Reham Abd elkader elshorbagy

شارك على مواقع التواصل

• واذكروا من نعم الله عليكم حين قال لكم: ادخلوا بيت المقدس، وكلوا مما فيه من الطيبات من أي مكان شئتم أكلا هنيئا واسعا، وكونوا في دخولكم راكعين خاضعين لله، اسألوا الله قائلين: ربنا حط عنا ذنوبنا، ونستجب لكم، وسنزيد الذين أحسنوا في أعمالهم ثوابا على أحسانهم.
• فما كان من الذين ظلموا منهم إلا أن بدلوا العمل وحرفوا القول، فدخلوا يزحفون على أدبارهم، وقالوا حبة في شعرة مستهزئين بأمر الله تعالى: فكان الجزاء أن أنزل الله على الظالمين منهم عذابا من السماء بسبب خروجهم عن الحد الشرعي ومخالفة الأمر.
• واذكروا من نعم الله عليكم لما كنتم في التيه ونالكم العطش الشديد فتضرع موسى عليه السلام إلى ربه وسأله أن يسقيكم، فأمرناه أن يضرب بعصاه الحجر، فلما ضربه تفجرت منه اثنتا عشرة عينا بعدد قبائلكم، وانبعث منها الماء، وبينا لكل قبيلة مكان شربها الخاص بها، حتى لا يقع نزاع بينهم، وقلنا لكم: كلوا واشربوا من رزق الله الذي ساقه إليكم بغير جهد منكم ولا عمل، ولا تسعوا في الأرض مفسدين فيها.
• واذكروا حين كفرتم نعمة ربكم فمللتم من أكل ما أنزل الله عليكم من المن والسلوى، وقلتم لن نصبر على طعام واحد لا يتغير، فطلبتم من موسى أن يدعو الله أن يخرج لكم نبات الأرض من بقولها وخضرها وقثائها {يشبه الخيار ولكنه أكبر} وحبوبها وعدسها وبصلها فقال موسى عليه السلام مستنكرا طلبهم أتستبدلون الذي هو أقل وأدنى بالمن والسلوى.لاوهو خير وأكرم. وقد كان يأتيكم دون عناء وتعب، أنزلوا من هذه الأرض إلى أي قرية، فستجدون ما سألتم في حقولها وأسواقها، وباتباعهم لأهوائهم وإعراضهم المتكرر عما اختاره الله لهم، لازمهم الهوان والفقر والبؤس ورجعوا بغضب من الله، وكفرهم بآياته وقتلهم أنبيائه ظلما وعدوانا، كل ذلك بسبب أنهم عصوا الله وكانوا يتجاوزون حدوده.
• إن من آمن من هذه الأمة، وكذلك من آمن من الأمم الماضية قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من يهود ونصارى وصابئة - وهم طائفة من أتباع الأنبياء - ممن تحقق فيهم الإيمان بالله واليوم الآخر: فلهم ثوابهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا.
• واذكروا ما أخذنا عليكم من العهد المؤكد من الإيمان بالله ورسله ورفعنا الجبل فوقكم تخويفا لكم وتحذيرا من ترك العمل بالعهد آمرين لكم بأخذ ما أنزلنا عليكم من التوراة بجد واجتهاد دون تهاون وكسل واحفظوا ما فيه وتدبروه لعلكم بفعل ذلك تتقون عذاب الله تعالى.
• فما كان منكم إلا أن أعرضتم وعصيتم بعد أن أخذ العهد المؤكد عليكم ولولا فضل الله عليكم بالتجاوز عنكم ورحمته بقبول توبتكم لكنتم الخاسرين بسبب ذلك الإعراض والعصيان.
• ولقد علمتم خبر أسلافكم علما لا لبس فيه حيث اعتدوا بالصيد يوم السبت الذي حرم عليكم الصيد فيه فاحتالوا على ذلك بنصب الشباك قبل يوم السبت واستخراجها الأحد؛ فجعل الله هؤلاء المتحايلين قردة منبوذين عقوبة لهم على تحايلهم.
