DrMohamedZaki

Share to Social Media

كانت التجارب والمحاولات لتحويله لرجل سرطاني مستمرة في تلك الفترة ولم تنقطع. لم يوالي هؤلاء العلماء أهمية لحالته النفسية المتذبذبة كثيرا. لقد كان روبرت متعجلا وكان يحمسهم تارة بمغريات مالية أو علمية ويٌرهبهم تارة أخرى. كانوا في سباق ضد الزمن وضد الرجل السرطاني الأخر. سباق محتدم لابد أن ينجحوا فيه.
كان العلماء قد جعلوه فأر تجارب وحسب يستخدمون تقنيات كثيرة لا يعرفوا نتائجها دون أي رادع أو خوف, أصبحوا مصممين على الوصول لهدفهم مهما كانت التحديات والنتائج. جربوا عليه كل شيء جربوه من قبل مع الحيوانات أو لم يجربوه. كانوا أكثر جرأة بالطبع من الفريق الأخر. زادوا طول توليمرات الحمض النووي حينا وقصروا طولها تارة أخرى. حقنوه بأجزاء من حمض نووي من حيوانات مختلفة وحقنوه بأجزاء من حمض نووي خلقوه هم بأنفسهم. كانوا يغيرون بشكل مستمر من نوعيات الشرائح المزروعة في جسده لتصبح أكثر قدرة على الوصول لأعماق عقله وتلافيفه واختراق وعيه بشكل أكبر ليصبحوا أكثر قدرة على التحكم به. كانوا يهدفون لأمور كثيرة أهمها هو السيطرة عليه ولا يقل أهمية عن ذلك هو الوصول لأماكن أخفاء أموالهم التي سرقها وأمواله التي يخبئها. لم يصلوا لتلك المعلومات أبدا ومع ذلك لم يفقدوا الأمل أبدا أيضا.
بعد ثلاث سنوات طوال, ذاق فيها جيمس أشد درجات العذاب وخضع لتجارب وعمليات جراحية خطيرة لم يكن ليتحملها بشر عادي أبدا. بعد تلك السنوات الصعبة أصبح جيمس على وشك أن يصبح ما يُريدوا هم وليس هو. أصبح جيمس الآن شخصا أخر. ليس بشري وليس حيواني وليس جزء حتى من كل أشكال الحياة على الأرض. شخص يتمتع بما كان يحلم به البشر طوال قرون طويلة. حلم راوده هو نفسه ذات مرة, أصبح لدية الصحة الدائمة والشباب المستمر والقوة المفرطة في آن واحد. كل أحلام البشر تحققت فيه وكل شرورهم. لقد خلق البشر بأيدهم سيدهم وعدوهم وربهم بشكل ما. الشخص الذي لابد سيخضعون له دون قدرة منهم.
كانت هنالك تجارب عليه وهو مقيد بأنواع خاصة من القيود ليعرفوا قدرته على تحمل العذاب وقدرته على تحمل درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة وقدرته على التعامل مع الأمراض البكترية والفيروسية وحتى الفطرية. كان دائما صامدا للغاية أمام كل هذا. تحمل جلده حتى درجة قريبة من 100 درجة تحت الصفر وتحمل حرارة حتى 100 درجة مئوية, كانت الخلايا المُدمرة تتبدل سريعا وباستمرار فلا يتضرر جلده ولا جسده من الداخل, كما كانت خلايا جسده أيضا تتغير وتتكيف مع كل ارتفاع أو انخفاض في درجات الحرارة.
