hindawiorg

شارك على مواقع التواصل

أهدي هذا الفصل إلى المتجر الذي لا مثيل له مِستيرياس جالاكسي في سان دييجو
بولاية كاليفورنيا. يدعوني القائمون على ذلك المتجر لتوقيع كتبي هناك في كل مرة
ورشة عمل » أذهب فيها إلى سان دييجو لحضور مؤتمر ما أو للتدريس (يقع مقر
في جامعة كاليفورنيا بسان دييجو في لاهويا بولاية كاليفورنيا). وفي « كلارين للكتاب
كل مرة أذهب إليها، يحشدون أكبر عدد من القراء؛ فلهذا المتجر قاعدة عريضة من
القراء المخلصين الذين يعلمون أنهم سيحصلون دائمًا على توصيات ممتازة وأفكار
رائعة فيه. في صيف عام ٢٠٠٧ ، اصطحبت أفراد ورشة عمل الكتاب من كلارين
إلى المتجر بمناسبة حفل منتصف الليل الذي أقيم لإصدار الجزء الأخير من سلسلة
ولم أشهد مثل ذلك التجمع الممتع المرح في أي متجر من قبل. ،« هاري بوتر »
  
من المرح في منتصف الدوام الدراسي؛ إذ يكون جميع مستخدميها « إكس نت » خلت شبكة
في المدرسة. كنت قد طويت الورقة ووضعتها في جيب بنطالي الجينز الخلفي، ثم ألقيت بها
على مائدة المطبخ عندما وصلت إلى المنزل. جلست في غرفة المعيشة، وفتحت التليفزيون.
لم أكن أشاهده قط، لكن والديَّ كانا يفعلان؛ فالتليفزيون والراديو والصحف هي المصدر
الذي حصلا منه على كل ما لديهما من أفكار بشأن العالم.
كانت الأخبار بشعة، وهناك العديد من الأسباب للفزع. جنود أمريكيون يلقون
حتفهم بجميع أنحاء العالم. ولا يقتصر الأمر على الجنود فحسب، بل رجال الحرس
الوطني أيضًا الذين ظنوا أنهم أرُسِلوا للمساعدة في إنقاذ الناس من الأعاصير؛ فقد بُعِثوا
إلى الخارج لأعوام طويلة في حرب لا نهاية لها.
الأخ الأصغر
أخذت أتنقل بين شبكات الأخبار التي تنقل الأخبار على مدار الأربع والعشرين ساعة،
واحدة تلو الأخرى، وظهر بجميعها مسئولون يخبرون المشاهدين لماذا يجب أن يفزعوا،
ومجموعة من صور التفجيرات بجميع أنحاء العالم.
أخذت أقلب إلى أن وجدتني أنظر في وجه مألوف لي، كان الرجل الذي دخل إلى
الشاحنة، وتحدث مع صاحبة الشعر القصير عندما كنت مقيدًا في خلفية الشاحنة. ارتدى
زيٍّا عسكريٍّا، والتعليق على الشاشة عرَّفه بأنه اللواء جرايام ساذرلاند، القائد الإقليمي
بوزارة الأمن الوطني.
أحمل في يدي كتيبات كانت توزع فعليٍّا فيما » : رفع مجموعة من الكتيبات، وقال
أتذكر «. كانوا يدعون أنه حفل غنائي في متنزه دولوريس عطلة نهاية الأسبوع الماضي
بالفعل وجود العديد من موزعي الكتيبات في الحفل. أينما وُجِدت مجموعة من الناس في
سان فرانسيسكو، توزع كتيبات.
دون موافقة » : أريدكم أن تنظروا لحظات لهذه الكتيبات. دعوني أقرأ لكم عناوينها »
هل وقعت تفجيرات » : هذا أحدها، وهناك أيضًا «. المحكوم: دليل المواطن للإطاحة بالدولة
«؟ كيف تستخدم إجراءاتهم الأمنية ضدهم » ، هذا آخر «؟ الحادي عشر من سبتمبر فعلًا
توضح هذه الكتيبات الهدف الحقيقي من التجمع غير القانوني ليلة السبت؛ فلم يكن
تجمعًا غير آمن فحسب للآلاف من الأفراد دون احتياطات مناسبة، أو حتى دورات مياه،
وإنما كان حشدًا للناسفيصف العدو. لقد كان محاولة لإفساد الشباب بجعلهم يعتنقون
فكرة أن أمريكا لا يجب أن تؤمن نفسها.
هل من وسيلة أفضل «. لا تثق في أحد أكبر من ٢٥ عامًا » : لتنظروا إلى هذا الشعار
لضمان استبعاد أية مناقشة مدروسة ومتوازنة وعاقلة عن رسالتك المروجة للإرهاب من
إقصاء البالغين، وقصرمجموعتك على شبابسريعي التأثر؟
عندما ذهبت الشرطة إلى هناك، رأت عملية حشد لأعداء أمريكا، وكان التجمع قد
سبَّب بالفعل إزعاجًا للمئات من قاطني المنطقة التي أقيم فيها، والتي لم يُستشَرأيٌّ منهم
في التخطيط لتلك الحفلة الصاخبة التي استمرت طوال الليل.
فأمرتهم الشرطة بالتفرق — وهذا ما يتضح في جميع مقاطع الفيديو — وعندما
حاول المعربدون مهاجمة قوات الشرطة بتشجيع من الموسيقيين الموجودين على المسرح،
أخضعتهم القوات باستخدام الأساليب السلمية لفضِّالتجمعات.
ومَن قُبِضعليهم كانوا من زعماء الفتنة، والمُحرِّضين على الشغب الذين دفعوا الآلاف
من الشباب السريع التأثر لمهاجمةصفوفالشرطة. ٨٢٧ منهم حُجِزوا، والعديد من هؤلاء

