heebbaa

شارك على مواقع التواصل

الفصل السابع
تجاوزا مدخل القرية وكل منهما غارقاً بأفكاره فقد كان تفكير يامن ينصب عند نقطة البداية من أين يجب عليه البدء أما الآسر فقد داهمت مخيلته ذكريات من طفولته في هذه القرية فقد أقام بها مع والديه لفترةٍ من الزمن عندما كانت رؤى في الخامسة من عمرها فهو الآن يتذكر تلك الملامح الملائكية التي لطالما حملها بين يديه الصغيرتين ليحميها من الانزلاق في ماء أحد السواقي المنتشرة بشكل كبير بين هذه الأراضي لكثرة الزراعة بها أما رؤى فقد كانت كثيرة الحركة مفرطة النشاط تود استكشاف كل شيء حولها بسرعةٍ هائلة مما كان يثير غضب الآسر لينهرها بصوته الطفولي ولكن سرعان مايؤلمه قلبه عندما تنظر إليه بعينين دامعتين وفم متقوس للأسفل مع شهقاتٍ مكتومة فيحضنها ويسترضيها حتى ترضى وتعود ضحكاتها الملائكية تُرسم على محياها وتعود معها معاناة الآسر بالحاق بها من جديد كي لا تؤذي نفسها فهو المسؤول عنها أمام عمته وزوجها عمير...
شبح ابتسامة زار شفتيه لتذكره تلك الأيام ومن غير أن يدري بنفسه بدء برسم ملامح رؤى الحالية بخياله فكيف أصبحت الآن ملامح تلك الملاك الصغيرة بعد أن مرّ على آخر لقاء بينهما ما يقارب ثلاثة عشر عاماً قبل أن ينتقل الآسر مع عمته لمدينة أخرى بعيداً عن القرية...
قطع خياله صوت يامن وهو يقول: من أين سنبدأ الآن

_ علينا مراقبة المنزل من بعيد فلا يجب لأحد أن يعلم عن قدومنا وإلا سيأخذون تدابير احتياطية إن كانت هنا ولن نستطيع الوصول إليها بسهولة بعدها

_لديك الحق فيما تقول، قالها يامن وهو يركن سيارته على طرف الطريق ثم أكمل: هيا بنا إذاً لنكمل الطريق سيراً فقد اقتربنا كثيراً من المنزل
_وافقه الآسر ليترجلا من السيارة ويتجهان نحو المنزل متخفيان بين الأشجار الكثيفة كي لا يراهم أحد............
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
جلست السيدة فتون بجانب الهيثم تمسح على رأسه بحنان ودموعها تتسابق على خديها فقلبها يقول لها بأنه عاشق متيم ظلمته الظروف وأضنت قلبه حتى لبس قناع الوحوش وسار معهم مجاري لهم ولكن سرعان ما اهترئ قناعه وبانت حقيقته البشرية ليصبح هو الوجبة الدسمة لبطون تلك الوحوش التي لاتعرف الرحمة..
لم يمر الكثير من الوقت قبل أن يدخل القاسم ويعلمها بأنه أنهى كل الإجراءات حتى سيارة الأسعاف التي ستنقل الهيثم لمشفى المدينة أصبحت جاهزة
أومئت برأسها ثم ابتعدت عن الهيثم فاتحة المجال لعمال المستشفى والقاسم لنقل الهيثم برفق وحذر من السرير الطبي لسرير سيارة الأسعاف المتحرك ثم بدأوا بتحريك السرير بين الممرات حتى وصلوا لتلك السيارة القريبة جداً من باب المشفى مما سهل عملية النقل... لم يمر سوى بضع دقائق حتى انطلقت السيارة بسرعة معلنة صافرات الأسعاف وخلفها انطلق القاسم بسيارته برفقة السيدة فتون...............
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم (((اتَّقوا دعوةَ المظلومِ، و إن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجابٌ))).
ابتسامة ثقة اهتدت لثغر رؤى عندما خطر ببالها بأنها مظلومة وأن الصادق الأمين النبي محمد صلى الله عليه وسلم بشّر المظلوم بقبول دعوته وأنه لايوجد حجاب بين دعوة المظلوم والسماء فتحاملت على آلامها ورفعت كفيها إلى السماء ثم قالت:
ربي أنت حسبي في من ظلمتني
ربي انت حسبي في من أزلتني
ربي أنت حسبي في من انتهكت حرمة جسدي وعذبتني شتى أنواع العذاب
ربي أنت حسبي في من أعانها على ظلمها هذا......
هنا بعد هذه الجملة انهارت الفتاة التي كانت تستمع لكلمات رؤى وبدئت ببكاءٍ حارق
لتكمل رؤى بعد أن ضمت يديها إلى صدرها: ربي أنت حسبي وكفى بلله حسيبا ووكيلا
ثم تنهدت وزاد عنينها أثرى ألامها المتفرقة على أنحاء جسدها النحيل ولكن سرعان ما أتت إليها الفتاة لتجلس تحت قدميها وهي تبكي بحرقة وتقول: أرجوكِ سامحيني ولا تدعي علي فأنا مجبورةٌ على عملي هذا فقد أجبرني هذا السافل بالعمل معه مقابل أن يعيد لي حافظة صوري التي سرقها من محفظتي
نظرة لها رؤى بطرف عينها بدون أن تنطق بأي كلمة
أعادة الفتاة رجاءها والدموع تزداد في عيناها حتى أصبحت كشلال منهمر: أرجوكِ سامحيني فأنا نادمة على كل خطوة خطوتها مع هذا السافل
_ أهدئي وكفي عن هذا البكاء فقد يكفيني ندمكِ هذا لكي أسامحكِ بحقي عليكِ ولكن هل ستسامحين نفسك على تلك الأخطاء التي اقترفتها بحقكِ أنتِ
_ صرخت الفتاة بانهيار: لا لااا لااا لن أسامح نفسي قط
_ رفعت رؤى كفها والآلام تغزوا قلبها من شدّتها ثم وضعتها على رأس تلك الضحيّة التي أوقعها حظها العسر في طريق الشياطين البشرية: لا تسامحيها أبداً بل أدبيها بتوبةٍ نصوحةٍ لا رجوع عنها
_ وهل لي توبةٌ بعد كل هذه الخطايا