التجارب الأخطر هو قدرة جسده على صد طلقات الرصاص, رصاص المسدسات والأسلحة الإلية, لم تستطع تلك الطلقات اختراق جسده مطلقا. تم التعامل معه بطلقات اكبر حجما وأكثر قدرة على الاختراق. تحمل جسده هذا أيضا. تذكر في تلك اللحظات ما قد رآه من قبل في السجلات الأكاشية. لكن طلقات أر بي جي أحدثت ثقبا في جسده فشعر بكذب تلك السجلات ولكن سرعان ما ألتام تماما خلال ثلاث دقائق لذلك عاد له الثقة في تلك السجلات ثم بعد ذلك التأمت الجروح خلال دقيقين بعد ذلك ثم دقيقة واحدة وهكذا حتى حدث في مرة أنهم لم يعلموا إن كانت الطلقة قد اخترقت جسده أم لا إلا من خلال التصوير البطيء فقط. فبالعين المجردة كانوا مدهوشين لأنهم ظنوا أن القذيفة لم تخترق جسده. ولكن بالتصوير البطيء وجدوا القذيفة تخترق الطبقات الخارجية من الجلد ثم تلتئم بعد ذلك وتطرد القذيفة وتمنعها من اختراق الطبقات الأعمق.
كانوا مدهوشين وخائفين في آن واحد لقد خلقوا ما لم يكن يجب عليهم خلقه أبدا, لقد حضروا العفريت ولا يعرفون كيف يتصرفون معه. أجتمع الفريق العلمي مع روبرت وعدد من الداعمين للمشروع, عرضوا عليهم النتائج, كانوا مدهوشين سعداء بما وصل له العلماء. لم يكن رجال الأعمال خائفين مما حدث له بل يجدون ذلك في مصلحتهم وهو سبب صنعهم له من الأساس. كانوا متعجبين من خوف العلماء ومزاحهم روبرت قائلا:
- أكنتم تظنون أننا أنفقنا ما أنفقنا لنخلق قطة شيرازي معدلة وراثية. أننا نريد وحشا حقيقا أكثر قوة من كل البشر وأسلحتهم وأكثر تطورا من كل روبوت أو سلاح على الأرض. عليكم أن تجربوا أنواع أخرى من الأسلحة لمعرفة قدرته على التعامل معها وكذلك تطويره لكي يتصدى لها. كان روبرت في داخله أمر قد أخفاه عن الجميع. لم يكن قد خطر على عقل أي واحد منهم. كان ينتظر أن يمر جيمس بكل تلك التجارب ثم يظهر حقيقة هدفه الخفي.
استمرت الأبحاث على هذا المخلوق الجديد, كانت مراحل أكثر صعوبة بكثير, مع كل قذيفة جديدة لم يكن الجسد قادر على تحملها, وكانت الاستجابة والتعامل معها يقل مع الوقت. لم يكن جسده قادرا على التعامل مع تلك القذائف. لم يكن أحد منهم يعلم السبب في ذلك.
هل حقا تلك هي أقصى حدود قدرته؟ أم انه هو من يرفض أن يطور ذاته؟.
الإجابة كانت في داخله وهو كان يرفض الحديث معهم.
هم كانوا يخافون منه ومن قوته المحتملة. هو كان صامتا لا يبدي أي انفعال لما يفعلون به لكنه لم يكن يظهر أي تعاون أيضا. كان صمته وهدوئه يخفيهم كثيرا. لكنهم كانوا في عجب من أمره.
كانوا يتسألون:
لماذا لا يريد تطوير قدراته لو كان الأمر بيده؟.
لماذا يريد أن يقف عند تلك القدرات وحسب؟.
هم يعلمون جيدا أن كل تطور سيكون بالطبع في صالحه هو وليس في صالحهم ولكنه يرفض أن يتطور, فما هو هدفه إذا؟.
كان روبرت يعنفهم كثيرا ويهددهم بالقتل لهم ولذويهم. لم يكن يتفهم ما يقولونه له. لقد تشجع أحدهم وقال له:
- يمكنك أن تحضر تجربة معنا لتري بنفسك. بالرغم من أنه قد قتله بطلقة من سلاحه الشخصي لكنه حضر التجربة التالية. كان يقف في حالة من الذهول. كان يتساءل:
- ماذا يريد جيمس بالضبط؟.