كانت لديهم سوابق. أكثر من مائةٍ صدرت أوامر بالقبضعليهم، ولا يزالون قيد الحجز
إلى الآن.
أيها السيدات والسادة، إن أمريكا تواجه حربًا على جبهات عدة، لكن أكبر خطر
تواجهه هنا، على أرضها، سواء أكان ذلك بما يشنه الإرهابيون علينا من هجمات أو من
«. يتعاطفون معهم
سيادة اللواء ساذرلاند، أنت لا تقصد بالتأكيد أن » : رفع أحد الصحفيين يده سائلًا
«؟ هؤلاء الشباب متعاطفون مع الإرهابيين لأنهم حضروا حفلًا في متنزه
بالطبع لا أقصد ذلك، لكن عندما يقع الشباب تحت تأثير أعداء البلاد، من اليسير »
أن تكون نهايتهم سيئة؛ فكم يرغب الإرهابيون في تجنيد صف خامس لتولي الحرب على
الجبهة الداخلية بالنيابة عنهم. لو كان هؤلاء الشباب أبنائي، لكنت قلقت عليهم قلقًا
«. بالغًا
لم يكن ذلك سوى حفل في الهواء الطلق سيادة اللواء، » : قاطعه صحفي آخر قائلًا
«. فما كانوا يتدربون على استخدام البنادق
هذه صور التقطها الضباط » : أخرج اللواء مجموعة من الصور، وبدأ في رفعها لأعلى
حملها بجانب وجهه، وأخذ يقلبها واحدة تلو «. بكاميراتالأشعة تحت الحمراء قبل الهجوم
الأخرى. عرضت الصور أناسًا يرقصون رقصًا عنيفًا، بعضهم دُهِسوداست عليه الأقدام.
وانتقلت بعد ذلك لجنس مورِس بين الأشجار: فتاة وثلاثة شباب، وشابان يتعانقان.
حضر الحفل أطفال في سن العاشرة، ووُجِد به خلطات قاتلة من المخدرات، وترويج »
«. لأفكار، وموسيقى أسفرت عن عشرات الإصابات. ومن الغريب ألا تكون هناك أية وفيات
أغلقت التليفزيون. يجعلون الأمر يبدو وكأنه شغب. إذا ظن والداي أنني كنت في
ذلك الحفل، فسيقيدانني فيسريري لمدة شهر، ولن يسمحا لي بالخروج بعد ذلك إلا وحول
رقبتي طوق للتتبع.
وبمناسبة ذكر والديَّ، فسيغضبان بشدة عندما يعلمان أنني موقوف عن الدراسة.
لم يتقبلا الخبر تقبلًا حسنًا، فأراد أبي معاقبتي بمنعي من الخروج، لكنني أقنعته أنا
وأمي بتغيير رأيه.
أنت تعلم أن نائب المدير يتوعد لماركوس منذ سنوات. آخر مرة التقينا » : قالت أمي
«.« أحمق بغيض » به، أخذتَ تسبه لمدة ساعة بعد اللقاء، وأظن أنك ذكرت مرارًا وصف

إن تعطيل فصل دراسي للدخول في جدل ضد وزارة الأمن » : هزَّ أبي رأسه، وقال
«… الوطني
لم أكن أهتم، لكنني «. إنها حصة الدراسات الاجتماعية يا أبي » : فقاطعته قائلًا
وكنا نتحدث عن وزارة » . شعرت أنه إذا كانت أمي ستساندني، يتوجب عليَّ مساعدتها
«؟ الأمن الوطني. أليس من المفترضأن النقاش أمر صحي
كثيرًا؛ ما جعلني أشعر « يا بني » لقد اعتاد مناداتي بلفظ ،« انظر يا بني » : فأجابني
أنه قد توقف عن التفكير فيَّ كشخصناضج، وبدأ — بدلًا من ذلك — في التفكير فيَّ كيرقة
حشرة لم تتكون بعد وبحاجة للإرشاد لتخرج من طور المراهقة، وقد كرهت ذلك. واصل
عليك أن تتعلم التأقلم مع حقيقة أننا نعيشفي عالم مختلف الآن. لا ريب أن » : حديثه قائلًا
لديك الحق كاملًا في التعبير عن رأيك، لكن عليك أن تكون مستعدٍّا لما يسفر عنه ذلك من
نتائج. عليك مواجهة حقيقة أن هناك أشخاصًا يتعرضون للأذى، ولا يرغبون في مناقشة
أدق تفاصيل القانون الدستوري بينما حياتهم على المحك. نحن في قارب نجاة الآن، وعندما
«. تكون في قارب نجاة، لا يرغب أحد في سماع حديث عن مدى وضاعة القبطان
منعت نفسي بالكاد من أن أدير عينيَّ في استهزاء مما يقوله.
لقد عُهِد إليَّ بأسبوعين من الدراسة الحرة، أكتب فيهما بحثًا في كل مادة من المواد »
التي أدرسها، مع الاعتماد على المدينة كأساس لي (بحثًا في التاريخ، وآخر في الدراسات
الاجتماعية، وفي اللغة الإنجليزية، وفي الفيزياء). وذلك أفضل بكثير من البقاء في المنزل
«. ومشاهدة التليفزيون
نظر إليَّ والدي شزرًا، كما لو كان يشك في أنني أنوي فعل شيء ما، ثم أومأ برأسه.
وفتحت ،« إكسبوكس » ألقيت عليهما تحية المساء وذهبت إلى غرفتي. قمت بتشغيل جهاز
برنامجًا لمعالجة الكلمات، وبدأت أدوِّن ما يرد على ذهني من أفكار بشأن الأبحاث التي
كنت سأكتبها. ولم لا؟ فكان ذلك أفضل بالفعل من الجلوس فحسب في المنزل.
انتهى بي الحال لأراسل آنج على برنامج المراسلات الفورية لوقت طويل في تلك الليلة.
تعاطفت معي بشأن كلشيء، وأخبرتني أنها ستساعدني في أبحاثي إذا قابلتها بعد دوام
المدرسة الليلة التالية. كنت أعرف مكان مدرستها؛ إذ كانت تذهب إلى المدرسة ذاتها التي
المكان الذي لم أذهب ،« إيست باي » تذهب إليها فان، وكانت هذه المدرسة في الطريق إلى
إليه منذ وقوع التفجيرات.

