محمد حسن عبد الجابر

شارك على مواقع التواصل

2 -
لهواة النظام وعشاق الدقة بتفاصيلها الغير منتهية .. عليهم القيام بجولة داخل مصنع الجزيرى ستشعرهم بأنهم داخل نموذج مكبر لخلية نحل متكاملة ، سير العمل بالمصنع يأخذ نفس نهج منظومة عمل خلية النحل     و لكنه خلية بشرية لصناعة و تعبئة عسل النحل ..                                     يعمل عمال المصنع على  أيصال منتج المصنع و هو ( عسل نحل مدينتنا ) إلى أعلى جودة له ليكون فى  أبهى  صوره التسويقية ، حيث أن الجزيرى واحد من أثقل  رجال أعمال ( مدينتنا ) و الذى يسعى
  لأقتناص لقب أغنى رجل فى ( مدينتنا ) ..
نجح  العمال فى الحفاظ على نفس درجة حماستهم فى العمل بالمصنع لسنوات و أستمرت  حتى بدايات عام ٢٠٢٢ و قد بدأت أسعار السلع      و المنتجات رحلة الصعود المتواصل  مع ثبات مرتباتهم و عدم مرافقتها لرحلة صعود الأسعار لتواكبها .. أثر ذلك  بالسلب على نفسية العمال فتأثر أدائهم فى العمل لا سيما و قد بائت كل محاولاتهم فى طلب الزيادة للمرتبات بالفشل حيث تم تأجيل ذلك لأكثر من مرة مع  وعود جوفاء عامة ، مما سمح لبذور الأنقلاب أن تتناثر فى أجواء المصنع فتنبت شيئآ فشيئآ حتى تعمقت جذورها و أشتدت و فى أنتظار فقط من يداعب فتيل قنبلة التمرد فيجذبه لينفجر الغضب و يصب على  رأس الجزيرى !!
كان الجو العام فى المصنع هادئا الهدوء الذى يسبق العاصفة إلى أن  جاء خبر وفاة زميلهم  فنى الكهرباء  أثناء قيامه بتبديل أسبوتات الأضاءة  فى سقف المصنع .. وقع الخبر كالصاعقة على مسامع زملائه لحبهم الجم له و بعد أن أنتزعوا حقيقة السبب المؤدى للوفاة !
لقد توفى فنى الكهرباء غرقاً بعد أن أنزلقت قدماه و أختل توازنه و سقط من أعلى السلم الخشبى ليهوي  داخل سطل عملاق معبأ عن أخره بعسل النحل  و يصل عمق هذا  السطل لأكثر من مترين !!
أستطاع موظف ال IT  بالمصنع  أقتطاع الفيديو خفية  الخاص بغرق زميلهم فى العسل و الأحتفاظ به  بعد أن سجل الفيديو لحظات المعاناة المؤلمة التى مر بها الفنى حتى الوفاة !
تم تسريب الفيديو بين عمال المصنع و تم تداوله بينهم كأنتشار  النار فى الهشيم ,  و مما أشعل النار فى قلوب العمال تسريب أيضاً  خبر تستيف أوراق الواقعة على أنها وفاة  طبيعية خارج المصنع وذلك
لعدم ألحاق الضرر بمصنع الجزيرى ..
كانت واقعة غرق العامل فى العسل  بتطوراتها السريعة هى بمثابة جذب فتيل التمرد و الغضب لدى العمال ، سرعان ما تجمهر العمال وبزغ من بينهم من يصلح لتزعمهم و قاموا بوقفة أحتجاجية أتفقوا فيها  على مطالبة الجزيرى بحق زميلهم و حقوقهم المؤجلة
و أعلنوا أنهم لم و لن  يتنازلوا عنها ..
