EmanElsherbini

شارك على مواقع التواصل

الفصل الثامن عشر
رواية حوريه في الجحيم
بقلم /إيمان الشربيني

صرخت والدتها
_ماذا فعلتي يافريدة لماذا تحرقين قلبي عليكِ.

نظرت لي بعينين زائغتين تجاهد حتي لا تفقد الوعي، إنخلع قلبي عليها حاولت حملها فصاح عدي بي
_جرحك يا خالد سأحملها أنا
تراجعت مستسلماً فلازال جرحي لم يطيب
حملها وركضنا إلي أقرب مشفي
حين وصلنا كانت غائبة عن الوعي تماماً جلست أواسي والدتها وانا بحاجة لمن يواسيني

خرج لنا الطبيب وقال
_الحمدلله حالتها مستقرة عملنا لها غسيل معده لكن ستظل تحت الملاحظة حتي نتأكد أنة
ه لن يحدث لها مضاعفات بسبب تناولها كل هذه العقاقير سألت الطبيب
_هل أستعادت وعيها
_لا ليس بعد لكن لا تقلق ستكون علي مايرام
_نستطيع رؤيتها الآن ؟
_بالتأكيد ولكن قبل أن تذهبوا أود أن أخبركم أن هذه محاولة إنتحار واضحة وانا مضطر لآبلاغ الشرطة
تدخل عدي قائلاً _رجاءً لا تفعل ذلك هي تعاني من إكتئاب هذه الفترة ولن تتحمل ذلك
_سأتغاضي عن ذلك لكن بشرط أن تعدني أن تساعدها علي تلاقي علاج نفسي في مكان مخصص
قلت مستفهماً
_تقصد إدخالها مصحة نفسية
_نعم
صحت به _هذا لن يحدث أبداً سأفعل أي شئ عدا ذلك
قال الطبيب منفعلاً _هناك عقائد خاطئة راسخة في أذهانكم بأن المصحات النفسية لايدخلها إلا المجانين وهذا ليس صحيح يدخلها أيضاً من يعاني من إضطرابات نفسية

عدي _عفوا دكتور خالد لا يقصد نحن سنفعل أي شئ لأجلها
_حسناً أعرف مصحة نفسية خاصه ستوفر لها قدر عالي من الراحة والخصوصية لن تشعر أبداً بأنها في مصحة لأنها مصممة علي شكل فيلا بمساحات خضراء مريحة للأعصاب
وستظل تحت المراقبة أربع وعشرون ساعة حتي تتعافي .

تركتهم يتحدثون وذهبت إليها ومعي والدتها
لم أقتنع بتلك الفكره رغم علمي أنها بحاجتها
جلست بجوارها أتأملها خرجت مني تنهيدة طويلة كشفت عن ما بداخلي من حسرة وألم،
وضعت والدتها يدها علي ذراعي وقالت
_أثق أنك ستفعل الصواب لأجلها
يا إلهي لماذا!! كنت أظن أنها من سيرفض فكرة المصحة لكنها وضعت القرار في يدي أنا كيف تضع ثقتها بي دائما هكذا وانا لا أعلم إن كنت أهلا لها أم لا
ربت علي يدها وقولت _أطمئني
أتي عدي ومد يده بكارت تعريف
_هذه أرقام المصحة وعنوانها الأمر يعود لك أفعل ماتراه أنت صائب .
حتي أنت عدي بدأت تستعيد وعيها وتنظر لنا بخجل
نهرتها والدتها بشدة وبكت وتمسكت أنا بصمتي لأن عتابي لها سيجرحها سيكون أكبر من أن تحتملة
****
خجلت من نفسي الضعيفة وإستسلامي لها
البعض منا تقتلة المصائب والبعض يتخطها ومنهم القليل من يقف مكانة ويتحول مسارة للنقيض يفقد الصبر والحكمة ويتخلي عن مبادئة وتتغير نظرتة للحياة لنظرة تشائميه ؛
وكنت أنا من هؤلاء أصبحت أضعف بكثير مما كنت أظن أو ربما كنت أتوهم أني قوية
لكنني تفاجأت أني هشة سهلة الكسر
تمنيت أن يصرخ بي يعنفني كما فعلت أمي كي ترتاح نفسي قليلاً،
أن يخرج من صمتة القاتل نظراتة كانت تزبحني بسكين بارد ظل هكذا لم يكلمني ولا ينظر لي إلا نظرات خاطفة ،
عدت للمنزل كنت خجلة من الجميع ؛دخل غرفتي وقال