كنت متحمسًا للغاية لفكرة رؤيتها ثانيةً؛ ففي كل مرة أخلد فيها للنوم منذ الحفل،
لا أفكر إلا في شيئين: منظر الشباب وهو يتقدم لمجابهة الشرطة، وملمس جسدها أثناء
اتكائنا على العمود. كم كانت مذهلة! لم أصادق من قبل فتاة بهذا القدر من الشراسة.
كنت أنا دائمًا من أتقدم ناحية الفتيات، وهن يصددنني. وكان لدي شعور بأن آنج لديها
نفس ما لدي من رغبة جنسية، وكانت هذه فكرة شديدة الإثارة بالنسبة لي.
نمت نومًا عميقًا في تلك الليلة، وأحلام مثيرة راودتني عما يمكنني أن أفعله أنا وآنج
إذا وجدنا أنفسنا في بقعة منعزلة بمكان ما.
في اليوم التالي، بدأت العمل في أبحاثي. سان فرانسيسكو مكان يصلح للكتابة
عنه. إذا كنا نتحدث عن التاريخ، فهي تزخر بذلك بالتأكيد، بدءًا من حمى الذهب
(أي تدفق الناس الشديد على مواطن اكتشاف الذهب بالمدينة)، ووصولًا إلى ورش بناء
السفن أثناء الحرب العالمية الثانية، ومعسكرات الاعتقال اليابانية، وغير ذلك الكثير. يضم
كذلك متحف إكسبلوراتوريم أفضل المعروضات مقارنةً بأي متحف آخر ذهبت إليه، وقد
أعجبتني فيه على نحو غريب معروضات إسالة التربة أثناء الزلازل العنيفة. أما عن مادة
اللغة الإنجليزية، فهناك جاك لندن، وشعراء بيت، وكتاب الخيال العلمي مثل بات مورفي
ورودي راكر. وفيما يتعلق بالدراسات الاجتماعية، فهناك حركة الخطاب الحر، وسيزار
شافيز، وحقوق المثليِّين، والحركة النسائية، وحركة مناهضة الحرب … إلخ.
أحببت دومًا التعلم من أجل التعلم؛ أي لأكون أكثر وعيًا بالعالم من حولي، ويمكنني
فعل ذلك بالسير في أنحاء المدينة فحسب. قررت أن أكتب بحثًا في مادة اللغة الإنجليزية عن
على مكتبة رائعة في أحد الأدوار العلوية؛ « سيتي لايتس » أولًا. احتوى متجر « جيل البِيت »
حيث ألَّف آلان جينزبرج ورفاقه قصائدهم المتطرفة. كانت القصيدة التي قرأناها في حصة
والتي لن أنسى يومًا أبياتها الأولى التي اقشعر لها بدني: ،« عواء » اللغة الإنجليزية هي
رأيتُ أفضل العقول في جيلي وقد دمرها الجنونُ، يتضوَّرون عراةً في حالة هيستيرية،
يجرجرون أنفسهم عبر شوارع زنجيةٍ في الفجر باحثينَ عن إبرةِ مخدِّرٍ ساخطة.
هيبيز برءوسملائكةٍ، يتحرقون للوصال السماويِّ العتيق، بالدينامو المرصع بالنجوم
في ماكينة الليل …
فأنا أعلم ،« يتضوَّرون عراةً في حالة هيستيرية » أعجبتني طريقة جمعه لهذه الكلمات معًا
جعلتني أمعن في التفكير؛ « أفضل العقول في جيلي » ما يكون عليه ذلك الشعور. وعبارة

