نهايةِ المطافِ .. آهٍ يا (أوليفيا) المسكينةَ.. من حسنِ حظكَ أنك متِ قبلَ أنْ تعرفي تلكَ الحقيقةَ المرةِ.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.