hindawiorg

شارك على مواقع التواصل

أهدي هذا الفصل لموقع أمازون الإلكتروني، أكبر موقع لبيع الكتب على الإنترنت
في العالم. إنه مذهل؛ فهو متجر يمكنك الحصول منه فعليٍّا على أي كتاب نُشِر
على الإطلاق (بالإضافة إلى أي شيء آخر تقريبًا، بدءًا من أجهزة الكمبيوتر المحمول
ووصولًا إلى مَباشِر الجبن)، وهو المكان الذي وصل بالتوصيات إلى مستوى كبير،
والذي يسمح للعملاء بالتواصل المباشرمع بعضهم البعض، ويقوم بالابتكار الدائم
لأساليب حديثة وأكثر فاعلية لربط القُرَّاء بالكتب. ولطالما تعامل معي موقع أمازون
نفسه — مؤسسالموقع — أرسل مراجعة « جيف بيزوس » على أفضل وجه؛ حتى إن
نقدية كقارئ لروايتي الأولى! كذلك، فإنني مولع بالتسوق على هذا الموقع (بالنظر
إلى جداول بياناتي، يتضح أنني أشتري شيئًا ما من موقع أمازون كل ستة أيام
تقريبًا). هذا ويعمد الموقع لإعادة ابتكار ما يعتزم أن يكون متجرًا لبيع الكتب يليق
بالقرن الحادي والعشرين، ولا يمكنني التفكير في مجموعة أفراد أفضل من القائمين
عليه في مواجهة مثل هذه المجموعة الشائكة من المشكلات.
  
كان والده أستاذًا «. أفكر في التخصص في الفيزياء عند ذهابي إلى بيركلي » : قال داريل
بجامعة كاليفورنيا في بيركلي؛ ما يعني أن داريل سيُعفَى من رسوم التعليم عند التحاقه
بالجامعة، وهو الأمر الذي لم يكن قط محل نقاش داخل أسرته.
«؟ حسنًا، لكن لماذا لم تبحث عن هذا الكتاب على الإنترنت »
«. قال والدي إنه ينبغي لي قراءته، كما أنني لم أخطط لارتكاب أية جرائم اليوم »
الأخ الأصغر
الهروب من المدرسة ليس جريمة، وإنما مخالفة للقانون، وهما أمران مختلفان كل »
«. الاختلاف
«؟ ماذا سنفعل يا ماركوس »
يُعَد القضاء على «. حسنًا، لا يمكنني إخفاؤه؛ لذا سيلزم عليَّ وضعه في المايكروويف »
شرائح تحديد الهوية باستخدام الموجات اللاسلكية من الأمور السيئة والمخيفة، فما من
صاحب متجر يرغب في أن يتجول زبائن ماكرون بأرجاء متجره، تاركين خلفهم مجموعة
من البضائع المبعثرة وقد فقدت الباركود غير المرئي الخاصبها، ومن ثم رفضت الجهات
يمكن إرسالها لاسلكيٍّا إلىشريحة تحديد الهوية لإيقاف « إشارة تعطيل » المُصنِّعة تطبيق
تشغيلها. إلا أنه يمكن إعادة برمجة الشرائح باستخدام الكمبيوتر المناسب، لكنني أكره
فعل ذلك بكتب المكتبة. لا يشبه الأمر تمزيق صفحات من الكتاب، لكنه لا يزال فعلًا
كريهًا؛ لأن الكتاب ذا الشريحة المُعادة برمجتها لا يمكن وضعه على الأرفف، ولا يمكن
العثور عليه. ويصبح بالتالي كإبرة وسط كومة من القش.
لم يعُدْ أمامي بذلك سوى خيار واحد؛ ألا وهو وضع ذلك الشيء في المايكروويف.
ثلاثون ثانية بالضبط في المايكروويفمن شأنها تدمير أيةشريحة تحديد هوية في السوق.
