وفي تمام الساعة السابعة تبددت آراء "كرم" الداخلية بأستحالة أن تصبح جاهزة علي الموعد فهي مثلها مثل كافة الفتيات فمن أين تستقي أختلافها.
وكأن القدر أراد أن يصفعه علي وجه ظنونه ليتعلم التأدب في حكمه علي الغير وأن يجعل من التريث له طريق بل وسبيل ؛ كم كانت مذهلة بثوبها الأكثر بساطة وأناقة علي وجه البسيطة ؛ تصفيفها لشعرها الحالك السواد ك ليل أستلهم منه الشعراء أجمل القصائد والأبيات ؛ والقرط اللؤلؤي الذي يحاكي في تلألؤه سحر أبتسامتها .. كم أنتي مذهلة ردد بصوت منخفض وكأنه يخشي أن تنصت لهمسه وتمتليء روحها الطفولية بغرور لا يليق بنقاءها .
ودون أي حروف أو كلمات أستدار "كرم" ليستقل السيارة وكأنما يتعمد التصرف معها بدون أدني تهذيب خاصة أنها أنقذته بحضورها دون مناقشة منها أو جدال؛ وزفرت "حلا" زفرة حنق وغضب صعدت للسماء تشكو حالها لربها ؛ وأستقلت السيارة بمقعدها بسكون وصمت مصحوب بتجاهل له تام مما أذهله أين تلك الطفلة المزعجة التي تنبأ بأن تعبر عن غضبها لعدم ألقاؤه حتي عبارات التحية والسلام أو تقديم آيات من الشكر والعرفان .
وكان أزدحام الطرق وكأنما يتأمر عليه لأن صمتها المطبق أصابه بحنق وغضب كاذب فهو لا يمتلك ذلك الحق في هذا الغضب الظالم الكذاب ؛ ووصلا لوجهتهما وبمجرد توقف السيارة أستدارت "حلا" لتقوم بفتح باب السيارة ليقوم بذلك عنها حارس المطعم الذي حدد للقاء العشاء وكأنما جاء هذا الحارس ليقدم لها التحية التي يستحقها قلبها الطاهر وأبتسامتها التي سحرت قلب الحارس فهي تملك سحر جذاب لا يفك شفراته وأسراره عتاة السحرة أوفك طلاسمه ؛ وشعر "كرم" بالمزيد من الحنق والضيق للطف الحارس الزائد ألم تبصر عيناه بوجود رجل معها يصحبها وأنها لم تأت بمفردها وحيدة؟!!.
ورمقه بنظرة غاضبة موبخة له ؛ فأشاح الحارس بناظريه بعيدا عنه وزاد من الاشعار أبيات وأبيات وكأنما أستشعر بضرورة الأنتقام ورد الأعتبار منه إليها .
وأستشاط غيظا خاصة عندما وجدها تضحك جزلة بتلك الضحكة الطفولية العفوية التي تتمتع بها وتسبب في أصابته بالغضب والنفور من تلك التصرفات ؛ لتنتفض أنوثة "حلا" الحاسمة لذلك الموقف المحتد لتتمتم بصوت خافت للحارس بالشكر علي حسن الترحيب لتعده بحرصها علي أبداء ملاحظاتها بحسن أختيار أدارة المطعم للمشاركين بالعمل فيه وعليه ؛ مما أثلج صدر الحارس وكأنما بكلماتها الجابرة لخاطره تهدهد نفسه التي طالما قابلت عدم أنسانية في التعامل من زبائن آخرين ... لتذهله للمرة التي لا يعلم عددها برصانتها ونضجها الجم تلك الليلة.
وبينما يسيران نحو الطاولة التي تم حجزها خصيصا في ركن منعزل منفرد ليتم مناقشة بعض أمور العمل وتفاصيله أثناء تناول الطعام ؛ وأذهله بأيماءتها لمجموعة من الرجال علي أحدي المناضد وأجابوها بالترحيب الجم أنهم في أنتظارها أن سمح لها رفيقها ليستمتعوا بصحبتها والتحدث في بعض الامور ؛ وأمام هذا الموقف جذبها بعنف من ذراعها مبتعدا بها عنهم ليجدها تحرر ذراعها من قبضته القاسية لتحيي تلك الرفقة الرجولية وتشير لهم بأن ستجيبهم برسالة للأتفاق وخطت بشموخ عجيب لم يذهله فقط بل أذهل الجميع من رواد المطعم خاصة من الرجال فلقد دارت كل الرؤوس نحوها بداية لجمالها الهاديء الساحر وغيرة النساء منها و الذي أتبعه التركيز عما يحدث معها من تفاصيل ؛ وتملكه شعور قوي بخنقها مما حدث منها ومعه وهو يعلم أنها بريئة من دماء غضبه الظالم المراق علي جنبات الأنا والأيجو لديه.
ومر العشاء بنجاح تام وكم أذهلت الجميلة "حلا" الجميع بطلاقتها في الحديث وتفكيرها المنظم وحديثها المنمق الساحر مما أثار حفيظته عمن حضر لأتمام الصفقة هي أم هو ؟!!..
وأصطحبها لمنزلها ولم تنطق معه خلال تلك الأمسية بأي حرف وكأنها ضنت عليه بحديثها الذي سحر الجميع بما فيهم الحارس والأشجار والطرقات وتساءل لماذا أشتعلت بسببها جذوة نار أشتعلت بداخله دون مبرر لأشتعالها ولا مفر لأطفاءها .
وبمجرد توقف السيارة أسرعت لخارجها وعندما حاول أن يستوقفها أشارت إليه بيديها بعلامة قف وعيونها الساحرة تنطق غاضبة يكفيني ما أستشعرته منك من غلظة وصفاقة.
ورحل عنها ليصل لمنزله ولم يجد نفسه إلا وهو يسرد لصديقه "شريف" عما حدث من وجهة نظره المتوحدة برسالة صوتية ليجد رسالة حانقة من "شريف" مفاداها كيف تستطيع أنت تعيش بذلك القلب الذي قد من حجر يا عديم الرحمة والأنسانية ؟!!
يالها من ليلة تمتليء بالكثير من الذهول بما لها وعليها...