فى غضون لحظات نقلت الشخصيات ( المعصفرة ) بالمصنع التطورات للجزيرى الذى أتخذ الأمر على محمل الجد و ذهب لموقع الأحتجاج و بعد أن أستمع لهم أخبرهم أن ليست هذه هى الوسيلة التى تليق بأن  يعرضوا عليه  طلباتهم  ..  أمرهم أن يتفرقوا و يتموقعوا على ماكيناتهم و سينظر فى موضوع زيادة المرتبات .. رفض العمال و أشتاطوا غضباً و أصروا على موقفهم بروح الثوار مما أستفز الجزيرى أكثر  فأخبرهم فى صرامة كاسحة أن لديهم ساعة واحدة  من  الزمن لفض هذه الوقفة الأحتجاجية    و أستئناف عملهم أو  مغادرتهم المصنع  دون  رجعة !!
★★★★★★★★
أكتشف محمود أن ( موطن الفاشلين ) الذى أسسه
هو حقآ أكبر نجاح قد حققه !!
لقد تفاقمت أعداد الفاشلين المنضمين لموطنهم الجديد و وصلت لحوالى نصف مليون ، مما رشح هذه الصفحة لتصدر مواقع البحث الألكترونى  لتمر بأزهى أوان لها منذ أنشائها ..
لم تكن الصفحة محط أنظار الفاشلين فحسب بل كانت أيضاً محط أهتمام نوع أخر من رواد السوشيال ميديا.. كان يتابع الصفحة بل و أنضم إليها عدد هائل من الأطباء النفسيين تحت أسامى مستعارة تتيح لهم التوغل فى         ( موطن الفاشلين ) دون أن يكشفهم أحد .. لقد كانوا يتابعون بوستات الفاشلين الذين يقومون بتشييرها و تعرض لمحات من حياتهم السوداوية  ,  و كان هؤلاء الأطباء  ينبهرون بضخامة تفاعل الفاشلين مع بعضهم البعض و كلاً منهم  يشارك ببوست أقوى من الذى سلفه
و كأنه مزاد على أكثر حياة  بائسة !!
لقد راق كثيرا لهؤلاء الأطباء النفسيين المخفيين هذه الأحداث المتطورة  بين رواد الصفحة و وجدوا فيها بيئة ملائمة تخدم مجال عملهم و تدعمه .. وعليه فقط  فكر عدد لا بأس به من هؤلاء الأطباء فى نفس الفكرة  و قاموا بالتواصل مع شركات دعاية  للأعلان عن عياداتهم و أساليبهم المتطورة    و الحديثة فى علاج و تطوير الذات على هذه الصفحة .. موطن الفاشلين ..
سرعان ما تم التواصل مع محمود من قبل شركات الدعايا و عرضوا عليه فكرة الأعلان على صفحة ( موطن الفاشلين ) لأطباء يعالجون
بطرق تنمية و تطوير الذات ..
تملص محمود فى بادئ الأمر و أبدى عدم ترحيبه بالفكرة فتنفيذها                           قد يقلل من مصداقية الصفحة فهى صفحة حرة و ملك  لروادها ..
أسهل طريقة للأقناع هى ذكر المقابل المادى للخدمة و هذا ما أتبعته شركات الدعايا مع محمود الذى أصابه التخبط  عندما أدرك أن المقابل المادى حقآ مجزى فلم يتماسك طويلاً و أعلن موافقته على الأعلانات الممولة  التى               فى غضون أيام  تدفقت  كفيضان أكتسح
موطن الفاشلين ...
***********************
مضت ساعة سلحفية داخل مصنع الجزيرى مرت على العمال و كأنها  دهرآ و على الجزيرى أيضآ ..
الأنتظار فى حد ذاته يعصر العقل و أحياناً يعتصر القلب ..
بزغ الجزيرى فى مكان ما فى الأعلى يتيح له مخاطبة المتجمهرين                   من العمال المتمردين .. لحظة صمت ضربت الثوار بمثابة
ظهور الجزيرى لهم بعد تهديده الحاسم ..
رمقهم بنظرات خاطفة  صارمة و خاطبهم بصوت أجش
و هو يسألهم ماذا نويتم ؟؟
كانوا يتجمهرون فى خطوط  دائرية و فى مركزهم كان يقبع  زعيمهم          و ينادونه بعم ضياء الذى برز لمواجهة الجزيرى و قد رفع ناظريه للأعلى ليرد فى ثقة  على سؤال الجزيرى ..