وعندما يعيد داريل الكتاب إلى المكتبة، لن تستجيب الشريحة للقارئ على الإطلاق، وما
سيكون من المكتبة إلا أن تطبع شريحة جديدة له، وتعيد تشفيرها بمعلومات فهرسة
الكتاب، وسينتهي به الأمر نظيفًا وأنيقًا مرة أخرى على الرف.
كل ما احتجنا إليه هو المايكروويف.
«. دقيقتين وغرفة استراحة المعلمين ستكون خالية » : قلت لداريل
لتنسَ الأمر! مستحيل أن » : نزع داريل كتابه من يدي، وتوجه صوب الباب قائلًا
«. أفعل ذلك. سأذهب إلى الفصل
لتهدأ يا داريل! سيسير » : أمسكت بمرفقه سريعًا، وسحبته إلى الداخل ثانيةً قائلًا
«. كلشيء على ما يرام
غرفة استراحة المعلمين؟! لعلك لم تنصت إلى حديثي يا ماركوس. إذا أمُسِك بي مرة »
«. أخرى فحسب، فسأفُصَل. أتسمع ما أقول؟ أفُصل
فآخر مكان يمكن أن يوجد فيه أي معلم بعد هذا الوقت هو «. لن يُمسَك بك » : قلت له
كان بالغرفة مطبخ صغير بأحد جوانبها «. سندخل من الجهة الخلفية » . غرفة الاستراحة
المزود بمدخل للمعلمين الذين يرغبون في الدخول سريعًا للحصول على كوب من القهوة،

وهنالك كان يوجد المايكروويف — الذي تفوح منه دائمًا رائحة الفشار والحساء المسكوب
— أعلى الثلاجة الصغيرة.
انظر، ها قد دق الجرس بالفعل، » : همهم داريل مستنكرًا. ففكرتسريعًا، وقلت له
إذا ذهبت إلى قاعة الدراسة الآن، فستحصل على إنذار للتأخير، من الأفضل ألا تظهر على
الإطلاق الآن. بوسعي دخول أية غرفة في هذه المدرسة والخروج منها خلسةً يا داريل، لقد
«. رأيتني أفعل ذلك من قبل. سأحميك يا صديقي
همهم ثانيةً مستنكرًا. كانت هذه إحدى أمارات داريل؛ عندما يبدأ في الهمهمة، يكون
على وشك الرضوخ.
قلت ذلك، ومضينا في طريقنا. «! لننطلق »
نفذنا الخطة بلا أخطاء. تجاوزنا الفصول، ونزلنا على السلالم الخلفية إلى الطابق
السفلي، ثم صعدنا السلالم الأمامية الموجودة أمام غرفة استراحة المعلمين بالضبط. ما
من صوت داخل الغرفة، أدرت مقبض الباب بهدوء، وسحبت داريل إلى الداخل قبل أن
أغلق الباب في هدوء تام.
دخل الكتاب بالكاد في المايكروويف الذي بدا أقل نظافةً مما كان عليه آخر مرة
دخلت فيها هنا لاستخدامه. لففت الكتاب بعناية في مناديل ورقية قبل أن أضعه داخل
لم ينطق داريل الذي ظهر «. يا إلهي! المعلمون قذرون حقٍّا » : المايكروويف، وأنا أهمس
على وجهه التوتر والشحوب.
دُمِّرت شريحة تحديد الهوية في وابل من الومضات التي بدت جميلة حقٍّا (وإن لم
تكن على القدر نفسه من الجمال الذي تراه عند وضع عنب مجمد في المايكروويف، وهو
ما ينبغي لك مشاهدته لتصديقه).
والآن، حان وقت الخروج خلسة من المدرسة دون أن يتعرف علينا أحد، والهروب
من المكان.
فتح داريل الباب، وشرع في الخروج، وأنا في أعقابه. وبعد ثانية واحدة، كان يقف
على أصابع قدمي، ومرفقاه يصدمان صدري بقوة، وهو يحاول الرجوع للخلف للدخول
مرة أخرى للمطبخ المشابه للخزانة في حجمه الذي كنا قد تركناه للتو.