في اجتماع حاسم نُقوش كل شيء يخص جيمس, كان روبرت يرفض تماما التوقف عند هذا الحد ويرى أنه بتلك الطريقة سيكون قد أنفق أمواله بلا طائل منها. شخص أقصى ما يتحمله فقط قذيفة أر بي جي. كان يسخر ويقول لهم شخص بخلايا سرطانية جل ما يستطيع تحمله هو قذيفة صغيرة, أليس هذا مضحكا؟. غير روبرت نبرة صوته وقال:
ـأريد شخصا ذو قدرات حقيقة, أريد ورما يمشي على الأرض, أريد ورما لا يقدر البشر على حربه يا سفهاء. أريد ورما لا ينتصر عليه البشر كما لم ينتصر البشر على السرطان.
أقترح بروفيسور ماك أرثي أن يتم تغيير الشرائح التي في عقله لشرائح أكثر تطورا وأكثر قدرة على التحكم فيه. استحسن روبرت تلك الفكرة. لكن بالرغم من تغير شرائح عقله أكثر من مرة فلم يحدث أي تقدم ملحوظ حتى جاءت بروفيسور جاك فكرة عجيبة.
قال بروفيسور جاك:
- نجري التجارب عليه وهو مخدر. الجسد لا يحتاج الوعي والإدراك لكي يتعامل مع الجروح وما شابهها. لا نريد الآن أن نعرف ردة فعله وسرعتها ولا طرق تفادي تلك القذائف المتنوعة بل فقط نريد أن نعرف, هل يستطيع الجسد تحمل قذائف أكبر من أر بي جي ام لا؟.
خضع جيمس لأول تجربة وهو مُنوم. لم تكن النتائج مختلفة. كان روبرت غاضبا ولكنه لم يتقبل أي حديث سلبي من أي واحد منهم. كان الجميع يتعجب من إصرار روبرت على خلق كائن جديد لن يتورع مطلقا أن ينتقم منه ومن الجميع.
بعد ثلاثة أشهر أصبح العلماء على قناعة بأن قدرات جيمس قد توقفت هنا وكانوا سعداء بذلك فهم كانوا يخافون من جيمس وانتقامه منهم ربما أكثر من خوفهم من روبرت وهذا ما شعر به روبرت لذلك فقد أصبح عليه أن يُرعبهم بطريقة تجعلهم تحت سيطرته الكاملة.
كانت فكرته هو أن يحرق واحد منهم أمامهم ولولا ما حدث لكان قد أقدم على ذلك.
بدأ جسد جيمس يتفاعل بشكل أفضل مع القذائف الأكبر من أر بي جي. لم يكن أحد يفهم السبب في ذلك. لقد أصبح جسده قادر على تحمل قذائف 40 مل وأكبر بقليل ثم قذائف مدفعية أكبر واكبر حتى القذائف الصاروخية.
لكنه وقف عند الصواريخ الصغيرة وحسب, لكن روبرت رفض ذلك تماما. ظلت التجارب بلا توقف.
أثناء ذلك لم يكن أحد منهم يعلم حقيقة ما أصبح جيمس يمتلك من قدرات خاصة, لقد نسوا في خضم ما كانوا يريدونه من قدرات جسدية ما يمكن أن يمتلك من قدرات عقلية. لقد أصبح جيمس أكثر من وعي مندمج معا منذ أصبح جسده من خلايا سرطانية وبالطبع وعي أخر. لم تفقد الخلايا السرطانية وعيها الخاص كما لم تفقد قدراتها المخيفة. لقد أصبحت ذاكرة الخلايا الجديدة قادرة على تذكر كل ما حدث أثناء اختفاء وعي جيمس البشري. كان يسترجع كل ما فعلوه بمجرد استيقاظه. كان يتذكر ذلك جيدا ويتوعدهم بالتنكيل بهم بمجرد أن تسنح له الفرصة, كان على يقين أنها لابد ستأتي لا محالة. كان مستعدا ومنتظرا ولكنه لم يكن يعلم ما يمكن أن يكنه له ذلك الماكر الخبيث روبرت.