نوينا على أن لا نفرط فى حق زميلنا الشهيد و لن نتهاون فى حقوقنا
و لن نتراجع عن مطالبنا ..
رد الجزيرى  فى حزم  لحسم الموقف و قال له أسمعها قولآ واحداً منهم .. نظر عم ضياء لهم  كأنه عازف يقود الأوركسترا حتى خرجت منهم سيمفونية الغضب التى أكدت على  كلام عم ضياء ..
أنطلقت  عبارات مقتضبة من الجزيرى على سياق .. أذن فلتصلكم  حقوقكم المادية عن هذا الشهر و لتغادروا المصنع  بعدها  دون  رجعة !!
عبارات قصيرة ثقيلة  أنهى بها الجزيرى الموقف دون تردد أو تهاون .. قرار لم يتوقعه أحداً من الثوار أن يستغنى الجزيرى عن جميع عمال المصنع فى  آن  واحد ..  لقد حول عم ضياء الوضع لظلمات لهم .. بينما تعامل الجزيرى مع الأمر بكل بساطة  و كأنه يدهس سيجارته بعد أنهائها !
أرسل الجزيرى بعد ذلك من يتواصل مع أهل فنى الكهرباء الذى توفى غارقآ فى العسل و تم مراضية أسرته مع ضمان مبلغ شهرى كبير سيصلهم كل أول  شهر شرط أن يغلقوا  ملف الوفاة نهائيآ و عدم التجاوب مع أى محرض يحمل فيدوهات لن تجدى لهم نفعاً ،
بل ستبتر  يد العون  الممدودة  لهم ..
و بخطوات ممنهجة  لم يهدر الجزيرى الوقت بل كان يبرم أتفاقاً مع شركة يابانية لتوريد  روبوتات  بتكلفة مليون دولار  ليقفوا على خطوط الأنتاج بمصنعه لأستمرار عجلة الأنتاج  بل  وضع  خطة  لمضاعفته  !!!
******************
إذا وضعتك الظروف فى غرفة معتمة فلا شك أن ظهور  شعاع  نور فيها  سيلفت نظرك و يجذب أنتباهك ..
محمود كان تائهآ فى ( موطن الفاشلين ) كان يشاهد و يتابع فى صمت بوستات أعضاء الصفحة التى توحى و كأنها لوحات أدبية  لكنها سوداوية كانت تشعر محمود بالظلام الدامس ..
فى ظل هذه العتمة المعنوية كانت بوستات  تشوبها بصيصاً من الأمل تنزل تباعآ لنفس الأسم .. أختلاف لونها المضئ  لفت نظر محمود  ليس فقط  ذلك .. بل أسم صاحبة البوستات هو من جذب أنتباهه أكثر !
( وردة الجنة .. ذبلت فى جحيم الحياة ) كان محمود يتابع هذا الأسم المستعار منذ فترة طويلة و يتفحص بوستاته و هى مكتوبة من حروف  تملؤها الشجن ويكسوها قشرة من  الأمل !
قرر محمود كسر الحاجز الزجاجى الفاصل بينهما و فتح محادثة معها        و تردد كثيرآ قبل أن يكتب لها : السلام عليكم ..
كانت شارة أدمن الصفحة تظهر جنب أسم محمود مما أوهم محمود أنه بمجرد ألقاء السلام على من يحدثه من أعضاء الصفحة سيقتنص عضو الصفحة  هذه الفرصة سريعاً ، عاد محمود و ألقى السلام مرة أخرى        و أيضآ لم يستقبل أجابة .. فعاد للمحادثة و كتب :
هو أنا مش بقول السلام عليكم ؟!
فجائت أجابة كتابية من وردة الجنة الذابلة :  بـس  يــاض ..
عقد محمود حاجبيه و كتب و هو يمسح حروفاً و يعود لكتابتها ثم كتب لها : أطوارك غريبة .. حتى صفحتك  لما فتحتها غرقت فى بحر غموضها .. ممكن أعرف حكايتك ؟؟
ردت الفتاة : بس يا بابا .. و تانى مرة متفتحش حاجة متخصكش ..
ظهر غضب محمود فى كتابته للفتاة : و بعدين فى لماضتك دى ؟
أنتى منين عايز أفهم ؟ أسكندرية و لا القاهرة و لا منين ؟
الفتاة : هريحك و أرد علشان أجابتى هتحيرك ..
انا لا من أسكندرية و لا من القاهرة .. أنا من  النص ..
أستخدم  محمود  دهائه فى المحاورة  :
مهو لو عرفت أنتى منين بجد .. هتخيلك و هقولك حاجات
عن شخصيتك تبهرك .. جربى و أعتبريها لعبة للتسلية ..
الفتاة فى ثقة : أزاى زعيم الفاشلين هينجح فى حاجة ؟
أنا من مدينة تتوسط المحافظتين .. مدينة أسمها ( مدينتنا ) .. لما تعرفها أبقى أتخيلنى و أبهرنى المرة الجاية .. دلوقت أنا لازم أقفل  .. سلااااام ...
نظر محمود طويلاً بعينان مفتوحتان عن أخرهما  لشاشة موبايله بعد أن قرأ كلمات الفتاة صاحبة أسم ..  ( وردة الجنة.. ذبلت فى جحيم الحياة )  ..
*************
أرض الرخاء ه‍ى أرقى  بقاع ( مدينتنا ) تقع بالطبع فى الجانب الشرقى              فى أقصاه .. تم تخصيصها لصفوة أثرياء المدينة ..
أحدث تصميمات عصرية لفيلات ستجدها فى أرض الرخاء .. واحدة من التصميمات المبهرة كانت من نصيب فيلا تضج دومآ بالحياة .. هذه الفيلا يقوم صاحبها و هو شاب فى أواخر العشرينات يدعى  نهاوند ،  بتأجيرها لأقامة  حفلات الزفاف  و أعياد الميلاد و ماشابه و هذا بمقابل مادى باهظ ..
فى حالة عدم و جود حفلات يقيم هو حفلاته  الخاصة مع أصدقائه   و صديقاته ليكسر بهذه الحفلات  سكون الليل إلى أن                                      تعود الشمس من غيابها مرة أخرى ..
فى هذا اليوم كان جدول الأعمال خالى من أى حفلات ، لذلك  دعا نهاوند أصدقائه و صديقاته لقضاء سهرة ساخنة فى فيلته ..                                    نهاوند كان يقدر المخدرات لا سيما الحشيش بينما أصدقائه لا يحبذونه                                    فمنهم من يدمن الخمور و الويسكى و منهن
من غرزت أقدامهن فى حبوب الهلوسة الخطيرة !
نهاوند يسعى دائماً لأستخدام الطرق التى تيسر عليه المعيشة فهو على أستعداد لأن يبذل جهداً كبيراً  كتلة واحدة مقابل أن تمنحه كتلة الجهد هذه أطول فترة راحة ممكنة فيما بعد  ..
حتى فى أمور الهلس يطبق نهاوند نظريته فى الحياة.. فعلى سبيل المثال أبتاع نهاوند مبشرة خضروات  و قد بحث عنها جاهداً حتى حصل على واحدة أستانلس فتحاتها أوسع  قليلا من خرم الأبرة !
و أتفق مع ديلر و أبتاع منه كيس حشيش كامل يزن حوالى ٢٥٠جراماً      و قام ببشره على المبشرة لتحويله لبودر بنى
و قام بتعبئته فى برطمان زجاجى كبير !!
و عند أحتياجه لتعاطى المخدرات فقط  يفتح البرطمان و يأخذ المقدار المناسب ليستخدمه حسب طريقة تعاطيه للحشيش ..
نهاوند يعيش فى الحياة بهدف الحصول على  اللذة و الغرق فى المتعة        و هذه أحدى الأسباب الرئيسية لخلافه مع  والده ..
هجم الليل فى موعده و خيم بظلامه على المدينة .. عكس الحال داخل               فيلا نهاوند فالأضاءات الليد المتناثرة  هنا و هناك تشعرك
أنك فى وضح النهار .. أنتشر أصدقاء نهاوند و صديقاته فى الفيلا                       و كلاً يغنى على ليلاه .. فهناك من يرفع  زجاجة الويسكى و يجرع منها فى همجية  و هنا  فتاة تبتلع حباية يدسها فى فمها شاب يرقص معها و يدس واحدة فى فمه هو أيضاً..
