أكوان للنشر والترجمة والتوزيع

شارك على مواقع التواصل


مقدمة
المعلم... يالها من كلمة تبعث فينا الاحترام والوقار والشعور بعظم الجميل.. فمن منا إلا ويحمل كل الحب والتقدير للمعلم الذي علمه وأسسه وفتح له أبواب المستقبل من خلال العلم والتدريس لكل ما هو نافع ومفيد .
فالمعلمون هم جنود الثغور، الذين يسهرون لحماية الجيل الناشئ من شباب المستقبل لتعليمهم وتربيتهم على العلم خدمة للعقيدة والوطن..فالمعلم شمعة تحترق لتنير دروب الآخرين عطاء وآمالًا لأجل الوصول لأعلى المراتب .
إن مهنة التدريس مهنة عريقة وقديمة بقدم الإنسان وما قامت الحضارة الإنسانية إلا على أكتاف المعلمين سواء كان التعليم نظريًّا أم عمليًّا، ومما لاشك فيه أن المعلم من دعائم الحضارة الإنسانية حيث إنه يضع الثقة في طلابه الذين هم زهور المستقبل وآماله المشرقة..أجل فطالب اليوم هو الطبيب والمهندس والحرفي والمعلم وكل صاحب مهنة .
ومن هنا تبرز أهمية المعلم ومكانته في المجتمع حيث إنه في المقام الأول كالمربي لطلابه يعلمهم ويربيهم ويغذيهم بالقيم والأخلاق ويفتح لهم باب المستقبل على مصراعيه بعد أن أبلغهم رسالة العلم الخالدة .
ولهذه الأهمية التي يكتسبها الطالب من المعلم ولما له من دور إيجابي في حياة شباب المستقبل فقد حرص خلفاء المسلمين قديمًا على تعليم أبنائهم على أيدي أفضل المعلمين والمدرسين لتهيئتهم للخلافة في المستقبل وقيادة الأمة .
إن مهنة المعلم ليست مجرد وظيفة كأي وظيفة يتقاضى عليها المعلم راتبه فقط وإنما هي في حد ذاتها رسالة إنسانية ومهمة ربانية وقد كلف الله بها الأنبياء من قبل حينما أمرهم بتعليم الناس الدين والعلم وعبادة الله وحده، فكانت مهنة الأنبياء في الأساس هي تعليم الناس كيف يعبدون الله وحده لاشريك له، ولهذه الأهمية قال: " العلماء ورثة الأنبياء".
ولكي يكون المعلم ايجابيًّا متميزًا عليه ألا ينظر إلى مهنته بصورة مجردة على أنها مجرد وظيفة بل ينظر إليها بأنها وظيفة الأنبياء، وأنها وظيفة سامية مقدسة، قدسها الله تعالى في كتابه وقدس أهل العلم والمعلمين فقال تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ".
وقال أحد الشعراء البيت الخالد الذي نعرفه جميعًا في فضل المعلم :
قم للمعلم وفــه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا.
ولكي يكون المعلم كفؤًا لهذه الأمانة والرسالة التي حمَّله الله عز وجل إياها، عليه أن يطور من ذاته ومن علمه، وأن يتعلم الأساليب والتقنيات الحديثة في كيفية تبليغ العلم وايصاله بكل سهولة ويسر .وأن يبحث عن أسهل الطرق وأنفعها وأكثرها إيجابية في تدريس العلوم مثل استخدام استراتيجيات التعلم الحديث بحيث يكون العلم سهلًا على الطالب محببًا إليه .
فإذا كان المعلم كذلك بهذه الإيجابية وبهذا الإخلاص فسترى أجيالًا محبة للعلم تبني الحضارات كما بناها الأجداد .

