تأكد السيد سميث بواسطة هذه النقوشمن أنه حينَ بدأ نوحٌ في بناء سَفينته وتنبَّأ بحدوث
الطوفان، كان الرأي السائدُ حينها أنه إما مختلٌّ أو متنبئٌ ماكر اختلَقَ هذا — من خلال
نبُوآت حماسية ومظهرٍ من الإخلاص التام — حتى يقلِّل من قيمة ضَيعةٍ ربما يَنوي أن
يشتريَها، عبر سَماسرته، بحيث يمكنشراؤُها بأسعار زهيدة.
وحتى بعدما أغرقَ الماءُ الأراضي المنخفضة، وكان واضحًا أن الأمر لن يَقتصر على
مجرَّدِ كونِه موسمًا رطبًا مُعتادًا، لم يتورع جيران نوح الأشرار عن ممارسة عادِتهم في
التجمُّع بهدف السخرية من البناءِ غير المتقن للسفينة، والتشكيك في قُدرتها على الإِبحار.
كثيرون كانوا يؤكِّدون أن هذا الشيء سينقلب مع أول هبَّة ريح، تمامًا مثل وعاء خشبيٍّ
كبير ثقيل الحُمولة. وعليه جاء الناس من كل حدب وصَوب؛ ليشهدوا خيبةَ أملِ الشيخ
المسن ويَسخروا منها.
لكنْ لم يكن ثمة سبيل للسخرية؛ فقد طفَت السفينة كقطعة من الفِلِّين؛ وأنزل نوح
ثُقل التوازنِ في قاع السفينة ووقف عند الدَّفَّةِ يلوِّح مودِّعًا بمهابةٍ معاصريه الأشرار، بينما
هبَّ على سفينة الأخيارِ نسيمٌ منعِشٌ من جهة الجنوب، وهي تتحرك كما لو كانت كائنًا
حيٍّا. ولا وجودَ لأيِّشيءٍ على الإطلاق في السرد الآشوري يؤكِّد مقولةَ أنَّ نوحًا زاد منسرعة
تحرك السفينة عن طريق رَفع ذيلِ مِعطَفِه. وكان هذا يُعد إجراءً غيرضروري وفيه خروج
عن الوقار في الوقت نفسه؛ فقد وفَّر البناء المرتفع على سَطح السفينة مقاومةً كافيةً للريح
ما ساعد على تحرك السفينة بسرعةٍ كبيرة.