- 9 -
من البديهى أن مثلث القادة كان على يقين أن الأمر لن ينتهى بالبساطة التى تعاملوا بها تجاه قرارهم .. بمجرد أخبار مارك بهذا القرار فى محادثة هاتفية أيقظ مارك فى رؤوسهم أن هناك عهد يربطهم جميعاً و قرار نقضهم العهد لا يخصهم وحدهم بل هو قرار مشترك بين الطرفين .. طرفهم و الطرف الأخر و هو مستر سولى و عليه فسيخبر مستر سولى ليحدد موعداً ليلتقى بهم و الوصول لحل محايد لا يلحق الضرر بـ أحداً ..
و بالفعل لم يتهاون مستر سولى عند سماعه هذا الخبر و حدد لهم موعداً بعد يومان سيجتمع بهم فى مقره المفضل
السويت الخاص به و على منضدة الدولارات ..
يوم الأجتماع تجمع نضال و حازم و فريدة بسياراتهم فى الجراج الخاص بالفندق أولاً و ذهبوا متحدين و قد أيقنوا و أجمعوا على صواب قرارهم و أتفقوا أنهم لن يتراجعوا عنه ..
دخل الثلاثة السويت الخاص بعد أن فتح لهم رجل قوى البنية مفتول العضلات يحمل سلاحاً نصفه مدفوناً فى جانبه على عكس المعتاد من فتيات أنسيابية الحركة كانوا دوما يتبدلون فى كل مرة عند فتح الباب لأستقبال الوافيدين ..
كان بالداخل عينات مماثلة للكائن الذى فتح لهم الباب متموقعين فى أماكن قريبة من مستر سولى و مارك .. كانت الأجواء تبدو مخيفة و كان واضحاً أن مستر سولى تعمد ذلك كوسيلة ضغط تمكنه من التأثير عليهم و أقلاعهم عن تهورهم ..
جلس نضال و حازم و فريدة فى ثقة و أظهروا
عدم أكتراثهم لهذه الأجواء المصطنعة ..
سمح لهم مستر سولى لأن ينتدبوا أحدً منهم ليذكر مبررهم فى رفضهم
الأستمرار في الكيان الذى كان سبباً فى صبغ حياتهم بالثراء و الرخاء ..
وقع الأختيار على حازم بحكم مهنته السابقة لأجادته أدارة الحوار و قدرته على توصيل الفكرة و أقناع الخصم ..
لخص حازم لمستر سولى بمداخلات من نضال و فريدة ما حدث لمازن و ما تعرضت له فريدة و ما حدث من حوادث مؤسفة لأعضاء فى فريق نضال و ما يرتكبونه من جرم فى حق المساكين الذين يجبرونهم على ألقاء أنفسهم فى التهلكة لتوفير النقود التى يمتصونها منهم بحجة ضمهم لفريق عمل يحقق لهم أضعاف ما دفعوا و كثير من يفشل و يخسر نقوده ..
أخبر حازم مستر سولى بدعم من نضال و فريدة أنهم قد حسموا قرارهم بخصوص هذا الأمر و لن يتراجعوا أو يتهاونوا فيه !
ضحك مستر سولى ضحكات مخيفة و جامله مارك بضحكات مقززة ثم قال مستر سولى مخاطباً المتمردين و أخبرهم أنهم كمصريين يستخدمون مثل شعبي يقال فى مثل هذا المقام إلا و هو .. دخول الحمام مش زى خروجه ..
وسط نظرات الأستياء المنطلقة من أعين الثلاثة أستطرد مستر سولى و أكد لهم أن الصلاحيات و الثروة التى منحها أياهم كيان الأخطبوط ليست مجاناً و لكن لابد من أستمرار العطاء حتى يستمر تنامى فروع الشجرة فأنفصالهم يصيب تربة الشجرة التسويقية بالجفاف مما يؤدى لتكسير فروعها و تساقط أوراقها ..
كان سولى يقصد بذلك زلزلة القادة و الأعضاء المتدربين فى فرقهم بعد رحيل مثلث القادة لما سيصيب الكيان من تفكك و أنحلال تدريجى و أنهياره لتمرد مؤسسيه عليه و لن يقبل مستر سولى مثل هذه المهاترات و لذلك أخبرهم مستر سولى أن العهد الذى بينه و بينهم
كالعقد المبرم بين الساحر و الشيطان فلا فكاك منه ألا بالموت !!