السمات المهنية والسمات الشخصية للمعلم المثالي
أولًا: السمات المهنية
هي النواحي التي تتعلق بالتدريس مِهنةً، وبالمعلم مُمارسًا لهذه المهنة، وتتضمن النقاط التالية:
1- حب المهنة والإيمان بأنها رسالة عظيمة، فالمعلم الذي يؤدي بِحُب يصل إلى قلوب الطلاب وعقولهم، والمعلم الذي يؤدي الواجب بلا حب لا يكاد يصل إلى آذانهم.
2- الذكاء وسرعة البديهة في التعامل مع الطلاب على تنوعهم من أهم سمات المعلم الناجح، حيث يستطيع التصرف في المشكلات، ويحسن التعامل مع المواقف الحرجة والصعبة.
3- التمكن من المادة العلمية وطرائق تدريسها، ومتابعة آخر ما توصل إليه العلم في مجال تخصصه، بحيث يتعمق في مادته، ويُبهر جميع الطلاب بمدى تمكنه.
4- القدرة على تخطيط الدروس وإعداد مستلزماتها، فالطالب يشعر بأداء المعلم وتحضيره وتخطيطه، ويُدرك هل أعد الدرس جيدًا، أم أنه يرتجل.
5- القدرة على إدارة الصف والتفاهم مع الطلاب والمحافظة على النظام، من خلال الشخصية القوية الهادئة.
6- القدرة على جذب الانتباه والتشويق، فأسوأُ ما يتعرض له المعلم من نقد أن يكون درسه مملًا للطلاب، ما يُحدث تشتيتًا لانتباههم نحو الدرس.
7- الاهتمام بميول الطلاب وحاجاتهم، من خلال تخطيط الأنشطة التي يحبونها، وطرائق التدريس التي تحقق تفاعلًا أكثر إيجابية.
8- إحاطته بجوانب الثقافة العامة وفروع العلم الأخرى، وإلمامه بقدر مناسب من ثقافة المجتمع والتيارات الفكرية المحيطة، والأنظمة السائدة، وحينها يشعر الطالب بأنه أمام جبل من العلم، مما يزيد ثقة الطلاب بمعلمهم.
9- التمكن من تصميم واستخدام الوسائط التعليمية، وقبل ذلك الاقتناع بدورها في نجاح عملية التعليم.
10-الكفاءة في تقويم الطلاب، والقدرة على صياغة الامتحانات والاختبارات بطرق علمية، وكذلك القدرة على النقد البناء، ومن ثم لا بد أن يؤمن المعلم بأن الغرض الأساسي من التقويم هو التحسين لا الترهيب.
11- القدرة على التعاون مع رؤساء العمل والزملاء في التخطيط والتدريس، فأساس النجاح هو العمل الجماعي.
12- اتباع النظام العام للمؤسسة، فالمعلم يشارك في تطويرها بغرض الإصلاح والتنمية، لا النقد الهدام.
13- القدرة على التكيف مع الظروف الصعبة، حتى إذا افتقد المعلم الأشياء اللازمة للتدريس- كالأقلام، الكتب، السبورة، الفصل المناسب لأعداد الطلاب- يمكنه أن يؤدي دوره جيدًا.
14- القدرة على البحث وامتلاك المعلم لأدوات التعلم الذاتي.

ثانيًا: السمات الشخصية
هي النواحي التي تتعلق بشخصية المعلم وطبيعته التي تميزه عن غيره؛ وعلى الرغم من اختلاف شخصيات المعلمين فيما بينهم، إلا أنه ينبغي أن تكون هناك بعض القواسم المشتركة وهي:
1- حسن المظهر والأناقة بما يليق بمكانته ووقاره. فَكَمْ عاب الطلابُ على معلم لا يأتي بملابسَ وقورة تليق بمكانته، أو تناسب سنه، وهي من الأمور التي قد يغفلها المعلم وهي من الأهمية بمكان.
2- التفاؤل والثقة بالنفس وبث السعادة في نفوس الطلاب، من خلال الابتسام أثناء الدرس؛ مما يضفي إقبالًا وسرورًا نحو تعلم المادة.
3- حسن التعامل مع الطلاب بما يليق بثقافات الطلاب من ناحية، وبثقافة المجتمع من ناحية أخرى.
4- موهوب في طرق تدريسه؛ فكل يوم لديه جديد يبهر به طلابه.
5- اجتماعي يستطيع التفاعل مع طلابه حتى خارج الصف، فالمعلم المنطوي لا يمكنه التفاعل بكفاءة داخل الصف أو خارجه، أما المعلم الودود المرن فيكون أكثر جاذبية للطلاب طوال الوقت.
6- نشيط يبعث في نفوس الطلاب الحماس، ويظهر ذلك في حماسه وحركته المستمرة داخل الصف.
7- قادر على العمل فترات طويلة؛ فربما يتطلب العمل أوقاتًا إضافية للتدريس، أو التصحيح، أو غيرها من الأعمال، ومن ثم لا بد له من تأهيل نفسه على ذلك.
8- الثقة بالنفس دون تكبر أو ضعف، فالمدرس عزيز قوي لا يقبل إساءة الطلاب أو غيرهم نحوه؛ كي يكون قدوة حسنة لهم، مع حنوه وتواضعه لهم.
9- اعتدال الرأي دون إفراط أو تفريط؛ فلا يتعصب لقضية ما أو رأي ما، وإنما يتقبل كل الآراء بصدر رحب؛ مما يكسب طلابه الاعتدال والوسطية.
10- القدرة على تحمل المسئولية؛ فربما توكل له مهام صعبة (كأن يساعد الطلاب على إنهاء محتوى معين في وقت قليل أو قبيل الامتحان)؛ فينفذ تلك المهمة على أكمل وجه.
11- الالتزام في مواعيد العمل، واحترام الوقت المحدد للدرس دون نقصان؛ فيكسب طلابه تلك الميزة من خلال القدوة.
12- إعطاء كل طالب حقه في الاهتمام والرعاية، وهذا من أصعب الأشياء نظرًا للفروق الفردية بين الطلاب – خاصة مع الأعداد الكبيرة- لكنها تحقق تأثيرًا بالغًا في حب الطلاب لأستاذهم.
13- قوة الشخصية، والقدرة على ضبط الفصل، والحزم وقت الحاجة؛ ما يخلق له هيبة ووقارًا.
14- الديمقراطية في تعامله مع طلابه؛ من خلال مشاركتهم في إعداد الدروس، ووسائلها وطرائقها بل تقويمها.
15- الطلاقة اللفظية، وقوة الإقناع، وحسن العرض والتعبير، ولا يتأتى ذلك إلا بالتقويم الذاتي، والتقويم المستمر من قبل رؤساء العمل والزملاء.

