maialkhaleel

شارك على مواقع التواصل

#رواية_روز
#بقلمي_مي_الخليل
الفصل الثالث
تفاعلكم بشجعني كمل 😍 لسا الرواية ببدايتها ويلي جاي اجمل 😄
الْتَقَيتُ بِرامٍ عدَّة مرَّاتٍ في نفسِ المكانِ وفي نفسِ الموعدِ صُدفةً ، ودونَ اتِّفاقٍ ، وكأنَّ القدَرَ إعدَّ لنا تلكَ المُصادفاتِ تَعمُّداً ، في كُلِّ مرَّةٍ التقَينا تَحدَّثنا في أُمورٍ كثيرةٍ ، وقلَّما شغلَتْنا تفاصيلُنا الصَّغيرةِ أو حياتُنا الشَّخصيةِ ، وكأنَّها لا تَعنينا ، وهذا أكثرُ ما ميَّزَ علاقتَنا ولِقاءاتِنا التي ما خطَّطنا لها مرَّةً ، اتفَّقنا وبصمت ... أن تكونَ صداقَتَنا مُميَّزةً ، وحقيقيَّةً واعيةً ، ولا أحدَ سِوانا يُدرِكُ معنى أن تكونَ الصَّداقةُ واعيةً ، لا أَدري ما الذي شَدَّني إلَيهِ وجذبَني لِأَقتَحِمَ عالَمَهُ الخاصُّ ، وأَسمحُ لهُ باقتِحامِ عالَمي ، كثيراً ما فَكَّرْتُ أن أحكي له أشياءَ وأشياءٍ لَكِنِّي أَتَراجَعُ في اللَّحظةِ الأخيرةِ لِأتفاجأَ بهِ يُحَدِّثُني بِما تردَّدْتُ أن أَحكيهِ أو ردَّني عنهُ خوفٌ أو خجلٌ ، أو ربما لا سبَبً مُحدَّدا ، وكثيراً ما أعجَبَني بهِ إدراكُهُ وتَفَهُّمهُ لي ، قرَّرْتُ مرَّةً أن أُخبِرَهُ بما أُفَكِّرُ وهذهِ المرَّة فعَلْتُ ولم أَترَاجعْ ، فابتَسَمَ وقالَ :
إنَّهُ العُمرُ يا عزيزَتي ، فما وصَلْتُ إلَيهِ اليومَ من قناعاتٍ وأفكارٍ كنتُ بالأمسِ لا أؤمِنُ بها ولا أُصَدِّقُها أصبَحْتُ اليومَ أتمَثَّلُها بَل وأعتَقِدُ بها ، ستَصِلينَ لها أنتِ حتماً غداً أو بعدَ غدٍ ، ليسَ لأنَّنا مُتَشابِهان أبداً - فأنا لا أَقتَنِعُ بتشابُهٍ كاملٍ بينَ اثنَيْنِ - بل إنَّنا كُلَّما تقدَّمنا في العمرِ تغيَّرَت قناعاتُنا واختَلَفْنا عمَّا كُنَّاهُ قبلُ ، ونضَجَت أفكارُنا ، وأصبَحنا قادِرينَ أكثرَ على تَقَبُّلِ تقلُّباتِ الحياةِ ، وما حاربنا لإجلِهِ بالأمسِ غداً سنتخلَّى عنهُ ، لا بل ورُبَّما نسخَرُ منهُ ومن أنفُسِنا ، لكن في النِّهايةِ لكُلِّ مرحلَةٍ من عُمرِنا طبيعتَها الخاصَّةِ التي تُعَلِّمُنا وتَعُدُّنا لما سيأتي بعدَها ، أمَّا عنكِ يا صديقَتي وعنِّي فنحنُ مُتقارِبانِ في العُمرِ كثيرا وستُدركينَ هذه الحقيقَةِ بعدَ فترةٍ ليسَت بِبَعيدةٍ أبداً ، وسيأتي يومٌ نُدرِكُ فيه جميعاً هذه الحقيقةِ حقيقةُ أنَّنا يوماً سعينا وراءَ سرابٍ ، وأضعنا سنواتٍ من عمرِنا دونَ هدَفٍ .