«! عُد إلى الداخل،سريعًا … إنه تشارلز » : همس في إلحاح
لم أكن على وفاق مع تشارلز ووكر. كنا في الصف الدراسيذاته، ومضىعلى معرفتي
به مثلما مضى على معرفتي بداريل، لكن هذه هي أوجه التشابه الوحيدة بيننا. فطالما

كان ضخم البنيان مقارنة بسنه، وصار الآن أكثر ضخامة بممارسته كرة القدم وحصوله
على المنشطات. وقد كان يعاني من مشكلات تتعلق بالتحكم في الغضب؛ فأفقدني إحدى
أسناني اللبنية في الصف الثالث. لكنه تمكن من تفادي المتاعب الناجمة عن تلك المشكلات
بأن أصبح أكثر الواشين نشاطًا في المدرسة.
يا له من مزيج سيئ! متنمر واشٍ يجد متعة كبيرة في إبلاغ المعلمين بأية مخالفات
يكتشفها. كان بينسان يحب تشارلز، وكان تشارلز يدَّعي دومًا أنه يعاني من مشكلة غير
محددة في المثانة؛ ما منحه عذرًا جاهزًا للتجول خلسة في أروقة مدرسة شافيز باحثًا عمن
يمكنه الوشاية به.
آخر مرة لاحظ فيها تشارلز بعض التراب عليَّ، انتهى الأمر بتوقفي عن ممارسة
ألعاب تقمص الأدوار في إطار طبيعي. ولم يكن لدي استعداد لأن يُمسِك بي تشارلز
ثانيةً.
«؟ ماذا يفعل »
«. إنه قادم في هذا الاتجاه، هذا ما يفعله » : أجابني داريل وهو يرتعش
وأخرجت هاتفي، «. حسنًا، حان وقت التدابير المضادة لحالات الطوارئ » : فقلت له
كنت قد خططت لذلك تخطيطًا جيدًا مقدمًا، ما كان تشارلز ليمسك بي ثانيةً. بعثت
برسالة بريد إلكتروني للخادم الموجود بمنزلي، وبدأ في العمل.
وبعد بضع ثوانٍ، جن جنون هاتف تشارلز؛ فقد أرسلت إليه عشرات الآلاف من
الرسائل النصية والمكالمات العشوائية المتزامنة؛ ما جعله يطلق كل رنة وطنين يمكنه
إصداره، واستمر في ذلك. نُفِّذ الهجوم باستخدام تقنية البوت نت، الأمر الذي شعرت
بالسوء حياله، بيد أن الغرضمنه كان جيدًا.
والبوت نت هي شبكات تضم أجهزة الكمبيوتر المصابة. فعندما يصاب جهاز
كمبيوتر بفيروس أو فيروس متنقل، يبعث برسالة لقناة محادثة على نظام المحادثات
عبر الإنترنت (آي آر سي). تخبر هذه الرسالة سيد البوت نت — وهو من نشر الفيروس
المتنقل — أن أجهزة الكمبيوتر مستعدة لتنفيذ أوامره. تتمتع هذه الشبكات بقوة هائلة؛
إذ إنها قد تضم الآلاف، بل حتى مئات الآلاف، من أجهزة الكمبيوتر المنتشرة بجميع أنحاء
الإنترنت، والمرتبطة باتصالات قوية عالية السرعة، وتعمل على أجهزة الكمبيوتر الشخصية
المنزلية السريعة. تعمل أجهزة الكمبيوتر الشخصية بطبيعتها لحساب مالكيها، لكن عندما
يطلب منها مهمة سيد البوت نت، تهب لتلبية أوامره كالعبيد.