إنجازات المعلم
1- بناء العقول
يساعد المعلمون على بناء العقول وتشكيلها، كما يلعبون دورًا كبيرًا في بناء مستقبل الكثير من الأفراد، حيث يسعى المعلمون إلى تقديم المعرفة للأفراد في جميع مراحل حياتهم بدءًا من مرحلة رياض الأطفال حتى مرحلة الجامعة، وذلك من أجل تعليمهم الطرق اللازمة للتمكن من فهم طبيعة العالم وتحديد مكانتهم به، فيسعى المعلمون خلال مرحلة رياض الأطفال إلى تقديم قواعد التعلم الأساسية للأطفال، والتي سيحتاجون إليها طوال فترة حياتهم، ثم بعد ذلك يواجه المعلمون تحديًا كبيرًا في زيادة الشغف لدى الطلاب في مراحل المدرسة المختلفة وخاصةً عند المراهقين، حيث إن الطلاب في هذه المرحلة يكونون أكثر انجذابًا نحو الاهتمام بحياتهم الاجتماعية والقضايا التنموية، ثم يقع على المعلمين بعد ذلك عبء تقديم المواد الثقافية والفكرية لمجموعة من الشباب القريبين من سن البلوغ والذين يعانون حياة غير مستقرة ومضطربة، وفي النهاية تتمثل مهمة المعلمين بإلهام الشباب في مرحلة الجامعة، بحيث يبينون لهم القدرات غير المحدودة التي يمتلكونها، كما أنهم يعلمونهم طرق التعامل مع الأمور التقنية المختلفة.

2- التخلص من الفقر
تسهم مهنة التدريس في التخلص من الفقر، وذلك من خلال تقديم التعليم اللازم الذي يعتبر من أهم الأمور التي تؤدي إلى التخلص من الفقر، حيث إنه وفقًا لمنظمة اليونيسكو فإن مستوى الفقر قد يقل بنسبة تصل إلى 12% في الحالة التي يتعلم بها جميع الطلاب الموجودين في الدول النامية مهارات القراءة الأساسية فقط، كما أن كل سنة إضافية يتعلم فيها الفرد تزيد من مستوى دخله في المستقبل بنسبة 10%، وتزيد من متوسط الناتج المحلي السنوي بنسبة تصل إلى 0.37%.

3- الاستفادة من تجارب الآخرين
تساعد مهنة التدريس على حصول الفرد على العديد من التجارب والنظريات والأيديولوجيات التي قام بها العديد من العلماء والباحثين والمؤرخين والفلاسفة عبر الزمن، حيث يمكن للفرد من خلال الذهاب إلى المدرسة تعلم الكثير من هذه الأمور من خلال الكتب الدراسية والأبحاث المختلفة التي تقدم له، حيث إنه على الرغم من أهمية التجارب الشخصية للفرد في التعلم إلا أنه لا يمكن تجاهل الأهمية الكبيرة للتعلم من خلال الاستفادة من تجارب وخبرات الآلاف من الأشخاص الذين عاشوا عبر القرون المختلفة من الزمن.