أحبَبتُ كلِماتِهِ ، على الرَّغمِ من أنِّي لم أقتَنِع بها كثيراً حينَها ، ورأيتُ فيها فَلسَفَةً بحتةً ، ولَكِنِّي أُعجِبتُ بِتَفسيرِهِ للأشياءِ التي نظنُّ أَنفُسَنا نُدرِكُها جيِّداً ، وبِلحظَةٍ نكتَشِفُ أنَّنا ما كُنَّا يوماً مُدركِين .
كانَت تلكَ أوَّلُ مرَّةٍ يطولُ فيها حديثُنا هكذا ، ونتعمَّقُ فيه إلى هذا الحدِّ ، فَلَطالَما أثارَ صَمْتُهُ فضولي وحيرَتي ، وكثيراً ما مَشَينا لساعاتٍ صامِتَيِنِ شارِدَيِنِ في صمتِ البحرِ ، وهَيَجانِهِ ، مُنْسِطَينِ لسكونِ الكَونِ حينَ تفتَرِشُ الشَّمسُ الأرضَ وقتَ الظَّهيرََةِ وكأنَّ الكلامَ ما عرفَ إلينا سبيلاً ،.
ضحِكنا كثيراً يومَها ، قلتُ :
أَظُنُّكَ قد درسْتَ عِلْمَ النَّفسِ ولستَ بَحَّاراً .
ضحِكَ وقالَ :
الحياةُ تُعَلِّمُنا أَكثرَ من الكتبِ ، ولسنا بحاجَةٍ لِنتَخصَّصَ بِعُلومٍ مُعقَّدَةٍ لنفهمها .
مع الوقت ، وكُلَّما تقدَّمَت بي الأَيَّامُ أَكتَشِفُ أنَّهُ فعلاً كانَ على حقٍّ .
أسعَدَني أنَّهُ لم يُفكِّر بي مرَّةً كما يُفكِّرُ كُلُّ شابٍّ يتعرَّفُ على فتاةٍ ويُعجَبُ بها ، أخبَرَني أنَّهُ أُعْجِبَ بشَخصيَّتي وصارَ يُحِبُّ الصُّدَفَ التي تجمَعُنا ، ويستأنِسُ بأحاديثِنا ، والحقيقةُ أنا أيضاً أُعجِبتُ بأحادِيثِهِ ، بل وانتظرتُها أيَّاماً وشهوراً طويلةً اسْتَمَعْتُ إليه كثيراً ، استأنَستُ بكلامهِ ، وأَلِفْتُ صَمْتَهُ الذي كانَ يَضُجُّ بِصَخَبِ الحياةِ بأسرِها .
لا أدري حينَها لما فرِحتُ لأنَّهُ لم يُرِد لِعلاقتِنا أن تتجاوزَ حدودَ الصَّداقةِ ، علِّي ما أرَدتُ بتلكَ البراءَةِ التي غلَّفَت صُدفَ الأيَّامِ التي جمعَتنا أن تذوبَ بنارِ حُبٍّ قد يحرِقنا ويُحيلُ تلك السعادةَ التي أَسَرَتْنا رماداً ، لم أُبغِض الحُبَّ يوما ، وما أنكَرتُ وجودَهُ . لَكِّني ما حَلُمْتُ مرَّةً بِحُبٍّ يَضيعُ في زِحام العاداتِ والتَّقاليد التي تقتلُ الحُبَّ أو تَنفيه في أبعدِزاويةٍ من قلوبِنا حينَ نُسَلِّمُ للقَدَرِ مصائرَنا ، لم يُغرِني حُبٌّ كذاكَ الذي سمِعتُ عنهُ ما سمِعتُ ، ورأَيتُ منهُ ما رأيتُ ، وحدَّثَتني عنه صديقاتي ما حدَّثتني من خلالِ تَجارُبِهِنَّ التي مرَرنَ بها مذ كُنَّا في مُقتبَلِ العمرِ ، حين كنتُ لا أرى في حياتي سوى الدراسةِ هدفاً ، ولا يَشغَلُني سوى غُرْبَتي عن والِدَيَّ ، لم أَمُرَّ بِتجارُبَ مِثلَهُنَّ ، والاتي كُنَّ لا يَفْتَأنَ يُكَلِمْنَني عنها ويَطلُبْنَ مُساعدَتي ونصيحَتي ، وكثيراً ما ضحكنا واستعجبتُ منهُنَّ يأخذنَ بنصيحتي أنا التي ما كانَ لي يوماصديق ولا رفيق جَرَّبتُ الحُبَّ مثلَهُن – عدا ذاكَ الذي أَورَثَني عُقْدَةَ ذَنْبٍ لاتَزالُ تُعاوِدُني كُلَّما استَذْكَرْتُهُ ، أو أعادَني إلَيهِ حَنينٌ خاطِفٌ لتلكَ الأيَّامِ -
سألتُ صبا مرَّةً :
غريبٌ أَمرَكُنَّ تَسْأَلْنَني رأيي في أُمورٍ تَعْرِفْنَ أَنِّي لم أُجَرِّبْها !