فذكَّرتني بالمتنزه والشرطة وقنابل الغاز. قُبِض على جينزبرج بتهمة الفحش بسبب تلك
القصيدة؛ وذلك بسبب بيت عن المثليين، والذي ما كان لتطرف له عين اليوم. لقد أسعدني
ذلك بصورة ما؛ إذ علمت أننا قد حققنا بعض التقدم؛ فقد كانت القيود على هذه الأمور
أكثر مما هي عليه الآن.
نسيت نفسي في المكتبة مع قراءة تلك الإصدارات القديمة الجميلة من الكتب. غرقت
وهي الرواية التي اعتزمت قراءتها منذ وقت ،« على الطريق » في قراءة رواية جاك كيرواك
طويل. أومأ أحد الموظفين — الذي جاء ليتفقد حالي — برأسه مستحسنًا ما أفعله، وأحضر
لي نسخة رخيصة من الرواية وباعها لي مقابل ستة دولارات.
سرت إلى الحي الصيني، وتناولت بعض الكعك المحلى والنودلز مع الصوص الحار
الذي كنت أعتبره حارٍّا للغاية في السابق، لكن لن يكون كذلك ثانيةً أبدًا، ليسبعد أن ذقت
وصفة آنج الخاصة.
بحلول فترة ما بعد الظهيرة، استقللت قطار بارت، ثم إحدى الحافلات التي تقطع
جسر سان ماتيو ذهابًا وإيابًا لأصل إلى منطقة إيست باي. أخذت أقرأ النسخة التي
وألتفت بين الحين والآخر للمناظر الطبيعية التي ،« على الطريق » حصلت عليها من رواية
رواية تشبه السيرة الذاتية لجاك كيرواك، وهو كاتب « على الطريق » . تمر سريعًا بجانبي
سكير مدمن للمخدرات كان يسافر متطفلًا بجميع أنحاء أمريكا، ويعمل في وظائفتافهة،
يتسكع في الشوارع ليلًا ويقابل أناسًا وينفصل عنهم: هيبيز، ومتشردين بوجوه واجمة،
ومخادعين، ولصوصًا، وحقراء، وملائكة. ما من حبكة في الواقع للرواية؛ فمن المفترضأن
كيرواك قد كتبها في ثلاثة أسابيع على مجموعة أوراق كبيرة بينما هو غائب عن الوعي بفعل
المخدرات، لكنها مجموعة من الأحداث المذهلة المتتالية؛ فهو يقيم صداقات مع أشخاص
ذات نزعة لتدمير الذات، مثل دين موريارتي الذي ورطه في مخططات غريبة لم تنجح
قط في الواقع، لكنها نجحت في الوقت نفسه إذا كنت تعلم ما أعنيه.
حملت الكلمات إيقاعًا لغويًا كدت أسمعه في رأسي، جعلني أرغب في الاستلقاء في
صندوق شاحنة نصف نقل، والاستيقاظ في مدينة صغيرة مغبرة في مكان ما بوسط
الوادي على الطريق إلى لوس أنجلوس، أحد تلك الأماكن التي تضم محطة بنزين ومطعمًا
بسيطًا، ثم أخرج بعد ذلك إلى الحقول، وألتقي بأناس، وأشاهد أشياء، وأفعل أشياء أخرى.
كانت الرحلة طويلة بالحافلة، ولا بد أنني قد غفوت قليلًا. البقاء مستيقظًا لوقت
متأخر من الليل للمراسلة الفورية مع آنج كان مرهقًا لي بناء على جدول مواعيد نومي؛

إذ كانت أمي لا تزال تتوقع نزولي لتناول الفطور معها هي ووالدي. استيقظت من النوم،
ركبت حافلة أخرى، ووصلتسريعًا إلى مدرسة آنج.
خرجت آنج من البوابة مرتدية زيها المدرسي. لم أرها من قبل في هذا الزي، كان
لطيفًا على نحو غريب، وذكرني بفان وهي مرتدية الزي نفسه. عانقتني طويلًا، وقبَّلتني
بقوة على وجنتي.
«! مرحبًا » : قالت
«! مرحبًا »
«؟ ماذا تقرأ »
أخذا يرقصان » : اسمعي ذلك » : كنت أنتظر ذلك السؤال، وميزت الفقرة. قلت لها
في الشوارع كالمجانين السعداء، ومشيت بخطى متثاقلة خلفهما مثلما كنت أفعل طوال
حياتي؛ أتتبع من يثيرون اهتمامي؛ لأن مَن أعتبرهم أناسًا بحق هم المجانين، من لديهم من
الجنون ما يجعلهم يعيشون ويتحدثون ويُنقَذون ويرغبون في كل شيء في الوقت نفسه
ولا يتثاءبون أبدًا أو يقولون شيئًا معتادًا، بل يحترقون ويحترقون مثل الألعاب النارية
الصفراء الخلابة التي تتفجر كالعناكب بين النجوم، وفي وسطها ترى انفجارًا للضوء
«.« الأزرق، ويصيح الجميع متحمسين
يا إلهي! المجانين السعداء! لكم » : أمسكت بالكتاب، وقرأت الفقرة بنفسها، ثم قالت
«؟ أحببت ذلك! هل الكتاب كله على هذا النحو
أخبرتها بالأجزاء التي قرأتها، ونحن نسير بتمهل على الرصيف تجاه محطة
الحافلات. وبمجرد أن انعطفنا عند الناصية، وضعتْ ذراعها حول خصري، في حين
علَّقتُ ذراعي حول كتفيها. سرت في الشارع مع فتاة — رفيقتي بالتأكيد، ولم لا؟ —
نتحدث عن هذا الكتاب الرائع. كنت في الجنة بالتأكيد؛ فقد جعلني ذلك أنسى مشاكلي
لفترة قصيرة.
«؟ ماركوس »
استدرت، فوجدت فان. توقعت ذلك في عقلي الباطن، وقد علمت ذلك لأن عقلي الواعي
لم يندهش كثيرًا. المدرسة ليست كبيرة، وخرجت جميع الطالبات في الوقت ذاته. مضت
أسابيع منذ آخر مرة تحدثت فيها مع فان، وتلك الأسابيع بدت شهورًا؛ إذ اعتدنا التحدث
كل يوم.
وكبحت رغبتي في إنزال ذراعي عن كتفي آنج. بدت فان «! مرحبًا، فان » : قلت لها
مندهشة، لكنها ليست غاضبة. كانت أكثر شحوبًا وتوترًا. نظرت إلينا بإمعان.