_ ابتسمت رؤى وقالت لها بحنانها المعتاد الذي ورثته عن والدتها: قالت لي خالتي أم مالك يوماً في أحدى نقاشاتنا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو((والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله -تعالى، فيغفر لهم)) سألتها يومها عن معنى هذا الحديث ولماذا يجب علينا أن نذنب فابتسمت وقالت لي ياصغيرتي لله تسعة وتسعون أسماً فمنها التواب و الغفور وأيضا الرحمان والرحيم فمن مقتضى هذه الأسماء أن يوجد من يذنب، فيغفر له، ويوجد من يستغفر، فيغفر له، ويوجد من يتوب، فيتوب الله عليه، فلو لم يوجد من يذنب، ولم يوجد من يستغفر، ولم يوجد من يتوب، فما هو الأثر الذي سيكون لاسمه -تبارك وتعالى: التواب، والغفور، والرحمن، والرحيم، وما شابه ذلك؟، لهذا أرجوكِ لا تقنطي من رحمة الله واستغفري لذنبكِ فهو الغفور يغفر الذنوب لمن يشاء
_ سأفعل نعم سأفعل،قالتها الفتاة ثم أكملت: فمنذ أن تهت في متاهة هذه الحياة لم أجد باب خير واحد فُتح لي كما الآن فكلما كنت أطرق بابً وجدت من يجذبني إلى قاع وحل الدنيا، كلهم كأمثال سليم هذا فقد مثل عليّ دور العاشق ومن سذاجتي صدقته ومشيت معه كما أراد حتى استغفلني وحصل على محفظة صوري التي استعملها لإجباري على فعل ما فعلته بكِ
قالت آخر كلماتها ثم انتفضت واقفة عندما سمعت صوت الباب الخارجي يُفتح فأسرعت بشدّ وثاق رؤى كما كان قبل أن تفكه لها بعد خروج سليم
لم يطل الوقت حتى طلّ هو وسيدته التي اقتربت من رؤى وبيدها حزمةٌ من الأوراق وضعتهم على الطاولة الحديدية بعد أن جذبتها للقرب من رؤى وهنا تحرر صوتها المقزز: هيا وقعي على هذه الأوراق التي أمامك رفعت رؤى رأسها بتعبٍ ثم قالت: وما هذه الأوراق ردت عليها أم مالك بمكر: لا تخافي صغيرتي أنهم عدّة عقود بيعٍ فقط يجب عليكٍ التوقيع عليهم لتصبح أملاكك باسمي وحدي
نشبت معركة ضارية بعقل رؤى فنصفه يهتز خوفاً ويأمرها بالتوقيع والنصف الآخر يأمرها بالحفاظ على أرثها من والدها ويأبى أن يجعلها تتنازل عن حقها بهذه السهولة فقد حسمت المعركة عند صراخ أم حازم: هياااا قلت لكِ وقعي
مررت رؤى عيناها على الورقة أمامها مراراً وتكراراً وهي تعيد قراءة كل حرف كتب أمامها ثم رفعت رأسها نحو أم مالك وقالت بعدما استجمعت طاقتها: وما المقابل لتوقيعي هذا
_حياتك أيتها البلهاء، قالتها أم حازم بتهكم
_ لتجيبها رؤى: وما ضماني بأنك ستطلقين سراحي بعد أن أوقع
_ردت أم حازم بحيرة هذه المرة: ليس لدي ما أقدمه لك كضمان
_ ابتسمت رؤى ثم قالت: لكن لدي ما أطلبه
_أم حازم بتعجب: وما هو
_حافظة رؤى على ابتسامتها وهي تقول: أن تطلبي من كلبك الوفي هذا أن يعيد حافظة الصور للفتاة ويطلق سراحها من هنا دون أن يتحرك أو يخرج أحدٌ منكما خلفها لمدة ساعتين وبعدها سأضع توقيعي وبصمتي أيضاً وغير هذا أُفضل الموت وأنا ثرية عن الموت وأنا مسلوبة الحق
انهت كلماتها ثم نظرة للفتاة وغمزة لها مع ابتسامة جانبية رُسمت على محياها لتظهر غمازة خدها فتزيدها جمالاً رغم هيئتها المزرية أثرى التعذيب
_موافقة، قالتها أم حازم بعد برهة من التفكير لتكمل: لا حاجة لي برؤيتك بعد أن أحصل على ثروتك، قالت الكلمات تلك ثم ألقت أوامرها على هذا الواقف أمامها كالصنم المتحجر من شدّة غضبه فقد كان لديه الكثير من الأفكار الشيطانية يود أن ينفذها قبل أن يعيد هذه الحافظة ولكن شرط رؤى هذا هدم أحلامه الشيطانية وللأسف لم يكن يمتلك القدرة على الرفض فسار كالصنم نحو سيارته ليأتي بعد قليل بالحافظة
تأكدت الفتاة من حافظتها ثم حطمتها إي أشلاء كي لا تعود بيوم من الأيام القادمة لتصبح سلاحٌ يهدد حياتها ثم انطلقت تجري بعد أن قبلت رأس رؤى وهكذا بدء العد التنازلي للوقت الذي حددته رؤى.............