كان لابد من أجراء تجارب عليه أثناء يقظته ليتعلم ويطور قدراته على تفادي القذائف الصاروخية الكبيرة وكذلك الهرب السريع من مناطق الانفجار. كان ذلك مهما للغاية لأنه ببساطة سيفتح لهم دروبا جديدة للنجاح في خطتهم نحو تطوير مخلوق جديد ذو قدرات لم يعرفها البشر من قبل, لابد أن يضموا أنه سيكون أكثر قوة وقدرة على الفتك من مايكل عدنان المدعو فري مان أو الرجل السرطاني.. كانت قدراته تتطور يوم بعد يوم وساعة بعد ساعة وحتى ثانية بعد ثانية.
جاءت اللحظة الحاسمة وأختبر جيمس الذي أصبح يدعى الرجل الأخطبوطي. كان هذا الاسم مدروس جيدا فدائما ما ينظر للإخطبوط على أنه كائن خرافي حتى أكثر منه كائن حقيقي وينظر له دائما أنه مخلوق ربما هبط من السماء فهو لا يشبه أي مخلوق أخر على الأرض, فهو ذو بنية خاصة به, رأسه كبير للغاية, كما أن عقله ممتد خلال جسده وفي كل مكان. فهو يمتلك تسعة عقول واحد في رأسه وثمانية في كل ذراع من أذرعه الثمانية كما ولديه ثلاثة قلوب. أما الأمر الأكثر أهمية هو قدرته على تجديد خلاياه كلها مثل جيمس. كذلك فهو دائما ما ينظر إليه على أنه مخلوق مرعب وقاتل ومخيف رغم أن الحقيقة غير ذلك. كان هنالك سر أخر لم يفصحوا عنه لأحد. لقد تم زراعة جزء من جينات الإخطبوط في جسد جيمس. كثيرا من مميزات الإخطبوط قد نُقلت لجيمس, قدرته السريعة على اتخاذ القرار عبر المراكز العصبية الشبيه بالمخ الموجودة في عدة مناطق في الجسد, في الجلد والعين والقلب والرئة و الأذرع بما في ذلك اليدين والساق بما في ذلك القدمين يستطيع كل جزء من هذه الأجزاء التعامل بطريقة مباشرة بدون الرجوع للدماغ. كل ذلك كان يعطيه قدرات خاصة من حيث سرعة الاستجابة لكل فعل و سرعة رد الفعل وسرعة كبيرة جدا في أعادة بناء خلايا جسده المدمرة. كان يمتلك أربع أذرع جديدة تشبه تماما أذرع الإخطبوط والتي تنمو بشكل مستمر. كانت الأذرع فكرة رائعة منهم لكي يستغلوا قدرة الخلايا السرطانية السريعة النمو لتمو بشكل مستمر في تلك الأذرع والتي يمكن ببساطة طيها بطرق مختلفة حتى تشغل حيز صغير للغاية كما يفعل الإخطبوط. كما كانت تلك الأذرع الأربعة الجديدة تمتلك قدرات خاصة بها حيث يمكنها أن تتحرك في الاتجاهات المختلفة بسهولة ويسر وكذلك التمدد لمسافات طويلة تصل إلى خمسة عشر مترا. هذه الأذرع يمكنها التذوق والشم والإحساس كما يمكنها البطش أيضا. كانت تلك الأذرع قادرة أيضا على حمل باقي الجسد لارتفاعات كبيرة والتحرك السريع مع قدرة كبيرة على رد الفعل السريع. كانت تلك الأذرع تمكنه على التحرك فوق كل شيء وخاصة المباني الشاهقة وتسلقها سريعا وبدون أي عوائق فتلك الأذرع الطويلة تمكنها أيضا من العبور من مبني لأخر ويمكنها أيضا أن تتحمل السقوط من ارتفاعات شاهقة دون أن يتسبب في تحطيم جسده. في تجربة خاصة أستطاع الرجل الأخطبوطي أن يتسلق مبني شاهق في أقل من دقيقة واحدة ليس هذا وحسب بل أستطاع أن ينتقل من هذا المبني لمبني أخر مجاور أقل ارتفاعا وكانت المسافة بينهما قرابة مائة متر عبر قفزة منه سريعة ودقيقة كان الجميع يحبس الأنفاس في تلك اللحظة. فقد تنجح التجربة وينجح مشروعهم أو تفشل التجربة وينتهي كل شيء. ولأن وزنه كان أيضا خفيفا فكان تنقله سريعا ولم يسبب دمار المبنى الذي تسلقه ولا المبني الذي سقط عليه. كما لم يتأذى جسده مطلقا. كانت تلك القدرات الجديدة قد فاقت قدرتهم على التخيل. أصبح الآن الرجل الأخطبوطي جاهرا تماما لتحيق هدفه الأول. وكان روبرت أيضا مستعدا لتحقيق هدفه من كل تلك التجربة. لم يكن أحد يعلم بخطة كل واحد منهما ولا من سيبدأ أولا ولا حتى لمن سيكون الانتصار.
