elsayed elrayess

شارك على مواقع التواصل

 ديسمبر 2000

أمام مطار القاهرة الدولى 

 كانت السماء ملبدة بالغيوم ، والهواء البارد يصطدم بالأجساد لتبث القشعريرة بداخلهم ، كانت ( سلمى ) تغادر المطار فتوقفت تنظر حولها بحنان جارف ، كانت قد غابت عن مصر ثلاثة سنوات متواصلة دون أن تنزل أجازة خلالهم ولا مرة ، ربما بسبب عمل زوجها المستمر أو أمعانا فى التوفير ، وربما يكون هذا هو السبب الأغلب عدم وجود عائلة لها فى مصر أو أصدقاء تعود أليهم .... فهى لا تملك فى هذه الحياة سوى أبنتها ( فريدة ) التى كانت تقف بجانبها ممسكة بيدها بأحكام وزوجها ( حمدى ) الذى كان قد أنتهى من الأجراءات الجمركية وقادم نحوهما من بعيد .....

قالت ( فريدة ) فى فضول طفولى محبب :-

ماما .... هو الجو برد هنا علطول كده ؟

نظرت لها أمها فى حب وهى تنحنى لها لتحضتنها فى حب محاولة أن تبث لها بعض الدفء وتغلق لها أزار السترة الصوفية التى كانت ترتديها الصغيرة وهى تجيبها قائلة :- 

لا يا حبيبتى .... هم ثلاثة شهور بس وبعد كده الجو هيبقى دافى وحر كمان 

طيب .... كويس ، أصلى مش بحب البرد .

كان قد وصل إلى مكان أنتظارهما بالفعل زوجها ( حمدى ) فقطع حديثهما وهو يقول فى أرتياح :- 

الحمد الله خلصت كل الأجراءات والشنط راحت على العربية عند بابا وماما ، يلا بينا علشان نروح نشوفهم .... أكيد أحنا وحشينهم أوى خصوصا ( فريدة ) .

تحرك الثلاثة لعدة أمتار حتى وصلوا إلى موقف أنتظار السيارات حيث كان العميد ( أحمد ) والدكتورة ( زينب ) والداى الدكتور ( حمدى ) بأنتظارهم ، ولم تكد عيناى ( فريدة ) تقع على جدتها حتى هرولت إليها فى فرح وسعادة ..... لتستقبلها جدتها فى حب وهى تحتضنها وتقبلها فى حنان وهى تقول من وسط دموعها التى بدأت فى الأنهمار :- 

وحشتينى أوى يا ( فريدة ) ، وحشتى تيته أوى 

قال العميد ( أحمد السعدنى ) بأسلوبه الصارم المعتاد :- 

حمد الله على سلامتكم كلكم .

قبل أن يقبل حفيدته ( فريدة ) مرحبا بها هو الأخر وهو يكمل قائلا :- 

يلا بينا علشان نتحرك ، لسه أدامنا مشوار ساعة على الأقل عقبال ما نوصل ، والدنيا بدأت تضلم و أنتم عارفين أنا مبحبش أسوق بليل .

أتجهوا جميعا إلى السيارة وهم يستعدوا للتحرك بها ، عندما توقفت سيارة أجرة أمامهم لتعطل تحركهم ليهبط منها مسرعا سيدة فى منتصف العمر كانت ترتدى رداء ثقيل يتناسب مع هذا الطقس البارد وهى تمسك فى يدها طفل صغير .....    

كان هذا الطفل الصغيرهو أبن ( حسنى عبد الواحد ) الممسك بيد والدته التى كانت قادمة مسرعة لتستقبل والدتها القادمة أيضا من السفر خصوصا بعد أن ظلت منتظرة عودة زوجها ليقلها إلى المطار كما أتفقوا مسبقا لكنه تخاذل وتحجج بكثرة أعماله ومشاغله كالعادة ......

أعتذر سائق سيارة الأجرة للعميد ( أحمد ) على تعطيله لحركة سيرهم ، بينما كان الطفل الصغير ينظر ل ( فريدة ) بأعجاب طفولى .....

عندما ألتقت عيناهما ، ليبتسم لها فى سعادة طفولية .....

فبادلته ( فريدة ) الأبتسامة وهى تلوح له بيدها ، كانت والدتها مشغولة بالتحدث مع حماتها فلم تنتبه لهذا الموقف الطفولى ....

قبل أن يتحرك جدها بالسيارة وينطلق بها ....

فلوح لها الطفل الصغير بيده مودعا .....

لتلوح له ( فريدة ) بدورها مودعة .....

والسيارة تبتعد .....

وتبتعد ......

قبل أن تجذبه والدته من يده ويذهب كلا منهما فى طريقه ..... 

دون أن يعلما أنهما قد لن يتقابلا مجددا فى هذه الحياة .....

لكن مصيرهما أصبح مرتبط ببعضهما .....

وسيلعب كلاهما دورا مؤثرا فى حياة الأخر.... 

وأن مصيرهما سيتقاطعان معا قريبا .....

قريبا جدا ......  



    #  #   #   #   #  

( تمت ) 

15/1/2019

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.