4- تنمية المهارات الشخصية
تساعد المدرسة على تطوير المعلم لنفسه، حيث تتيح له فرصة للتفاعل مع الآخرين بشكل أكبر، كما أنها تساعده على تطوير مهارات التواصل مع الآخرين، بحيث يصبح أكثر قدرةً على الإقناع، وحل المشاكل المختلفة التي قد تواجهه، كما أنه يصبح أكثر ترابطًا بالعمل الجماعي.
توجيه الطلبة
يلجأ العديد من الطلاب إلى طلب النصحية من معلميهم عند اتخاذهم أحد قرارات الحياة المصيرية، فالطلاب يثقون بمعلميهم، ويعتبرون آراءهم محل ثقة، ويمكن للمعلمين مساعدة طلابهم في العديد من الأمور مثل مساعدتهم على إكمال التعليم العالي، بالإضافة إلى مساعدتهم على الحصول على الفرص الوظيفية، وتشجيعهم على القيام بالأمور التي كانوا يعتقدون أنهم غير قادرين على إنجازها، وبشكل عام فإن الطلاب عادةً ما يعتبرون معلميهم موجهين يمتلكون الخبرة والمعرفة، لذلك لابد لكل معلم من التعرُّض خلال مسيرته المهنية لطلب النصيحة من قبل أحد طلابه.


قصص حقيقية عن دور المعلم
دخل معلم بديلًا لمعلم آخر قد غادر لإكمال دراسته العليا
بدأ في شرح الدرس.. فسأل سؤالًا لطالب من الطلاب، ضحك جميع الطلاب لجوابه.
ذهل المعلم وأخذته الحيرة والدهشة– ضحك بلا سبب– لكن خبرته التدريسية علمته أن وراء الأكمة ما وراءها.
أدرك من خلال نظرات الطلاب سر الضحك، وأن الطلاب يضحكون لوقوع السؤال على طالب غبي في نظرهم.
وعند خروج الطلاب.. نادى المعلم الطالب واختلى به، وكتب له بيتًا من الشعر على ورقه وناوله إياها، وقال: يجب أن تحفظ هذا البيت حفظًا كحفظ اسمك ولا تخبر أحدًا بذلك.
في اليوم التالي كتب المعلم بيت الشعر على السبورة وقام بشرحه مبينًا فيه المعاني والبلاغة و.. إلخ. ثم مسح البيت. وقال للطلاب: من منكم حفظ البيت يرفع يده، لم يرفع أي طالب يده باستثناء ذلك الطالب، لكنه رفع يده باستحياء وتردد، فقال المدرس للطالب أجب.. فأجاب الطالب بتلعثم وعلى الفور أثنى عليه المعلم ثناءً عطرًا وأمر الطلاب بالتصفيق له.
الطلاب بين مذهول ومشدوه ومتعجب ومستغرب..
تكرر المشهد خلال أسبوع بأساليب مختلفة، وتكرر المدح والإطراء من المعلم والتصفيق الحاد من الطلاب.
بدأت نظرة الطلاب تتغير نحو الطالب، وبدأت نفسية الطالب تتغير للأفضل.. بدأ يثق بنفسه ويرى أنه غير غبي- كما كان يصفه معلمه السابق..
شعر بقدرته على منافسة زملائه بل التفوق عليهم.
ثقته بنفسه دفعته إلى الاجتهاد والمثابرة والمنافسة والاعتماد على الذات.
اقترب موعد الاختبارات النهائية..اجتهد..ثابر..نجح في كل المواد.
دخل المرحلة الثانوية بثقة أكثر وهمة عالية.. زاد تفوقه.. حصل على معدل أهله لدخول الجامعة.
أنهى الجامعة بتفوق، واصل دراسته وحصل على الماجستير والدكتوراه وأصبح عالمًا في مجال الفيزياء.
هذه قصة نجاح كتبها الطالب بنفسه في إحدى الصحف داعيًا لمدرسه صاحب بيت الشعر أن يثيبه الله خير الثواب.

الناس نوعان:
أ- نوع مفاتيح للخير مغاليق للشر، يحفز.. يشجع.. يأخذ بيدك.. يمنحك الأمل والتفاؤل.. يشعر بشعور الآخرين.. صاحب مبدأ ورسالة.
ب- نوع آخر مغاليق للخير.. مفاتيح للشر.. مثبط.. قنوط.. ليس له مهمة سوى وضع العراقيل والعقبات أمام كل جاد. دأبه الشكوى والتذمر والضجر وندب الحظ.

قصة الطالب توضح أن الطالب كان ضحية هذا النوع من الناس، لكن عناية الله سخرت له مدرسًا من النوع الأول.. فكتب له النجاح في دراسته.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.