مرت أشهر على علاقة فؤاد وحنين، وكل يوم كان يرسّخ الحب بينهن أكتر. صار يعرف تفاصيلها الصغيرة: كيف بتحب القهوة بدون سكر، كيف بتتأمل الموج قبل ما تغمض عيونها، وكيف تضحك من قلبها لدرجة إنو الدنيا كلها بتصير أهون.
لكن الدنيا ما بتعطي السعادة كاملة…
في يوم كان فؤاد ضيف عند بيت حنين، قاعد معهم على طاولة صغيرة مزينة بورق العنب الطازج ورائحة الخبز البلدي. فجأة، فتح أبوها "يحيى" حديث ما توقّعه فؤاد:
– "يا بني… إنت شب طيب، وأنا بشوفك مثل ابني. بس ما بصير تضل علاقتك مع حنين هيك بلا اسم، بلا خطبة. العالم بتحكي… والناس ما بترحم. لازم تحط حدّ للموضوع."
الكلمات نزلت مثل صاعقة على فؤاد. حسّ قلبه يختنق، ولسانه يتعثر، لكنه جمع شجاعته وقال بابتسامة حاول يخبي وراها وجعه:
– "أكيد عمّي… وعد، قريب جدًا رح آجي مع أهلي وأطلب إيدها رسمي."
طلع من بيت حنين وقلبه مثقّل. الليل ما خلّاه ينام. تذكّر وجه حنين، وعيونها المليانة ثقة فيه، وقال بينه وبين نفسه: "ما بدي خيّب ظنها… حتى لو الطريق صعب."
في اليوم التاني، جلس مع أبوه "حسام" يفتح قلبه:
– "بابا… أنا بدي أخطب حنين. بحبها، وبوعدك رح كون قد المسؤولية."
لكن الرد كان عاصفًا:
– "شو عم تحكي يا فؤاد؟ لساك صغير! من وين بدك تجيب مصاري؟ وين بدك تسكن؟ الزواج مو لعبة، وإنت ما جهّزت حالك."
فؤاد حاول يقاوم:
– "بس يا بابا… أنا عم اشتغل، وعم اتعذب، وبقدر…"
قاطعه حسام بصوت حازم:
– "خلص يا ابني! لا تجيبلي هالسيرة هلق."
سكوت فؤاد بهاللحظة كان صرخة مكتومة. دخل غرفته، قفل الباب، وترك دموعه تنزل بصمت. لأول مرة حسّ إنو الدنيا كلها متآمرة ضده: حب حياته بدها قرار سريع، وأهله شايفين إنو بعده طفل مو جاهز.
وبين نارين وقف فؤاد، مشدود بين قلبه وعقله، بين حنين اللي عم تنطر حلمها، وأبوه اللي شايف الزواج خطوة مستحيلة.
وفي وسط هالليل الثقيل، همس لنفسه:
"رح لاقي طريقة… حتى لو كل الدنيا ضدي."