elsayed elrayess

شارك على مواقع التواصل

أستيقظت .....

فتحت عيناى...... كان زوجى ( حمدى ) نائما ممددا بجانبى فوجدتها تشير إلى الساعة السابعة والنصف صباحا .... فأزحت الغطاء قبل أن أنزل من على السرير وأتناول الروب المعلق على الشماعة بجانب السرير لأرتديه فوق قميص النوم القصير الذى كنت أرتديه قبل أن أتحرك على أطراف أصابعى خشية أن أصدر أى صوت يؤدى لأيقاظ ( حمدى ) قبل موعد أستيقاظه فى الثامنة ، كنت أريد أن أجهز الأفطار له على موعد أستيقاظه كعادتى دائما منذ زواجنا  .....

أغلقت باب الحجرة خلفى فى هدوء وأنا أتجه الى السلم لأهبط للدور السفلى .... قبل أن يلفت نظرى تلك الحجرة المغلقة التى تقع على يمين السلم .... للحظه خيل إلى أن هناك أضاءة تخرج منها ...... 

نعم أضاءة لقد رأيتها من أسفل الباب .... لثوانى .... فقط ثوانى معدودة قبل أن تختفى ، لكنها كانت كافية لى لكى ألاحظها ..... فغيرت مسارى وأتجهت ناحية الحجرة بدلا من أن أنزل إلى الدور السفلى .......

تحركت بهدوء وأنا أستند على الحائط بكف يدى اليمنى وأقترب من الحائط كأنى أستمد الأمان منه ، حتى وصلت إلى باب الحجرة المغلق فألصقت أذنى بالباب محاولة أن أنصت السمع  جيدا لكنى لم أسمع أى صوت بداخلها .....

فأتجهت قبضة يدى اليمنى فى خوف و تردد نحو مقبض الحجرة الفضى ، قبل أن أمسك به وأنا أستعد لأدارته لفتح باب الحجرة .....

قبل أن ينتفض جسدى فزعا عندما أمسكت يد قوية  بيدى لتمنعها من أدارة المقبض و أسمع صوت زوجى يقول فى غضب لم أعتاده منه :- 

أنتى بتعملى أيه يا ( سلمى ) ... ده أمانة الراجل سايبها عندنا ماينفعش نفتش فيها ولا أيه .... ؟ وبعدين الأوضة مقفولة بالمفتاح ، والمفتاح مع صاحبها لحد ما ينقل حاجاته منها ويسلمهلنا .

آلتفت إليه وكنت قد أصبحت كالقطة المذعورة ، فأرتميت فى حضنه وأنا أقول له فى خوف :-

بس ... بس أنا .... شوفت ضوء خارج منها .... فى حد جوه يا ( حمدى ) .... صدقنى والله ده اللى حصل ....

أبعدنى ( حمدى ) عنه وهو ينظر لعيناى مباشرة ويقول فى نفاذ صبر :-

ضوء أيه بس .... وحد مين اللى جوه .... تلاقيها كشافات عربية معديه ولا حاجة ..... بلاش تخاريف على الصبح يا ( سلمى ) .... أنا ورايا شغل ومش فاضى لشغل الأطفال بتاعك ده  .....

قبل أن يتحرك عائدا للحجرة غاضبا وهو يكمل قائلا :-

ياريت تنزلى تحضرى الفطار عقبال ما ألبس وتشيلى الكلام الفاضى ده من دماغك .

قطبت ( سلمى ) مابين حاجبيها وهى تقول غاضبة :-

أنت حر متصدقش ... بس أنا متأكدة من اللى شفته على فكرة .

قبل أن تستدير وتتجه للسلم لتهبطه متجهة إلى المطبخ ، بينما ظلت الحجرة كما هى لبضعة ثوان قبل أن يظهر ضوء خفيف مرة أخرى لم يلبث وأن أختفى ....    


#  #  #  #  #

أنصرف زوجى إلى عمله بعد تناولنا الفطور معا ..... وكان قد سبقته والدته إلى عملها بصحبة والده ..... بينما بعدما أنتهيت من تنظيف الأطباق ، أرتديت ملابس أكثر عملية و أحضرت كتبى وجلست فى الحديقة ، كان على أن أستعد لأمتحانات التمهيدى الخاصة بماجستير القانون الجنائى .....

كان هذا أحد أحلامى المؤجلة التى ضحيت بها مؤقتا فى سبيل سعادتى الزوجيه وتوفير جو أسرى مناسب ل (حمدى ) فى الغربة و التى قررت العمل عليها بمجرد عودتى لمصر من جديد ، أعددت لنفسى كوب من القهوة وجلست فى وضعية مريحة وبدأت فى المذاكرة وأنا أحاول التركيز بقدرى أستطاعتى وأبعد عن تفكيرى أى مشتتات .....  مضى ساعتين وأنا جالسة أحاول أستيعاب اللوغاريتمات الموجودة أمامى قبل أن أفيق من أستغراقى على صوت طفلة صغيرة تقول ببراءة :-

مشفتيش كورتى راحت فين .... بدور عليها ومش لاقياها .

ألتفت إلى صاحبة الصوت مندهشة وقلبى يكاد يقفز من صدرى مهشما ضلوعى  لأفاجىء بهذه الصغيرة ذات الشعر الذهبى الطويل التى كنت قد رأيتها بالأمس من شباك حجرتى تلهو فى حديقة الفيلا المجاورة .

