Reham Abd elkader elshorbagy

شارك على مواقع التواصل

• ولنمتحننكم بأنواع من المصائب يشئ من الخوف من أعدائكم وبالجوع لقلة الطعام وبنقص في الأموال لذهابها أو مشقة الحصول عليها وبنقص في الأنفس بسبب الآفات التي تهلك الناس أو بالشهادة في سبيل الله وبنقص من الثمرات التي تنبتها الأرض وبشر –أيها النبي- الصابرين على تلك المصائب بما يسرهم في الدنيا والآخرة.
• الذين إذا أصابتهم مصيبة من تلك المصائب قالوا برضا وتسليم: إنا ملك لله يتصرف فينا بما يشاء وإنا إليه عائدون يوم القيامة فهو الذي خلقنا وتفضل علينا بمختلف النعم وإليه مرجعنا ونهاية أمرنا.
• أولئك المتصفون بهذه الصفة لهم ثناء من الله عليهم في ملأ الملائكة الأعلى ورحمة تنزل عليهم وأولئك هم المهتدون إلى طريق الحق.
• إن الجبلين المعروفين بالصفا والمروة قرب الكعبة من معالم الشريعة الظاهرة فمن قصد البيت لأداء نسك الحج او نسك العمرة فلا إثم عليه أن يسعى بينهما وفي نفي الإثم هنا طمأنة لمن تحرج من المسلمين من السعي بينهما اعتقادا انه من أمر الجاهلية وقد بين تعالى ذلك من مناسك الحج ومن فعل المستحبات من الطاعات متطوعا بها مخلصا فان الله شاكر له يقبلها منه ويجازيه عليها وهو العليم بمن يفعل الخير ويستحق العذاب.
• إن الذين يخفون ما أنزلنا من البينات الدالة على صدق النبي وما جاء به من اليهود والنصارى وغيرهم من يعد ما أظهرناه للناس في كتبهم أولئك يطردهم الله من رحمته ويدعو عليهم الملائكة والأنبياء والناس أجمعون بالطرد من رحمته.
• إلا الذين رجعوا إلى الله نادمين على كتمان تلك الآيات الواضحات وأصلحوا أعمالهم الظاهرة والباطنة وبينوا ما كتموه من الحق والهدى فأولئك أقبل رجوعهم إلى طاعتي وأنا التواب على من تاب من العباد، الرحيم بهم.
• إن الذين ماتوا على الكفر قبل أن يتوبوا منه أولئك عليهم لعنة الله بطردهم من رحمته وعليهم دعاء الملائكة والناس كلهم بالطرد من رحمة الله والإبعاد منها.
• ملازمين هذه اللعنة لا يخفف عنهم العذاب ولو يوما واحدا ولا يمهلون يوم القيامة.
• ومعبودكم الحق –أيها الناس- واحد متفرد في ذاته وصفاته لا معبود بحق غيره وهو الرحمن ذو الرحمة الواسعة الرحيم بعباده حيث أنعم عليهم النعم التي لا تحصى.
• إن في خلق السماوات والأرض وما فيهما من عجائب الخلق وفي تعاقب الليل والنهار وفي السفن التي تجري في مياه البحار حاملة ما ينفع الناس من طعام ولباس وتجارة وغيرها مما يحتاجون إليه وفيما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بما ينبت فيها من الزرع والكلأ وفيما نشره فيها من كائنات حية وتحويل الرياح من جهة لجهة وفي السحاب المذلل بين السماء والأرض إن في كل ذلك لدلائل واضحة على وحدانيته سبحانه لمن يعقلون الحجج ويفهمون الأدلة والبراهين.
