أخذ "علي" يدون ملاحظاته عن ما تم كشفه من معلومات جديدة خاصة بالقضية سواء كشف هوية "متولي" عن طريق أقوال "أزهار" و" أنشراح" وكذلك ملف قضية حريق منزل "متولي" وأثناء تسجيله لأقوالهن توقف عند أقوال " أنشراح" بأنها طلبت من " أزهار" تحضر الطفلة " هاجر" بسبب أنها كانت تهذي بعبارات غريبة كما ذكرت أن "جابر" الذي تلصص علي "متولى" ذكرت أنه سمعه وهو يهذي بعبارات غريبة أيضا وفي أقوالها ربطت بين الأثنان "متولي" و"هاجر" وتشاركهما في هذيانهما بعبارات غريبة .... وهنا توقف "علي" بين هذا الربط الذي جاء بأقوال "أنشراح" ... ظهور تلك الطفلة الغريبة مجهولة النسب والهوية قبل بداية سلسلة الجرائم الغامضة بتلك القضية ... محاولات الجميع المضنية أن تنسب تلك الجرائم للجان والماردة منهم وهذا منافي للعقل والمنطق ؛ ويجب أن يعلم سر العجوز الغريبة التي أحتلت المنزل المحترق وغيابها عن الأنظار فهي قابعة بالمنزل ليل نهار ؛ أمرأة عجوز مثلها طاعنة بالسن من أين لها بالطعام والشراب لأبقاءها حية ؛ وعندها عزم "علي" أن يتخفي ليلا لمراقبة تلك العجوز لعله يجد لديها قبس من نور يضيء له الطريق نحو فك طلاسم وشفرات تلك الجريمة .
وتخفي"علي" في ظلام الليل وتوجه للمنزل المقصود بالحارة وساعده في ذلك أختفاء القمر بتلك الليلة لعدم أكتماله حيث يتصادف تلك الليلة بداية الشهر العربي مما جعلها ليلة مواتية لمهمته وأقترب من المنزل المنهار يتلمس طريقه حثيثا حتي لا يشعر به أحد وسمع العجوز وهي تتمتم بعبارات غامضة كما روي عنها ؛ وأقترب أكثر متخفيا لعله يجد ما يسمعه يكشف سر تلك العجوز الغابرة .
كان هناك صوت آخر يتحدث مع العجوز فأسترق "علي" السمع ليدقق في الحديث ويستمع إليه جيدا فسمع..
صوت خشن لرجل:" بأقولك أيه يا ستي كده جبرت ولازم ننهي اللي بدأناها ونشوف لنا مكان تاني نسترزق منه"
ليجيبه صوت العجوز :" يا واد أنت دايما خلقك أضيق من خرم الأبرة كده اللي يصبر ينول يا والا .. احنا حنعمل قرشين حلوين بس أصبر أنا عندي فكرة حتأكلنا الشهد بس أنت تصبر تنول يا والا ... "
ليتحدث الصوت الآخر المجهول:" يا ستي أنا زهئت من عيشة الوطاويط دي باستخبي بالنهار وأظهر بالليل ودي مبقتش عيشة دي .."
ليظهر صوت ثالث طفولي:" عنده حق يا ستي أنا ما صدقت أختفيت وقرفت من الحارة واللي فيها خلينا نرحل بقي وكفاية لحد كده"
صوت العجوز :"يا واد أنت وهي هو أنت عشتوا اد ما عشت علشان تعرفوا الصح من الغلط ولا الصالح فين ... باقولكم أيه صدعتوني وأنا عاوزة أتخمد أنام... نقطوني بسكاتكم بقي والصباح رباح يالا اتعشوا وأتخمدوا أنتوا كمان "
وسكت الجميع وحاول "علي" التحقق من الشاب والطفلة اصحاب الحديث مع العجوز ولكن الظلام الدامس حجبه عن تلمس هويتهم وأنصرف "علي" للأختباء وعند بزوغ شروق الشمس يستطيع أن يتبين هويتهم وأمكانية تصويرهما بهاتفه المحمول ليكشف عن هويتهم الحقيقية وما هي العلاقة التي تربطهما بالعجوز؛ وأختبيء بالفعل وظل مستيقظ حتي الموعد المرتقب ليقترب من المنزل المنهار ليمنحه القدر الفرصة السانحة لتصوير الشاب والطفلة بصور واضحة لوجههما وأنصرف "علي" عائدا لمكتبه وقد أختمرت في عقله فكرة قد تكشف لتلك الجريمة سبيل .
قام "علي" بتعيين أحد أمهر مخبريه وكلفه بمراقبة المنزل وتسجيل أي تحركات خروج أو دخول للمنزل ؛ وقام بفحص الصور الخاصة بالشاب والطفلة وقام باستدعاء كلا من " أزهار" و"أنشراح" اللاتي حضرن لمكتبه
وكان حذر وهو يستجوبهن قائلا:" هو البت "هاجر" دي مختفية من أمتي؟"
"أزهار":" أختفت لما أختفت المرحومة" أنصاف" والله أعلم يا باشا اللي تواها تواا البت معاها ولا وداها فين "
"علي":" اممممم ... طب البت دي شكلها ايه اوصفوهالي كده"
"أنشراح":" هو بص يا باشا هي طويلة وتبان أنها عندها يجيي عشر سنين بس "أنصاف" قدرت سنها أقل جسمها فاير كده كأنها شابة فالعشرينات عيونها سود وشعرها طويل أسود بيلمع وكانت خمرية "
ولاحظ الأثنتان بأن هناك رجل ممسك بلوحة مثل تلك المستخدمة في الرسم ويخط بقلمه أثناء شرح وصف العفريتة "هاجر" ؛ وبسرعة مذهلة قدم الرجل المجهول لهن لوحته للضابط "علي" ليديرها لهن .
"علي":" شكل البت كده؟"
وذهلتا وتحدثتا :" هي يا باشا بالمللي "
"علي":" تمام تقدروا تروحوا ولو أفتكرتوا أي حاجة تيجوا علي طول"
وابتسم "علي" فلقد تطابق الوصف مع صوت الطفلة المتحدثة مع العجوز ؛ وأستشعر بقرب حل ذلك الكابوس أو القضية الغامضة.
وتوجه لمكتب رئيس النيابة صديقه المستشار " كريم المنشاوي" وعرض عليه الأمر وبرغبته بالقبض علي الطفلة "هاجر" والعجوز والشاب بالمنزل لمعرفة هويتهما وسبب تواجدهم بالمنزل ولماذا أختفت "هاجر" الشاهد الوحيد علي مقتل "أنصاف" المعروفة ب "أم عبده".
ووافق رئيس النيابة وتم أصدار أمر القبض والأحضار للثلاثة ليمثلوا أمام ضابط المباحث "علي".