• فجعلنا هذه القرية المعتدية عبرة لما جاورها من القرى وعبرة لمن يأتي بعدها حتى لا يعمل بعملها فيستحق عقوبتها وجعلنها تذكرة للمتقين الذي يخافون عقاب الله وانتقامه ممن يتعدى حدوده.
• واذكروا من خبر أسلافكم ما جرى بينهم وبين موسى عليه السلام حيث أخبرهم بأمر الله لهم أن يذبحوا بقرة من البقر فبدلا من المسارعة قالوا متعنتين: أتجعلنا موضعا للاستهزاء؟ فقال موسى: أعوذ بالله أن أكون من الذين يكذبون على الله ويستهزئون بالناس.
• قالوا لموسى: ادع لنا ربك حتى يبين لنا صفة البقرة التي أمرنا بذبحها فقال لهم: إن الله يقول: إنها بقرة ليست كبيرة السن ولا صغيرة ولكن وسط ذلك فبادروا بامتثال أمر ربكم.
• فاستمروا في جدالهم وتعنتهم قائلين لموسى عليه السلام: ادع ربك يبين لنا ما لونها، فقال موسى: إنه يقول إنها بقرة صفراء شديدة الصفرة تعجب كل من ينظر إليها.
• ثم تمادوا في تعنتهم قائلين: ادع لنا ربك حتى يبين لنا مزيدا من صفاتها لأن البقر المتصف بالصفات المذكورة كثير لا نستطيع تعيينها من بينها مؤكدين إنهم – إن شاء الله – مهتدون إلى البقرة المطلوب ذبحها.
• فقال لهم موسى: إن الله يقول: إن صفة هذه البقرة أنها غير مذللة بالعمل في الحراثة ولا سقاية الأرض وهي سالمة من العيوب وليس فيها علامة من لون آخر غير لونها الأصفر. وعندئذ قالوا الآن جئت الوصف الدقيق الذي يعين البقر تماما، وذبحوها بعد أن أوشكوا ألا يذبحوها بسبب الجدال والتعنت.
• واذكروا حين قتلتم واحدا منكم فتدافعتم كل يدفع عن نفسه تهمة القتل ويرمي بها غيره حتى تنازعتم والله مخرج ما كنتم تخفونه من قتل ذلك البريء.
• فقلنا لكم: اضربوا القتيل بجزء من البقرة التي أمرتم بذبحها فإن الله سيحييه ليخبر من القاتل. ففعلوا ذلك فأخبر بقاتله ومثل إحياء هذا الميت يحيي الله الموتى يوم القيامة ويريكم الدلائل البينة على قدرته لعلكم تعقلونها فتؤمنون حقا بالله تعالى.
• ثم قست قلوبكم من بعد هذه المواعظ البليغة والمعجزات الباهرة حتى صارت مثل الحجارة بل أشد صلابة منها؛ فهي لا تتحول عن حالها أبدا، أما الحجارة فتتغير وتتحول فإن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يتشقق فيخرج منه الماء ينابيع جارية في الأرض ينتفع منها الناس والدواب ومنها ما يسقط من أعالي الجبال خشية من الله ورهبة وليست كذلك قلوبكم وما الله بغافل عما تعملون بل هو عالم به وسيجازيكم عليه.
• أفترجون – أيها المؤمنون – بعد أن علمتم حقيقة حال اليهود وعنادهم أن يؤمنوا ويستجيبوا لكم؟! وقد كان جماعة من علمائهم يسمعون كلام الله المنزل عليهم في التوراة ثم يغيرون ألفاظها ومعانيها بعد فهمهم لها ومعرفتهم بها، وهم يعلمون عظم جريمتهم.
• من تناقضات اليهود ومكرهم أنهم إذا لقى بعضهم المؤمنين اعترفوا لهم بصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته وهو ما تشهد له التوراة ولكن حين يخلو اليهود بعضهم ببعض يتلاومون فيما بينهم بسبب هذه الاعترافات لأن المسلمين يقيمون عليهم بها الحجة فيما صدر عنهم من الاعتراف بصدق النبوة.