• ومع تلك الآيات الواضحة فإن من الناس من يتخذ من دون الله آلهة يجعلونهم نظراء لله تعالى، يحبونهم كما يحبون الله والذيم آمنوا أشد حبا لله من هؤلاء لمعبوداتهم لأنهم لا يشركون مع الله أحدا ويحبونه في السراء والضراء وأما أولئك فإنهم يحبون آلهتهم في حال السراء أما في حال الضراء فلا يدعون إلا الله ولو يرى الظالمون بشركهم وارتكاب السيئات حالهم في الآخرة حين يشاهدون العذاب: لعلموا أن المتفرد بالقوة جميعا هو الله، وأنه شديد العذاب لمن عصاه لو يرون ذلك ما أشركوا معه أحدا.
• وذلك حين يتبرأ الرؤساء المتبوعون من الضعفاء الذين اتبعوهم لما يشاهدونه من أهوال يوم القيامة وشدائده وقد تقطعت بهم كل أسباب النجاة ووسائلها.
• وقال الضعفاء والاتباع: ليت لنا رجعة إلى الدنيا فنتبرأ من رؤسائنا كما تبرؤوا منا وكما أراهم الله العذاب الشديد في الآخرة يريهم عاقبة متابعتهم لرؤسائهم على الباطل ندامات وأحزانا وليسوا بخارجين أبدا من النار.
• يا أيها الناس كلوا مما في الأرض من حيوان ونبات وأشجار مما كان كسبه حلالا وكان طيبا في نفسه غير خبيث ولا تتبعوا مسالك الشيطان التي يستدرجكم بها، إنه لكم عدو واضح العداوة ولا يجوز لعاقل أن يتبع عدوه الذي يحرص على إيذائه وضلاله.
• فهو إنما يأمركم بما يسوء من الآثام وما يعظم منها من الذنوب وبأن تقولوا على الله في العقائد والشرائع بغير علم جاءكم عن الله أو رسله.
• وإذا قيل لهؤلاء الكفار: اتبعوا ما أنزل الله من الهدى والنور قالوا معاندين: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من المعتقدات والتقاليد. أيتبعون آباءهم ولو كانوا لا يعقلون شيئا من الهدى والنور ولا يهتدون إلى الحق الذي يرضي الله عنه؟!
• ومثل الذين كفروا في اتباعهم لآبائهم كمثل الراعي الذي يصيح مناديا على بهائمه فتسمع صوته ولا تفهم قوله فهم صم عن سماع الحق سماعا ينتفعون به، بُكمٌ قد خرست ألسنتهم عن النطق بالحق، عمي عن إبصاره ولهذا لا يعقلون الهدي الذي تدهوهم إليهم.
• يأيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، كلوا من الطيبات التي رزقكم الله وأباحها لكم واشكروا الله ظاهرا وباطنا ما تفضل به عليكم من النعم ومن شكره تعالى أن تعملوا بطاعته وأن تتجنبوا معصيته إن كنتم حقا تعبدونه وحده ولا تشركون به شيئا.
• إنما حرم الله عليم من الأطعمة ما مات بغير ذكاة شرعية والدم المسفوح ولحم الخنزير وما ذكر عليه اسم الله عند تذكيته فإذا اضطر الإنسان إلى أكل شيء وهو غير ظالم بالأكل منها دون حاجة ولا متجاوز لحد الضرورة فلا إثم عليه ولا عقوبة إن الله غفور لمن تاب من عباده رحيم بهم ومن رحمته أنه تجاوز عن أكل هذه المحرمات عند الاضطرار.
• إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتب وما فيها من دلالة على الحق ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، كما يفعل اليهود والنصارى ويشترون بكتمانهم لها عوضا قليلا كرئاسة أو جاه أو مال، أولئك ما يأكلون في بطونهم حقيقة إلا ما يكون سببا لتعذيبهم بالنار ولا يكلمهم الله يوم القيامة بما يحبون بل بما يسوؤهم ولا يطهرهم ولا يثني عليهم ولهم عذاب أليم.
• أولئك المتصفون بكتمان العلم الذي يحتاج إليه الناس هم الذين استبدلوا الضلالة بالهدى لما كتموا العلم الحق، واستبدلوا عذاب الله بمغفرته فما أصبرهم على فعل ما يسبب لهم الدخول النار، كأنهم لا يبالون بما فيها من عذاب لصبرهم عليها.