༺༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻༻
كان يتابع عمله بحرفية عالية فلديه الكثير من الأعمال وعليه أنجازها في الوقت المحدد ولكن خانه تركيزه في أحدى اللحظات ليسرح بخياله نحو رسم سناريوهات مقنعة في رأسه تبرر غياب الآسر المتكرر فلم يجد ما يهدئ به فؤاده ويقنع عقله فتوجه نحو مكتب الفهد لعله يجد عند الفهد ما يريحه،
تخطى المسافة الممتدة بين المكتبين بأقل من دقيقة ليطرق الباب ويدخل بسرعة حتى قبل أن يسمع أذن الدخول وهذا ليس من عادته مما جعل الفهد يتجه إليه بسرعة ويسأله ما خطبه
تنهد خالد قبل أن يبدئ بسرد ما يدور في خاطره ثم بدء القول: ألم تلاحظ أن هناك ما يشغل البال حقاً
_ماذا بك ياخالد تحدث بسرعة مالذي يشغل بالك فقد أثرت خوفي
_ يغيب الآسر فجأة يومان متتاليان وهذا لم يحصل سابقاً ثم يذهب القاسم ليتفقده فيغيب الآخر بدون أي تبرير فالأول محموله مقفل ولاأحد يجيب في منزله والثاني يرد بكلماتٍ مختصرة ﻜ  سأكلمك لاحقاً أو لدي عملٌ مهم سأنجزه ثم أحدثك ومن هذا وجر
_ رفع الفهد يده إلى كتف صديقه ثم قال: هدء من روعك ياصديقي ولا تدع مجال لتلك الأفكار السوداء بأن تسيطر على عقلك فلو كان الآسر بحاجة لأي مساعدة سيخبرنا في الحال فنحن نكمل بعضنا بعضاً وبما أن القاسم تغيب بعد أن ذهب إليه فمعنى هذا أنه أذن لنفسه باقتحام خصوصية الآسر وفرض عليه مساعدته بهذه الحالة مكاننا الصحيح هو الشركة لنغطي غيابهما كي لا تعم الفوضى لهذا عد لمتابعة أعمالك ولا تقلق فالقاسم خير سندٍ عند الشدائد
_أومئ خالد برأسه ثم ابتسم وقال: كنت أعلم أن لا راحةٌ لقلبي سوى لديك
_شاركه الفهد ابتسامته ثم قال: اذهب ياهذا فقد انسيتني ماكنت أعمل

_انجز بسرعة يافهد فلم يتبقى سوى ساعةٌ واحدة على انتهاء الدوام وبعدها ستتوجب عليك عزيمتي على العشاء لكي أشهد بأنك قضيت يومك بين الملفات والمصنفات
ضرب الفهد جبينه بكف يده بدهشة وهو يعيد ساعةٌ فقط

_وهل هناك ما نسيته
لم يجب الفهد بأي كلمة وكأنه لم يسمع ماقاله خالد ولكنه أسرع إلى محموله ليجده متصل على الشبكة وفي الوضع العام
أعاد خالد سؤاله بقلق: ماذا هناك يافهد