يعجُّ الإنترنت بأجهزة الكمبيوتر المصابة، حتى إن سعر تأجير ساعة أو اثنتين على
إحدى شبكات البوت نت قد هبط هبوطًا شديدًا. تعمل هذه الشبكات في الغالب لصالح
مرسلي البريد العشوائي كشبكات بريد عشوائي موزعة رخيصة الثمن، تملأ صندوق
بريدك بإعلانات عن أدوية معالجة الضعف الجنسي أو بفيروسات جديدة من شأنها
إصابة جهازك وتشغيله كعضو في شبكة البوت نت.
استأجرتعشرثوانٍ فحسب علىشبكة مكونة من ثلاثة آلافجهاز كمبيوترشخصي،
وجعلت كلٍّا من هذه الأجهزة يرسل رسالة نصية أو مكالمة بتقنية نقل الصوت عبر
بروتوكول الإنترنت إلى هاتف تشارلز، الذي التقطتُ رقمه من ورقة ملاحظات لاصقة على
مكتب بينسان أثناء إحدى زياراتي المشئومة له.
غنيٌّ عن القول أن هاتف تشارلز لم يكن مُعدٍّا للتعامل مع ذلك. أولًا، ملأت الرسائل
النصية القصيرة ذاكرة هاتفه؛ ما عطل العمليات الروتينية التي كان بحاجة لفعلها، مثل
التعامل مع المتصل، وتسجيل كل الأرقام الزائفة لهذه المكالمات الواردة (هل تعلم أنه من
تزييف الرقم المحدد لهوية المتصل؟ يوجد نحو خمسين طريقة لفعل « السهل بالفعل »
.(« تزييف هوية المتصل » ذلك؛ ابحث فقط على جوجل عن
حدق تشارلز في الهاتف مشدوهًا، وأخذ يلكم فيه بعنف، وحاجباه يعقدان ويتلويان
أثناءصراعه مع ما أصاب أعز أجهزته الشخصية. كانت الخطة تسير كما ينبغي حتى
ذلك الحين، لكنه لم يكن يفعل ما كان من المفترضأن يفعله بعد ذلك؛ فمن المفترضأن
يبحث عن مكان يجلس فيه، ويحاول التوصل إلى كيفية لإعادة هاتفه لحالته الطبيعية.
هزَّ داريل كتفي، فأبعدت عيني عن الشق الموجود في الباب.
«؟ ماذا يفعل » : همس داريل
لم «. لقد خربت هاتفه، لكن كل ما يفعله هو التحديق فيه بدلًا من أن يتحرك بعيدًا »
يكن من السهل إعادة تشغيل ذلك الشيء؛ فما أن تُملَأ الذاكرة عن آخرها حتى يصير من
الصعب عليها تحميل الرمز الذي تحتاجه لحذف الرسائل الزائفة، ولم يكن هاتفه مزودًا
بخاصية المسح المُجمَّع للرسائل، وبالتالي كان عليه حذف آلاف الرسائل كلها يدويٍّا.
دفعني داريل إلى الخلف، وأخذ يحدق من الباب. وبعد لحظات، بدأت كتفاه في
الارتعاش. تملكني الرعب؛ إذ اعتقدت أنه قد أصيب بالذعر، لكنني عندما سحبته للخلف،
رأيت أنه كان يضحك بشدة، حتى إن الدموع بدأت تسيل على وجنتيه.
