maialkhaleel

شارك على مواقع التواصل

#رواية_روز
الفصل الثامن
زفاف
أحياناً نمتَلِكُ قُدرةَ التَّخَلِّي عن كُلِّ شيءٍ ، ونُفَضِّلُ الرَّحيلَ ... يومَ تُصبِحُ الحياةُ معَ مَن نُحِبُّ أمراً مُستحيلاَ ... كم عظيمٌ جَرْحُ مَن عليكَ يستَحيلُ أن ترى منهُ ظُلماً وما لكَ من ظُلمِهِ سبيلَ ... يومَ يَصيرُ وطَنُكَ غُربةً ، ليسَ لها بينَ العالَمينَ مَثيلَ .
لم تَعُد نور إلى بيتِ والِدِها منذُ خرجَت بِمُساعدَةِ عَمِّها لِتُسَجِّلَ في الجامعةِ ، اتَّخذَت قرارَها ، وحسمَت أمرَها بِألَّا تعودَ إلى سجنِهِ أبداً ، خاصَّةً بعدَ أن تَدخَّلَت العائلَةُ كُلُّها مُحاوِلَةً إقناعَهُ ليُسامِحَها لَكِنَّهُ رفضَ بِشدَّةٍ ، إلَهي من أيِّ شيء مخلوقٌ قلبُ ذَلِكَ الرَّجلِ لا أدري ! حاولَ حسَّان التَّقَرُّبَ منهُ أكثرَ من مرَّةٍ ، علَّهُ يَكسَبُ موَدَّتَهُ وفَشِلَ طبعاً ، ومِمَّا زادَ الأمرَ صعوبَةً وتعقيداً معرِفَتَهُ عن علاقَتِهِ بنور ورغبَتِهِ الزَّواجَ منها ، الأمرُ الذي جعلَهُ يُضَيِّقُ عليها الخِناقَ أكثرَ ، نور التي لم ترَ والِدَها منذُ ذَلِكَ اليومِ الذي فيه تمَّ عقدُ قِرانِهما هي وحسَّان
. مسكينةٌ نور لَطالَما كانَ حلمُها أن تلتَقي بِفارِسِ أحلامِها ، وتطيرُ وإيَّاهُ على أجنِحَةِ الفرحِ لِتُلامِسَ النُّجومَ أمانيها العذبَةُ البريئةُ . هي اليومُ تلتَقيهِ ، لَكِن ماذا بعدُ ؟ مَن سيُبارِكُ هذا اللِّقاءَ وهذا الزَّواجَ ؟ .. والِدُها الذي رفضَ حتَّى أن يراها أو يَستَمِعَ لها حينَ جاءَتهُ مُتَوَسِّلَةً راجيةً لِيُسامِحَها ويُبارِكَ زواجَها ، بل وقتلَها في حياتِهِ فلم يعد يعترف بوجودها أَم ستُبارِكُها أُمُّها المغلوبُ على أمرِها ، التّاَئهَةُ في عالَمِ الزَّيفِ والبُهرُجِ الخدَّاعِ الذي أسكنَها فيهِ زوجُها ، واستسلَمَت لهُ ؟ أَم سيُبارِكُهُ أقارِبُها الذينَ لم يتجرَّؤوا حتَّى أن يسألوا عنها طوالَ فترةِ بقائِها حبيسةَ غُرفَتِها ؟ كم يَستَمتِعُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِخَوفِ النَّاسِ منهُ ، بل ويتَلَذَّذُ بِضَعفِهِم أمامَهُ وخنوعَهُم له !