_رد الفهد وهو يضغط على شاشة محموله عدة مرات قبل أن يضعه على أذنه: ميرا ياخالد

_خالد برعب حقيقي وصوتٍ مرتجف: ماذا حلّ بميرا يافهد

_ كانت يد الفهد ترتجف وهي حاملة للمحمول بين أطرافها لكنه تحامل على نفسه قليلاً ليجيب خالد: لم تتصل بي منذ الصباح وهي المعتادة أن تكلمني كل نصف ساعة أرجو أن لايكون أصابها مكروه يالا حماقتي كيف انشغلت عنها كل هذا الوقت
جلس خالد على المقعد الجلدي خلفه لم يعد قادرً على الوقوف فكل مايراه الآن هو نفسه يوم فقد معشوقة قلبه كانت شفتاه ترتجف بشدة وعيناه ثابته على فهد الذي عاود محاولة الاتصال مرة أخرى دون رد هنا لم يتمالك نفسه فصرخ بألمٍ يخرج من أعماقه وهو يقول: ماذا تنتظر أذهب إليها حالاً
انتبه الفهد لحال صديقه وهنا كانت مصيبته الكبرى زوجته من جهة وصديقه الذي أصبح على شفى حفرةٍ من الانهيار بجهة أخرى فماذا عليه أن يفعل الآن
_كرر خالد كلماته بعينان دامعتان: اذهب بسرعة يافهد
_ حمل الفهد كأساً من الماء وتوجه نحو الخالد وهو يقول: سأذهب في الحال ولكن أرجوك عد لثباتك وإن كان مزيفاً فلا أملك طاقةٌ تكفي لأراك ضعيفاً هكذا

ماأن انتهى من آخر كلماته حتى علا صوت محموله معلن عن اتصال من ميرا فرد بسرعة خاطفة ليقول أين أنتِ لماذا لم تجيبي على اتصالاتي
_...............
_الحمد لله أنك بخير
_................
_ لا بل كنت أود أن أقول لكِ بأني سأتأخر في العمل اليوم بسبب غياب الآسر والقاسم عن الشركة
_...............
أنهى الفهد مكالمته مع ميرا ثم عاد إلى خالد من جديد فقد كانت دموعه تتساقط رغم محاولاته المستميتة لإيقافها ولكن دون جدوى وكأن ماحدث الآن كان بمسابة القشة التي قسمة ظهر البعير
اقترب منه الفهد بصمت تارك له المجال لتفريغ القليل من حزن قلبه عبر دموعه
كان خالد ينظر نحو الفراغ قبل أن ينظر للفهد ويبتسم ابتسامة تطعن القلب مما تحمله من حزنٍ دفين في نفسه ثم قال: أعذرني ياصديقي فقلبي يؤلمني بشدّة، ابتلع ريقه ومسح دموعه بكف يديه قبل أن يكمل : لا تصدق يا صاحبي أن هناك ما يؤلم القلب أكثر من الفقدان

_فليكن الله في عونك ياأخي قالها الفهد وهو يصبّر نفسه كي لاينهار معه فهو مجرد دقائق معدودة وقلبه كاد أن يتوقف فكيف لقلب هذا المسكين الذي نام ليله الأول وهو يحلم بمولوده الجديد ثم أتى ليله الثاني لينعي مولوده ومعشوقة قلبه معاً

_انتشله هنا خالد من أفكاره عندما وقف وقال لدينا الكثير من الأعمال وضاع علينا ماضاع من الوقت علينا العودة للعمل بسرعة