• ذلك الجزاء على كتمان العلم والهدى بسبب أن الله نزل الكتب الإلهية بالحق وهذا يقتضي أن تبين ولا تكتم وإن الذين اختلفوا في الكتب الإلهية فآمنوا ببعضها وكتموا بعضها لفي مفارقة ومنازعة بعيدة للحق.
• ليس الخير المرضي عند الله مجرد الاتجاه إلى جهة المشرق أو المغرب والاختلاف في ذلك ولكن الخير فيمن آمن بالله إلها واحدا وآمن بيوم القيامة وبجميع الملائكة وبجميع الكتب المنزلة وبجميع الأنبياء دون تفريق وأنفق المال مع حبه والحرص عليه على ذوي قرابته ومن فقد أباه دون سن البلوغ وذوي الحاجة والغريب الذي انقطع في السفر عن أهله ووطنه والذين تعرض لهم حاجة توجي سؤال الناس وصرف المال في تحرير الرقاب من الرق والأسر وأقام الصلاة بالإتيان بها تامة على ما أمر الله ودفع الزكاة الواجبة والذين يوفون بعهدهم إذا عاهدوا والذين يصبرون على الفقر والشدة وعلى المرض وفي وقت شدة القتال فلا يفرون أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الذين صدقوا الله في إيمانهم وأعمالهم وأولئك هو المتقون الذي امتثلوا ما أمرهم الله به واجتنبوا ما نهاهم الله عنه.
• يا أيها الذين آمنوا بالله اتبعوا رسوله فيما فرض عليكم في شأن الذين يقتلون غيرهم عمدا وعدوانا معاقبة القاتل بمثل جنايته، فالحر يقتل بالحر والعبد يقتل بالعبد والأنثى تقتل بالأنثى فإن عفا المقتول قبل موته أو عفا ولي المقتول مقابل الدية –وهي مقدار من المال يدفعه القاتل مقابل العفو عنه – فعلى من عفا اتباع القاتل في طلب الدية بالمعروف لا بالمن والأذى وعلى القاتل أداء الدية بإحسان من غير مماطلة وتسويف وذلك العفو وأخذ الدية تخفيف من ربكم عليكم ورحمة بهذه الأمة، فمن اعتدى على القاتل بعد العفو وقبول الدية فله عذاب أليم من الله تعالى.
• ولكم فيما شرعه الله من القصاص حياة لكم بحقن دمائكم ودفع الاعتداء بينكم يدرك ذلك أهل العقول الذين يتقون الله تعالى بالانقياد لشرعه والعمل بأمره.
• فرض عليكم إذا حضر أحدكم علامات الموت وأسبابه إن ترك مالا كثيرا أو يوصي للوالدين ولذوي القرابة بما حده الشرع وهو إلا يزيد عن ثلث المال وفعل هذا حق مؤكد على المتقين لله تعالى وقد كان الحكم قبل نزول آيات المواريث، فلما نزلت آيات المواريث بينت من يرث الميت ومقدار ما يرث.
• فمن غير الوصية بزيادة أو نقص أن منع بعد علمه بالوصية، فإنما يكون إثم ذلك التبديل على المغيرين لا على الموصي إن الله سميع لأقوال عبيده عليم بأفعالهم ولا يفوته شيء من أحوالهم.
• فمن علم من صاحب الوصية ميلا عن الحق أو جورا في الوصية فأصلح ما أفسد الموصي بنصحه واصلح بين المختلفين على الوصية فلا إثم عليه بل هو مأجور على إصلاحه أن الله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم.
• يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله فرض عليكم الصيام من ربكم كما فرض على الأمم من قبلكم لعلكم تتقون بالله بأن تجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية بالأعمال الصالحة ومن أعظمها الصيام.