وحيدَةٌ هي نور كم آلَمَتني حينَ دخلَت بِثوبِها الأبيضِ لا أباً يمسكُ يدَها ، ولا أُماً تَحتَضِنُ دَمعَ فُراقِها ، ولا أخاً يُسانِدُ ضعفَها . فقط عمَّها نزار مَن كانَ لها كُلَّ هؤلاءِ ، هو مَن وقفَ بِجانِبِها ، وساندَها لِتَبدأَ من جديدٍ مع الشَّخصِ الذي اختارَتهُ ليكونَ شريكَ عُمرِها القادِمِ ، هو الذي ساعدَنا في ترتيباتِ الحفلَةِ الصَّغيرَةِ التي أقمناها لهُما في بيتي الذي اعتادَ دوماً أن يشهدَ أفراحَنا وأحزانَنا ، بيتي الذي خرجَت منهُ نور عروساً يتصارَعُ في قلبِها الحزنُ والفرَحُ ، كانَت حفلةً مُمَيَّزةً رائعةً على بَساطَتِها ، اجتمَعنا فيها نحنُ الشِّلَةُ وعائلَةُ جودي ، ونزار عمُّ نور ، وحنان أختُ حسَّان وزوجُها ، خفيةً عن والِدِها الذي وإن كانَ يعلَمُ بِأمرِ زواجِها الذي صارَ محتوماً ، ويَعلَم أنَّهُ خَسِرَها إلى الأبَدِ ، إلَّا أنَّهُ لو عَلِمَ بالحَفلَةِ المُقامةِ في بَيتي للاحتِفالِ بها لَما سَمحَ بِأن تمضيَ بِسَلامٍ أبداً .
يُفاجِئنا رزان ولُجَين وربيع ورند وراما أقاربُ نور ، ورِفاقُ الطُّفولَةِ جاؤوا ليُبارِكوا زواجَها ، ويُشارِكونَها فرَحَها الحزينَ . أولئكَ هم رِفاقُ العُمرِ الذينَ أبَوا أن يُفَرِّقَهُم أيُّ شيءمَهما كانَ ، ولا حتَّى ذَلكَ الرَّجُلُ بِكُلِّ جَبروتِه لَم يَستَطِع أن يُبعِدَهم ويُفَرِّقَ بينَهم ، وبينَما نحنُ غارِقينَ في جوِّ الحفلَةِ الصَّخِبِ مُستَمتعينَ بعزفِ جودي وجابر وغِنائِهما ، وخاصَّةً جودي التي أبهرَتنا كعادَتِها بِصوتِها الحنونِ الأشبَهِ بصوتِ الكَمان ، أو لا أدري إن كانَ العَكسُ هو الأصَحُّ ، وكانَ الكَمانُ مَن أخذَ رِقَّتَهُ وحنانَ صوتِهِ من هدأةا صوتهاورقَّتِهِ . كانَت المُفاجَأةُ الأكبر . قبلَ أن نُقَطِّعَ كعكةَ الشُوكولا التي تعشقُها نور ، والتي أحضرَها ربيع ، فهوَ يَعلَمُ كَم تُحِبُّها وكم ستَفرَحُ بِها ، نسمَعُ طَرَقاتٍ مُتَتاليَةٍ على البابِ أقلَقَتنا جميعاً، ارتَعَشَت قلوبُنا وقفنا مُرتَبِكينَ لِلحظاتٍ فليسَ من أحدٍ غيرنا يعلمُ بِوجودِنا هُنا في هذا الوقتِ ، نظرنا إلى ربيع فقالَ بارتِباكٍ واضحٍ : لم نُخْبِر أحدا الجميعُ يعلَمُ أنَّنا ذهبنا في رحلَةٍ معَ أصدِقائنا ولَن نعودَ قبلَ يومَين ، لَكِنَّنا قطَعنا رحلَتَنا وجِئْنا دونَ أن نُعلِمَ أحداً البَتَّة . . فإذا بِنا نِسمعُ من خلفِ البابِ صوتاً غلَّفَتهُ اللَّهفَةُ : هذا أنا أليسَ من مُتَبَرِّعٍ يفتحُ البابَ أَم أعودُ من حيثُ أتيتُ ؟ صرخَت نور :
ناصِر ، إنَّهُ ناصر أخي ناصر ، وركضَت لِتفتحَ لَهُ مُتَعَثِّرَةً بثوبِها الأبيضِ ، ولَهْفتَها سابِقةً خطُواتِها بِخَطَواتٍ ، فتحَتِ البابَ بيدَينِ مُرتَجِفَتَينِ ، ارتمَت بِحُضنِهِ باكيةً بِحُرقةٍ ، أبكَت كُلَّ مَن حولَها دموعَ فرَحٍ مَشوْبةً بالحَسرَةِ والألَمِ قالَت بِحروفٍ مُتشابِكَةٍ مُرتَجِفَةٍ تُسابِقُ بعضَها بعضاً ، ودُموعُها تُشارِكُ ضحكَتَها اللَّهفةَ والفرحَ :
ما تَوَقَّعتُ حضورَكَ لم تُخبِرْني أنَّكَ ستأتي ، متى وصلتَ ؟ وكيفَ جِئتَ إلى هُنا ؟ وأبي كيفَ سمحَ لك .....؟
راحَت تُمطِرْهُ بالأسئلَةِ السُّؤالُ تلوَ الآخر ومازالَت تحتَضِنهُ وتَتَشبَّثُ بهِ كطفلٍ خائفٍ يتَشبَّثُ بِذِرَاعِ أُمِّهِ .