أجابتني مبتسمة :
لأنَّكِ لم تُجَرِّبي ، ولأنَّكِ لستِ أحدَ طَرَفَي المُعادلَةِ فأنتِ أقدرُ على الحكمِ دونَ تحيُّزٍ .
ضحِكتُ كثيراً وقتَها – وهل الحُبُّ مسألَةً رياضيَّةً تَحتاجُ إلى حَلٍّ ؟ أَم هل نَحنُ حينَ نُحِبُّ نكونُ في حربٍ لنحتاجَ مَن يَحكُمُ بينَنا ؟ فما عاشَ حُبٌّ يُحيلُ حياتَنا إلى محكمة-
ما فكَّرتُ يوماً أن تكونَ لي قصَّتي التي أحكيها لهم ، أو حبيباً أشكوه لصديقَتي وأطلبُ نصيحَتها .
اليومُ وحينَ أَستَرجِعُ تلكَ الذِّكرياتِ والتَّفاصيلِ التي ما خلتُها تُراوِدُني أبداً ، حينَ كنتُ أجلِسُ مع نور أو جودي وتالا وصبا ، ونُمضي ساعاتٍ نحكي ونحكي ولا ينتهي الكلامُ ، يَجْتَمِعْنَ كُلَّهُنَّ ضِدِّي ، يُعاتِبْنَني بِجدٍّ أحياناً وبسُخريةٍ أحياناً أُخرى لِكَوني لم يكُن لي صديقاً أو حبيباً مثلَهُنَّ ، والذي كانَ يُثيرُ غَيظَهُنَّ أكثرَ أَنَّهُنَّ ما سَمِعْنَني يوما أشتكي أو حتَّى أتمنَّى ذلك ، أو أتحدَّثُ عن الحُبِّ بغيرِ ما حدَّثْنَني ، ومع ذلك لم يَتَوقَّفْنَ عن سؤالي وبَثِّي أسرارَهُنَّ وأحزانَهُنَّ ، كم أُحِّبُّ سُخريتَهُنَّ تلك ! وكم أشتاقُ لِضَحِكاتِهنَّ التي ملأت حياتي بهجةً وأمَلَاً !
الآن وبعدَ مُضيِّ كُلِّ تلكَ السِّنينِ أَفتَقِدُ لذَلكَ الشَّطرِ من حياتي ، كانَت حياتي بسيطةً هادئةً مُرتَّبَةً على الرَّغمِ من صخَبِ الألَمِ الذي عصَفَ بِروحي كنتُ مُقبِلَةً على الحياةِ أُحِبُّ المرَحَ وأقضي مُعظمَ أوقاتي بينَ صديقاتي ، نَدْرسُ معاً ، ونَلْهو كالأطفالِ ، أُسائلُ نفسي تُرى ما الذي منَعَني أن تكونَ لي حكايةً أستذكِرُها اليومَ وأضحَكُ أو أبكي لذكراها ، علَّهُ القدَرُ ما كَتَبَ لي ذلك ! تُفاجِؤني الفتاةُ التي كُنتُها آنذاك ، كنتُ فتاةً عاديَّةً بسيطةً ، لَكِنِّي حَمَلْتُ في داخلي ما ليسَ عاديَّاً ، تلكَ كانت كلماتُ جودي لي دائماً حينَ تجِدُني شاردةً أو حزينةً .