_ أستعدي الآن سآخدك إلي مكان تستريحي فيه قليلاً
سألتة _أين ؟
لم يرد فأشرت إليه أن يخرج حتي أبدل ملابسي
فقال _سأدير لكِ ظهري حتي تنتهي
لهذه الدرجة فقد الثقة بي قلت بنبرة يائسة
_لن أستطيع
خرج لكنه فعل ماجرحني أكثر جاء بوالدتي كي تظل معي حتي أنتهي
اللعنة ما الذي فعلتة بنفسي
حضرت أمي بعض الثياب ووضعتها في حقيبتي سألتها
_ماذا تفعلين ؟
لم تجيب وتابعت ترتيب حقيبتي في صمت ودموعها تنهمر علي وجنتيها،
توجهت معه لحيث يريد بصحبة عدي لم أفتح فمي إلا حين وصلنا إلي فيلا كبيرة ترجلنا من السيارة وأخرج عدي حقيبتي سألت خالد بشك فقد فطنت لما يجري الآن
_لماذا أنا هنا ؟
أمسك يدي وسار معي للداخل وهو يقول _ستبقي هنا حتي ترتاحي قليلاً
نزعت يدي بحده
_مصحة نفسية يا خالد!! أتراني فقدت عقلي ..هل أصبحت مجنونة بنظرك
حرك يديه نافيا
_لا حبيبتي أنتي متعبة قليلاً وستتعافي أسرع هنا
أتي إلينا طبيب وجهة بشوش عندما رأي غضبي وقال مرحباً
_أهلا مدام فريدة الجميع بانتظارك تفضلي
نظرت لخالد بلوم قبل أن أذهب مع الطبيب
_لن أسامحك

*****
أعلم أن لكل شئ نهاية ولكن لا أعلم متي سيسدل الستار علي هذه المسرحية التراجيدية التي أعيش بها ،متي يتوقف أنين قلبي؟ بدأت أشك في ذلك وأشعر بالإحباط كلما أري ضوء ينير حياتي ينتهي قبل بزوغ الفجر ،
لكني لست نادم فالدقيقة بقربها تزيد فوق عمري أعماراً
وضعتك في الفعل يافريدة ولا خيار لدي سوي أن تكوني جائزتي مهما طال المطاف ،
فالتسامحيني حبيبتي ،مافعلتة لم يكن باختياري
شعوري بأنك مسؤليتي والظروف المحيطة هي من أجبرتني علي ذلك وحتما ستقدرين ،
حان موعد عودة والداي لفرنسا فقد تعطلت أعمالة لأسبوع كامل
ولم يستطيع المكوث هنا أكثر من ذلك
رفض عدي العودة معه لحين الأطمئنان علي والدتة ،
وأظن هناك سبب آخر لا يريد الإفصاح عنه الآن
طلبت والده فريدة مقابلة والدتي قبل سفرها إستغربت الأمر في البداية لكني سرعان ما علمت ما وراء تلك المقابلة ؛
فلم يخفي عني ماقالتة والدة فريدة لوالدتي
كانت توصيها علي فريدة ؛طلبت منها أن تعاملها كأبنتها وتكون لها أم عوضاً عنها في غيابها
إستجابت والدتي بكل ود وبعد حوار طويل تركت لها رسالة لفظية لأبي
(قولي له بأني سامحته)
بعدها توجهنا لزيارة فريدة وعندما وصلنا فوجئت بالطبيب يقول
_هي تريد مقابلة والدتها فقط

لم أتوقع او تأتي مجرد فكرة في رأسي بأنها سترفض مقابلتي
لا تريد رؤيتي وهذا ماأحزنني بشدة ،
أخبرت والدتها بانفعال قبل أن تذهب لمقابلتها أن تشرح لها موقفي
هدأتني كلمات طبيبها حين قال
_أطمئن وضعها في تحسن كبير وبدأت تقتنع أن كل مارأته في الواقع لم يكن سوي أوهام وهلاوس سمعية وبصرية وهذا بسبب الضغوط النفسية الشديدة التي مرت بها ،
وكل ماتراه في أحلامها هو نتيجة مخاوف من نسيج عقلها الباطن
_وما سبب تلك المخاوف !!
إبتسم وربت علي كتفي قائلاً
_تخاف أن تفقدك بسبب حبها الشديد لك
_هل ستسامحني ؟
_بكل تأكيد
خرجت من هناك مرتاحاً قليلاً سألت والدتها ونحن في طريق العودة
_كيف هي ؟
_أعتقد أنها أفضل بكثير ولكن علي مايبدو أنها لا تأكل جيداً وجهها شاحب ونحيل
أومأت برأسي
_ستعود أفضل مما كانت إن شاء الله
_أريد أن أطلب منك طلباً ؟
أجبتها علي الفور _تفضلي
_سيعود والديك إلي فرنسا اليوم فلا داعي أن تظل في الفندق وبيتي موجود فهو بيت أخيك وزوجتك وأنت الآن في منزلة عدي .
إبتسمت لحنان تلك المرأة وكرمها
_ كما تشائين ياأمي يسعدني ذلك .
أوصلتها للمنزل وعدت إلي الفندق بالتأكيد بصحبة حارسي الخاص
الذي أصبح مثل ظلي منذ يوم الحادث وبعد مغادرة والدي حملت حقيبتي وذهبت إليها كما طلبت
إتسعت إبتسامتي عندما فتحت لي غرفة فريدة وقالت
_ستقيم هنا لحين عودتها
هتف عدي
_هذة تفرقة عنصرية لماذا يأخذ غرفة فريدة وأنا غرفة الضيوف !!
أمسكتة والدته من أذنه
_إن لم تتأدب ستنام علي الأريكة
_دائما هكذا خالد هو المدلل عندكم
قولت مداعباً
_لا تتذمر مثل الأطفال عند عودة فريدة سأترك لك المنزل بأكمله
تركتة ودخلت غرفتها وأغلقت الباب
، أشم رائحتها في كل مكان بدلت ثيابي بثياب مريحة وألتقط صورة لي علي فراشها وكتبت معها
_فراشك مريح جداً يافريدة أشعر بأني أحتضنكِ ولكنة زاد من حنيني إليكِ ..أشتاق لعطرك .
أرسلتها إليها وأستلقيت علي الفراش أنتظر منها رد أتسائل هل تبتسم الآن أم لازالت غاضبة مني
جأتني رسالة منها تقول
_عطري في الخزانة بجوارك
تراقص قلبي فرحاً يكفيني فقط أنها تجاوبت معي إذاً زال غضبها مني ؛بقينا هكذا عدة أيام أراسلها بعدما أخذت أذن الطبيب كانت ترد بكلمات مقتضبة من حين لآخر ؛تابعت ماأفعلة
تقريباً كنت أشغل وقتي بإرسال المزيد من الصور لوالدتها لعدي لأشياء تحبها في المنزل لأغراض خاصة تمتلكلها أرسلت لي رسالة قالت فيها
_لا تعبث بأشيائي سأحطم رأسك عندما أعود
كدت أرفرف في السماء فرحاً بتلك الكلمات
فإن دل ذلك فأنما يدل علي أنها بدأت تتعافي وتنسي فكرة الإنتحار