• الصيام المفروض عليكم أن تصوموا أياما قليلة من السنة فمن كان منكم مريضا مرضا يشق معه الصوم أو مسافرا فله أن يفطر ثم عليه أن يقضي بقدر ما افطر من الأيام وعلى الذين يستطيعون الصيام فدية اذا افطروا وهي إطعام مسكين عن كل يوم يفطرون فيه فمن زاد على إطعام مسكين واحد أو اطعم مع الصيام فهو خير له. وصومكم خير لكم من الإفطار وإعطاء الفدية ان كنتم تعلمون ما في الصوم من الفضل. وكان هذا الحكم أول ما شرع الله الصيام فكان من شاء صام ومن شاء افطر وأطعم وفرضه على كل بالغ قادر.
شهر رمضان الشهر الذي بدأ فيه نزول القرآن على النبي في ليلة القدر، أنزله الله هداية للناس فيه الدلائل الواضحات من الهدى والفرقان بين الحق والباطل فمن حضر شهر رمضان وهو مقيم صحيح فليصومه وجوبا ومن كان مريضا يشق عليه الصوم أو مسافرا فله أن يفطر وإذا افطر فالواجب عليه أن يقضي تلك الأيام التي افطرها، يريد الله بما شرع لكم أن يسلك بكم سبيل اليسر لا العسر ولتكملوا عدة طوم الشهر كله، ولتكبروا الله بعد ختام شهر رمضان ويوم العيد على أن وفقكم لصومه وأعانكم على إكماله ولعلكم تشكرون الله على هدايتكم لهذا الدين الذي ارتضاه لكم.
وإذا سألك –أيها النبي- عبادي عن قربي وإجابتي لدعائهم فإني قريب منهم عالم بأحوالهم سامع لدعائهم فلا يحتاجون إلى وسطاء ولا إلى رفع أصواتهم، أجيب دعوة الداعي إذا دعاني مخلصا في دعائه فلينقادوا لي ولأوامري وليثبتوا على إيمانهم فان ذلك انفع وسيلة لإجابتي لعلهم بذلك يسلكون سبيل الرشد في شئونهم الدينية والدنيوية.
قد كان في أول الأمر يحرم على الرجل اذا نام في ليلة الصيام ثم استيقظ قبل الفجر أن يأكل أو يقرب أهله فنسخ الله ذلك وأباح لكم –أيها المؤمنون- في ليالي الصيام جماع نسائكم فهن ستر وإعفاف لكم وانتم ستر وإعفاف لهن ولا يستغني بعضكم عن بعض علم الله أنكم كنتم تخونون أنفسكم بفعل ما نهاكم عنه فرحمكم وتاب عليكم وخفف عنكم فالآن جامعوهن واطلبوا ما قدر الله لكم من الذرية وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم طلوع الفجر الصادق ببياض الفجر وانفصاله عن سواد الليل، ثم أكملوا الصيام بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر حتى تغييب الشمس ولا تجامعوا النساء وانتم معتكفون في المساجد، لأن ذلك يبطله تلك الأحكام المذكورة هي حدود الله بين الحلال والحرام فلا تقربوها أبدا فإن من اقترب في حدود الله يوشك أن يقع في الحرام وبمثل هذا البيان الواضح الجلي لتلك الأحكام يبين الله آياته للناس لعلهم يتقونه بفعل ما أمر وترك ما نهى.
ولا يأخذ بعضكم مال بعضكم بوجه غير مشروع كالسرقة والغصب والغش ولا تخاصموا بها إلى الحكام لتأخذوا طائفة من أموال الناس متلبسين بالمعصية وأنتم تعلمون أن الله حرم ذلك فالإقدام على الذنب مع العلم بتحريمه أشد قبحا وأعظم عقوبة.
