مرت الأسابيع، وكان أحمد لا يزال جزءًا من حياة روح، لكن مكانه بدأ يختلف. لم يعد مجرد شخص يعوضها عن سليم، بل أصبح شخصًا يتقرب إليها أكثر. ومع مرور الوقت، بدأت مشاعرها تجاهه تنمو بشكل غير متوقع. كانت تشعر بوجوده في حياتها أكثر من أي وقت مضى، وكان يعاملها بلطف وتفهم، مما جعلها تشعر بتغيير عميق بداخلها.
"هل يمكنني أن أحب أحمد حقًا؟" كانت تسأل نفسها هذا السؤال باستمرار، وكان الجواب يقترب من الحقيقة في كل مرة. "نعم، بدأ قلبي يتفتح له."
في البداية، كانت ترى فيه الشخص الذي يعوضها عن خساراتها السابقة، ولكن مع مرور الوقت، بدأت تراه كالشخص الذي يمكن أن تبني معه حياة جديدة ومستقلة. كان أحمد يحترم رغباتها ويمنحها المساحة التي تحتاجها، وفي المقابل، كان يظهر لها حبًا حقيقيًا. كان يسعى لأن يكون دائمًا بجانبها، ويظهر لها اهتمامًا عميقًا، وكل لحظة يقضيانها معًا أصبحت تعني لها الكثير.
لكن ما فاجأ روح أكثر هو شعورها المتزايد بالغيرة. كانت تشعر بالقلق عندما كان يرى شخصًا آخر يتحدث إليه بود، أو عندما كان يظهر اهتمامًا بأشياء أخرى. تزايدت مشاعرها تجاهه، وأصبحت غير قادرة على تجاهل هذا الشعور الذي بدأ يستحوذ على قلبها.
ذات يوم، بينما كانا يجلسان معًا في أحد المقاهي، لاحظت روح أن فتاة أخرى كانت تجلس بالقرب من أحمد وتبتسم له بشكل يعبّر عن إعجابها. شعرت بشيء غريب في قلبها، شيئًا كان خليطًا من التوتر والحزن، لكنها لم تتمكن من تحديد السبب.
"لماذا أستاء من هذا؟ لا علاقة لي بالأمر." ولكن، عندما لاحظ أحمد انزعاجها، سألها بلطف: "هل كل شيء على ما يرام؟"
لم تتمكن روح من إخفاء مشاعرها أكثر، وقالت بصوت خافت: "أنا فقط... أنا فقط لا أحب أن يقترب منك أحد."
كانت تلك الكلمات مفاجئة لها، ولكنها خرجت منها عفويًا. شعرت بألم في قلبها، وكان هذا الإحساس غريبًا، لأنها لم تشعر من قبل بهذا القدر من الغيرة.
ابتسم أحمد بهدوء وقال: "لا داعي للقلق، روح. لا أحد في العالم يهمني أكثر منك."
هذه الكلمات جعلت قلبها يرتاح قليلاً، لكن مشاعرها لم تكن قد هدأت تمامًا. كانت لا تزال تشعر بشيء أكبر من مجرد إعجاب، وكانت تدري في أعماقها أنها تحب أحمد بالفعل.
مرت الأيام، وأصبح حبها له أكثر وضوحًا. كانت تحاول أحيانًا إخفاء مشاعرها، لكن كلما قضت وقتًا معه، كلما ازداد تعلق قلبها به. وفي لحظات الوحدة، كانت تفكر في أحمد وكيف أصبحت حياتها أفضل بوجوده، وكيف كان يعاملها بحب واحترام.
كانت تعرف أنها بدأت تحبه، ولكن كان هناك جزء منها ما زال مترددًا. "هل سأكون قادرة على منح نفسي الحب بعد كل ما مررت به؟ هل هو الشخص المناسب لي؟"
وفي إحدى الأمسيات الهادئة، وبعدما قضيا وقتًا طويلًا معًا، سألها أحمد بابتسامة: "روح، هل تعلمين كم أحبك؟"
توقف قلبها للحظة، لكنها ابتسمت وقالت بصوت خافت: "وأنا أيضًا أحبك، أحمد."
كانت تلك اللحظة هي التي أدركت فيها روح أنها قد تجاوزت كل الخوف الذي كان يعترض طريقها. أحبته بصدق، وكانت تدرك أن هذا الحب ليس كما كان مع سليم، بل هو حب مبني على الاحترام والرغبة في بناء شيء حقيقي معًا.
لكن رغم مشاعرها، كان هناك شعور بالخوف في قلبها. كانت لا تزال تتذكر الخيبة التي مرّت بها في الماضي، وكانت تخشى أن تعود إلى نفس المكان الذي كانت فيه مع سليم. "هل هذا حب حقيقي أم مجرد تعويض؟"
لكن عندما رآها أحمد تنظر إليه بتلك النظرة المترددة، أمسك بيدها وقال بصوت هادئ: "روح، لا يوجد شيء أهم من أن تكوني معي. أنا هنا لأجلك، وسأظل هنا مهما كانت الظروف."
لم يكن قلبها فقط يفيض بالحب، بل كان ينبض بالطمأنينة لأول مرة منذ فترة طويلة. "ربما هذا هو ما كنت بحاجة إليه، شخص يحبني دون أن ينتظر مني شيئًا في المقابل."
ورغم مشاعر الغيرة التي انتابتها أحيانًا، ورغم الخوف الذي كان يعتريها بين الحين والآخر، كانت مستعدة لإعطاء أحمد فرصة لبناء علاقة حقيقية. كانت تعلم أن الحب لا يخلو من الخوف، ولكنها كانت على استعداد لتجاوزه من أجل بناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.