كانت الألواحُ ذات الأهمية الكبرى التي عُثِر عليها مدفونةً في تل نينَوى الشهير، الذي فُتح
لأول مرة في عام ١٨٤٣ على يد إم بول إيميل بوتا، واستكشَفَه فيما بعدُ لايارد بنفسه.
النقوشُ في الأغلب موجودةٌ على الطَّميِ، ويبدو أنها كانت تمثِّل جدران مكتبة
آشوربانيبال العظيمة داخلَ قصرسنحاريب.
كان سنحاريب على الأرجح مَلِكًا ذا عقلية بحريَّة؛ إذ إن جزءًا كبيرًا من النقوش
يسلط الضوء على تاريخِ الطُّوفان ورحلة النبيِّ نوح، أو نياب، نظيره الآشوري، والذي
يتشابه أيضًا، في بعض التفاصيل، مع دوكاليون من الأساطير الإغريقية. وُضعتِ الأجزاءُ
والتفاصيل بعضها بجانب بعضٍكي تتحدَّدَ معالم قِصَّةِ الطوفان، حتى أصبحت مكتملةَ
8
قصة الطوفانالأركانِ؛ إنها حلقةٌ مميزة من حلقات الملحمة الضَّخمة التي انخرطَ في إعادة تشكيلها السيد
سميث. وبالطبع يمكننا التماسُالعذر للسيد راوندز على المصطلحات الحماسية بطبيعتها
التي استخدمها في وصف هذه الأعمال.
ويجدر به الشعور بالفخر؛ فهؤلاء الرجالُ في المتحف البريطاني يعمَلون بنجاح على
تجميعِ ما يدَّعون أنه موسوعةٌ كاملة لتاريخ مقدسٍ ودنيوي جزءًا جزءًا، بدايةً من مفهوم
المادة وميلاد العقل البشري. لقد وضعتهم أبحاثهم الاستثنائية على أعتاب السلطة، التي
من منطلقها يعلنون الآن بجدِّية تصديقهم على النصوص المقدسة، حتى إنَّ الحالَ وصلَ
بهم إلى التربيت على رأسِ موسىوإخبارِه أن نسختَه الموحى إليه بها كانت صحيحة.
كم كان السردُ لمغامرات نياب — أو نوح كما يُطلق عليه على نحوٍ أكثر ملاءمة —
تصويريٍّا للغاية، والنبذة المختصرة عن أساليبه في الملاحة واضحة للغاية، والحقائق
المكتشفة حديثًا عن السفينة وركَّابها مذهلة لدَرجة أغرَتْني بأن أستفيد من الإِذنِ الكريم
الذي حصلت عليه من عالِم بوسطن الذي حظِيَ بشرفٍ أن يكون المراسل المحترم للسيد
راوندز، وبأن أدوِّن بشيءٍ من التفصيل، من أجل القُرَّاء، قصةَ الطوفان المذهلة كما حكتها
الكتابةُ المسمارية الآشورية؛ تلك الكتابة التي ظلت مشفَّرة طيلةَ أربعة آلاف سنة حتى
أزالتْ عبقريةُ شخصيُدعى سميث غموضَمعناها.