_معك حق، قالها الفهد وهو يتجه نحو طاولة مكتبه تارك المجال للخالد لكي يلملم أحزانه لأعادتها إلى أعماق قلبه ومن ثم يتجه لإنجاز عمله هو الآخر..........
༺༺༺༺༺༻༻༻༻
انهكها الجري المستمر فقد مرّ أكثر من نصف ساعة وهي تجري بين الأراضي الزراعية بكل قوتها بدون أن تجد الطريق المؤدي للشارع العام فوقفت قليلاً ثم انحنت بهيئة الركوع كي تلتقط أنفاسها لتعاود الجري فهناك عهدٌ قطعته على نفسها بأن لاتترك رؤى تلك الفتاة الرقيقة بين أيدي هؤلاء البشر أشباه الوحوش بأفعالهم ولكن كما قال الشاعر تجر الرياحُ بما لا تشتهي السفن فقد ألتوا كاحلها بعد أن وقعت في أحد السواقي الجافة فصرخة صرخةً مدويّة عبّرة عن ألامها النابعة من أعماق قلبها فليس لألم كاحلها علاقة بصرختها هذه بل كانت نتيجة خيبتها فقد خذلتها قواها في أمس حاجتها لها.
حاولت الوقوف مراراً لكنها لم تكن سوى عاجزةٌ مرمية على طرف ساقية جافة تنتظر الضباع كي تأتي إليها فقد أصبحت وليمة سهلة المنال بالنسبة لهم........
༺༺༺༺༺༺༺༻༻༻
في مكانٍ قريب مرّ الوقت ببطء ٍ شديد فقد كانت رؤى تدعو الله بأن يصبُر قلب خالتها أم مالك لحين عودتها فهي تعلم أن الطريق طويلٌ جداً وهي لاتملك النقود لكي تحجز تذكرة القطار ولكنها ابتسمت عندما تذكرت حديث الهيثم عن صديقه الذي يعمل هناك فقررت أن تطلب منه المساعدة،
قطع أفكارها صوت أم حازم وهي تقول: هاهو الوقت الذي حددته قد انقضى عليكِ الآن أن توقعي الأوراق أمامكِ
نظرت لها رؤى وابتسامة نصرٍ تزين محياها لم تكن أم حازم مدركة سبب ابتسامتها هذه ولكن لا يهمها سوى أن تتوقع عقود البيع كي تصبح المالكة الوحيدة لكل الأملاك التي خلّفها عمير
لم يطل الوقت قبل أم تحمل القلم بين أنامها وترسم توقيعها تحت اسمها الثلاثي
اقتربت منها أم حازم وأخذت الأوراق من أمامها وهي مصدومة بتعابير الراحة المرسومة على وجه رؤى ولكن لا يهم عليها الآن المغادرة ولتذهب تلك الرؤى إلى الجحيم كان هذا مايراودها وهي تتجه نحو باب الخروج وخلفها جروها المطيع أما رؤى فقد حاولت الوقوف ولكنها لم تستطيع فقد غزا جسدها آلامٍ فظيعة أدت إلى غيابها عن الوعي بعد عدة خطوات...
لم تكن أم حازم لتلتفت إليها رغم أنها سمعت صوت ارتطامها على الأرض ولكن ماأن فتحت الباب حتى وقفت مصدومة مشدوهة العينين لم يكن عقلها قادراً على تفسير ما رأته عينيها.........
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
لم يكن الهيثم متصلاً بهذا العالم أبداً فقد حبسه عقله الباطني داخل حياةٍ أخرى يفعل بها ما يريد بدون أوامرٍ من أحد أو قيود
فقد كان حراً كطائرٍ عانق السماء بجناحيه
يلهو و يعشق كما يهوى لا رادعاً يمنعه ولا عاداتٌ تقييده فها هو يعيش أمتع أيام حياته في الوقت الذي ابكى حاله جميع من حوله فقد كانوا يرونه مفترش السرير الأبيض دون حراك ينتظر وقت الانتقال أن يحين تباً لهم جميعاً أيبكونه وهو في أبهى أيامه وقد نسوه عندما كان يتلوى ألماً وهو نائمٌ بين الركام لا مؤنث له سوى طيف معشوقته
ألتقط أحمد كف شقيقه وهو يغرقه بالدمع بحسرةٍ على حاله ليفاجئ بعد قليل بكفٍ حنونٍ يوضع على كتفه ومن ثم يتبعه صوتاً لطالما اشتاق له: الحمد لله على سلامتك يا أحمد
_نظر لها أحمد بعينيه الدامعتين وقال: سلمكِ الله، قال كلماته تلك ثم اخفض نظره بخزي من أفعال والدته بحق هذه المرأة وابنتها أما هي فقد سبرت أغواره لتعلم مايدور بخاطره فقالت مخففة عنه: لم يفقدك جمالك مامر عليك من الزمن بل زادك وقاراً
كاد أن يرد عليها ولكنّ الكلمات قد تاهت منه قبل أن تصل إلى شفتيه فاكتفى بابتسامة عزباء رُسمت على محياه لا تليق إلى به

_ لتردف السيدة فتون: كيف حالُ شقيقك حازم وشقيقتيك شيماء وريما

_ الحمد لله بخير قالها ليكمل بعد تنهيدة خرجت من أعماقه لايشغل بالهم الآن سوى حال الهيثم فمنذ أن أخبرني يامن عن الذي حصل له وأنا تائهاً لا أدري ما الذي عليَّ فعله عزمت في بداية الأمر على التكتم وعدم أخبار أحداً ولكني لم أستطيع فقد فلت لساني وبُحت بأمره عندما اتصل حازم بي وأنا في طريقي إلى هنا

_نظرت السيدة فتون للهيثم نظرة مطولة قبل أن تقول: أرجو من الله أن يعافيه ويرد له صحته كما كانت بل وأفضل

_ أأنتِ من تقول هذا الكلام أليس هذا عقابٌ من الله لمن أذوكِ في نفسك وزوجكِ وابنتكِ

وضعت كف يدها على ثغره كي تمنعه من تكملت كلامه وقالت مقاطعة له: كف عن هذا الكلام يا أحمد وهل لعاقلٍ أن يتشمت في المرض هذا أولاً أما ثانياً فالهيثم غالياً على قلبي منذ صغره وأنا أدرك جيداً أنه ضحية مثله مثلنا تماماً
تلاحقت الدموع على وجنتيه وهو يلتقط كفيها يقبلها
_ ويقول: ليت أمي مثلكِ أو ليتكِ أنتِ أمي