«؟ آنجيلا »
«. مرحبًا فانيسا » : فقالت آنج
«؟ ما الذي تفعله هنا »
شعرتُ «. جئت للقاء آنج » : قلت — محاولًا أن أحافظ على نبرة صوتي الحيادية
بإحراج مفاجئ لرؤية فان لي مصطحبًا فتاة أخرى.
«. أوه! حسنًا، سعدت بلقائك » : قالت فان
سعدنا بلقائك » : قالت آنج، وهي تديرني لتوجهني ناحية محطة الحافلات ثانيةً
«. أيضًا يا فانيسا
«؟ هل تعرفها » : ثم قالت لي
«. نعم، منذ أمد بعيد »
«؟ هل كانت رفيقتك »
«. ماذا؟ كلا! مطلقًا! كنا أصدقاء فقط »
«؟ كنتما »
شعرت كما لو أن فان كانت تسير خلفنا، وتتنصت علينا، رغم أنه بالسرعة التي كنا
نسير بها، سيكون عليها الركض لتلحق بنا. قاومت رغبتي الملحة في النظر خلفي قدر
ما استطعت، ثم فعلت في النهاية. سار خلفنا الكثير من طالبات المدرسة، لكن ليس من
بينهن فان.
كانت برفقتي أنا وخوسيه لويس وداريل عند إلقاء القبض علينا. اعتدنا ممارسة »
«. ألعاب الواقع البديل معًا. جمعت بيننا نحن الأربعة صداقة حميمة
«؟ وماذا حدث »
ورأت أنها ستجلب علينا ،« إكس نت » لم ترُق لها فكرة شبكة » : قلت مخفضًا صوتي
«. المتاعب، وأنني سأوقع الآخرين في مشكلات
«؟ ولذلك، لم تعودا صديقين »
«. ابتعد كلٌّ منا عن الآخر فقط »
«؟ هل ترافقتما » : سرنا بضع خطوات، ثم سألتني آنج
كان وجهي ساخنًا، وشعرت أنني أبدو كاذبًا، رغم صدقي. «! كلا » : فأجبتها
توقفت آنج، وأوقفتني وأخذت تتطلع وجهي.
«؟ هل كنتما كذلك بالفعل »

كلا! صدقًا! كانت علاقة صداقة فحسب؛ فهي وداريل … حسنًا، ليس بالضبط، »
«… لكن داريل كان معجبًا بها، وما كان يمكن أبدًا
«؟ لكن لولا إعجاب داريل بها، لكنت فعلت، صحيح »
كلا، يا آنج، كلا. لتصدقيني، رجاءً، وتنسيالأمر. كانت فانيسا صديقة مقربة، ولم »
«؟ نعد كذلك الآن، وهذا ما يزعجني، لكنني لم أكن معجبًا بها على هذا النحو قط، حسنًا
حسنًا، حسنًا! أنا آسفة! فأنا لست على وفاق معها في » : استرخت آنج قليلًا، وقالت
«. الحقيقة، ولم نكن كذلك طوال السنوات التي عرف كلٌ منا الآخر فيها
هكذا عرفت كيف عرف خولو آنج طوال هذه الفترة، ولم ألتقِ بها من قبل قط؛ فلم
تكن على وفاق مع فان، ومن ثم لم يردها خولو أن تتردد علينا.
عانقتني طويلًا، وتبادلنا القبل. مرت مجموعة من الفتيات بجوارنا، وأخذن يصفرن؛
فاستقمنا، وتوجهنا إلى محطة الحافلات. كانت فان تسير أمامنا الآن، ولا بُدَّ أنها مرت بنا
أثناء تقبيلنا أحدنا للآخر. شعرت بالغباء المطبق.
وقفت بالطبع في المحطة، وصعدت معنا الحافلة دون أن ينطق أيٌّ منا بكلمة. حاولت
التحدث مع آنج طوال الطريق، لكن ذلك كان غريبًا.
ما خططنا له هو الذهاب لشرب القهوة، ثم التوجه لمنزل آنج لقضاء الوقت معًا،
الخاص بها للاطلاع على « إكس بوكس » أي التناوب على استخدام جهاز ؛« الدراسة » و
كانت والدتها تعود للمنزل متأخرةً يوم الثلاثاء؛ إذ كان ذلك موعد .« إكس نت » شبكة
درساليوجا والعشاء مع رفيقاتها. أما شقيقة آنج، فكان لديها موعد مع رفيقها؛ ومن ثم
لم يكن معنا أحد في المنزل، وراودتني أفكار منحرفة بشأن ذلك منذ خططنا لما سنفعله.
وصلنا إلى منزلها، صعدنا مباشرةً إلى غرفتها، وأغلقنا الباب. كانت غرفتها في حالة
كارثية؛ إذ غطَّتها طبقات من الملابس والمفكرات وأجزاء من أجهزة الكمبيوتر الشخصي
التي تخترق قدميك بما عليهما من جوارب كالنباتات الشائكة. ومكتبها أسوأ من الأرضية؛
إذ تكدست عليه أكوام من الكتب والمجلات الهزلية، ومن ثم انتهى بنا الحال علىسريرها؛
الأمر الذي كان مناسبًا تمامًا لي.
تلاشىبعضالشيء الحرج الذي شعرت به بسبب رؤيتي لفان. قمنا بتشغيل جهاز
الخاص بآنج، والذي كان في منتصف مجموعة متشابكة من الأسلاك، « إكس بوكس »
بعضها يصل إلى هوائي لاسلكي ربطته بالنافذة حتى تتمكن من استخدام شبكة الواي
فاي الخاصة بجيرانها. اتصلت بعض هذه الأسلاك بشاشتي كمبيوتر محمول قديمتين