لقد أمسكت به جالفيس للتو لوجوده في الأروقة أثناء الحصصالدراسية، ولإخراج »
«. هاتفه … كان عليك أن ترى انفعالها عليه؛ لقد كانت تستمتع بذلك حقٍّا

تصافحنا بجدية، وعدنا إلى الرواق، نزلنا على السلالم، ثم خرجنا من الباب الخلفي،
وتجاوزنا السياج، لنخرج في النهاية إلى ضوء الشمس الباهر لفترة ما بعد الظهيرة في
حي ميشن، لم يبدُ شارع فالينسيا بهذا القدر من الجمال من قبل. نظرت في ساعة يدي،
وصِحت:
«! هيا لنسرع! سيقابلنا باقي مجموعة الأصدقاء عند الترام بعد عشرين دقيقة »
لمحتنا فان أولًا. كانت تسير وسط مجموعة من السائحين الكوريين، فيما يُعَد أحد أساليبها
المفضلة للتمويه عند هروبها من المدرسة. منذ أن ظهرت المدونات التي يمكن التدوين
فيها من خلال الأجهزة المحمولة، والتي تُعنَى بالتغيب عن المدرسة دون إذن، والعالم
من حولنا صار مليئًا بأصحاب المتاجر والمتظاهرين بالصلاح المتطفلين الذين يتكفَّلون
بالتقاطصور لنا وتحميلها على الإنترنت؛ حيث يمكن للإداريين بالمدارسفحصها بعناية.
خرجت فان من الجمع الذي كانت تسير وسطه، وركضتسريعًا نحونا. كان داريل
يكنُّ لفان مشاعر منذ زمن بعيد، وكانت هي على درجة من اللطف جعلها تتظاهر بأنها
ليست على علم بمشاعره. عانقتني، ثم انتقلت إلى داريل، وقبَّلته قبلة أخوية سريعة على
وجنته جعلت وجهه بالكامل يتورد خجلًا.
كانا ثنائيٍّا عجيبًا؛ فداريل ثقيل الوزن بعضالشيء، وإن كان ذلك يليق به، وبشرته
وردية تتحول معها وجنتاه للون الأحمر كلما ركض أو أثاره شيء ما. نمت لحيته منذ
كان في الرابعة عشرة من عمره، لكنه بدأ — نشكر الرب — في حلاقتها بعد فترة قصيرة
وكان طويلًا، طويلًا للغاية كلاعبي .« سنوات لينكن » تطلق عليها مجموعة الأصدقاء اسم
كرة السلة.
على الجانب الآخر، كانت فان أقصر مني قليلًا، ونحيفةً، وشعرُها أسودَ منسدلًا
تضع فيهشرائط عجيبة متقنة الصنع تبحث عنها على الإنترنت. بشرتها نحاسية جميلة،
وعيناها سوداوان. تحب الأقراط الزجاجية كبيرة الحجم التي تطقطق وتقرقع معًا عندما
ترقص.
«؟ أين خولو » : تساءلت فان
طالما تتأخر كلماته في أية محادثة «؟ كيفحالك يا فان » : سألها داريل بصوت مختنق
تضم فان.
يا إلهي، كم كانت قاسية! كاد داريل يفقد الوعي. «؟ بأفضل حال يا دي. ماذا عنك »

أنقذه خولو من خزي اجتماعي بظهوره فجأة في تلك اللحظة، مرتديًا سترة بيسبول
جلدية كبيرة المقاس، وحذاء رياضيٍّا أنيقًا، وقبعة ذات خلفية شبكية عليها إعلان للمصارع
خولو هو خوسيه لويس توريز، العضو .« إل سانتو الابن » المكسيكي المُقنَّع المفضل لدينا
الرابع والأخير بمجموعتنا. التحق خولو بمدرسة كاثوليكية شديدة الصرامة في منطقة
أوتر ريتشموند، ومن ثم لم يكن من السهل عليه الخروج منها، لكنه كان يفعل دائمًا؛ ما
كان بيننا مَن هو أفضل في التسلل من خولو صديقنا. أحب خولو سترته لتدليها لأسفل
— ما يُعَد ضربًا من الأناقة في هذه الأنحاء من المدينة — ولإخفائها كل الزي السخيف
لمدرسته الكاثوليكية، الذي كان هدفًا للحمقى المتطفلين الذين وضعوا مدونة التغيب عن
المدرسة كإشارة مرجعية بهواتفهم.
