hsnalshhat

شارك على مواقع التواصل

لعنة كيرشوف

فاق تميم من غيبوبته وجد نفسه نائماً علي كنبة قديمة متهالكة لم يعلم أهلكها الزمان أم أهلكها إستخدام أصحابها

ليجد بجانبه رجل كهل عمره حوالي 70 سنة قام تميم واقفاً مفزوعاً لم يعلم أين هو جالس و من الذي يجلس معه

وجد نفسه أمام هذا الرجل صاحب الوجه الأسود ، كشر ، ضاعت ملامح الفرح من وجهه و سيطر عليها اليأس و الإكتئاب

طمأنه الرجل قائلاً : متخافش .. أنت في بيتي
قال تميم : بيتك إيه ؟

و أنت مين ؟

هو أنا أعرفك ؟
رد عليه الرجل برد صدمه : بس أنا حاسس إني أعرفك

ليرد تميم : تعرفني منين ؟

و أنا فين ؟

وإيه كيرشوف اللي لقيت نفسي فيها دي ؟

و إزاي إحنا بالنهار مع إني ركبت القطر بليل ومقعدتش غير خمس دقايق؟

_ اهدى بس و أنا هقولك اللي أعرفه

_ اهدى إيه بس ، و إيه برود الأعصاب اللي عندكم ده ، الراجل القطر دهسه و لا واحد منكم اطمن عليه و لا حاول يبعده قبل ما القطر يدوسه ، للدرجة دي مفيش رحمة في قلوبكم ... انتو اي ؟ مش بشر ؟

الراجل كان بيتكلم بلهجة زي الصعيدي أو النوبي حاجة ميكس كده متعرفش هل هو ده أو ده ، ولكن تميم مضطر يسمع علشان يعرف سبب كل اللي بيحصل

رد الراجل الكهل و قال : مش أغلى من اللي راحوا يبني ، و هنا قصده على الشاب الميت من دهس القطار

تميم : مش فاهم

الراجل العجوز : هفهمك ، من ١٠ سنين البلد دي مكانتش زي ما أنت شايف و لا كانت فيها أراضي صحراوية كده ، كل ده كان زرع و الخير كان مالي المكان و الكتاتيب كانت مليانة أطفال بتتعلم ، البنات و النساء كانت جميلة ، الرجالة كلها شغالة و الرزق مالي المكان كنا كلنا صحاب و كان فيه مشاعر بنحب و بنكره و منظر زي اللي أنت ....
مقدرتش تشوفه ده ، كان رد فعلنا زي رد فعلك يمكن أكتر كمان

بس رغم كل ده كان جوا كيرشوف قوانين منها الأسر اللي مستواها تحت أوي و الفقيرة كانت بتوأد البنات الصغيرة اعتقاداً منهم إنهم هيجيبوا الفقر يعني من الرغم ان كان في تعليم كان في جهل زي ايام الجاهلية

و الولد هيشتغل و هيصرف و هناك التعليم كان متاح لكله لكن الأغلب كان بيخلي عياله تشتغل أكتر ، وأد البنات استمر سنين كتير... كتير أوي

ومكنش واد البنات بس سبب كل اللعنة اللي اهل كيرشوف فيها
ليتكلم تميم ويخرج عن صمته بنظرة غضب واستغراب من كل ما حكاه الرجل : هو في اكتر من كدة ؟ قتل طفلة حية ولسة في اكتر من كدة ؟
ليرد الرجل : سيبني اكمل يولدي لو حابب تعرف الحكاية
صمت تميم ....

البلد عندينا كانت معروفة بنبش القبور وشوفنا حالات تشيب الشعر مرة نلاقي في المقابر عضم وايادي مرمية واحنا داخلين نزور ميت ... مرة تانية نلاقي اثر قبر مفتوح مع انه بعد الدفن بيكون مقفول كويس اوي

الموضوع اتكرر كتير جدا ابتدينا نشوف جثث لسة مدفونة في اثر سرقة في المقابر والجثث بتكون ناقصة اعضاء وطبعا انت كدة فهمت غرض النبش ده

ليرد تميم في سرعة وتاثر : سرقة اعضاء

الرجل : بالظبك كدة يولدي
طب اللي كان بيعمل كدة اكيد ناس قليلة ذنب اي باقي البلد اكيد في خبايا تانية
_ انا مخلصتش يولدي

_ كمل انا سامع

اهل البلد في الاول كانو زيك كدة شايفين انه حرام وحاجة غير انسانية بالمرة ةعاوزين يعرفو مين اللي بيعمل كدة ويجازوه

بس ده في الاول بس

تميم : يعني اي ؟

ليكمل الرجل كلامه يعني بعدين اما فكرو في الموضوع الشيطان عمالهم عينيهم ومش بس بقا بالنسبالهم شئ بشع زي ده عادي لا كمان بقو يعملوه

تميم حل عليه الصمت ومتلهف مثلما انت متلهف وانت تقرا بالظبط

يعني لما حد من قرايب البلد كان يموت تفكيرهم اتغير من احترام الميت وحرمة الجثة لنظرة تانية زي الحي ابقي من الميت وانهم ينبشو القبر بعد دفنه عشان ياخده اعضائه يبعوها سواء لحد عايش محتاجها زي مثلا المريض اللي بيحتاج نقل كلي وغيره يبعوها لاهل المريض بفلوس كتير
الامر وصل يولدي ان الناس كانت بتستني حد من اهلها يموت عشان يكون ليه طوق نجاة لما يبيعه اعضائه ويبقو معاهم فلوس

غير اننا بقينا نشوف حالات يولدي ان حد يقتل ابوه او امه او جد او جدة لما سنهم يتقدم تحت حجة انهم هيرتاحو وانهم كدة كدة ميتين وكلام من ده


لحد ما حصلت اللعنة و هي إننا صحينا من النوم في يوم لقينا مفاجأة

.. مفاجأة غيرت حياتنا و خلت الناس عندنا زي ما أنت شايف رفيعة و نحيفة بسبب قلة الأكل و هي إن بقينا عايشين زي النمل

تميم الكلمة نزلت عليه زي الصاعقة في رعب ورد : ازاي يعني زي النمل ؟

عرف تميم بعد كدة اسم الرجل وهو كان بالنسبة لتميم اسم علي مسمي فكان اسمه ظلام سنسميه سويا العم ظلام فالبفعل النور لم يعرف طريق واحد لوجهه الشاحب الاسود الكئيب

سئل العم واستغل شدة فضول تميم لمعرفة سر الجملة

نعيش مثل النمل
العم : هو النمل بيعيش ازاي يا ولدي ؟
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.