_ ادعو لها بالهداية يابني فا الله قادرٌ على كل شي
اومئ برأسه في صمت وفي قلبه بئرٌ من الآلام يخشى أن يكون آخرها فقدان الهيثم فلا يستطيع تحمل مثل هذا العذاب......... ..
༺༺༺༺༺༻༻༻༻༻
أعادها من شرودها صوته عندما قال: كيف حالكِ يا أماه
_استجمعت قواها لترد بعد صدمتها هذه: ما الذي أتى بك إلى هنا ومن هذا الذي يرافقك

_تجاهل سؤالها ثم أكمل: أظن أنكِ بخيرٍ بعد أن عقدتي اليوم صفقةً تُعد صفقة العمر
_ رفعت رأسها بغرور ٍليس بغريبٍ عنها وقالت: غريباً كيف حدث وأتيتَ وحدك لأجل ابنة فتون فأين العاشق الآخر أم يجدر بي القول أين المعتوه الآخر
كان الآسر يتابع حديثهما بدهشة فهي قد تخطت كل مقاييس القسوة أما يامن فابتسم ابتسامة أسى وقال: يبدو أنكِ لم تعودي إلى المنزل بعد لهذا لم يأتكِ خبر ما حدث للهيثم

_اقتربت منه بلهفة لم يراها منها في حياته ثم قالت: وماالذي حدث للهيثم انطق كلامك بسرعة يكفيك تمهّل
_ ثبّت يامن عينيه بعينيها الملهوفتان ثم قال بصوتٍ يحمل بحراً من الآلام: قد أصيب بغيبوبةٍ نفسيةٍ تحولية