أخرجت هاتفي، «؟ من مستعد للذهاب » : بعد أن تبادل جميعنا التحية، سألتهم
التي أنزلتها عبر «( نظام النقل السريع بمنطقة الخليج (بارت » وعرضت عليهم خريطة
ثانيةً، ثم تجاوزها بمربع سكني « نيكو » وفقًا لما توصلت إليه، علينا التوجه إلى » . الإنترنت
ونتجه يسارًا بعد ذلك حتى نصل فان نيس، وفي مكان ما ،« أوفيريل » واحد وصولًا إلى
«. هناك، سنعثر على الإشارة اللاسلكية
ما كان بإمكاني أن أجادلها «. هذا مكان خطير بحي تِندرلوين » : تجهمت فان، وقالت
في ذلك؛ فقد كان حيٍّا غريبًا بسان فرانسيسكو، تدخله عبر مدخل فندق هيلتون الأمامي،
وبه كل عناصر الجذب السياحية، مثل منعطف الترام ومطاعم العائلات. لكن عندما
تدخل إليه من الجانب الآخر، تصبح في مركز أعتى القوَّادين، وأفجر العاهرات، وتاجري
المخدرات، والمشردين المحطمين في المدينة. ما كان أيٌّ منَّا في السن المناسبة لتكون له أية
علاقة بما يبيعه أو يشتريه هؤلاء الناس (وإن كانت تِندرلوين تضم عددًا من العاهرات
في سننا.)
لننظر إلى الجانب المشرق هنا؛ ما من أحد يرغب في الذهاب لهذا » : أجبت فان قائلًا
المكان إلا في وضح النهار؛ وبالتالي، لن يقرب أيٌّ من اللاعبين الآخرين المكان حتى الغد
«.« ميزة الأسبقية » باكرًا. هذا ما نطلق عليه في ألعاب الواقع البديل
«! تتحدث كما لو كان ذلك أمرًا جيدًا » : رمقني خولو بنظرة غاضبة، وقال
«. هذا أفضل من أكل سوشيقنفذ البحر » : أجبته
كانت فان — من بعدي — أكثر اللاعبين «؟ هل سنظل نتحدث أو نفوز » : فقالت فان
تحمسًا في مجموعتنا بلا منازع، وكانت شديدة الجدية بشأن الفوز.

انطلقنا، أربعة أصدقاء مخلصين، لحل اللغز، وتحقيق الفوز في اللعبة … وخسارة
كل ما اهتممنا به للأبد.
كان المكون المادي لدليل اليوم هو مجموعة من إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي
(جي بي إس) — كانت هناك إحداثيات لجميع المدن الرئيسية التي تُمارَس فيها لعبة
حيث سنجد إشارة واي فاي لنقطة الوصول اللاسلكية. — « هاراجوكو فان مادنس »
كانت هذه الإشارة تعترضها عمدًا نقطة واي فاي أخرى قريبة مخبأة حتى لا يمكن
لبرامج البحث عن إشارات الواي فاي المعتادة العثور عليها، وهي الأدلة التي تشير لك
بمكانك في نطاق نقطة الوصول المفتوحة لشخصما، والتي يمكنك استخدامها مجانًا.
من خلال قياس قوة النقطة « المخبأة » سيكون علينا البحث عن نقطة الوصول
والعثور على المنطقة التي تكون فيها أكثر ضعفًا، وهناك سنجد الدليل الآخر. ،« المرئية »
« نيكو » في فندق « أنزو » في المرة الأخيرة، كان الدليل في طبق اليوم بمطعم السوشيالراقي
هاراجوكو » في تِندرلوين. وهذا الفندق مملوك للخطوط الجوية اليابانية، أحد رعاة لعبة
أحدث العاملون بالمكان هرجًا ومرجًا عند عثورنا أخيرًا على الدليل، وقدموا .« فان مادنس
لنا حساء الميسو، وجعلونا نجرب السوشي المُعدَّ من قنفذ البحر وله قوام الجُبن السائل،
رائعًا، أو هكذا أخبرني داريل. فما كنت « حقٍّا » ورائحة روث كلاب سائل. لكن طعمه كان
لأتناول هذا الشيء.