أتجهت إليها ( سلمى ) وهى تتلفت حولها محاولة معرفة كيف ومتى تسللت تلك الصغيرة الى حديقة فيلتهم قبل أن تنفض هذا التفكير عن رأسها مؤقتا وهى  تبتسم فى سعادة وتحتضن الصغيرة فى حنان وهى تقول :-

أنتى جيتى هنا لوحدك أزاى .... فين ماما ....؟ 

فضحكت الفتاة وهى تقول :-

مامى .... سابتنى وأنا مش لقياها .... بس ده من زمان .... أنا دلوقتى عاوزه كورتى ...

نظرت لها ( سلمى ) بتمعن وأندهاش وهى تعيد كلامها فى رأسها قبل أن تقول بحذر:-

ماشى ....هنجيب كورتك وبعد كده هاجى معاكى أوصلك وأشوف مامتك فين ....

أخذت (سلمى ) تبحث عن الكرة فى أرجاء الحديقة لبضعة دقائق والفتاة تتابعها ببصرها من بعيد قبل أن تلمح كرة حمراء متوسطة الحجم مختفية عن الأنظار وسط عدد من الشجيرات فأتجهت إليها لتلتقطها قبل أن تلتفت فى سعادة قائلة :-

لاقينا كورتك أهو .... يلا بقى علشان أوصلك البيت يا حبيبتى ....

لكنها لم تجد أى أثر لتلك الصغيرة .... أخذت تنادى عليها ، لكنها أكتشفت أنها لم تسألها عن أسمها ولم تعرفه قط ، دلفت إلى المنزل مسرعة وأخذت تبحث عنها فى كل أنحاءه لكنها لم تجدها .... فخرجت عائدة الى الحديقة وهى تتجه إلى البوابة مسرعة وهى تنوى الخروج والذهاب للفيلا المجاورة لعلها تكون عادت إلى هناك .... كانت غاضبة من تلك العائلة المهملة التى تركت طفلتها الصغيرة صاحبة الأربع أو الخمس سنوات على الأكثر تحوم لوحدها هكذا .... لكنها لم تكد تصل إلى البوابة حتى وجدت والدة زوجها ووالد زوجها فى وجهها .

فقال لها والد زوجها بلهجته الصارمة المعتادة :- 

رايحة فين يا ( سلمى ) ...؟

أضطربت ( سلمى ) لعدة ثوان قبل أن تستجمع أفكارها وتقول :-

أنا بدور عليها بس هى أختفت .... كنت بدور على كرتها وأختفت تماما ....

فقالت والدة زوجها ببرائتها المعتادة :-

هى مين ديه اللى أختفت ...؟

ترددت (سلمى ) وفركت يديها فى عصبية وهى تستطرد قائلة :-

أنا مسألتهاش عن أسمها ... لكن هى جارتنا فى الفيلا اللى جنبنا ، أنا شفتها أمبارح من شباك أوضتى بتلعب فى الجنينة مع أخوها ، والنهاردة جيت ليا كانت بتدور على الكورة بتاعتها .

فقال لها والد زوجها وقد أستعاد دفة الحديث من جديد :-

يابنتى البوابة كانت مقفولة بالمفتاح وأنا لسه فاتحها دلوقتى بأيدى .... تبقى دخلت أزاى وخرجت أزاى .... وبعدين الكورة بتاعتها وصلت أزاى لهنا ... السور أرتفاعه لا يقل عن ثلاثة أمتار على الأقل .... كلامك مش منطقى خالص يا ( سلمى ) على فكرة .

توترت ( سلمى ) وبدا عليها الأرتباك وهى تحاول البحث عن رد مقنع ... وكعادتها عندما تعجز عن الأجابة بدءت تتجمع فى عينيها الدموع ونظراتها حائرة فى كل أرجاء الحديقة ، تبحث عن أى أثر للفتاة أو كرتها حتى تثبت صحة أقوالها بلا فائدة ، قبل أن تقترب منها والدة زوجها الدكتورة ( زينب )  وتضمها أليها فى حنان وهى تربت على كتفها فى رفق وهى تقول فى شفقة :-

مالك بس يابنتى ... ده أكيد حلم .... تلاقيكى نمتى وأنتى قاعدة .... ده اللى حصل أكيد .

لم تعطيها فرصة لترد .... وأستسلمت ( سلمى ) لها وهى تسحبها من يدها لتعود بها من جديد لداخل المنزل ، ويبدو أنها أقتنعت بهذا التفسير .... كأنه كان المخرج الأخير والوحيد لأزمتها ، أجلستها والدة زوجها فى حجرة المعيشة قبل أن تغيب لبضعة دقائق وتعود حاملة كوب من عصير الليمون وقرص مهدىء ... ناولتهما لها وهى تقول بحنان :-

خدى القرص ده وأشربى الليمون .... هيهدى أعصابك ويروقك .... وربنا يهديكى يا بنتى ويبعد عنك كل شر .

تناولت منها ( سلمى ) قرص الدواء وأبتلعته وأرتشفت عدة رشفات من كوب الليمون ، قبل أن تستلقى على الكنبة فى غرفة المعيشة وهى تفكر بكل ماحدث اليوم ....

قبل أن تستغرق فى النوم .....

نوم عميق .....

وهادىء ......  

      #  #  #   #   #

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.