_ اقتربت منه أكثر وقالت بصوتٍ مبحوح: ومايعني هذا

‌_أبتلع يامن ريقه قبل أن يقول: يعني أنه طريح الفراش يصارع الموت فمن سينتصر في هذه الجولة لاأحد يعلم غير الله
انقضت عليه وأمسكت ياقته بكفيها ثم قالت بصراخ كذبت ياابن عمير ولدي الهيثم أقوى من كل هذه الترهات لايستطيع عمير الانتقام لفتاته نعم فهو ميتٌ تحت التراب لايستطيع الانتقام لايستطيع قالت كلماتها ثم توجهت مسرعة نحو منزلها لتتأكد من صحة كلام يامن وخلفها كالعادة يسير جروها المطيع.....
في هذه الأثناء وبينما كان يامن يحدث والدته دخل الآسر إلى الطاحونة المهجورة يبحث عن رؤى ولكنه لم يراها أنما رأى بضع درجات خشبية متهالكة فنزل عليها حتى أصبح في القبو التابع لتلك الطاحونة، كان يمشي بتمهل عكس دقات قلبه التي كانت تتسارع لدرجة أنه كان يسمها في أذنيه انتهى من البحث في الجهة اليمنى بدون فائدة فتوجه للجهة الأخرى ليجد فتاة ملقاةٌ على الأرض فركض أليها ليجد وجهها ملئ بالجروح والندوب فصرخ قلبه ألماً قبل أن تنطق شفتيه المرتجفتين باسمها رؤى هل تسمعينني أرجوكِ أفتحي عيناكِ
كانت تسمعه ولكنها فاقدة القدرة على الحركة فاكتفت بتحريك يدها قليلاً حتى يعلم بأنها تسمعه
مسح وجهها بكفه وأعاد اسمها على أمل أن تفتح عيناها ولكن دون جدوى فحملها وهمَّ للخروج في حين سمع صوت يامن يناديه فأجابه: أنا هنا
أتى إليه الآخر ليُصدم مما رأته عيناه فصاح: هيا بسرعة علينا نقلها إلى المركز الطبي
أسرعا كلاهما للخروج من هذا المكان المقزز ليتوجها نحو السيارة، في هذه الأثناء كانت رؤى قد استعادة شيئاً من وعيها لكن لم تكن قادرة على فتح عيناها فرفعت يدها وأمسكت بها قميص الآسر بتملك وكأنها تطلب منه الأمان الذي فقدته منذ زمنٍ بعيد منذ آخر مرة وقعت بين الحقول فجرحت يومها وإذا بالآسر ابن التسع سنوات يحملها بين يديه الصغيرتين متجه بها نحو عمته لتضمد جرحها كان وقتها قلبه يرتجف خوفاً كحاله الآن فشدد من احتضانها بين يديه القويتين وأسرع مجنداً كل طاقته لكي يقطع تلك المسافة بأقل وقت ممكن.......
ليس ببعيد كانت هناك وصال تلك المسكينة التي حاولت بشتى الطرق الوقوف على قدمها المصابة لكن لم تستطيع سوى المشي لمسافة قليلة قبل أن ترتمي على الأرض من جديد فكاد حينها أن يتملكها اليأس لولا أن رأت شاباً من بعيد فبدئت تصرخ بأعلى صوتها طالبة منه النجدة فسرعان ماانتبه لصوتها وأتى أليها مسرعاً برفقة شاباً أخر لم تكن تراه فطلبت منهما المساعدة دون أن تعلم أنها هي من ستقدم لهما أكبر مساعدة حينما أُعجبت بشهامتهما ومروءتهما فدلتهما على الفتاة المسكينة التي تعاني الويلات وطلبت منهما مساعدتها ثم وصفت لهما المكان بعد أن رأت اهتمامهما الشديد بما قالت كان يامن ينصت لها بتركيز فما أن انتهت من وصف المكان حتى قال بأنه تعرّف عليه فهو يبقى ابن هذه القرية ويعلم جيداً مداخلها ومخارجها وهنا وقعا في الحيرة هل يكملا معروفهما مع الفتاة ويوصلاها إلى المركز الصحي أم يذهبا مسرعين إلى رؤى.
علمت مايدور في باليهما عندما نظرا لبعضهما بحيرة فقالت موجهة حديثها ليامن: أرجوك أنقذ تلك الفتاة في الحال أنا أستطيع أن أتحمل الألم إلى أن تعودا أما هي فاالله وحده عالمٌ بما يجري لها الآن
هنا تحدث الآسر قائلاً إذاً انتظري عودتنا داخل هذه السيارة لن نتأخر بإذن الله
أومئت برأسها في صمت فقد نال منها الألم ولكنها لم تبدي أي ردة فعل ستصبر حتى يعودا ومعهما رؤى فتلك الفتاة قدمت لها الكثير ومهما فعلت لن تستطيع رد ولو جزء من معروفها فهي مدينةٌ لها بكل حياتها...........
༺༺༺༺༻༻༻༻
كانت أم مالك جالسة في ردهة منزلها تحمل بين يديها القرآن الكريم تقرأ منه سورة (يسٓ) على نية أن تعود إليها صغيرتها من جديد.
لم يطل الوقت حتى أتممت قراءتها فرفعت يداها إلى السماء تدعو الله بقلبٍ صادقٍ ينبض بالحنين لفتاةٍ أعادة أمامها قصتها الأولى التي لطالما وجدت في الماضي من يحميها ويأويها ولكن يا حسرة قلبها على فتاةٍ استجارت بها فلم تكن هي أهلاً لتُجيرهاولم تكن قادرة حتى على أن تحميها من بطش الطغاة الذين اغتصبوا حرمة بيتها واختطفوا صغيرتها في غفلةٍ منها فاليتها لم تتركها ولم تفارقها طرفة عين فما كان حدث ماحدث...
كانت تلك الأفكار مستولية على عقلها كلياً حتى جعلتها تجافي النوم وتُهمل دوائها كما أهملت غذاءها فاأصبحت ضعيفةٌ جداً لاتقوى على كثرة الحركة يكفيها أن تسير من غرفة نومها إلى الصالة أو العكس لتتسارع أنفاسها ويضج قلبها بنبضه العشوائي وما زاد حالها سوءً بكاءها المستمر فهي تحمّل نفسها مسؤولية كل ما تعرضت له رؤى تلك الفتاة التي دخلت حياتها فجأة لتصبح مع الأيام جزءً لا يتجزأ من روحها...
نظرة بعينيها نحو كتاب الله تعالى وقالت بصوتٍ ضعيف يكاد يصل لأذنيها: ربي لا مؤنث لي سواك ولا وكيلاً لي غيرك ولم أعقلُ يوماً رحيماً أرحم منك سبحانك
ربي أرحم ضعفي وقلة حيلتي
ربي أني أدعوك بأسمائك الحسنى أن تنجي الفتاة من أيدي الظالمين وتعيدها سالمة
كانت تدعو من قلبها لا من لسانها حين قاطعها رنين هاتفها الجوال فنظرة له لتجده قد أظهر اسم يامن أعلى شاشته فردت وكلها أمل أن يخبرها خبراً يجبر خاطرها ولم يخيب أملها فقد أخبرها بأنهما وجدا رؤى وهي الآن في المركز الطبي تخضع لبعض الفحوصات لم يتحدث عن أصاباتها لعلمه بمدى تعلق أم مالك بها
حمدت أم مالك الله مراراً بصوت منهك مما لفت انتباه يامن ليسألها عن صحتها فأجابته أنها بخير مادامت صغيرتها بخير
لم يقتنع يامن فوعدها أن يعاود الاتصال بها بأقرب فرصة لكي تتكلم مع رؤى ثم أنهى المكالمة قبل أن يوجه حديثه للآسر
_قائلاً: كلمت الخالة أم مالك وأخبرتها أننا عثرنا على رؤى
_هذا جيد، قالها الآسر ليكمل: وأنا كلمت عمتي لتطمئن على ابنتها
وهنا حكّ يامن أسفل ذقنه بحيرة مما جعل الآسر أن يسأله: ما بك هل هناك خطبٌ ما
_ نعم
_وماهو؟ قالها الآسر بسرعة مستفهماً ليكمل يامن: السيدة أم مالك متعبة جدا ًهذا ما تبين لي من صوتها أثناء الحديث معها

