الأيام صارت تمرّ ثقيلة على فؤاد. كل مرة بيشوف حنين، بيحس قلبه عم ينخنق أكتر. هيي بتحكي معه بلهفة وبعيونها سؤال ما بتجرؤ تنطق فيه: "إيمتى رح تخطبني؟" وهو بيحاول يتهرب بابتسامة باهتة أو وعد غامض.
وبينما هو غارق بهالدوامة، دق تليفونه بليلة شتوية، وكان رقم غريب. رفع السماعة، وصوت "يحيى" أبو حنين بيجيه صارم:
– "يا بني… ما عاد يصح. إذا ما قدرت تجيب أهلك لهون، لا عاد تحكي مع بنتي. ما بدي الناس تحكي عليها كلمة، ولا بديها تعيش بوهم."
سكت فؤاد. حاول يحكي، بس الكلمات خنقته. كل شي كان مثل السكين بيدخل قلبه. قال أخيرًا بصوت متقطع:
– "عمّي… بعرف إني قصّرت، بس صدقني بحبها. بس… حاضر. ما عاد رح أزعجها."
سكر التليفون، وهو عم يحس إنو روحو انكسر نصّين. لأول مرة، حسّ إنو كل أحلامه عم تنهار قدام عيونه، بلا حول ولا قوة.
من هديك الليلة تغيّر. صار يقضي ساعات طويلة مسكر على حاله بغرفته. الصور والذكريات عم تحاصره: ضحكة حنين، مواعيدن على البحر، كلاما البسيط يلي كان يردّد براسو متل ترنيمة. دموعه ما عم توقف، وكل ما حاول ينسى كان الحنين أقوى.
أمه حاولت تدق باب غرفته:
– "فؤاد… يا روحي، افتح الباب. خلينا نحكي."
بس صوته طلع مجروح:
– "انتو… إنتو اللي وصلتوني لهون."
وسكت.
صار يتهرّب من الكل. ينام بالنهار ويسهر بالليل، يطالع السقف ساعات طويلة وهو يتمنى يرجع يوم واحد بس، يوم ما كان كل شي بعده بخير.
وبينما هو غارق بحاله، حس إنو العالم من برا ما عاد إله معنى. الشوارع، الناس، ضحكات أصحابه… كلها صارت فراغ. الشي الوحيد اللي بقي حيّ جواته هو اسم "حنين"، والوجع يلي عم ينهش قلبه.
هي كانت بداية انكساره… بداية طريق مظلم ما كان يعرف لوين رح يوصله.