أستمع الثلاثة فى تضجر لمستر سولى لتحجر رأيه و أخبروه أنهم بذلك سقطوا فى دائرة مغلقة للحوار لأنهم لن يستطيعون الأستمرار و لا العطاء لكيان الأخطبوط وعليه فأستمرارهم كعدمه لأن ليس لديهم أو حتى بأمكانهم تقديم ما يفيد لهذه المنظومة التى أصبحوا يرفضونها بكل ما يتعلق بها ..
بكل هدوء و بأبتسامة صفراء خبيثة من قبل مستر سولى أخبرهم بأنتهاء الأجتماع و أخبرهم أن أستقالتهم مرفوضة و كأنه لم يسمع شيئاً و عليهم أن يعيدوا التفكير و يرجعوا عن قرارهم من أجل
أستمرار مصالحهم و حياتهم بشكل طبيعى !!
كانت أخر كلمات مستر سولى تتضمن تصريح واضح بطعم التهديد خاطبهم به فى الرجوع عن ما أتفقوا عليه لأن لا مفر أمامهم
سوى الأستمرار فى العمل بالكيان الذى أغدق عليهم بالنعيم ..
****************************
خرج الثلاثة من الأجتماع و قد زادهم تهديد مستر سولى أصراراً على صمودهم و أقتناعهم بقرارهم و عدم التراجع فيه ..
توجه الثلاثة للجراج الخاص بالفندق الذى به سويت مستر سولى حيث تقبع سياراتهم فيه ..
تبادلوا كلمات حماسية تؤكد أنهم لم يبالوا بتهديد مستر سولى ثم ودعوا بعضهم بعضاً قبل أن يدخل كلاً منهم سيارته ثم غادروا الجراج واحداً تلو الأخر ..
كان حازم يسلك نفس طرق العودة المؤدية للطريق الصحراوى فى كل مرة و ذلك لقلة خبرته بخارطة الطريق فى محافظة هو ضيف فيها , مما يجعل فرصة تعقبه أو عرقلته مهمة فى غاية السهولة لمن يبغى ذلك ..
كان حازم يقود سيارته فى أنسجام و بال رائق و هو يستشعر تحرره من رباط كيان الأخطبوط الملتف حول رقبته و كأن موجة التحرر قد أصابته هذه الفترة ليبدأ من جديد فى كل جوانب حياته ..
بينما كان يقود سيارته و هو يدندن مع أغنية تصدر من سماعات السيارة كان يقترب من كمين شرطة تم نصبه لأول مرة فى هذا الشارع الذى أعتاد السير فيه , كان الكمين يستوقف السيارات و يقوم بتفتيشها .. دخل حازم الكمين و هو مطمئن لأن أوراقه و أوراق السيارة سليمة مما يسمح له بالمرور من خلال أبراز رخصة القيادة الخاصة به و رخصة السيارة ..
دخل حازم الكمين و أستوقفه الضابط و ما أن هم حازم بأبراز رخصة القيادة حتى طلب منه الضابط بالنزول من السيارة فسأله حازم ما الأمر فتفاجأ حازم أن الضابط يطلب ممن معه بأجراء تحليل مخدرات لحازم و بعد أتمام ذلك تظهر النتيجة أيجابية مما يضع حازم فى ورطة غير متوقعة و يأمر الضابط بتفتيشه ليجد معه قطعة حشيش فيتأزم وضع حازم و يسوء الأمر و يقرر الضابط أنتقال حازم لسيارة البوكس و الذهاب به لقسم الشرطة
و أحتجازه مؤقتاً لحين التحقيق معه !
***************************
ما أن عاد نضال لفيلته و قرر أن يبدل ثيابه و يخلد للراحة و هو سعيداً للقرار الذى أستطاع حسمه و قد خطط لأن يبدأ حياة جديدة هادئة حتى رن جرس الفيلا بطريقة مزعجة و أستمر الضغط على زر الجرس دون أنقطاع !