كان جيمس يريد أن يعرف قوة تلك الأذرع الحقيقة, تلك الأذرع العجيبة والغربية في آن واحد. كانت قدرتها خلابة وخارقة. ولكنه لم يكن يعرف كيف يستخدمها لتحقيق أهدافه. أردا أن يكتشف قدرتها على تحريره من القيود, لذلك فقد أستغل فترة الأعياد وحين كان الغالبية العظمى يحتفلون بنجاحهم في خارج المختبر بينما كان قلة فقط هم من موجود في المختبر, أستغل هو ذلك جيدا.
فكر أن يستغل هذا فقد كان مقيد كله. جسده السرطاني وجسده الأخطبوطي. كان هنالك قيود خاصة لتلك الأذرع وكانت غليظة وقوية وثقيلة. كان الوزن الكبير هذا هو العقبة الأكبر أمامه. ففوق كل ذراع كان هنالك ثقل كبير ولكنه في نفس الوقت وزن محسوب بدقه حتى لا يؤثر سلبا على تلك الأذرع. كان يفكر كيف يمكن له أن يحرر أي ذرع منهم من تحت هذا الثقل الكبير. واتته فكرة رائعة هو أن يجعل المنطقة تحت هذا الثقل متضخمة حين يتم وضع الثقل عليها ثم يقوم بسرعة عالية بتصغير حجم الذراع وجعله مفلطحا في أن واحد وأن يتحرك بسرعة اكبر من سرعة السقوط الحر للثقل وبطريقة عرضية وليس طولية لأن ذك سيكون مسافة صغيرة للغاية. كذلك كان عليه أيضا أن يحرك ذلك الذراع بأقصى سرعة لكي يمكنه من تغطية كل الكاميرات الموجودة في الغرفة وكذلك تحرير أقرب ذراع له ثم على هذا الذراع أن يحرر باقي الأذرع وكل الجسد خلال أقل من عشر ثواني ثم يعيد مرة أخرى القيود وبنفس الشكل والمواضع بالضبط. كان يعلم أن عامل النشوة والسعادة التي يشعر بها الجميع ستكون في صالحه وكذلك ما يشعرون تجاهه من تعاون وما يظهره من سعادة وبالنجاح الذي يحققونه كل ساعة. كذلك كان الجميع قد أعد مشروبه المفضل من النبيذ ليحتسيه في تلك الليلة. كان يعلم أن منتصف الليل هو اللحظة المرتقبة للاحتفال. الجميع سيحتفل إلا هو صاحب الانجاز. كانوا قساة ومستفزين له حفا. لكنه لم يكن مشغول بذلك فقد اعد الخطة الخاصة به للانتقام منهم. كانت الحفلة على شرفه بينما هو الوحيد الغائب عنها. في اللحظة المحددة في تمام الساعة الثانية عشر حيث الجميع ممسكا بكأسه ليتشاركه مع الآخرين عبر تقنية الفيديو, كان هو الأخر يعد نفسه بكأس خاص بعد أن يحقق هدفه ولكنه سوف يحتسيه بمفرده وهو يعزف موسيقاه المفضلة. كان قد أقسم أمام نفسه بذلك. تجهز سريعا والجميع يتشاركون هذا الكأس. شفط ذراعه بأقصى سرعته ثم سحبه في أقل من واحد على عشرة من الثانية وقبل أن يسقط الثقل فوقه كان قد حرك الذراع يسارا حتى حرره ثم رفعه سريعا في اتجاه الكاميرات وفي خلال ثانية واحدة كانت 14 عشرة كاميرا في كل أجزاء الغرفة الموجود فيها قد غُطت تماما ثم جاءت لحظة تحرير الذراع الأخر, لكن طول الذراع كان عقبة أمامه. حاول بكل طاقته أن يمده سريعا ولكنه لم يستطع. فالذراع لم يصل للذراع الأخر وحاول أن يحرك الذراع الأخر بطريقة جانبيه ليقربه من هذا الذراع. كان عليه المحاولة ثم المحاولة حتى أستطاع أخيرا أن يحرر ذراعه الثاني بنفس طريقة تحرير ذراعه الأول. في ثانية واحدة كان قد حرر ذراعه أخر.