يسألونك – أيها الرسول – عن تكوين الأهلة وتغير أحوالها قل مجيبا إياهم عن حكمة ذلك: إنها مواقيت للناس يعرفون بها أوقات عبادتهم كأشهر الحج وشهر الصيام وتمام لحول في الزكاة ويعرفون أوقاتهم في المعاملات كتحديد آجال الديات والديون وليس البر والخير أن تأتوا البيوت من ظهورها حال إحرامكم بالحج أو العمرة –كما كنتم تزعمون في الجاهلية- ولكن البر حقيقة بر من اتقي الله في الظاهر والباطن ومجيئكم للبيوت من أبوابها أيسر لكم وأبعد عن المشقة لأن الله لم يكلفكم بما فيه عسر ومشقة عليكم واجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بالعمل الصالح لعلكم تفلحون بنيل ما ترغبون فيه والنجاة مما ترهبون منه.
وقاتلوا –ابتغاء رفع كلمة الله- الذين يقاتلونكم من الكفار ليدوكم عن دين الله ولا تتجاوزوا حدود الله بقتل الصبيان والنساء والشيوخ أو بالتمثيل بالقتلى وما نحو ذلك إن الله لا يحب المتجاوزين لحدد فيما شرع وحكم.
واقتلوهم حيث لقيتموهم وأخرجوهم من المكان الذي أخرجوكم منه وهو مكة والفتنة الحاصلة بصد المؤمن عن دينه ورجوعه إلى الكفر أعظم من القتل ولا تبدؤوهم بقتال عند المسجد الحرام تعظيما له حتى يبدؤوكم بالقتال فيه، فإن بدؤوا بالقتال ومثل هذا الجزاء وهو قتلهم اذا اعتدوا في المسجد الحرام يكون جزاء الكافرين.
فان انتهوا عن قتالكم وكفرهم فانتهوا عنهم إن الله غفور الله لمن تاب فلا يؤاخذهم بذنوبهم السابقة رحيم بهم لا يعاجلهم بالعقوبة.
وقاتلوا الكفار حتى لا يكون منهم شرك ولا صد للناس عن سبيل الله ولا كفر ويكون الدين الظاهر دين الله فإن انتهوا عن كفرهم وصدهم عن سبيل الله فاتركوا قتالهم فإنه لا عدوان إلا على الظالمين بالكفر والصد عن سبيل الله.
الشهر الحرام الذي مكنكم الله فيه من دخول الحرم وأداء العمرة سنة سبع هو عوض عن الشهر الحرام الذي صدكم فيه المشركون عن الحرم سنة ست، والحرمات –كحرمة البلد الحرام والشهر الحرام والإحرام- يجري فيها القصاص من المعتدين، فمن اعتدى عليكم فيها فعاملوه بمثل فعله ولا تتجاوزوا حد المماثلة إن الله لا يحب المتجاوزين لحدوه وخافوا الله في تجاوز ما أذن لكم فيه، واعلموا أن الله مع المتقين له بالتوفيق والتأييد.
وأنفقوا المال في طاعة الله من الجهاد وغيره ولا تلقوا بأنفسكم إلى الهلاك بأن تتركوا الجهاد والبذل في سبيله أو بأن تلقوا بأنفسكم فيما يكون سببا لهلاككم وأحسنوا في عباداتكم ومعاملاتكم وأخلاقكم إن الله يحب المحسنين في كل شؤونهم فيعظم لهو الثواب ويوفقهم للرشاد.
• وأدوا الحج والعمرة تامين مبتغين وجه الله تعالى فاذا منعتم من إتمامها بمرض أو بعدو أو بنحو ذلك فعليكم ذبح ما تيسير من الهدى من الابل أو البقر أو الغنم لتتحللوا من إحرامكم ولا تحلقوا رؤوسكم أو تقصروها حتى يبلغ الهدى الموضع الذي يحل فيه ذبحه، فإن كان ممنوعا من الحرم فليذبح حيث منع وإن كان غير ممنوع من الحرم فليذبح في الحرم يوم النحر وما بعده من أيام التشريق فمن كان منكم مريضا أو به أذى من شعر رأسه كقمل ونحوه فحلق رأسه بسبب ذلك فلا حرج عليه وعليه أن يفدى عن ذلك إما بصيام ثلاثة أيام أو بإطعام ستة مساكين من مساكين الحرم أو بذبح شاة توزع على فقراء الحرم فإذا كنتم غير خائفين فمن استمتع منكم بأداء العمرة في أشهر الحج وتمتع بما حرم عليه من محظورات الإحرام إلى أن يحرم بالحج من عامه فليذبح ما تيسر من شاة أو يشترك سبعة في ذبح بعير أو بقرة فإذا لم يقدر على الهدي فعليه صيام ثلاثة أيام من أيام المناسك بدلا منه وعليه صيام سبعة أيام بعد رجوعه إلى أهله، ليكون مجموع الأيام عشرة كاملة ذلك التمتع مع وجوب الهدي أو الصيام للعاجز عن الهدي هو لغير أهل الحرم ومن يقيم قريبا من الحرم واتقوا الله باتباع ما شرع وتعظيم حدوده واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمرة.