هرول نضال تجاه الباب و هو ينوى دون نقاش أن يكيل لكمة لمن على الباب لما تسبب له من ذعر .. فتح نضال الباب فى أستعداد لتوجيه اللكمة لكنه تفاجأ بأشخاص على هيئة قوة حضرت من قسم الشرطة و برز من بينهم شخصاً قدم نفسه لنضال و هو رافعاً فى وجهه الكارنيه الخاص بعمله ليكتشف نضال أنه مسئول من وزارة البيئة حضر برفقة مجموعة من الشرطة ستقوم بتفتيش المنزل و معهم أذن نيابة بذلك لأخبارية تفيد بأنه يحتجز تمساح مفترس بالفيلا و قام بأرهاب أحد المواطنين بهذا الحيوان و تمكن هذا المواطن من ألتقاط صورة للمكان و التمساح و أرفقها بالمحضر الذى قدمه فى نضال فى قسم الشرطة و عليه سيتم تفتيش الفيلا و سيتم مصادرة التمساح و نقله لمكان مخصص أمن بعيد عن هذه المنطقة السكنية .. صعق نضال لما سمعه و أنكر بأستماتة أنه فعل ذلك مع أحد و لا يدرى عن ما يتحدثون فطلبوا منه أن يفسح لهم الطريق حتى لا يستخدمون معه العنف و ظل يماطل و يصر على أنكاره أنه أعتدى على أحد لكن كل ذلك لا طائل منه فتمكنوا من الدخول و التفتيش حتى وجدوا رعد قابعاً خلف السياج الحديدية مباشرة ينظر لهم فى توحش بمجرد أن فتحوا الباب الخشبى الضخم و أصدر أصواتاً عالية مرعبة من الحفيف !!
تم نقل نضال للبوكس بنفس ثيابه دون أن يسعفه الوقت لتبديلها قبل الهجوم المفاجئ الذى تعرض له و عاد البوكس لقسم الشرطة ليدخله نضال للمرة الثانية و قد كانت الأولى بعد دكه لسيد عصفورة و قيام الأخير بتقديم بلاغ فيه ..
تم أحتجاز نضال و ألقائه فى الزنزانة لحين التحقيق معه فـ يُذهل نضال عندما يجد حازم محبوساً معه فى نفس الزنزانة !!
********************************************
دخلت فريدة على والدتها تطمئنها أنها نفذت لها رغبتها و التى كانت تخبرها بها بين الحين و الأخر و لا تمل من ذلك .. لقد كان قلب الحاجة سهام ينبض بالقلق و عدم الأرتياح تجاه عمل إبنتها فى التسويق و الزج بالناس فى هذا الطريق الذى لا نهاية له رغم أنها لا تفقه شيئاً فى مجال التسويق الألكترونى و طبيعة عمل فريدة لكنها تنقبض منه رغم أغداقها بالنقود و الخيرات و كانت تطلب من فريدة على فترات متقاربة أن تسلك مجال عمل أخر غير هذا المجال و كانت فريدة تربط على قلبها و تعدها أنه فى الوقت المناسب ستلبى رغبتها ..
أخبرت فريدة والدتها أن الوقت المناسب قد جاء و ها هى الأن حرة نفسها و ستبدأ مشروعاً خاصاً بها بما أدخرت من نقود من عملها فى مجال التسويق ..
أنفرجت أسارير الحاجة سهام لما سمعته ولاحقت فريدة بوصلة طويلة من الدعاء لها و هى فى إتجاهها لغرفتها ..
دخلت فريدة الغرفة و شرعت فى تبديل ثيابها و هى تدندن فى أنسجام فسمعت صوت أرسال رسائل جديدة لها يصدر من هاتفها فتجاهلته لكن تزايده و تواصله أثار فضولها فتناولت هاتفها لتجد رقم مجهول يرسل لها مجموعة من الفيديوهات .. حاولت فريدة فتحها لتصعقها الصدمة !!
كانت فيديوهات تستعرض فريدة و هى بغرفتها و تبدل ثيابها و فيديوهات لها فى أوضاع أسترخاء بملابسها الخفيفة داخل غرفتها الخاصة !!