جاهَدْتُ كثيراً كي لا أَضيعَ في شتاتِ أفكاري حينَ وجدتُني تائهةً وحدي في عالمٍ ظنَنتُ لوهلَةٍ أنِّي أدرَكْتُهُ ، آهٍ أيَّتُها الرُّوحُ إلى أينَ ستمضينَ بعدُ ؟!
إلَهي كم كُنتُ أُنثى تعشَقُ الحياةَ من خلْفِ ستارٍ ، تمضي في دوَّامةِ العُمرِ من غيرِ انتِظارٍ ، تَسْمو الرُّوحُ بذاك الحضورِ ، تُعانِقُ النُّجومَ في هَدْءَةٍ وحُبورٍ . مالي اليومَ حبيسَةَ حُزني غارِقةً في بَحْرٍ من الوَجع ، لا أملِكُ لنفسي شيئاً سِوى حفنَةٍ من ذكرياتٍ ، والمزيدِ المزيدِ من الألَمِ ، والكثيرِ من الإحباطِ .. . كم أَرهَقتني الذِّكرياتُ ! ... كم أربَكَتْني تفاصيلُها وأَحْرَقََتْني نيرانُها ! كم قيَّدَتني خلفَ قضبان الزَّمَنِ !
-#بقلمي_مي_الخليل
أُمِّي أبي كم اشْتَقْتُكُما ! كم أحتاجُكما إلى جانِبي ليتَكُما لم تُسافرا ليتكُما تعودان ليتَني أستَطيعُ أن أُسافرَ إليكُما لِأُكمِلَ حياتي بَينكما .
- طالَ شرودي ، سرحتُ بأفكاري بعيداً جدَّاً . نعم . اعتَدتُ الحياةَ بعيدةً عن والِدَيَّ ، فَمُذْ عرفَت عيناي أولَ شُعاعٍ لِنُورِ الحياةِ ، ومنذُ اعتنت بي جدَّتي لِأُمِّي ، في حينِ والِدَيَّ يعملانِ خارجَ البلدِ ، لم أكُن أراهُما إلَّا مرَّةً أو اثنتَين خلالَ العامِ ، ولِأَيَّامٍ معدوداتٍ ، جدَّتي كانَت تُحبنّي كثيراً ، ومُتعلِّقةً بي ، ولم تسمح أن يأخُذاني معهما ،
- سألتُها ذاتَ مرَّةٍ ، وكنتُ لا أزالُ صغيرَةً جدَّاً لِأَفهمَ كلامَها ، وأُفَسِّرَهُ :
- جدَّتي متى سيعودُ أبي وأُمِّي ؟ لما لا يعيشانِ هنا معنا كَكُلِّ الأباءِ والأُمَّهاتِ الذينَ يعيشون مع أولادِهم ؟ لم يتركونَني هكذا ؟
- آلَمتْها أسئِلَتي ، -ولن أنسى تلكَ النَّظرةِ الحزينةِ التي رمََقَتْني بها وقتَها –
- تَنَهَّدَت وقالَت :
- سيعودانِ يا صغيرَتي ، سيعودان لا تَخافي إنَّهُما يُحِباَّنِكِ جدَّاً ولن يتأخَّرا عنكِ ، سيعودان قريباً ياحَبيبَتي.
- آهٍ يا جدَّتي صغيرَتُكِ كَبُرَت ، وسنواتُها سابقَت بعضَها بعضاً حتَّى عانَقَتِ السَّحابَ ، وقريباً ما عرفَت معناها حتَّى الآنَ ، هل هي ليسَ بالبعيدِ أَم هيَ بعيداً بَل بعيدأ جدَّا ، أَتُراهُ رحيلُكِ كانَ هو القَريبُ !أتُراكِ كُنتِ تَقصدينَ أنَّ قريباً هي بَعيدُهم ، ورَحيلُكِ أنتِ! آهٍ جدَّتي ، ليتَني لم أَسأَلَكِ يومها ، وليتَكِ لم ترحلي .
- مَن سَأَسْألُ اليومَ ؟ مَن سَيحتَمِلُ دموعي المُلتَهِبةِ ؟ وصمتيَ الصَّارِخِ ؟ أحزاني وأَفراحي ، جُنوني وغضَبي ، أخطائي ، عِنادي وحَماقاتي ، وضَعفي ؟ لِمَن سأَحكي آلامي ؟ وأحلامي آهٍ جَدَّتي .