في غرفة المراقبة بدأ أحد المراقبين أسمه ديفيد يلاحظ اختفاء الصورة أمامه وهو يرفع الكأس ليحتسيه. سريعا كان قد احتسى الكأس ووضعه على الطاولة أمامه. كان خائفا ومترقبا. الجميع ينظر له ولزميله عبر الفيديو. لا يجب أن يظهر أي اضطراب كما يجب إن يتحرك سريعا ليعرف ماذا يحدث بالضبط. فكر سريعا وهو رجل أمن مخضرم. فأسقط الكأس من فوق المنضدة ثم نزل سريعا على الأرض لكي يمسكه وتلك المنطقة لم تكن تظهر في الشاشة ثم أقترب سريعا لموضع شاشات المراقبة. في تلك اللحظة كان جيمس قد حرر كل اذرعه الأخطبوطية ولم يبقى له إلا جسده السرطاني ثم أعادة كل شيء. في تلك اللحظة التي كان المراقب يقترب من الشاشات ليعلم حقيقة الأمر, كان جيمس قد حرر كل جسده وكان عليه أن يعيد كل شيء لوضعه الأول في نفس اللحظة التي وصل فيها المراقب للكاميرات وأصبح يعلم جيدا بأن هنالك شيء ما غريب وفي اللحظة التي أراد أن يتخذ فيها قراره قامت زميلة له بالنداء عليه وقالت له,, قم وقبلني ولنحتفل بما حققنا من أنجاز,,. كانا قد تواعدا بأن يقبلها بعد احتساء هذا الشراب وكان هو شغوفا لفعل ذلك وكذلك هي وقد شغلت عقله وجمدته لثانية واحدة وربما اثنتان وحينما رجع له صوابه كان جيمس قد أعاد كل شيء لسابق عهده.
كان جيمس يفكر في تلك اللحظة أن يخرج من غرفته ويقضي عليهم ولكنه تمهل لأن الموجودين الآن ليسوا أعدائه الذين يريد الانتقام منهم ولابد أن يكون روبرت موجودا في تلك اللحظة التي سيتخذ فيها القرار. كان يعلم أن الفرصة لن تسنح له أكثر من مرة واحدة فحين يفعل ذلك سوف ينتقمون منه أشد انتقام إن كان أحدا منهم قد نجا ولابد أنهم سيقتلونه أو يفعلوا به ما هو أسوء.
كان المراقب ديفيد على يقين بأن شيء ما قد حدث ولكنه لم يكن يمتلك دليل على ذلك من ناحية, كما أن رد فعل روبرت العنيف دائما قد جعله يخفي ما حدث وان كان قد أتخذ قرار بأن يبحث ليعرف ماذا حدث بالضبط.