صرخت فريدة صرخة مدوية داخل أعماقها و هى تلطم على وجهها و تهمهم .. جرت فريدة فى الغرفة هنا و هناك كالممسوسة و هى تتفقد كل ركن و كل شبر فى الغرفة فى محاولة للبحث عن الكاميرا فى حالة عدم أستيعاب متسائلة من الذى زرعها بغرفتها و لماذا و كيف تمكن فى الأصل من ذلك !!!
***********************
داخل الزنزانة كان حازم و نضال يفنطان الأحداث فى تهور و أنفعال حول ما حدث لهما , تذكر نضال كلام فريدة فيما حدث لها سالفاً من تورطها فى مشكلة تخص والدتها ثم موافقتها مرغمة على عرض مستر سولى الذى رفضته فى بادئ الأمر .. ربط نضال ما حدث لها و ما يحدث معه هو و حازم و أيقن أن هذا هو أسلوب مستر سولى كما أن تهديد سولى لهم منذ ساعات قليلة يؤكد النتيجة التى توصل أليها نضال و أعلن لحازم أنه تبهره سرعة رد فعل مستر سولى إزاء من يعطل مصالحه و بينما يؤمن حازم على كلام نضال و يؤكده حتى تقدم أحد المسجلين ذا سحنة أجرامية و حوله أوباشه يحاوطونه و بدأ فى أستفزاز نضال فطلب منه الأخير أن يغرب عن وجهه فهو لا يريد أى تصاعدات ..
لم يكترث المسجل المشاغب بل أستمر و تزايد فى مناوشاته لنضال و حازم كما لو كان مسبق النية و مستعداً لفعل ذلك بفعل فاعل و سبب فعلة هذا الفاعل الخفى كنوع من أستعراض لأجواء السجون و الحياة بداخلها و سوء الوضع بما لا يناسب أمثال حازم و نضال و كأنها رسالة توضيحية عابرة لهما !!
قرأ نضال و حازم الرسالة و فهموها جيداً و أقروا أن من باب الذوق أن يتركوا رداً على الرسالة .. و بالفعل هب نضال و حازم و اقفين فى وضع معكوس و ألتصقا ظهريهما .. يتصيت حازم بأنه قوى البنية فكان درعاً قوياً لظهر نضال و العكس أيضاً و دارت خناقة شرسة أشتبك فيها نضال مع الضبع و هو زعيم الأوباش فكان سريع الحركة و طال نضال فى أكثر من ضربة موجعة حتى تمكن منه نضال و كال له لكمات سريعة فى أماكن مختلفة عديدة حتى رخى عصب جسمه و أصبح جثة أنسيابية فى يد نضال فتركه ليسقط و يرتطم أرضاً و ألتف لحازم فوجده كوم أثنان أرضاً و ضم عليه حتى تمكن الأثنان من التغلب على الضبع و أوباشه جميعاً و بذلك نجح نضال و حازم فى ترك
رداً قوياً على الرسالة المرسلة لهما !
أقتحم الزنزانة السجانين و صاح أحدهم فى غلظة :
نضال كمال القناوى .. حازم عبد المنعم موسى ..
فلبى الأثنان النداء و ذهبا مع السجان حتى و صلا لمكتب العقيد أحمد السويفى و كان يجلس أمامه محامى من العيار الثقيل صيته يسبقه .. أستقر نضال و حازم أمام العقيد فأخبرهما بقدوم المحامى الكبير ناجى الوردانى من أجلهما فطلب منه ناجى الوردانى مستسمحاً أن ينفرد بهما ..
كان ناجى صريح و لا يخجل فى التعبير عن ما فى جوبعته بكلماته التى أشبه بالسهام ..
أخبر ناجى كلاً من نضال و حازم أنهما فى مأزق صعب .. فيما يخص نضال فهناك شخصاً تقدم ببلاغ يتهم فيه نضال أنه حاول أرهابه عندما قيده و زج به للتمساح رعد الذى يحتجزه سراً فى فيلته فى محاولة لأجباره على الأستمرار فى فريقه التسويقى فضحك نضال و أكد له أن هذا لم يحدث ..
