Yussefh7

Share to Social Media

الفصل الثالث: همسات في القاعة
وصل ميشيرو إلى أطراف القرية مع الغروب، والسماء تتلون بدرجات الدم والبرونز. وقف أمام القاعة القديمة، وقد غطتها الأشجار المتسلقة، والنوافذ مكسورة، والأبواب موصدة بالسلاسل الصدئة. ورغم ذلك، أحسّ بأنها... تنتظره.
أخرج مصباحه اليدوي، ودفع الباب الثقيل الذي استجاب له بأنين طويل، كأن القاعة كانت تتنهد بعد سنوات من الصمت. دخل بخطى بطيئة، والهواء من الداخل كان بارداً، ليس برد الخريف، بل برد الأرواح القديمة.
داخل القاعة، كل شيء كان متجمداً في لحظة مأساوية. الكراسي مقلوبة، المزهريات محطمة، والسقف متشقق. لكن الشيء الغريب أن فستان زفافٍ أبيض كان لا يزال معلّقًا على جدار خشبي، رغم مرور نصف قرن.
اقترب منه، وفجأة... همسة.
لم تكن ريحاً. كانت همسة واضحة، أنثوية، شبيهة بصوتها في الحلم.
"أنتَ... تأخرت."
تجمّد في مكانه، وأضاء المصباح نحو مصدر الصوت، لكن لا شيء. فقط ظلّ يمتد على الأرض... ثم اختفى.
"يوكي؟" نطق اسمها كأنه يعرفه منذ ولادته.
ثم شعر بها خلفه. لم يرَها، لكن الهواء تغيّر، صار أثقل، وكأن الزمن نفسه انحنى لها. سمع خشخشة فستان، وعطراً خافتاً يشبه زهور الساكورا الذابلة.
ثم همسة أخرى، أقرب هذه المرة:
"هل أتيت... لتنهي وعدي؟"
استدار فجأة، فرأى انعكاسها في مرآة مكسورة: عروس ذات شعر أسود طويل، وعينين حزينتين، واقفة بلا حراك، تنظر إليه بلهفة لا يشوبها خوف... بل رجاء.
لكن عندما التفت نحوها مباشرة، لم يجد أحداً.
في تلك اللحظة، أدرك ميشيرو أن القصة التي جاء يكتبها... قد بدأت تكتبه هو.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.