• وقت الحج أشهر معلومات تبدأ بشهر شوال وتنتهي بعشر ذي الحجة فمن أوجب على نفسه الحج في هذه الأشهر وأحرم به حرم عليه الجماع ومقدماته ويتأكد في حقه حرمة الخروج عن طاعة الله بارتكاب المعاصي لعظم الزمان والمكان ويحرم عليه الجدال المؤدي إلى الغضب والخصومة وما تفعلوا من خير يعلمه الله فيجازيكم به واستعينوا على أداء الحج بأخذ ما تحتاجون إليه من طعام وشراب. واعلموا أن خير ما تستعينون في كل شئونكم هو تقوى الله تعالى فخافوني بامتثال أوامري واجتناب نواهي يا ذوي العقول السليمة.
• ليس عليكم إثم أن تطلبوا الرزق الحلال بالتجارة وغيرها في أثناء الحج فإذا دفعتم من عرفات بعد وقوفكم فيها اليوم التاسع متوجهين إلى المزدلفة في اليوم العاشر من ذي الحجة فاذكروا الله بالتسبيح والتهليل والدعاء عند المشعر الحرام بمزدلفة واذكروا الله لهدايته لكم إلى معالم دينه ومناسك حج بيته فقد كنتم من قبل ذلك من الغافلين عن شريعته.
• ثم ادفعوا من عرفات كما كان يصنع الناس المقتدون بإبراهيم عليه السلام لا كما كان يصنع من يقف بها من أهل الجاهلية واطلبوا المغفرة من الله على تقصيركم في أداء ما شرع إن الله غفور لمن تاب من عباده رحيم بهم.
• فإذا أنهيتم أعمال الحج وفرغتم منها فاذكروا الله وأكثروا من الثناء عليه كفخركم بآبائكم وثنائكم عليهم أو أشد ذكرا لله من ذكر آبائكم لأن كل نعمة تتنعمون بها هي منه سبحانه وتعالى والناس مختلفون فمنهم الكافر المشرك الذي لا يؤمن إلا بهذه الحياة الدنيا فلا يسأل ربه إلا نعيمها وزينتها من الصحة والمال والولد وليس منهم نصيب مما أعد الله لعباده المؤمنين في الآخرة لرغبتهم في الدنيا وإعراضهم عن الآخرة.
• وفريق من الناس مؤمن بالله يؤمن بالآخرة فيسأله ربه نعيم الدنيا والعمل الصالح فيها كما يسأله الفوز بالجنة والسلامة من عذاب النار.
• أولئك الداعون بخيري الدنيا والآخرة لهم حظ من ثواب عظيم بما اكتسبوا من الأعمال الصالحة في الدنيا والله سريع الحساب للأعمال.
• واذكروا الله بالتكبير والتهليل في أيام قلائل هي: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة فمن تعجل وخرج منى بعد الرمي في اليوم الثاني عشر فله ذلك ولا إثم عليه لأن الله خفف عنه ومن تأخر إلى الثالث عشر حتى يرمي فله ذلك ولا حرج عليه وقد جاء بالأكمل واتبع فعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك لمن اتقى الله في حجه فجاء به كما أمر الله واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وأيقنوا أنكم إليه وحده ترجعون وتصيرون فيجازيكم على أعمالكم.