حولتهما إلى شاشتين منفصلتين تستندان إلى حاملين وتحيط بهما إلكترونيات مكشوفة.
ووُضِعت كل شاشة على كومود بجوار السرير، ما يعد وضعًا رائعًا لمشاهدة الأفلام أو
المراسلة الفورية أثناء الاستلقاء على السرير … فيمكنها إدارة الشاشتين على جانبيهما،
والاستلقاء على جانبها، وبذلك تكون الشاشة في زاوية معتدلة، مهما كان الجانب الذي
تستند عليه.
كلانا عرف السبب الحقيقي لوجودنا في ذلك المكان، ونحن جالسان أحدنا بجوار
الآخر، أمام الكومود المجاور للسرير. كنت أرتعش قليلًا، ومدركًا تمامًا لدفء ساقها
وكتفها الملتصقتين بساقي وكتفي، لكنني أردت التركيز في حركات تسجيل الدخول على
والتحقق من رسائل البريد الإلكتروني التي وصلتني، وما إلى ذلك. ،« إكس نت » شبكة
وجدت رسالة من شاب قد اعتاد أن يبعث لي بمقاطع فيديو مضحكة سجلتها
كاميرات الهواتف لرجال الأمن الوطني بعد أن جن جنونهم. كان آخر فيديو يعرض
تفكيكهم لعربة أطفال بعد أن أظهر أحد الكلاب البوليسية الخاصة بالكشف عن القنابل
اهتمامًا بها، وذلك باستخدام المفكات في الشارع بمرسى السفن، بينما الأغنياء يسيرون
بجوارهم، يحدقون ويتعجبون من غرابة ما يفعلون.
أعددت رابطًا للفيديو، وتهافت الناسعلى تنزيله. كان ذلك الشاب قد وضع الفيديو
على مرآة أرشيف الإنترنت بمكتبة الإسكندرية في مصر، حيث يعرضون أي شيء مجانًا
طالما أنك تستخدمه وفق ترخيصالمشاع الإبداعي الذي يسمح لأي أحد بإعادة استخدامه
ومشاركته. والأرشيف الأمريكي — الذي كان في حي بريسيديو الذي لا يبعد عنا سوى
بضع دقائق — أجُبِر على التوقف عن عرضكل مقاطع الفيديو هذه بحجة الأمن الوطني.
أما أرشيف الإسكندرية، فقد استقل في إدارته، وكان يعرض أي شيء يحرج الولايات
المتحدة.
أرسل إليَّ ذلك الشاب — واسمه كاميراسباي — مقطع فيديو أفضل من ذلك هذه
المرة، وهو مقطع يسجل حدثًا وقع عند مدخل مبنى مجلس المدينة في مركز المدينة، وهو
مبنى أبيضضخم تغطيه التماثيل في المداخل الصغيرة والزخارف والأوراق ذهبية اللون.
أمَّنت وزارة الأمن الوطني محيط المبنى، وعرض الفيديو لقطة رائعة لنقطة التفتيش
حيث اقترب شخص يرتدي زي ضابط، وأوضح بطاقة هويته، ووضع حقيبته على سير
الأشعة السينية.
كان كلشيء يسير على ما يرام إلى أن رأى أحد رجال وزارة الأمن الوطني شيئًا ما لم
يرق له في الأشعة السينية، فسأل عنه الجنرال الذي أدار عينيه مستهزئًا، ونطق بشيء غير

مسموع (فقد التُقِط الفيديو من الجهة الأخرى للطريق، على ما يبدو، باستخدام عدسة
تقريب مخبأة مصنوعة في المنزل؛ ومن ثم كانت أغلب الأصوات في الفيديو لأناس يمرون
في الشارع وضوضاء السيارات).
دار جدال بين الجنرال ورجال وزارة الأمن الوطني، وكلما طال جدالهم، ازداد عدد
رجال الأمن الوطني الذين تجمعوا حولهم. وأخيرًا، هزَّ الجنرال رأسه في غضب، ولوح
بإصبعه نحو صدر ضابط الأمن الوطني، ورفع حقيبته، وبدأ يسير مبتعدًا. صاح فيه
ضباط الأمن الوطني، لكنه لم يبطئ خطاه، ولغة جسده تصرِّح بأنه غاضب للغاية.
ثم حدث ما حدث! ركض الضباط خلف الجنرال. أبطأ كاميراسباي الفيديو عند
ذلك المشهد حتى نتمكن من المشاهدة بالإيقاع البطيء منظرًا تلو الآخر. استدار الجنرال
لن أسمح لكم بأي حال أن تقبضوا » : بعض الشيء، وارتسمت على وجهه نظرة مفادها
ثم تحولت إلى نظرة فزع بتوجيه ثلاثةضباط أمن وطنيضخام البنية الضرب إليه ،« عليَّ
ليسقط على الرصيف، ثم الإمساك به من المنتصف، كالإمساك بالخصم في مباراة كرة قدم
لتنهي حياته المهنية. سقط الجنرال — كان أشيب في منتصف العمر، يعلو وجهه الجلال
والتجاعيد — بعنف على الأرض، وارتد مرتين. اصطدم وجهه بالرصيف، ونفر الدم من
أنفه.
قيَّد ضباط الأمن الوطني قدمي الجنرال، مع ربط كاحليه ومعصميه. أخذ الجنرال
يصيح بقوة، ووجهه تحول للَّون الأرجواني والدم يتدفق من أنفه. أوضحت اللقطات
المقربة مرور الأقدام بجواره. نظر المارة للرجل في زيه العسكري وقد قُيِّد، وكان بإمكانك
أن ترى من النظرة التي ارتسمت على وجهه أن ذلك كان أسوأ ما في الأمر؛ الإذلال وسلب
الكرامة. وكانت هذه نهاية المقطع.
قلت وعيناي لا تزالان معلقتين بالشاشة بعد أن انتهى الفيديو، ويدي تعيد تشغيله:
وكزت آنج، وعرضت عليها المقطع. شاهدته دون أن تنطق بكلمة، وفغرت «! يا إلهي »
فاها.
«! لتنشر ذلك! لتنشره! لتنشره » : قالت
نشرته. استطعت بالكاد كتابة تعليق على الفيديو وأنا أنشره، وأضفت ملاحظة أسأل
فيها ما إذا كان أحد يمكنه التعرف على الرجل العسكري الموجود في الفيديو، وإن كان
أحد يعلم أيشيء بخصوصهذه الحادثة.
.« نشر » ضغطت بعد ذلك على زر