باستخدام برنامج العثور على إشارات الواي فاي المُثبَّت بهاتفي، التقطت إشارة
الواي فاي على بعد نحو ثلاثة مربعات سكنية من أوفيريل، قبل شارع هايد بالضبط،
أمام مركز تدليك آسيوي مريب مُعلَّقة على نافذته لافتة تومض بالضوء الأحمر مكتوب
وبالتالي عرفنا أننا في المكان الصحيح. ،« هاراجوكو إفإم » كان اسم الشبكة .« مغلق » عليها
«. إذا كان الدليل بالداخل، فلن أدخل » : قال داريل
«؟ هل معكم جميعًا أجهزة العثور على إشارات الواي فاي » : سألتهم
كان هاتفا داريل وفان مزودَيْن ببرامج مدمجة للعثور على إشارات الواي فاي، في
حين كان مع خولو — الذي ما كانت أناقته لتسمح له بحمل هاتف أكبر من خنصريده
— جهاز توجيهي صغير منفصل.
لتنتشروا إذن، وتذكروا أننا نبحث عن ضعف شديد في الإشارة يزداد سوءًا كلما »
«. تحركتم تجاهه

تراجعت خطوة للخلف لأجد نفسي واقفًا فوق أصابع قدمٍ ما. تأوَّه صوت أنثوي،
فاستدرت قلِقًا من أن أجد أمامي عاهرة مدمنة تطعنني لكسري أصابع قدمها.
لكنني وجدت نفسي وجهًا لوجه مع فتاة في نفس عمري. كان شعرها كثٍّا ذا لون
وردي فاتح، ووجهها حاد الملامح شبيهًا بالقوارض، وترتدي نظارة شمس كبيرة هي
في الواقع مثل النظارات الواقية التي تستخدمها القوات الجوية، وترتدي سروالًا ضيقًا
مخطَّطًا تحت فستان أسود قديم الطراز، معلق به الكثير من دُمى الزينة اليابانية الصغيرة
لشخصيات كرتونية، وقادة عالميين قدامى، وشعارات لمشروبات غازية أجنبية.
رفعت الفتاة كاميرا، والتقطت صورة لي مع فريقي.
«. ابتسموا! فأنتم في برنامج الكاميرا الخفية الخاصة بالتغيب عن المدرسة » : وقالت
«… مُحال! لن » : قلت لها
بل سأفعل. سأرسل هذه الصورة لضابط التغيب عن المدرسة في غضون ثلاثين »
ثانية، هذا إن لم تبتعدوا أنتم الأربعة عن هذا الدليل، وتفسحوا لي الطريق أنا وصديقاتي
للحصول عليه. يمكنكم المجيء إلى هنا بعد ساعة واحدة، وسيكون لكم. أعتقد أن ذلك
«. عادل تمامًا
نظرت خلفها، فرأيت ثلاث فتيات أخريات يرتدين ملابس مشابهة؛ إحداهن شعرها
«؟ ومن أنتن؟ فرقة مصاصات الآيس كريم » . أزرق، والثانية أخضر، والثالثة أرجواني
هاراجوكو فان » نحن الفريق الذي سيهزم فريقكم شر هزيمة بلعبة » : فأجابتني
مشاكل » صورتكم على الإنترنت، وأجلب عليكم « في هذه اللحظة » وأنا من سأحمِّل ،« مادنس
«… « عدة
شعرت بفان خلفي وهي تتقدم للأمام. اشتهرت مدرسة البنات التي كانت تذهب
إليها بالشجارات، وكنت موقنًا بأنها كانت تتأهب لتوجيه لكمة قوية لهذه الفتاة.
في تلك اللحظة، تغير العالم للأبد.