• ومن الناس منافق يعجبك –أيها النبي- كلامه في هذه الدنيا فتراه حسن المنطق حتى لتظن صدقه ونصحه وإنما قصده حفظ ماله ونفسه ويشهد الله -وهو كاذب- على ما قلبه من إيمان وخير وهو شديد الخصومة والعداوة للمسلمين؟
• وإذا أدبر عنك وفارقك سعى مجتهدا في الأرض من أجل أمن يفسد بالمعاصي ويتلف الزرع ويقتل المواشي والله لا يحب الفساد في الأرض ولا يحب أهله.
• وإذا قبل لذلك المفسد -على سبيل النصح- اتقي الله بتعظيم حدوده واجتناب نواهيه منعته الآنفة والكبر عن الرجوع للحق وتمادي في الإثم فجزاؤه الذي يكفيه دخول جهنم ولبئس المستقر والمقام لأهلها.
• ومن الناس مؤمن يبيع نفسه فيبذلها طاعة لربه وجهادا في سبيله وطلبا لمرضاته والله واسع الرحمة بعباده رؤوف بهم.
• يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله ادخلوا في الإسلام جميعه ولا تتركوا منه شيئا كما يفعل أهل الكتاب من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه ولا تتبعوا مسالك الشيطان لأنه لكم عدو واضح العداوة مظهرها.
• فإن وقع منكم زلل من بعد ما جاءتكم من الدلائل الواضحات التي لا لبس فيها: فاعلموا أن الله عزيز في قدرته وقهره، حكيم في تدبيره وتشريعه فخافوه وعظموه.
• ما ينتظر هؤلاء المتبعون مسالك الشيطان المائلون عن طريق الحق إلا أن يأتيهم الله يوم القيامة إتيانا يليق بجلاله سبحانه في ظلل من السحاب للقضاء بينهم وتأتيهم الملائكة محيطة بهم من كل جانب، وعندئذ يقضي أمر الله فيهم ويفرغ منه وإلى الله سبحانه وحده ترجع أمور الخلائق وشؤونهم.
• اسأل -أيها النبي- بني إسرائيل سؤال توبيخ لهم: كم بين الله تعالى لكم من آية واضحة دالة على صدق الرسل؟! فكذبتموهم وأعرضتم عنها ومن يبدل نعمة الله كفرا وتكذيبا بعد معرفتها وظهورها، فإن الله شديد العقاب للكافرين المكذبين.
• حُسِّنَ للذين كفروا بالله الحياة الدنيا وما فيها من متع زائلة وملات منقطعة ويستهزئون بالذين آمنوا بالله واليوم الآخر والذين اتقوا الله بفعل أوامره وترك نواهيه فوق هؤلاء الكافرين في الآخرة حيث ينزلهم الله في جنات عدن والله يعطي من يشاء من خلقه بلا عدد ولا حساب.
• كان الناس أمة واحدة متفقين على الهدى على دين أبيهم آدم حتى أضلتهم الشياطين فاختلفوا بين مؤمن وكافر فلأجل ذلك بعث الله الرسل مبشرين أهل الإيمان والطاعة بما أعد الله لهم من رحمته ومنذرين أهل الكفر بما أوعدهم اللهم به من شديد عقابه وأنزل مع رسله الكتب مشتملة على الحق الذي لا شك فيه، ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف في الكتاب الذي أنزله الله -وهو التوراة- إلا الذين أعطوا علمه من اليهود بعد ما جاءتهم حجج الله أنه حق من عنده، لا يسعهم الاختلاف فيه ظلما منهم فوفق الله المؤمنين لمعرفة الهدى من الضلال بإذنه وإرادته والله يهدي من يشاء إلى طريق مستقيم لا اعوجاج فيه وهو طريق الإيمان.
