مرت الأيام، ورغم قرار "روح" بالابتعاد، كانت مشاعرها تتصارع داخلها. رغم أنها قررت أن تترك الماضي وراءها، كان هناك شخص آخر بدأ يقتحم حياتها، أو بالأحرى، حاول أن يدخلها بطريقة غير متوقعة.
كان "أحمد" هو الشخص الذي أصبح جزءًا من يومها، حديثها، وأفكارها. كان طيبًا، وكان دائمًا ما يخفف من حزنها في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدعم. لم يكن أحمد يشبه سليم، لكن في قلب "روح"، كان يشكل بداية شيء جديد.
"أحمد فقط يريد أن يكون لي عوضًا عن سليم... هل أنا فعلاً بحاجة إلى عوض؟"
كانت هذه الأسئلة تؤرقها. كانت تعرف أن أحمد شخص طيب، لكنه لم يكن الشخص الذي أحبته. كانت مشاعرها تجاهه لم تصل إلى درجة الحب، ولكنها كانت تقدر له وجوده في حياتها. كان يُظهر لها اهتمامًا كبيرًا، وكان يحاول أن يكون الشخص الذي يدعمها في كل شيء. لكن في داخلها، كان هناك خوف، خوف من تكرار نفس الأخطاء.
كانت تلاحظ كيف أنه كان يعاملها بلطف، وكيف كان يشعر تجاهها بشيء يشبه الحب، ولكن "روح" كانت تخشى أن تكون مجرد خيار أو مجرد شخص يتسلّى به في الوقت الذي يحاول فيه أن يملأ فراغًا آخر.
"هل هو حقًا يحبني؟ أم أنه يحاول أن يعوضني عن شيء؟"
ذات يوم، عندما كانوا يتحدثون، سألها أحمد بصوت هادئ:
"روح، هل فكرتِ يومًا في أن نكون معًا؟ أنا أعتقد أنني يمكنني أن أجعلكِ سعيدة."
لم تستطع أن تجيب فورًا، كانت مشاعرها مشوشة. "كيف يمكنني أن أتخذ قرارًا في هذا الوقت؟ هل أستحق حبًا حقيقيًا بعد كل ما مررت به؟ هل يجب عليّ أن أقبل به كعوض، أم أنني أستحق أكثر من ذلك؟"
لكن ما أثار خوفها أكثر كان عندما بدأ أحمد يُلمح إلى فكرة الخطبة، وإن كان ذلك بصوت غير جاد في البداية. كان يبتسم بينما يقول:
"إذا كان الأمر بيدك، هل تقبلين بالزواج مني؟"
كانت تلك الكلمات كالصاعقة بالنسبة لها. "هل أنا مستعدة للارتباط مجددًا؟ هل أنا مستعدة لتكرار تجربة الحب والمشاعر مع شخص آخر؟"
نظرت إلى أحمد في تلك اللحظة، ووجدت فيه شخصًا طيبًا، لكنه لم يكن الشخص الذي يمكن أن تبني عليه كل أحلامها. كان هناك شيء في قلبها يُخبرها بأنها ليست مستعدة بعد، أو أنها لا تستطيع أن تمنح نفسها لشخص آخر بدون أن تكون قد تعافَت أولًا من جروح الماضي.
"أحمد، أنا ممتنة لك، ولكنني... لست مستعدة الآن. لا أريد أن أتسرع في اتخاذ قرار قد أندم عليه."
كانت الكلمات صادقة، لكنها كانت أيضًا مرهقة لقلبها. شعرت أن الواقع كان يعكس خوفًا كبيرًا في داخلها.
كان أحمد يحترم موقفها، لكنه كان يتألم من أجلها. "أفهمكِ، روح. سأنتظر إذا كنتِ بحاجة للوقت. لكنني لا أريدك أن تعيشين في الماضي للأبد."
لكن في قلب "روح"، كان هناك شعور متأجج بالخوف. كانت تخشى أن تسير في نفس الطريق الذي كانت تسير فيه مع سليم، وأن تنتهي علاقتها مع أحمد بنفس الطريقة، أو حتى أسوأ.
"هل سأظل أعيش في خوف من أن ينتهي كل شيء؟ كيف يمكنني أن أبني حياة جديدة وأنا لا أزال عالقة في ذكريات قديمة؟"
كانت هذه الأسئلة تجتاح قلبها، لكن الجواب الوحيد الذي كانت تعرفه هو أن الوقت كان هو الذي سيفصل كل شيء. كانت بحاجة إلى أن تتعافى أولًا، أن تتقبل نفسها، وأن تكون مستعدة لما هو قادم.
"أنا بحاجة إلى الوقت لأشفى، ولن أسمح لأي شخص أن يدخل حياتي قبل أن أكون قد تصالحت مع نفسي."