- رحَلَ والِدَايَ ، ورحَلَت جدَّتي ، مضَت الأيامُ ثقيلَةً بطيئةً ، سِرْتُ على مَركَبِ الحِرمانِ تَلعَبُ بيَ الرِّيحُ كأوراقِ الخريفِ ، فارَقَت أَغصانَها ، وسَلَّمَت نفسها للرِّيحِ تَحمِلُها حيثُ تشاءُ .
- لا أدري متى غَفَوتُ ، ولا متى تسلَّلَ النَّومُ إلى جَفني مُجاهِداً لِيَطرُدَ ذاكَ الجَيشُ من الأَفكارِ الذي استَلَّ أسلِحَتَهُ في وَجهي لِتَمضي ساعاتُ اللَّيلِ على تلكَ الحالِ وأنا أُحاوِلُ التَّهَرُّبَ منهُ ، -إنَّ النَّوْمَ رحمَةٌ سماويةٌ -وأخيراً نجَحَت ملائكَةُ النَّومِ وسلَّمَتني لِسَكينَةِ اللَّيلِ وهدَأَت روحيَ المُنهَكةُ .
- حينَ استَيقَظتُ كانَت إلينا لا تزالُ نائمةً ، تَجَوَّلْتُ في أرجاءِ المنزِلِ مُتَمَلمِلَةً ، وأَشعُرُ بجسمي ثقيلاً بالكادِ تَحمِلُني قدَماي ، لا يزالُ الوقتُ باكِراً ، جلَستُ على مقعدٍ في الصالةِ ، أَسنَدتُ رأسي لِلوسادَةِ ، ورُحتُ أتأمَّلُ خيوطَ الشَّمسِ المُتَناثِرَةِ في أرجاءِ المنزِلِ عَلِّي أحظى بدقائقَ من الهدوءِ بعيداً عن صَخَبِ الأفكارِ التي طارَدَتني طوالَ السَّاعاتِ الماضيةِ ، لَكِن عبثاً ساعةٌ أخرى غافَلَتني ورَحلَت دونَ أن أغفو لحظةً ، ما وجدتُ سبيلاً إلَّا أَن أستَسلِمَ لِلصَّباحِ الذي أَشرقَ ، وأبى أن يَترُكَني لِأنامَ آهٍ ... بَل لِلأَرَقِ القابِعِ بداخلي ، -وخيراً فعَلَ - احتَسَيتُ قَهْوَتي التي كانَت رفيقةَ صباحاتي مع الأنغامِ الفيروزيةِ التي أَعشَقُ ، وذلكَ مِما لم أتخلَّى عنه يوماً مَهما حدَثَ ، أَيقَظتُ إلينا كالعادةِ ، تَناولنا فَطورنا ، أوصَلتُها إلى المَدرسةِ ، واستأذَنْتُ لِنفسي بإجازَةٍ ، وكانَ في داخلي أملٌ أن أضعَ حدَّا لتلكَ الهواجِسِ التي أقلَقتني وعكَّرَت صَفوَ أيَّامي الذي خلَقتُه من حُطامِ ذاكِرَتي ، والِدَيَّ وسفري إلَيهما الذي لم أقوى يوماً أن أُفَكِّرَ بهِ أو أتَقَبَّلَهُ – أَتُراها الغُربَةُ تَخلقُ فينا قَسوةً وجَفاءً ! – صَغيرَتي إلينا ، ولِمَن أترُكها ؟ ورام الذي ما عرَفتُ عنهُ شيئاً منذُ شهورٍ ، مع أنَّني اعتَدْتُ غيابَهُ كما اعتَدْتُ الغيابَ لكُلِّ مَن أحبَبتهم في حياتي .
- لم أَكُن في مزاجٍ جيِّدٍ ضاقَت بيَ الدُّنيا قلَقٌ غريبٌ يجتاحُني ، خوفٌ من المجهولِ يُسَيطِرُ عليَّ يتَملَّكوني إحساسٌ بِضَعفٍ غريبٍ ، حتَّى إلي
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.