أستطرد ناجى و أخبر حازم أن تحليل المخدرات حقاً نتيجته صادقة و لو عادوها ألف مرة كما أنه كان بحوزته كيساً من الحشيش يزن 250 جرام ..
ضحك أيضاً حازم و قال للمحامى فى سخرية .. قرش حشيش 4 جرام بقى كيس حشيش ربع كيلو !!
أيه المطلوب يا متر علشان تخرجنا بالأيادى السحرية من الورطتين دول ؟!
هنا جاء دور ناجى الوردانى فى الضحكات و كانت ضحكات خبيثة منه لقراءة حازم لما بين السطور و أخبرهما بكل وضوح أن أستمرارهما فى مراكزهما فى كيان الأخطبوط و مزاولة عملهما مرة أخرى و نسيان تماماً ما فكرا فيه فى لحظة هروب عقليهما من رأسهما مقابل أنقاذ مستقبلهما من الأنهيار و عدم دفن سنوات عمرهما المقبلة فى قبور السجون !!
كانت المواجهة بين ناجى الوردانى و حازم و نضال أشبه بدور شطرنج و قد أصبح اللعب فيه مكشوفاً للجميع !
رضخ كلاً من نضال و حازم دون تردد لمساومة مستر سولى عن لسان المحامى لأنهما على أتفاق أن التغلب على مستر سولى لن ينجح بالصدام معه و معارضته و لكى ينتصروا عليه فهناك ترتيبات أخرى تماماً ..
وصمهم ناجى الوردانى بالدهاء لحسن تصرفهما .. طلب دخول سيادة العقيد الذى أمر بأعادة نضال و حازم للحبس و لكن حبساً أنفرادياً عقاباً لهما لما أرتكباه من هرج و مرج داخل الزنزانة و سحق عدداً من المسجونيين
و ألحاق بعض العاهات بهم !!
بعد حوار ساخن بين المحامى و العقيد أحمد السويفى تم الأفراج عن حازم و نضال و لكن بعد أتمام بعض الأجراءات الروتينية اللازمة ..
*****************************
بمثابة الأفراج عن نضال و حازم و خروجهما من قسم الشرطة و بعد أن تنفسا الصعداء بادر نضال بسؤال حازم عن فريدة و قد أصابه الرعب لأنه على يقين أن من المؤكد أن فريدة تعرضت لخطر هى الأخرى لأرغامها على الرجوع عن قرارها و قبولها الأستمرار فيما تم تسخيرهم فيه ..
أتصل نضال على الفور بفريدة و لكنها لم تستجيب من الأتصال الأول و لا الثانى و فى منتصف الأتصال الثالث قررت أن تجيب ..
كما توقع نضال فجاء صوت فريدة منهاراً تماماً و مبحوحاً من البكاء فحاول أن يهدئ من روعها و يطمئنها أن كل شئ سيكون على ما يرام و المشكلة التى تبكى من أجل حلها سيكون بمجرد موافقتها على العودة لكيان الأخطبوط فصرخت فريدة و قاطعته و عادت تذرف عيناها بالدموع و قالت له لقد تعدى سولى و مارك على شرفى لقد تخطوا كل الحدود و كسروا كل الحواجز .. رقم مجهول أرسل لى فيديوهات خاصة جداً فى غرفة نومى لا أعلم كيف تم تصويرها ثم تبعتها رسالة تساومنى بالعودة لموقعى فى كيان الأخطبوط أو تريند نشر هذه الفيديوهات .. ثم أنجرفت الدموع من عيناها كالشلال
و قد فقدت السيطرة على أعصابها ولم تعد تتمالك نفسها ..
أعتصر الحزن قلب نضال لما سمع و ملأه الغضب عن أخره و طلب منها أن تحاول أن تهدأ و سيتم معالجة الأمور قدر المستطاع و الحصول على أصل هذه الفيديوهات و محيها تماماً من الوجود و الأمر يلزم حقاً معرفة كيف تم الخوض فى تفاصيل خاصة فى حياتهم و التقليب فيها بهذه البساطة و الغموض فى ذات الوقت !!
