مقدمة:
عزيزي القارئ…
لن تعرفني أبدًا لأنَّني أفكر ان أوقّع هذا الكتاب باسم مستعار. لست خائفًا. أنا والحمد لله، شجاعٌ أبًا عن جدّ. كلُّ ما في الأمر أنَّنا نعيش في مجتمع متخلِّف كذَّاب يعشق الأوهام، ولست مستعدًّا لدفع ثمن غباء الآخرين. عشت ستة وعشرين عامًا أمضيت معظمها في التأمُّل العميق، حتى توصَّلت إلى عدَّة حقائق، فصار واجبي أن أُعلنها وأوثِّقها… إن القصص التي سأقدِّمها، في هذا الكتاب، جديرة بالتدريس في الجامعات، لو كنَّا في دولة محترمة. لكنَّنا للأسف، في مصر، حيث لا كرامة لمفكِّر جادّ أو عالِم نابغ، بينما المَجْد، كلّ المجد، للأفّاقين والأدعياء… سأبدأ كتابي بهذا السؤال:
- ما جوهر العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة في مصر؟
ما الغَرَض من كلّ هذه النظرات الساهمة والابتسامات المتودِّدة واللمسات المشتاقة ورسائل الغزل والغرام؟! ما الهدف من كلّ هذه المكالمات الليليَّة الهامسة والجلسات العاطفيَّة على الشواطئ؟ لماذا تتفنَّن المرأة في ارتداء الإكسسوار ووضع المكياج الذي يؤجِّج فتنتها، وما الهدف من تلك الأحذية الحريمي ذات الكعب العالي، والتي ترجرج جسد المرأة لتُبرز طراوته؟
لماذا كلّ تلك الفساتين والبناطيل الحريمي والجيبات والتايّيرات؟ لماذا تتنوَّع الموديلات والألوان بلا نهاية؟ حتى المحجَّباتُ المتديِّنات، لماذا ترتدي كثيرات منهنّ ثيابًا ضيِّقة مثيرة كأنَّهنَّ يُردن - لولا الملامةُ - أن يُطلعن الرجال على تفاصيل أجسادهنَّ؟
أيُّها السادة…
كلّ هذا الكرنفال العظيم المُبهِر، له هدف واحد: اصطياد الرجل وجرُّه إلى قفص الزواج. منذ البلوغ يعاني الرجل شبقًا ملحًّا مؤلمًا يدفعه إلى مطاردة المرأة حتى يضاجعها ويستريح من ضغط هرمونات الذكورة على أعصابه. على الجانب الآخر، تنشأ المرأة عندنا وهي تعتبر عضوها التناسليّ جوهرتها المكنونة…
في بلادنا فقط، تصف الصحف البنت التي فقدت بكارتها بأنَّها فقدت أعزّ ما تملك.
تأمَّلْ، يا عزيزي القارئ: ليس أعزُّ ما تملكه الفتاة المصريَّة عقلَها أو إنسانيَّتَها أو حتى حياتَها. أعزّ ما تملكه هو بكارتها. ذلك الغشاء الذي يغطِّي عضوها التناسليّ ليضمن أنَّه لم يُستعمل من قبل. من أجل حقّ الانتفاع بهذا العضو البكر، يطارد الرجل المرأة فتتدلَّل عليه: تطلب هدايا ومجوهرات ومَهْرًا وأثاثًا فاخرًا وشقَّة فسيحة في حيٍّ راق، ويخضع الرجل لكلِّ شروطها، وهو يتلمَّظ حالِمًا بتذوُّق اللؤلؤة المخبوءة في المحارة، ثم يتزوّجان وتنقضي فورة الأيَّام الأولى، فيكتشف الرجل أنَّ ممارسة الجنس مع زوجته ليست متعة الدنيا كما توهَّم. سيفاجَأ الرجل - غالبًا - بأنَّ زوجته بليدة في الفراش، أو أنَّها تقرف من الجنس وتعتبره شيئًا قذرًا، فهي لا تمارسه إلَّا مضطرَّةً، كأداءِ واجب، وربَّما - وهذا الأسوأ - تستعمل الزوجة الجنس أداةَ ابتزاز، كأنَّما تقول لزوجها:
إذا أردت أن تستمتع بجسدي، فيجب أن تغمرني بالهدايا، وتمنحني كلّ المبالغ التي أطلبها، وتنصرني دائمًا في مشاجراتي مع أمّك وإخوتك…
عندئذ فقط، يُدرك الزوج حجمَ الخديعة: لقد دفع كلّ ما يملك وهو يحلم باللؤلؤة، ثم اكتشف أنَّ المحارة فارغة. وقبل أن يتمكَّن من الهرب، تكون الزوجة أنجبت. المصريَّة أسرع النساء إنجابًا على وجه الأرض. إنَّها تستعمل الأطفال أسلحةً فعَّالةً للاحتفاظ بالزوج وتطويعه لإرادتها.
ما زال الكتاب في بدايته وقد بذلتُ جهدًا كبيرًا حتى توصَّلتُ إلى تلك النبرة المتهكِّمة واللاذعة في الكتابة. إنّني لا أسعى إلى إقناع قرَّائي بأيِّ شيء. سأكشف لهم فقط كمِّيَّة الأكاذيب التي نعيش فيها… سيُسعدني للغاية أن أرى تأثير الكتاب في أولئك النسوة المتغطرسات المصطنَعات عديماتِ الأنوثة، وفي هؤلاء الرجال المتأفِّفين والمتأنِّقين والذين ينضحون بالتفاهة والغباء.
نعم… اقرأوا كتابي، أيُّها الأفَّاقون، لتعرفوا حقيقتكم.