ضَحِكَ ناصر من بينِ دموعِهِ هوَ الآخَرُ وقالَ :
أتُريدينَ أن أُجيبَكِ هُنا ؟ أَم ستَسمَحينَ لي بالدُّخولِ ؟ حسناً . إن أرَدت نُمضي السَّهرةَ هُنا هي تعالوا جميعاً لِنَحتَفِلَ هُنا وضَحِكْنا كُلُّنا بِمرَحٍ .
أفسَحَت لهُ المجالَ ليدخُلَ .
كانَ ناصر قد سافرَ منذُ عدَّةِ سنواتٍ لِإدارةِ إحدى شرِكاتِ والِدِهِ في الخارجِ ظنَّاً منهُ أَنَّهُ بِسَفَرِهِ قد يتخلَّصُ من سَطوَةِ أبيهِ ، ويتَحرَّرُ من قيودِهِ ، لَكِنَّهُ وجدَ نفسَهُ محاطاً أكثرَ بِأكبالٍ من حديدٍ أثقلَت كاهِلَهُ ، فقرَّرَ العودةَ علَّهُ يجِدُ حلَّاً لِلمُشكِلاتِ الكبيرَةِ التي يواجِهُها ، وفي اليومِ الذي كانَ مُقرَّراً أن يعودَ فيهِ فوجِئ باتِّصَّالِ تالا بهِ لِتُخبِرهُ بموعدِ زفافِ نور التي خافَت وتَرَدَّدَت أن تُعلِمَهُ فتُسَبِّبَ لهُ مُشكِلَةً معَ والِدِهما ، لَكِنّ َتالا اختصرَت عليها وتجاوزَت كُلَّ الاعتِباراتِ وأخبرَتهُ لِيَحضُرَ علَّهُ يُخَفِّفُ من ألَمِ نور ويكون لها سنداً ، لِتُفاجأ هي الأُخرى بأنه أعدَّ نفسَهُ لِلعودةِ ، كم جميلةٌ هي المُصادفات حينَ تأتي عندما نكونُ بِأمَسِّ الحاجَةِ إليها ، حيثُ كانَ موعِدُ وصولِهِ هو يومُ زفافِ نور .
دخلَ ناصر وفي أعماقِهِ تصارعَت كُلُّ تلكَ الأفكارِمن لَحظَةِ سفرِهِ الأولى إلى اللَّحظَةِ التي وقفَ فيها على بابِ بيتي مُتلَّهِّفاً لِرؤيةِ نور التي كَبُرَت في غيابِه وصارَت عروساً ، ولَرُبَّما خاطَرَتْهُ أشياءٌ أخرى وذِكرياتٍ لَن تعودَ أبداً.
. لَكِنَّ نور ما لَبِثَتْ أن جَمَدَتْ مكانَها ، وتسمَّرَت واقِفةً والذُّهولُ بادٍ على وجهِها ، سألناها ما الخَطْبُ ؟ وقبلَ أن تُجيبَ بِكَلِمَةٍ صُدِمنا بِأُمِّها تقِفُ أمامَها بِعَينَينِ ذابِلَتَينِ ، تَنظرُ إليها بِأسى مادَّةً ذِراعَيها مُنتَظِرَةً أن تَحتَضِنَ ابنتَها التي ما عادَت تقوى على الوقوفِ فأمسَكَت بيدِ أُمِّها وارتمَت في حُضنِها :
أُمِّي أنتِ أيضاً يا إلَهي هل أنا أحلُمُ ؟ !