الجميع كان فى حالة  لذة صارخة و نشوة عارمة ..
نهاوند كان يجلس بمرافقة فتاة ممشوقة القوام يغطى شعرها الأسود الداكن كتفيها و تتلوى  على أنغام الموسيقى بينما هو كان ممسكآ بسيجارة الحشيش بين أصبعيه و يسحب منها ببطء  فينفث بعدها سحابات  كثيفة من الدخان ، كان يجلس بالقرب منهما شاب سكير مع فتاة  تشبهه ..
جميع الحاضرون  يعرفون  الخلاف القائم  بين نهاوند و والده رجل الأعمال منذ سنوات قريبة و على أثره أنتقل نهاوند للعيش بمفرده فى هذه الفيلا التى سجلها له والده بأسمه قبل نشوب الخلاف بينهما ..
لكن تأثير الخمور قد ضرب هذا الشاب السكير بقوة الذى يجلس على مقربة من نهاوند و جعله يتطاول فى حديثه مع نهاوند و هو يخاطبه فقال :
شفت أبوك عمل أيه .. سرح العمال اللى عنده فى المصنع و هيجيب  مكانهم روبوتات .. ثم ضحك ضحكاً مريعاً و أستطرد السكير مخاطباً نهاوند .. ليك حق تطفش منه وتقاطعه و تيجى تعيش هنا .. و أصدر ضحكة مقززة  أخرى ثم رفع الزجاجة  على فمه التى كان قابضاً عليها بيديه  و ظل يشرب منها و كأنها مياه غازية !
كان نهاوند قد أعتدل فى جلسته و ما أن أنهى صديقه الثمل حديثه حتى قام نهاوند عن مقعده و أقترب منه فأطفأ سيجارة الحشيش بأسقاطها داخل زجاجة الخمر الممسك بها و قال له :
خلافى مع والدى لن يمنحك الحق فى التطاول على الجزيرى باشا ..                      ثم كال له لكمة عنيفة كانت قد حولت الصخب من حولهما  لصمت الموتى .. ترقب الجميع الموقف بعدها ، و مع تأثير المخدرات كانوا يشعرون أنهم أثقل وزناً و لم يستغرق الموقف أكثر من خمس دقائق قد أنتهى بطرد نهاوند للسكير المتطاول على والده ثم عاد الوضع لما كان عليه                و صدحت الموسيقى مرة أخرى من مكان ما و أحيت معها
الشرب و الضحك و الرقص و كأن شيئاً لم يكن  ..
***************************
محمود طايع هو بالفعل بارع فى مجال البرمجيات ولكنه ليس الأبرع  فيه .. صفحته (موطن الفاشلين ) حالها كحال الجروبات الخاصة بالنساء فقط .. فتجد هذه الجروبات سرية للبنات لكنها فى الحقيقة  تزخر بالرجال المتنكرين فى أسماء مستعارة لسيدات ، هذا على سبيل المثال ..
( موطن الفاشلين ) هو بالفعل مأوى للفاشلين و المحبطين و للهاربين من الحياة بسننها و قوانينها المعقدة .. لكن لا مانع من تواجد  بعض الفضوليين فى هذه الصفحة  لمتابعة ظهور فكرة جديدة كـ ( موطن الفاشلين )                      و محاولة تقليدها و هناك من يندس بينهم لأغراض صحفية و منهم لأغراض مهنية كما فعل بعض الأطباء النفسيين  ..
كما أن مواطنين  الصفحة من الفاشلين لم تولدهم  أمهاتهم فاشلين  .. بل من المؤكد أن لديهم مواهب أو أنهم أتقنوا مهارات أو وظايف على مدار حياتهم السابقة ، لكن ضغوطات الحياة تمكنت منهم و سحقت حماسهم                 و دهست طموحاتهم فأصبحوا على ما هم عليه الأن  فهاجروا إلى                        ( موطن الفاشلين ) بمجرد  ظهوره ..