طلب نضال من فريدة ضرورة تمالكها أعصابها و التماسك للنزول من منزلها دون أن تشعر والدتها بما تمر به من تمزيق داخلى ليجتمعوا هم الثلاثة و يصلون لتفسير منطقى و واقعى لما يحدث معهم و يضعون تصوراً للفترة المقبلة ..
************************************************
تجمع الثلاثة فريدة و نضال و حازم فى محل - وشم و رسم - حسب رغبة فريدة التى فقدت الثقة فى الأماكن و الأشخاص و فى كل ما حولها حتى تتضح الرؤية لها و تعى كيف تم التسجيل لها بهذه الوقاحة و فى جواً من الغموض !
كانت ماسة متواجدة فى المحل وقت تجمعهم و التى لم يصيبها الدهشة تجاه ما سمعت حيث أنها تعايش ظروف مماثلة لما تسمعه مع والدها العقيد أحمد السويفى و النقيب أسلام لما يمرون به كـ أسوأ مرحلة فى تاريخهم المهنى حيث يتم فشل العديد من المؤموريات التى يذهبان فيها رغم السرية التى يلتزمان بها قبل قيامهما بتنفيذ المهمة لكن هناك فى أغلب الأحيان فى المؤموريات الكبيرة الحساسة يتم كشف الخطة الموضوعة هكذا أخبرت ماسة الثلاثة أن حتى الأجتماعات المغلقة بين والدها العقيد أحمد السويفى و النقيب أسلام يتم أحياناً كشفها لما دعى لشك كلاً منهما فى الأخر لعدم قدرتهما على أيجاد تفسيراً مقنعاً لما يحدث لهما من أختراق !
أنتبه الثلاثة لكلمات ماسة لكن فريدة كانت أكثرهم أنتباهاً و ألتفتت فى يقظة لماسة و سألتها هل حقاً منحت والدها و أسلام هدايا الهاتفان التى حصلت عليهما من أبتياعها لباقة العشرون الف ؟؟
فأكدت عليها ماسة أنها فعلت ذلك مما أدخل السرور كثيراً عليهما خصيصاً أسلام الذى أعتبر هذه الهدية علامات قبول طلب تقدمه لها !
صاحت فيهم فريدة بنبرة صوت أمرة و طلبت منهم أن يبرزون هواتفهم و يخرجون منها السيم كارت فوراً و بالفعل فى خطوة واحدة أخرج الجميع بطاقات السيم كارت من هواتفهم كما أكدت عليهم أن يغلقوا بيانات الهاتف أو الواى فاى
و يعزلوا الهواتف تماما عن الأنترنت ..
أنفجرت شكوك الجميع تجاه الهواتف موديل The Eye و أخذوا فى تفحصها و التمعن فى برامجها و محتواها فلم يكن لديهم من الوقت ما يكفى للتعمق فى الهاتف من ذى قبل .. كان ذلك دون جدوى فلم يصلوا لشئ يهدى ضالتهم رغم أن الأربعة أجتمعوا على أرتيابهم فى أمر هذه الهواتف !!
طالت حيرتهم و بدأ يأسهم يطفح على وجوههم حتى لمعت عيناى ماسة و قالت لهم .. كريم .. من المؤكد سيكون لديه القدرة على مساعدتنا فى
كشف أمر هذه الهواتف هل هى سليمة أم ملبوسة ..
لم يعرف حازم أو نضال من هو كريم حتى فريدة كادت أن يختلط عليها الأمر و قالت لماسة هل تقصدين كريم صاحب محل صيانة الهواتف المحمولة و اللاب توب و كاميرات المراقبة و أنظمتها صاحب المحل المواجه لنا ؟!
فأكدت ماسة صحة كلامها و أخبرتها أن كريم مشهود له بأحترافه عوالم الهواتف و الكمبيوتر و النت و كاميرات المراقبة و مايتعلق بهذه الأمور كما أنه يسعى دوماً لتقديم أى مساعدة لها فى محاولات فاشلة منه للتقرب منها تقابلها كالعادة بالتجاهل , كريم هو الذى قام بمساعدة من أيمن صاحب محل النظارات المجاور له بحمل العايق و تكويمه فى حقيبة سيارة العقيد أحمد السويفى يوم أفاقته و تهشيمه لواجهة المحل ..