_صمت الآسر بضع ثواني قبل أن يقول: لاعليك ياصاحبي سأكلم القاسم وأطلب منه أن يذهب أليها ويقوم بما يراه مناسباً لحالتها ربما تكون مرهقة فقط وسيتحسن حالها بعد أن علمت بعودة رؤى
_أأمل ذلك، قالها يامن بتأثر ثم عاد لأفكاره المتضاربة برأسه فكلما أقنع نفسه بأن والدته قالت تلك الجملة عن طريق الخطأ عادة وقفزت لرأسه من جديد(كذبت يا ابن عمير) حاول مجدداً نسيان ماقد سمع مبرراً لها بأنها كانت مصدومة بخبر مرض الهيثم المفاجئ ولم تكن تدرك ماتقول، أعاده من شروده صوت الآسر وهو يطلب منه أن يملي عليه عنوان السيدة أم مالك ليرسله إلى القاسم الذي لم يتردد للحظة بالاستجابة لطلب الآسر،
في هذه الأثناء مرّ على ثغره شبح ابتسامة لأعجابه بالعلاقة الوطيدة التي تجمع بين الآسر وأصدقاءه ثم أملا عليه العنوان بالتفصيل فهذه المرأة صاحبة فضل كبير ولن ينسى لها ذلك مادام حياً..
مرّ بعض الوقت قبل أن يستسلم يامن للنوم بعد أن أتكئ برأسه على الطاولة أمامه أما الآسر فقد نظر إليه نظرة شفقةٍ مطولة قبل أن يقرر الذهاب إلى غرفة رؤى للاطمئنان عليها..........
༺༺༺༺༺༻༻༻
ثائرة كالبركان نيرانها تأكل باطنها بغلظة فتذيب قلبها كما تذيب النار المعادن الصلبة نعم أنها هي من جنت على نفسها حينما نست أن الخالق لا يغفل عن من خلق وهو القادر المنتقم النصير
فقد قال الله تعالى:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)
_وقف أمامها حازم وهو يحاول انتقاء كلماته عندما سألته عن حال الهيثم للمرة المئة أو ربما أكثر فقال لها: أماه هدئي من روعكِ عليكِ أن تدعي الله أن يرده أليكِ سالماً لا أن تندبيه أرجوكِ كفّي عن ترديد هذه العبارة فلا يوجد أي علاقة لعمي عمير بما يحدث للهيثم فعمي قد فارق الحياة منذ سنواتٍ طويلة والميت لا يمكنه التحكم بمصير أحد ولا الأنتقام من أحد
_نظرت أليه وكأنها لم تستمع لأي كلمة من ما قال وعاودت سؤالها: كيف حال الهيثم الآن أهو بخير أم ماذا وهل أصابته لعنة انتقام عمير لفتاته أم ماذا
_ زفر حازم بقلة حيلة ثم قال: أنه بخير لاتقلقي

_ أومئت برأسها ثم لم يمر سوى بضع دقائق حتى عاودت سؤاله من جديد: أني أعلم ماهي الغيبوبة ولكن ماهي الغيبوبة التحولية

_ أغمض عينيه بقوة لعله يهتدي لأجابة تفيد في هذا الموقف فهو لا يريد أن يثقل قلب والدته أكثر لعلمه اليقين كم هي تحب الهيثم وتفضله عن الجميع فماأن همّا للجواب حتى سبقه صوت حلا زوجة أحمد بقول: عمتي الغيبوبة التحولية هي نوع من أنواع الغيبوبة النفسية وأخطرها فهي تحول القلق والاضطرابات النفسية إلى عرض عضوي أي ان الهيثم الأن استبدل ألامه النفسية القاهرة بأخرى جسدية وممكن أن يصل الحال لأمراض واضحة مثل الشلل أو اضطرابات الجهاز العصبي هذا ماقاله الطبيب لأحمد عندما قابله اليوم
بقى حازم ينظر لحلا نظرة  تأنيب فلا يصح برأيه قول مثل هذا الكلام لوالدته في مثل هذا الموقف فهو يخاف عليها من الانهيار ففي البداية والنهاية هي والدته
أما حلا فكان لها رأي آخر فهي تظن أنه حان الوقت لتلقى هذه المرأة المتسلطة شيئاً من أعمالها الشريرة ترتد عليها لتصفعها بقوة كي تدرك مدا ظلمها لعباد الرحمان
ولكن حدث مالم يتوقعه أحد فقد اعتدلت أم حازم في جلستها ثم وقفت بشموخها
_المعهود ثم قالت: فاليرحمه الله إذاً
صدمة صُبت على رأس جميع الحاضرين فلا أحد كان يتوقع منها هذا البرود أما هي فقد توجهت إلى غرفتها بخطواتٍ رتيبة وكأنها تجاوزت صدمة احتمالية فقدان ولدها المحبب إلى قلبها في أي وقت.........
༺༺༺༺༻༻༻༻
2 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.