فى الأونة  الأخيرة  ظهرت مجموعة  من الفاشلين المخلصين                           فى ( موطن الفاشلين ) كانت تقوم بتشيير بوستات على الصفحة                            تدين فيها الأطباء النفسيين و تستنكر أنتشار
الدعايا و الأعلانات الممولة على صفحة موطنهم !
لاقت هذه البوستات الكثير من التفاعل معها سواء  بـ لايك أو كومنت مؤيد للبوست ، و بدأت تجذب و بشدة  أنتباه معظم مواطنين الصفحة  و بدا ذلك جلياً من تنامى  التفاعل مع بوستات الفاشلين المتضجرين  ..
مما حفز أحد أعضاء الصفحة من  فئة الفاشلين المخلصين لأن يستجمع خبراته المغمورة بعقله الباطن و يلملم نفسه و يستفاد من إلاعيبه السابقة فى تهكير الأجهزة و أختراق المواقع و يكرس ذلك ليتمكن من تقديم  المساعدة لنفسه أولاً و لأعضاء الصفحة من الفاشلين و المحطمين نفسياً ..
كانت  البوستات  تتوالى و كانت بمثابة حطب  نار الأنتفاضة ..
بالفعل نجحت هذه البوستات فى أطلاق الشرارة الأولى بداخل الفاشل الهاكرز حتى تحولت لجحيم  فى رأسه و قرر أن يطلق  سراحها .. تحول هذا الهاكرز لتنين  بشرى يُخرج فحيح  الغضب  من مسامه  .. أصبح عزمه معقودا على التنفيذ  حتى  حدد  يوم  رد  الأعتبار ..
على الصعيد الأخر كان محمود  يتعامل مع البوستات الأنتقادية  و الضجر على صفحته  كما تعامل مبارك وحاشيته مع ثوار يناير .. التجاهل ..             ظن محمود أن ما يحدث فى ( موطن الفاشلين ) مجرد  زوبعة  فى فنجان           و ستتبخر و تذهب لحالها  ،  و توهم أن الحماية التى غلف بها الصفحة منحتها قوة ستجعل الصفحة  تدوم  رغم  أى  مناوشات  تدور معها !
كما أنه  كان يؤمن فى أعماق نفسه أن ما يتحصل عليه من دخل مادى ضخم بفضل الأعلانات الممولة على ( موطن الفاشلين )  لن يتنازل عنه و لن يفرط  فيه  و رأى أن التجاهل فن و هذا  أوانه ..
فى اليوم المحدد بذهن الفاشل الهاكرز   بدأ فى ممارسة خطته الهجومية .. أستغرق من الوقت ما أستغرقه و فى النهاية تمت السيطرة  التامة على الصفحة   من حذف  للأعلانات الممولة و  تعطيل نشر بوستات جديدة  و وقف التفاعل مع البوستات القديمة .. أى  تم شل حركة الصفحة بالكامل .. لم يكتف الفاشل الهاكرز بذلك بل كتب بالبنط العريض على الصفحة الرئيسية :
لقد تم أحتلال موطن الفاشلين ..
هذه الصفحة أكذوبة.. فمن أنشأها  يتاجر بفشل أعضائها ..
لا  للمصالح  الشخصية ..
علم محمود بما حدث من خلال ( عصفورة النت )  و هى أشعارات الفيس التى تخبر صاحبها بكل همسة تحدث فيما يشارك به .. فتح محمود ليفهم ما التعديلات  التى حدثت لصفحته دون أن يفعلها ، لكن أصابته الصدمة عندما وجد نفسه كباقى  أعضاء  الصفحة  يفتح ليقرأ فقط  ما تم  كتابته على الصفحة .. حاول محمود أن يستغل براعته فى مجاله لأستعادة  صفحته     لكنه فشل فشلآ ذريعآ و أدرك أنه عاد  مرة أخرى  لنقطة الصفر  ..
أيقن محمود وقتها أن هناك من هو أبرع  منه  فى المجال و أنه
كان مخطئا عندما  ظن أن  فى  التجاهل  نجاة   ..

*****************************************

1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.