شاهدنا الفيديو ثانيةً.
وصلتني حينذاك رسالة بريد إلكتروني.
أعرف ذلك الرجل جيدًا … يمكنك أن تجد سيرته الذاتية على موسوعة »
ويكيبيديا. إنه الجنرال كلود جايست، قائد البعثة المشتركة لقوات حفظ السلام
«. التابعة للأمم المتحدة في هايتي
تحققت من السيرة الذاتية. تضمنت صورة للجنرال في مؤتمر صحفي، وملاحظات
حول دوره في بعثة هايتي العسيرة، وكان من الواضح أنه نفس الشخص الموجود في
مقطع الفيديو.
حدَّثت ما نشرته.
من الناحية النظرية، كانت تلك فرصتي أنا وآنج للمغازلة، لكن ذلك لم يكن ما
باحثين عن المزيد من ،« إكسنت » انتهى بنا الحال لفعله. أخذنا نتنقل بين مدونات شبكة
الروايات عنضباط الأمن الوطني وهم يفتشون الناس، ويلقون القبض، ويعتدون عليهم.
اعتدت تلك المهمة؛ إذ فعلت ذلك مع جميع المواد المصورة والروايات المتعلقة بالشغب في
واحتفظت ،« انتهاكات السلطة » المتنزه، وبدأت فئة جديدة بمدونتي حول ذلك بعنوان
بهذه الأمور فيها. ظلت آنج تقترح عليَّ مصطلحات بحث جديدة، وبحلول موعد عودة
إذلال » والدتها للمنزل، تضمنت الفئة الجديدة بالمدونة سبعين تدوينة، وحملت عنوان
.« الجنرال جايست في مجلس المدينة
طوال اليوم التالي في المنزل، فأخذت أقرأ رواية كيرواك « جيل البِيت » عملت على بحثي عن
كنت أخطط للقاء آنج في المدرسة، لكنني تراجعت عندما فكرت .« إكس نت » وأتصفح
أنني سأرى فان ثانيةً؛ فأرسلت إلى آنج رسالة أعتذر فيها عن عدم اللقاء بحجة العمل
على البحث.
بكافة صورها؛ المئات من المواد « انتهاكات السلطة » وردت إليَّ اقتراحات رائعة عن
البسيطة والمهمة، صور ومقاطع صوتية. كانت الفكرة تنتشر.
وانتشرت بالفعل. في صباح اليوم التالي، كان هناك المزيد. أنشأ شخص ما مدونة
ضمت المئات من المواد الأخرى. وأخذت الأعداد تتزايد. « انتهاكات السلطة » جديدة باسم
تنافسنا في العثور على أكثر القصصثراءً، والصور جنونًا.

كان اتفاقي مع والديَّ أن أتناول معهما الفطور صباح كل يوم، وأتحدث معهما عن
المشروعات التي كنت أعمل عليها. أحبا قراءتي لكيرواك. كان كتابًا مفضلًا لدى كليهما،
واكتشفت أن خزانة الكتب في غرفتهما احتوت على نسخة منه. جلبها لي أبي، وقلبت
في صفحاتها. كانت هناك فقرات محددة بقلم جاف، وصفحات مطوية، وملاحظات في
الهوامش. لقد أحب أبي ذلك الكتاب حقٍّا.
ذكرني ذلك بوقت كان الحال فيه أفضل من تلك الأيام، وذلك عندما كان بإمكاني
التحدث مع والدي لخمس دقائق دون أن يصيح كلٌّ منا في وجه الآخر حول الإرهاب.
تبادلنا أطراف حديث رائع على الفطور حول حبكة الرواية، وكافة المغامرات المجنونة
بها.
لكن صبيحة اليوم التالي على الفطور، التصق كلاهما بالراديو.
سيئة السمعة « إكس نت » آخر صور الجنون على شبكة … « انتهاكات السلطة »»
من « انتهاكات السلطة » بسان فرانسيسكو، والتي أسرت انتباه العالم. تتألف حركة
يراقبون إجراءات وزارة الأمن الوطني لمكافحة الإرهاب، موثقين تجاوزاتها « إخوةصغار »
وإخفاقاتها. ما أثار الأمر مقطع فيديو منتشرللجنرال كلود جايست، وهو جنرال متقاعد
حاصل على ثلاث نجوم، وضباط الأمن الوطني يضربونه على الرصيفأمام مجلسالمدينة.
لم يدلِ جايست بأي تصريح عن الحادث، لكن التعليقات من الشباب الغاضبين بسبب ما
يلقونه من معاملة جاءتسريعة وغاضبة.
أكثر ما يثير الانتباه هو الاهتمام العالمي الذي أثارته هذه الحركة، فاحتلت الصور
المأخوذة من فيديو جايست الصفحات الأولى بالصحف في كوريا، وبريطانيا العظمى،
وألمانيا، ومصر، واليابان، وأذاعت المحطات التليفزيونية بجميع أنحاء العالم مقطع الفيديو
في النشرات الإخبارية الرئيسية، ووصل الأمر إلى ذروته الليلة الماضية عندما قدم برنامج
بهيئة الإذاعة البريطانية تقريرًا خاصٍّا عن عدم تغطية أية « ناشونال نيوز إيفنينج »
وكالة أخبار أو محطة تليفزيونية أمريكية للخبر. وأشار المعلقون على موقع بي بي سي
«. الإلكتروني إلى أن نسخة البرنامج في قناة بي بيسيأمريكا لم تنقل التقرير
أذاعوا بعد ذلك بعضاللقاءات مع عدة شخصيات: مراقبين لأداء الإعلام البريطاني،
وشاب من حزب القراصنة السويدي يبدي ملاحظات ساخرة حول الصحافة الأمريكية
الفاسدة، ومذيع أخبار أمريكي متقاعد يعيش في طوكيو. وأذاعوا بعد ذلك مقطعًا قصيرًا
من قناة الجزيرة مع مقارنة بين رواية الصحافة الأمريكية ورواية وسائل الإعلام الإخبارية
القومية في سوريا.