• أم ظننتم -أيها المؤمنون- أن تدخلوا الجنة ولم يصبكم ابتلاء مثل ابتلاء الماضين من قبلكم، حيث أصابهم شدة الفقر والمرض وزلزلتهم المخاوف حتى بلغ بهم البلاء أن يستعجلوا نصر الله، فيقول الرسول والمؤمنون معه: متى نصر الله؟ إلا نصر الله قريب من المؤمنين به المتوكلين عليه.
• يسألك أصحابك -أيها النبي-: ماذا ينفقون من أموالهم المتنوعة وأين يضعونها؟ قل مجيبا إياهم: ما أنفقتم من خير -وهو الحلال الطيب- فليصرف للوالدين وللأدنى منهم من قراباتكم بحسب الحاجة وللمحتاج من اليتامى وللمعدمين الذي ليس لهم مال، وللمسافر الذي انقطع به السفر عن أهله ووطنه وما تفعلوا -أيها المؤمنون- من خير قليلا أو كثيرا فإن الله به عليم لا يخفى عليه منه شيء وسيجازيكم عليه.
• فرض عليكم -أيها المؤمنون- القتال في سبيل الله وهو مكروه للنفس بطبعها لما فيه من بذل المال والنفس ولعلكم تكرهون شيئا وهو في الواقع خير ونفع لكم، كالقتال في سبيل الله فمن عظم ثوابه فيه النصر على الأعداء ورفع كلمة الله ولعلكم تحبون شيئا وهو شر ووبال عليكم كالتخلف عن الجهاد فإن فيه الخذلان وتسلط الأعداء والله يعلم علما تاما خير الأمور وشرها وأنتم لا تعلمون ذلك فاستجيبوا لأمره ففيه الخير لكم.
• يسألك الناس -أيها النبي- عن حكم القتال في الأشهر الحرم: ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ورجب قل مجيبا إياهم: القتال في هذه الأشهر عظيم عند الله ومستنكر كما أن ما يقوم به المشركون من صد عن سبيل الله مستقبح كذلك ومنع المؤمنين عن المسجد الحرام وإخراج أهل المسجد الحرام منه أعظم عند الله من القتال في الشهر الحرام والشرك الذي هم فيه أعظم من القتل ولا يزال المشركون على ظلمهم يقاتلوكم -أيها المؤمنون- حتى يردوكم عن دينكم الحق إلى دينهم الباطل إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا ومن يرجع منكم عن دينه ويمت وهو على الكفر بالله فقد كل عمله الصالح ومآله في الآخرة دخول النار وملازمتها أبدا.
• إن الذين آمنوا بالله ورسوله والذين تركوا أوطانهم مهاجرين إلى الله ورسوله وقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا، أولئك يطمعون في رحمة الله ومغفرته والله غفور لذنوب عباده، رحيم بهم.
• يسألك أصحابك -أيها النبي- عن الخمر {وهي: كل ما يغطي العقل ويذهبه} يسألونك عن حكم شربها وبيعها وشرائها؟ ويسألونك عن حكم القمار {وهو: ما يؤخذ من المال عن طريق المنافسات التي فيها عوض من الطرفين المشتركين في المنافسة}؟ قل مجيبا إياهم: فيها مضار ومفاسد دينية ودنيوية كثيرة من ذهاب العقل والمال والوقع في العداوة والبغضاء وفيهما منافع قليلة كالمكاسب المالية وضررهما والإثم الحاصل بهما أكبر من نفعهما وما كان ضره أكثر من نفعه فإن العاقل يجتنبه وهذا البيان من الله فيه تمهيد لتحريم الخمر ويسألك أصحابك -أيها النبي- عن قدر ما ينفقونه من أموالهم على وجه التطوع والتبرع؟ قل مجيبا إياهم: أنفقوا من أموالكم الذي يزيد عن حاجتكم {وقد كان هذا أول الأمر ثم شرع بعد ذلك الزكاة الواجبة في أموال مخصوصة وأنصبة معينة} وبمثل هذا البيان الذي لا لبس فيه يبين الله لكم أحكام الشرع لعلكم تتفكرون
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.