شعرنا أولًا بذلك التمايل المُسبِّب للغثيان للإسمنت تحت أقدامنا، والذي يعرفه بديهيٍّا
كان أول شيء فكرت فيه — كعادتي .« زلزال » كل شخص يعيش في كاليفورنيا … إنه
عند الوقوع في مشكلة، أو الشعور بالشك، تحرك في دوائر، صِح، » : دومًا — هو الهروب
لكن الحقيقة هي أننا كنا جميعًا في أكثر الأماكن أمنًا، وليس في مبنى قد ينهار «. واصرخ
فوق رءوسنا، أو في منتصف الطريق حيث يمكن لإفريز ما أن يسقط ليسحق جماجمنا.
تكون الزلازل هادئة هدوءًا مخيفًا — في البداية على أية حال — لكن هذا الزلزال لم
يكن هادئًا، بل صاخبًا، جلبَتُهُ مدوية على نحو لا يُصدَّق؛ فهو أعلى من أي شيء سمعته

من قبل. وصل الصوت في شدته لدرجة جعلتني أسقط على ركبتيَّ، ولم أكن وحدي في
ذلك، فهزَّ داريل ذراعي، وأشار إلى المباني. أبصرنا حينها سحابة سوداء ضخمة تظهر
من الجانب الشمالي الشرقي، من اتجاه الخليج.
دوت دمدمة أخرى، وتمددت سحابة الدخان لتتخذ الشكل الأسود المنتشرالذي طالما
شاهدناه في الأفلام.
نفَّذ أحدهم تفجيرًا … تفجيرًا هائلًا.
تبع ذلك المزيد من الدمدمة والارتجاج. وأطلت الرءوسمن النوافذ على طول الشارع،
وعيوننا جميعًا معلقة بالسحابة الممتدة في صمت.
حينذاك، انطلقت صفارات الإنذار.
سبق لي سماع صفارات مثل هذه من قبل، حينما كانوا يختبرون صفارات الدفاع
المدني ظهيرة أيام الثلاثاء. بيد أنني لم أسمعها تنطلق دون موعد محدد من قبل، إلا في
أفلام الحرب القديمة وألعاب الفيديو التي يقذف فيها شخصٌما آخرَ بالقنابل من فوق.
كانت مثل صفارات إنذار الغارات الجوية. بدت غير حقيقية على الإطلاق.
دوى الصوت من كل مكان في اللحظة ذاتها. كانت هناك «. توجهوا إلى الملاجئ فورًا »
مكبرات صوت على بعض أعمدة الكهرباء؛ الشيء الذي لم تسبق لي ملاحظته من قبل
مطلقًا، وانطلقت جميعها في وقت واحد.
ملاجئ؟ نظر كلٌّ منا إلى الآخر في ارتباك. أية ملاجئ؟ «. توجهوا إلى الملاجئ فورًا »
أخذت السحابة تتصاعد، وتتمدد. هل كانت نووية؟ هل كنا نلفظ أنفاسنا الأخيرة؟
جذبت الفتاة ذات الشعر الورديصديقاتها، وانطلقن أسفل التل، عائداتٍ إلى محطة
بارت عند السفح.
صار هناكصراخ الآن، والكثيرون يركضون من حولنا. «. توجهوا إلى الملاجئ فورًا »
تفرق السائحون في كل اتجاه — يمكنك دائمًا تحديد السائحين؛ فهم من تعني كاليفورنيا
لديهم الدفء، ويقضون عطلاتهم بسان فرانسيسكو متجمدين من البرد وهم يرتدون
فانلات وبناطيل قصيرة.
صاح داريل في أذني بصوت يكاد لا يكون مسموعًا وسط دوي الصفارات التي
علت أصوات عشرات سيارات «! علينا أن نرحل » : انضمت إليها صفارات الشرطة المعتادة
شرطة سان فرانسيسكو وهي تمر بجانبنا.
«. توجهوا إلى الملاجئ فورًا »

فأومَئُوا برءوسهم. اقترب بعضنا من «. لننزل إلى محطة بارت » : صحت في أصدقائي
بعض، وشرعنا في التحركسريعًا إلى أسفل التل
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.