شعرت بأن أبي وأمي يحدقان فيَّ، وأنهما يعلمان ما كنت أفعله. لكنني عندما حملت
أطباقي من على المائدة، رأيت أنهما كانا ينظر كلٌّ منهما للآخر.
كان أبي يمسك فنجان القهوة بصعوبة؛ نظرًا لاهتزاز يديه، وأمي تنظر إليه.
إنهم يحاولون تشويه سمعتنا، يحاولون تخريب الجهود التي تهدف » : قال أبي أخيرًا
«. لحمايتنا
فتحت فمي، لكن أمي نظرت إلي، وهزَّت رأسها، فصعدت إلى غرفتي، وعملت على
إكس » بحث كيرواك. وما إن سمعت صوت إغلاق الباب مرتين حتى بدأت تشغيل جهاز
.« إكس نت » ودخلت على شبكة ،« بوكس
« ذا ناشونال » مرحبًا مايكي! أنا كولين براون. أعمل منتجًا بالبرنامج الإخباري »
بهيئة الإذاعة الكندية. نعد تقريرًا عن شبكة إكس نت، وقد بعثنا مراسلًا إلى
سان فرانسيسكو لتغطية الخبر من هناك. هل تهتم بإجراء لقاء معنا للمناقشة
«؟ حول جماعتك وأنشطتها
!؟« جماعتي » حدقت في الشاشة. يا إلهي! إجراء لقاء معي بشأن
لكن شكرًا .« جماعتي » لا، شكرًا؛ فالأولوية لدي للسرية، وهذه ليست »
«! لإعدادكم هذا التقرير
بعد دقيقة واحدة، رسالة أخرى.
يمكن أن نضع قناعًا على وجهك، ونضمن ألا يعلم أحد بهويتك. تعلم أن وزارة »
الأمن الوطني سيسعدها أن يظهر معنا المتحدث باسمها، وأنا أهتم بأن أوضح
«. الموضوع من جانبك
حفظت الرسالة. كان محقٍّا، لكن فعل ذلك كان ضربًا من الجنون؛ فأنا على يقين
أنه أحد رجال الأمن الوطني.
جمعت المزيد من المعلومات عن كيرواك. وصلت رسالة أخرى تحمل الطلب نفسه
أرادت الالتقاء بي وتسجيل لقاء إذاعي « كيه كيو إي دي » : من وكالات إخبارية مختلفة
معي، ومحطة في البرازيل، وهيئة الإذاعة الأسترالية، وإذاعةصوت ألمانيا. تتابعت الطلبات
الصحفية، ورفضيلها بأدب طوال اليوم.
لم أقرأ الكثير في رواية كيرواك في ذلك اليوم.

عند جلوسنا في المقهى المجاور لمنزلها مساء ذلك ،« فلتعقد مؤتمرًا صحفيٍّا » : قالت آنج
اليوم، فلم تعد لدي رغبة في الذهاب إليها في المدرسة بعد ذلك، والصعود على متن الحافلة
نفسها مع فان مرة أخرى.
«؟ ماذا؟ هل فقدتِ صوابك »
اختر فقط مركزًا تجاريًا لا يُسمَح فيه .« كلوك وورك بلاندر » فلتفعل ذلك في لعبة »
«. بالمنافسات بين اللاعبين، وحدد موعدًا. يمكنك تسجيل الدخول من هنا
كانت أرضًا محايدة؛ ما يعني أنه كان « كلوك وورك بلاندر » بعض أجزاء لعبة
بإمكاننا من الناحية النظرية إحضار عدد هائل من الصحفيين غير المتمرسين دون القلق
من أن يقتلهم ممارسو اللعبة في منتصف المؤتمر الصحفي.
«. ليست لدي أية فكرة عن المؤتمرات الصحفية »
لتبحث عنها على جوجل فقط. من المؤكد أن ثمة شخصًا قد كتب مقالًا عن كيفية »
إقامة مؤتمر صحفي ناجح. إذا تمكن الرئيسمن فعل ذلك، فأنا موقنة أنه بوسعك فعله،
«. فيبدو أنه يتمكن بالكاد من عقد رباط حذائه دون مساعدة
طلبنا مزيدًا من القهوة.
«. أنت فتاة ذكية للغاية » : قلت
«. وجميلة » : فقالت
«. وذلك أيضًا
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.