كان الثلاثة أشبه بالغريق الذى يتعلق بظهور أى قشاية أمامه .. تم أجراء أتصال هاتفى من ماسة بكريم بعد تشغيل هاتفها مؤقتاً و هى تحتفظ برقمه منذ وقت طويل منذ أن توسطت له هو و أيمن عند والدها لقضاء أحدى الخدمات القيمة لهما ..
رد كريم على ماسة من الأتصال الأول و طلبت منه ماسة أن يحضر لدقائق لمحل
- وشم و رسم - فقبل دعوتها و لكنه طلب منها أن تنتظر حوالى نصف ساعة و سوف يلبى ندائها لوجود المهندس حمادى مهندس شبكات و برمجة و يقوم بقضاء بعض الأعمال الهامة فى محله ..
عند أنتهائه حضر على عجلة ظناً منه أن ماسة بمفردها بالمحل و قد لانت و مالت له لكنه تفاجأ بالحاضرون فألقى عليهم السلام و رحبوا به و طلبوا منه الجلوس و عرضت ماسة عليه الهاتف و هى تطلب منه أن يستعرض برامج الهاتف و يكتشف ما هو غير مألوف يسمح بأختراق هواتفهم أن كان هذا يحدث ..
تناول كريم الهاتف و ظل يقلب و يفنط فى برامجه و هو يصدر ترانيم تعجب و دهشة و يخبرهم أن نظام عمل الهاتف ليس واحداً من الأنظمة المعروفة لأنظمة عمل الهواتف مثل الأندرويد أو الـ iOS أو غيرهم من أنظمة عمل الهواتف !!
هذا الهاتف مسخر للعمل تحت نظام غير مألوف و على قدر مرتفع جداً من الحماية و يحوى العديد من البرامج و الأبليكشنات التى لا ضرورة لها و غير مفهوم سبب وجودها و أيضاً يستحيل حذفها أو أعادة تسميتها خصيصاً هذه الأيقونة و التى كانت مخفية بأحترافية و التى تحمل صورة أخطبوط !
زادت ريبة الأربعة تجاه الهواتف فتمسكوا بكريم أكثر و طلبوا منه أفادتهم بحقيقة أمر هذه الأجهزة فأقترح عليهم أن يعرض الهاتف على المهندس حمادى و هو محترف فى مجال البرمجة و الحماية من الأختراقات الألكترونية فلم يمانعون فكانوا يتشبثون بأى قشاية نجاة تظهر لهم .. كان كريم هو القشاية
التى يتعلقون بها ليطفو بهم لبر الحقيقة ..
عرض كريم على م / حمادى الأمر فلم يمانع حمادى و بعد أن أنهى عمله فى محل كريم بدأ عمله فى أكتشاف أمر الهاتف المطلسم .. غاب حمادى على غير عادته فى سرعة فهم هذا الجهاز كانت ملامح وجهه توحى بأن الوصول لدليل يهدى حيرتهم أشبه بالمستحيل .. ينعقد حاجبيه ثم ينكمش وجهه و فجأة تتمدد ملامحه قليلاً و تعود لتنقبض مرة أخرى و بعد وقت طويل وضع حمادى الهاتف على المنضدة و نظر إليهم بعينان شاخصتان و قال لهم هذا ليس مجرد هاتف و أنما هذا أداة تجسس مرتفعة الكفاءة جداً تتيح لمسخريها من خلال أيقونة الأخطبوط أن يستخدمون الكاميرات الخلفية و الأمامية للهاتف و يتحكمون فيها و يقومون من خلالها بتسجيل صوراً أو مقاطع فيديو حية و يخزنوها على أجهزة خارجية بحوزتهم فى منتهى السهولة !!
رغم توقع حاملى هذه الهواتف لسوء الأمر لكن صعقتهم كلمات م / حمادى و أثنوا عليه كثيراً و على كريم و طلبوا منهما أن يحتفظا بما دار بينهم فى بئر أسرارهما ولا يبوحان به لأحد ..