- لا حَبيبَتي أيُعقَلُ أن أدعَكِ وحدَكِ في هذا اليومِ ! لا لَن أفعَلَ لو كلَّفَني ذَلكَ أغلى ماأَملُكُ ، وهل لديَّ أغلى منكِ يا أميرَتي ؟ !
نور باستغرابٍ :
وأبي ؟
- فليفعَلْ ما يَحلو لهُ لم يعُد يَعنيني .
نظَرَت نور إلَيها نظرةً غريبةً مزَّقَت قلبي ، نظرةً ليسَ لها سوى معنًى واحِداً .. كم تأخَّرت يا أُمِّي ! لَكِنَّها لَم تَقُل شيئاً مسَحَت دموعَها وقبَّلَتها بِحنانٍ :
- حسناً شُكراً أُمِّي شُكراً أنَّكِ لم تَترُكيني وحدي في هذا اليومِ .
قالَ ناصر :
إلى متى ؟ وماذا بعدُ لَعلَّكم نسيتُم أنَّني توَّاً واصِلٌ من سَفَرٍ شاق وأتَضَوَّرُ جوعاً وتعباً أليسَ كذَلكَ؟ أجَل كما تُريدون بِالنِّسبةِ لي لم أعُدْ أستطيعُ مُقاوَمَةَ هذه المائدة الشَّهيَّةِ ، وأنتم أَكمِلوا مُسَلسَلَكُم الدَّراميَ الذي لا نهايةَ لهُ ، وأنتِ روز هل سَتَبْقَينَ معَهُم أَم تُشارِكينَني الطَّعامَ ودَعيهِم يَشْبَعونَ بُكاءً ريثما نشبَعُ نحنُ من هذه الأطباقِ اللَّذيذةِ والتي اشتَقتُ لها كثيراً ما ذَنبُنا نحنُ لِنَنتَظِرَ ؟ أنتِ مَن أعدَتِّها روز أليسَ صَحيحاً ؟ كَم اشتَقْتُ لِطَبْخِكِ اللَّذيذِ وحَلَويَّاتِكِ الفائقَةِ الرَّوعةِ شَكلاً وطَعماً ولوناً ، اسمَعي ... دَعينا نأكُلُ ثُمَّ نعودُ لِنُكْمِلَ مَشهدَ الدَّراماهذا .
منذُ سنواتٍ قليلَةٍ وقبلَ سَفرِهِ لِلعمَل َفي الخارِجِ ، وكُنَّا لا نَزالُ صِغاراً ، وحينَ كُنَّا نَجتَمِعُ في بَيتِ نور قبلَ الثانويَّةِ بِفترَةٍ تُقارِبُ السَّنَةَ ، منذُ ذَلكَ الحينِ ... بدأتُ أَشعُرُ أنَّ نظرَةَ ناصر لي مُختلِفَةٌ ، يُراقِبُني من بَعيدٍ ، بِصَمْتٍ يُتابِعُ كُلَّ تَحَرُّكاتي ، يُنْصِتُ بِلهفَةٍ لأيِّ كَلِمَةٍ أَقولُها ، باهتِمامٍ يَتلَقَّى كُلَّ ما أكتُبُهُ ويَبوحُ بهِ قلمي وأُطلِعُهُم عليهِ في جَلَساتِنا ، ناصر كانَ أوَّلَ مَن شَدَّ علىى يَدي وشَجَّعَني ، بَل وساعدَني لِأبدأَ بِنَشرِ بعضِ الأُقصوصاتِ أو المَقطوعاتِ الشّعرية ّ والنَّثريَّةِ ، دوماً كانَ أوَّلَ مَن يَسأَلُني عن آخِرِ ما أجادَ عليَّ بهِ وَحيُ القلَمِ ، عن آخِرِ كِتابٍ قَرأتُهُ ، وكثيراً ما تَسابَقْنا في إنهاءِ قِراءَةِ كِتابٍ ما ، ولَطالَما أَمضينا ساعاتٍ في مُناقشَةِ فِكرَةٍ ما أو مَوضوعِ كِتابٍ مُعَيَّنٍ ، اختلَفْنا واتَّفَقْنا واحتَدَّتْ جِدالاتُنا وحتَّى عن اهتِماماتي الأُخرى هوَ أكثرُ مَن كانَ يَسألُني ويَرجوني طلَبَ مَعونَتِهِ بِأيِّ شَيءٍ أحتاجُهُ ، مِثلي كانَ موُلعاً بالقِراءَةِ والأدَبِ ، لاحَظْتُ اهتِمامَهُ الذي كانَ واضِحاً جَلياً ، تَجاهَلْتُهُ جَهدَ استِطاعَتي رَغمَ إحساسي بِنُبْلِ مَشاعِرِهِ وصِدْقِها ، لَكِنِّي وقتَها ما كُنتُ مُستَعِدَّةً أبداً لِخَوضِ تَجرُبَةٍ من هذا النَّوعِ في ظِلِّ ما كُنتُ أَعيشُهُ من تَخَبُّطٍ وضَياعٍ نَتيجةَ الظُّروفِ التي مرَّتْ بِها عائلَتي في تلكَ الفَترَةِ ، هذا بالإضافَةِ إلى أنَّهُ لم يُصارِحْني بِأيِّ شَيءٍ ، لِأحَدِ أَمْرَينِ ... إمَّا لأنَّ كُلَّ ظُنوني واهِمَةٌ وشُكوكي لم تَكُنْ صَحيحَةً ، وهذا ما رَجَّحْتُهُ في البِدايَةِ لولا ما حدثَ بعدَ ذَلكَ ، وإمَّا لِأنَّهُ كانَ يُدرِكُ[ تماماً مدى تَعَصُّبي في هذا الأمرِ ، فما تَجرَّأَ أن يُفاتِحَني بهِ قبلَ أن يُسافِرَ ، لَكِن ما حدثَ بعدَ ذَلكَ أنَّ نور صارحَتْني بعدَ فترَةٍ من سَفرِهِ مِمَّا أكَّدَ إحساسي ، لَكِنِّي ما نَظَرْتُ إلَيهِ أبداً إلَّا كَأَخٍ وصَديقٍ عَزيزٍ ، هذا كانَ جوابي لها حينَ أخبرَتْني بِما أَسَرَّهُ لها قبلَ أن يُسافرَ بِيومٍ واحِدٍ ، علَّها تُساعِدُهُ في إقناعي أن أقبلَ على الأقلِّ السَّماحَ لهُ بِمُحادثَتي لَرُبَّما أَقنعَني بِحُبِّهِ ، ويا لمَشيئَةِ القَدَرِ ... قبلَ حتَّى أن أُفَكِّرَ أن أُفَكِّرَ بالأَمرِ ، تَلاحَقَتْ أحداثٌ ما كانَت بالحُسبانِ وأدَتْ الحُلُمَ في مَهدِهِ .
- ها روز أينَ سَرَحْت ؟
قالَ ناصر مُكَرِّراً سؤالي بعدَ أن لاحظَ شُرودي :
ها روز دَعينا نأكُلُ ؟ واترُكيهِم يَشبَعونَ دُموعاً ريثما نَنْتَهي .
وضَحِكَ بِارتِباكٍ كأنَّهُ أَحَسَّ بالذي خاطرَني .
ضحِكتُ بِارتِباكٍ أنا أيضاً ، وقبلَ أن أقولَ شيئاً قالَت رند :
هذا أنتَ لَم تَتَغيَّر أبداً الطَّعامُ أوَّلاً ثُمَّ الطَّعامُ فالطَّعامُ وبعدُ لا يَهمُّ ماذا بعدُ أيُّ شي ءآخرَ .ناصِر ضحِكاً :
أيَّتُها الشَّقيَّةُ مازلت تَذكُرينَ ، لَكِنَّكِ كُنتِ صغيرةً جدَّاً وقتَها ؟ !
ضَحِكَت بِمَكرٍ :
صَغيرَةُ مَن يا عم ، أنا أذكُرُ كُلَّ شيء، وطبعاً أذكرُ حينَ كُنتَ أنتَ ولُجَين وروز تَذهبونَ سِرَّاً إلى المَطبَخِ تَتَسَلَّلونَ نحوَ الثلَّاجَةِ من أجلِ البوظةِ المُتَبَقِّيَةِ ،
واستَمرَّت تَضحَكُ ناظِرةً إلى رزان التي ضَحِكَت هي الأُخ
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.