***عدي***
لم أتعمد أن أحبها تفاجأت ولا أعرف متي وكيف
حدث علي غفلة مني ؛حتما ضللتني تلك الرغد حتي أوقعتني في حبها ،تلك العنيدة المشاغبة،
تلك الحنونة الناعمة ناعمة لا أنكر
وهذا ماجذبني لها منذ رأيتها؛ إستدرجت والدتي في الحديث عنها

أخبرتني أنها إبنة أختها الوحيده
توفت والدتها وهي صغيره وتزوج والدها من أمرأة أخري ساعدت في تربيتها
ليست سعيدة علي مايبدو أنهت دراستها الجامعية منذ عام
والأهم من ذلك أنها أخبرتني أنها ليست مرتبطة،
أتي خالد وجلس معنا فأكملت حتي لا يضيع طرف الحديث من يدي
_لماذا أنتِ متأكده كثيراً هكذا ؟
_هي مثل إبنتي يا ولد ولا تخفي عني شئ
قلت ممازحاً
_الحمدلله قالت مثل وليست إبنتها حتي لا اتفاجئ بأنها أختي وتقع الفأس في الرأس .

تعالت ضحكات خالد وقال
_إلي من تلقي بكلامك أيها الوغد ..هل أحببتها ؟

_لا أسأل أولاً حتي أكون مطمأن
قامت والدتي ووقفت في الشرفة تتابع هطول المطر الغزير
وقفنا بجوارها فقالت بنبرة مليئة بالشجن
_ فريدة تحب المطر كثيراً ؛لكنها تخاف الرعد بشده كانت تتسلل إلي غرفتي ليلاً وتختبئ بجواري ولازلت علي تلك العادة حتي الآن .
نظرت لخالد وأكملت
_ أشعر بأن النهاية إقتربت
لكني سأترك لها أخ وزوج حنون سيحافظ عليها أكثر من نفسة أنا مطمئنة عليها معكما .
_أطال الله في عمرك حتي تحملي أحفادنا .
جذبتها إلي صدري أوجعتني كلماتها
أخاف فراقها بعد إن إلتقيت بها للتو وشعرت بحنان العالم كلة بين ذراعيها
فرت دمعة هاربة علي وجنتي لاحظها خالد فأشار لي بأن أتماسك ، سألها ليغير تلك الأجواء الحزينة
_أخبريني الآن ماسر لون عينيك أنت وفريدة
إبتسمت وقالت
_جدتي تركية وأسمها بلسان لذلك سميت علي أسمها ..توارثنا لون العين والبشرة البيضاء منها
_حيرتني كثيراً لون عيون فريدة
ضحكت _لا تحتار كثيراً فهو رمادي مائل للفضي ولكن عدي لم يتأثر بجيناتي إلا قليلاً .
قال خالد
_كنت دائما أخبره بأنه ليس توأمي
أشتدت الأمطار ودوي صوت الرعد في الأرجاء فغادرت الشرفة لأجل والدتي وبقي خالد
كانت تبدو عليه علامات القلق والحيره وأخيرا إستسلم ودخل عندما شعر بالبرد ،دقائق وكان أمامنا يرتدي ثيابه
قال علي عجل
_سأذهب إلي فريدة
_الجو سئ ياإبني ستكون القيادة صعبة الآن
_خالد الوقت متأخر تحدث معها علي الهاتف
_قال بإصرار معي السائق والحارس لا تقلقا سأذهب إليها لن أتركها خائفة وأنا جالس هنا.
وكالعادة عندما تطلع فكرة في رأس أخي ينفذها دون الإستماع لأحد.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.