لأيام تالية كان دائما جيمس هادئ الطباع للغاية بل وبشوش أيضا على غير عادته ولكن ليس بطريقة مبالغ فيها حتى لا يوحي لهم بالتعجب والبحث. كان يفهم كيف يتعامل معهم وكان ديفيد يراقبه بصورة مستمرة ليعرف حقيقة ما حدث. كان جيمس ينام كل يوم في موعده ولم يكن يفعل أي شيء غير تقليدي, لذلك كان المراقب ديفيد مطمئنا لحد كبير. كان فقط يريد أن يعرف حقيقة ما حدث في تلك الليلة . كان يراجع الكاميرات بحرص شديد دون أن يعرف احد أخر بما يفعل ولا لماذا. كان يلحظ سرعة اختفاء الصورة لمدة عشر ثواني ثم عودتها بشكل تلقائي. كان يبدو أن الكاميرات قد غُطت بشيء ما أو أنها فقدت الاتصال. كان يراقب الصور الخاصة بكل كاميرا على حدا فقد توقفت الكاميرات في نفس التوقيت تقريبا, وهذا يعني بشكل كبير أنها مجرد عطل فني ولكنه كان يرفض أن يصدق ذلك فحنكته قد علمته الكثير. كان يقرب الصورة ويبعدها على الشاشة الكبيرة أمامه ليفهم ما حدث. لاحظ شيء يشبه الحراشف أو الزوائد على جانب من صورة الكاميرا الثالثة في الغرفة. في الثانية الخامسة تحرك ما كان يغطي الكاميرا لبضع من المليمتر حتى ظهر حرشوف أو ما يشبه ذلك. كان يعرفه جيدا لقد فهم ما حدث ولكنه لم يصدق. كان يسأل نفسه:
كيف أستطاع جيمس أن يفعل ذلك في غضون وقت قصير للغاية, أن يحرر ذراعه ويغطي الكاميرات كلها في نفس الوقت؟.
لماذا أراد ذلك؟
كان هذا هو السؤال الأهم بالنسبة له, لماذا فعل ذلك؟
هل هنالك خطة ما؟.
أم أنها مجرد طريقة ليعرف قدراته وحسب؟
هل يمكن لشخص مثل هذا أن يفعل هذا لمجرد التسلية, لقد كان يعرفه جيدا.
أصبح ديفيد يزور جيمس كل يوم وأصبح يتودد إليه على غير العادة. كان جيمس متعجب من هذا السلوك وكان بالطبع يعني له الكثير. لذلك فكر أن يسرع بتنفيذ مخططه بمجرد انتهاء أسبوع الأجازات هذا.
مر الأسبوع متثاقل على جيمس وكذلك ديفيد. كلاهما كان يضمر شيء في داخله. كان يعرف أن ديفيد ربما يخبر واحد من علماء المختبر بما حدث ولو على سبيل الدردشة. لذلك كان مستعدا لذلك جيدا. حين عاد الجميع للعمل تحدث ديفيد لجاك واحد من علماء المختبر. تحدث جاك لبل مدير المختبر والذي بدا منزعجا وخائفا. قال له:
- أننا خلقنا بأيدينا من نعلم جيدا انه يكرهنا ويتمنى أن يتخلص منا. لقد خلقنا قوة نحن الذين خلقناها لا نعرف مدى قدرتها وقوتها, لقد خلقنا المجهول وسوف يتسبب ذلك في مقتلنا بطريقة بشعة لا محالة. لابد أن نتصرف بحكمة وذكاء في آن واحد.
قال جاك متحيرا:
- ماذا علينا أن نفعل؟.
قال بل:
- الطريق معروف ولا سبيل غير أن نتخلص منه.
صاح جاك وقال:
- وحينها سيقتلنا روبرت بكل عنف.
قال بل:
- كل ما سيفعله روبرت لن يساوي شيء مقارنه بجيمس. أنه يكرهنا ونحن نعلم ذلك. لن يكون جيمس خطر علينا نحن وحسب بل على البشرية كلها. أنه يمكنه فعل أشياء أعظم بكثير مما نظن.
صمت كلاهما وهو يفكر فيما يجب أن يفعلا.
زادت جرعات المخدرات التي تعطي له في محاولة للسيطرة عليه ولكن تلك الجرعات كان مفعولها يقل كل يوم لسبين. الأول أن جسده كون مناعة ضدها وضد مفعولها. ثانيا لأن جسده ينمو بشكل سريع لذا فانه كان يحتاج جرعات أكبر كل يوم. حين أصبحت الكميات المستهلكة من المخدرات كبيرة للغاية سأل روبرت بل بشكل واضح:
- لماذا كل هذه الكميات الكبيرة من المخدرات؟.