• هؤلاء اليهود يسلكون هذا المسلك المشين وكأنهم يغفلون عن أن الله يعلم ما يخفون من أقوالهم وأفعالهم وما يعلنون منها وسيظهرها لعباده ويفضحهم.
• ومن اليهود طائفة لا يعلمون التوراة إلا تلاوة ولا يفهمون ما دلت عليه وليس معهم إلا أكاذيب أخذوها من كبرائهم يظنون أنها التوراة التي أنزلها الله.
• فهلاك وعذاب شديد ينتظر هؤلاء الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون – كذبا -: هذا من عند الله؛ ليستبدلوا بالحق واتباع الهدى ثمنا زهيدا في الدنيا مثل المال والرئاسة، فهلاك وعذاب شديد لهم على ما يكسبونه من وراء ذلك من مال ورئاسة.
• وقالوا – كذبا وغرورا -: لن تمسنا النار ولن ندخلها إلا أياما قليلة، قل – أيها النبي – لهؤلاء: هل أخذتم على ذلك وعدا مؤكدا من الله؟ فإن كان لكم ذلك، فإن الله لا يخلف عهده أو أنكم تقولون على الله – كذبا وزورا – ما لا تعلمون؟
• ليس الأمر كما يتوهم هؤلاء؛ فإن الله يعذب كل من كسب سيئة الكفر، وأحاطت به ذنوبه من كل جانب، يجازيهم بدخول النار وملازمتها ماكثين فيها أبدا.
• والذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة ثوابهم عند الله دخول الجنة وملازمتها ماكثين فيها أبدا.
• واذكروا – يا بني إسرائيل – العهد المؤكد الذي أخذناه عليكم بأن توحدوا الله ولا تعبدوا معه غيره، وبأن تحسنوا إلى الوالدين والأقارب واليتامى والمساكين المحتاجين وبأن تقولوا للناس كلاما حسنا، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر بلا غلظة وشدة، وبأن تؤدوا الصلاة تامة على نحو ما أمرتكم وبأن تأتوا الزكاة بصرفها لمستحقيها طيبة بها أنفسكم ثم بعد هذا العهد الذي أخذ عليكم انصرفتم معرضين عن الوفاء به إلا من عصمه الله منكم فوفى لله بعهده وميثاقه.
• واذكروا العهد المؤكد الذي أخذناه عليكم في التوراة من تحريم إراقة بعضكم دماء بعض، وتحريم إخراج بعضكم بعضا من ديارهم ثم اعترفتم بما أخذناه عليكم من عهد بذلك وأنتم تشهدون على صحته.
• ثم أنتم تخالفون هذا العهد فيقتل بعضكم بعضا وتخرجون فريقا منكم من ديارهم مستعينين عليهم بالأعداء ظلمنا وعدوانا وإذا جاؤوكم أسرى في أيدي الأعداء سعيتم في دفع الفدية لتخليصهم من أسرهم مع أن إخراجهم من ديارهم محرم عليكم، فكيف تؤمنون ببعض ما في التوراة من وجوب فداء الأسرى وتكفرون ببعض ما فيها من صيانة الدماء ومنع إخراج بعضكم بعضا من ديارهم؟! فليس للذي يفعل ذلك منكم جزاء إلا الذل والمهانة في الحياة الدنيا وأما في الآخرة فإنه لا يرد إلى أشد العذاب، وليس الله بغافل عما تعملون بل هو مطلع عليه وسيجازيكم به.
• أولئك الذين استبدلوا الحياة الدنيا بالآخرة إيثارا للفاني على الباقي فلا يخفف عنهم العذاب في الآخرة وليس لهم ناصر ينصرهم يومئذ.
• ولقد آتيانا موسى التوراة واتبعناه برسل من بعده على أثره وأتينا عيسى ابن مريم الآيات الواضحة المبينة لصدقه كإحياء الموتى وإبراء من ولد أعمى وإبراء الأبرص، وقويناه بالملك جبريل عليه السلام، أفكلما جاءكم – يا بني إسرائيل – رسول من عند الله بما لا ويوافق أهوائكم استكبرتم على الحق وتعاليتم على رسل الله، فريقا منهم تكذبون وفريقا تقتلون؟!
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.