صيف؛ لطيف مبهج ارتحلنا إلى البحر بحثا عن رمال ندفن فيها رؤوسنا وهمومنا. ترقُبُني عن بُعدٍ أمارس حماقاتي المعتادة وترحابي العجيب بالبحر، يغمرني .. أغمره .. أفتح عيناي على موج متدافع يغالب بعضه بصوتٍ مكتوم، أُخرِج رأسي فيعود صخب الشاطيء للحياة، وأراك تراقبني كطفلة لا تأمنُ نوبات جنونها وتخشى تحمُّل مسؤولية غرقها.
خريف؛ يعيدنا إلى روتين الحياة، أراقب وريقات شجرتنا وهي تميل إلى الصفرة وتذبل يوما بعد يوم، تتساقط واحدة تلو الأخرى .. مرة تنسى موعدا .. وأخرى لا تجيب اتصال، صباحًا تنسى إيقاظي بقُبلة قبل ذهابكَ، ومساءً تُفضِّل البقاء وحيدا.
شتاء؛ يباغتنا ببرودته، وتتساقط أمطار خلافاتنا، فلا أُجيب ترددات صوتكَ التي تهتز لها الجدران، وما أنيسي سوى الدمع، فتمطرني باتهامات الحزن والاكتئاب وتهديدات الفِراق.
ربيع؛ انتظرته طويلاً، بدايات شروق شمس أنفاس الصباح، ودندنات تَزُفُّني إلى نافذتي لاستقبل انعكاسات الشمس على مرآتي. أعودُ لنفسي وانعجن بها، وأتابع تلك البثرة وذلك الانحناء. أعد قهوتي، واستمتع بصحبتها حتى اكتمال الفوران، فاحتسيها على مهلٍ حتى تصلني البقايا، وارتشف معها المستقبل الهاديء.
ها أنا؛ أرى ذاتي مكتملة لا تشوبها شائبة. ظلال البشر تنعكس بالسواد، أما انعكاس ظلي فيصبغه قوس قزح. لا حاجة للتكلف والمساحيق وترتيب الألوان؛ لأُرضيَ عينيكَ وذوقكَ، ولا ضرر من تناول بعض السعرات.
أعترف أني لا أزال أتحسَّسُ موضعَ قيودِكَ على يدي وعقلي، لكني أطمح في غدٍ قريبٍ استيقظ فيه دون ندبات سَنَةٍ مضت.