كان رد بل واضحا:
- لكي نتمكن من التحكم فيه, لابد أن يظل تحت سيطرتنا.
نظر له روبرت غاضبا:
- أليس هو تحت سيطرتنا؟.
نظر له بل متعجبا:
- إن قدراته تنمو كل يوم بل كل لحظة وأنت تعلم ذلك جيدا.
قال روبرت وهو مبتسم:
-وأنا أريد ذلك.
قال بل متخوفا مما قد يفعله روبرت الممسك دائما بسلاح في يده:
- أريد أن أسجل تخوفي للمرة المائة مما نحن مقدمون عليه. لقد حاول إن يفك أسره في ليلة العيد ولا أحد يعرف إن كان قد نجح أو لا؟.
قال روبرت منتشيا وسعيدا:
- هل حاول فعلا؟.
قال بل متعجبا من رد فعل روبرت:
- نعم لقد فعل.ولقد غطى كل كاميرات الغرفة الخاصة به في أقل من ثانية بكثير. ولولا قدرات ديفيد لم يكن لأحد أن يكشف ذلك.
كان روبرت ينظر إليه بتعجب ثم قال:
- لما تراه قد فعل هذا؟.
نظر له بل متعجبا:
- لابد أنه يريد أن ينتقم.
نظر له روبرت متعجبا:
- ممن؟.
قال بل وهو أشد تعجبا:
- منا!!!.
قال روبرت:
- لماذا؟ لقد حولناه لكائن خارق يتمنى كل البشر أن يصبحوا مثله. الجميع يريد أن يصبح مثله, أليس كذلك؟.
قال بل:
- ولكن الجميع يريد أن يكون مثل هذا دون تعذيب وإجبار و.....
قال روبرت مقاطعا:
- لم نجبره على شيء بل كان بإرادته والاتفاق معه. كما وأن الألم دائما ما يكون جزء من كل عملية عظيمة في تاريخنا مثل الحمل والميلاد, أليس كلاهما مؤلما ومرهقا. لقد وُلد من جديد, كائن أخر وكان لابد من الألم.
أصبح بل يعلم أن النقاش لن يجدي نفعا لذا قال:
- ما أريد أن أسجله هو إن قدراته تنمو كما قلت في كل لحظة بشكل مقلق ومخيف.
قال روبرت مبتسما:
- وهذا ما أريده. أن تنمو قدراته في كل لحظة ألف وألف مرة.
قال بل:
- ولكن.
قال روبرت:
- لا أريدك أن تقلق فكل شيء تحت السيطرة. اتركه تنمو قدراته وثق أنه في الوقت المناسب سيكون له ولكم جميعا منى مفاجأة.
قال بل متهكما:
- هل ستكون مفاجأة سارة؟.
قهقه روبرت وقال:
- بالطبع ستكون.
كان بل صامتا ويفكر في المصيبة القادمة ولكنه قال في نفسه:
- لن تكون أبدا أسوء مما نحن فيه.
لم يكن يعرف ما يخبأه له المستقل وروبرت.
كان العلماء قد أجمعوا على التخلص من الرجل الأخطبوطي مهما كلفهم ذلك. كانوا يخططون للهرب بعيدا عن المختبر بعد التخلص من الرجل الأخطبوطي واللجوء لأي دولة تحميهم من بطش روبرت بعدما يصورن كل شيء يخص الرجل الأخطبوطي ويضعون أمامهم كل شيء يخصه. كانوا مؤمنين أن ذلك سيكون سببا حقيقا ومناسبا لكي يحموهم.
على الطرف الأخر كان الرجل الأخطبوطي مستعد لتنفيذ مخططه. الانتقام أولا منهم ومن روبرت ثم التحكم في المختبر ويليه التحكم في العالم كله لو لزم الأمر.
لم يكن أحد يعلم من سينتصر.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.