رغم صدمتهم فيما تورطوا فيه و أورطوا غيرهم فى نفس الدائرة المشبوهة على سبيل المثال لا الحصر والد ماسة و قد أصيب فى عقر عمله و النقيب أسلام و ماسة و مازن و سعيد و جوزيف و ...... إلخ , بسبب باقات الأخطبوط التى أوحلوا ألاف المواطنين فيها .. لكن سكنت حيرتهم بعض الشئ و قد أدرك نضال كيف تم أفتضاح أمر صديقه رعد و تصويره و الذى أخفى سره لسنوات طويلة عن الناس كذلك حازم فهم أيضاً أنه كان يظهر لايف فى شقته مع أصدقائه و لكن ليس عند تسجيل فيديوهات قناته و لكن عندما كان يتعاطى المخدرات مع أصدقائه على الهواء مباشرة أمام سولى و مارك و أتباعهم !!
ماسة أيضاً وجدت ضالتها و أدركت من هو اللهو الخفى وراء فشل بعض مؤموريات والدها و أسلام و حملت نفسها الوزر
لأنها تسببت فى تورطهما فى مشاكل فى عملهما ..
لكن فريدة ظلت الحيرة و الغموض يجتاحان ملامحها و تعابير و جهها و عندما سألها الحاضرون عن صمتها أخبرتهم أن الأمر
لم ينتهى عند هذه المعلومة الخطيرة !!
أخبرتهم بل أكدت لهم أن موضع ترك هاتفها فى غرفتها و التى أعتادت عليه بعيداً تماماً عن موقع تبديل ثيابها فكيف تم تسجيل الفيديوهات الخاصة
بها و من هذه الزاوية ؟!
أكدت لهم فريدة أن الأمر أعقد من ذلك !!
و هنا ضربت خيبة الأمل الجميع مرة أخرى و شعروا
وكأنهم عادوا لنقطة البداية ..
خيم صمت كئيب على المكان و ساد الهدوء أجواء المحل للحظات طويلة مما سمح للقلق و التوتر بمداهمة المكان و أصابة المتواجدون به ..
كسر مناخ الصمت المخيف ظهور رحاب فجأة و فى هذا التوقيت .. الفتاة الرقيقة فتاة الغزالة .. مما أدهش فريدة و ماسة اللتان رحبا بها و سألتها فريدة عن سبب مجيئها المفاجئ دون أتصال فذكرت لهما رحاب أن هواتفهما مغلقة فأعتذرت لها فريدة أنها مشغولة و بالها غير رائق حالياً و ستتتصل بها عندما تنتهى من الأعاصير التى عصفت بها .. طلبت منها رحاب أن تسمح لها بالجلوس لأمر هام سيساعدها فى الخروج من الدوامة التى تدور فيها .. نظرات فريدة لها بدأت تتغير و تتحول و كان منطقياً لفريدة أن تفقد الثقة بكل سهولة فى أى شخص فى هذه المرحلة و عليه أشارت لرحاب بالجلوس وسط نظرات ترقب من الجميع !
طلبت منهم رحاب الأمان قبل الكلام مما أصابهم بالريبة فى أمرها لكنهم فعلوا و منحوها الأمان لتخرج ما فى جعبتها ..
دون مقدمات لما رأته فى أعينهم من تأهب و تحفز دخلت رحاب مباشرة فى الموضوع و أخبرتهم أن هواتف شركة الأخطبوط بمثابة أجهزة تجسس فلم تلحظ أى أندهاش عليهم و أستطردت لتثير دهشتهم و قالت الشاشات السمارت و التى عليها رسمة عين حورس هى أيضاً أجهزة تجسس أكبر و أقوى و أن رسمة العين التى تبدو أنها مجرد رسمة تشير لموديل المنتج هى بمثابة عين صغيرة صناعية تنقل صوت و صورة لما يحدث أمامها من خلال أيقونة الأخطبوط المدمجة ضمن سيستم الشاشة و التى من خلالها يتم التحكم فى الشاشة بأيادى خفية لتصوير و تسجيل ما يشائون لمن يختارون !!
كل ما تظن فريدة أنه لن يدهشها شئ بعد ما مرت به تتفاجأ أن تندهش بقدر أكبر من الذى سبقه فى كل مرة لتصاعد المفاجأت التى تواجهها !
أقتنع الجميع بصحة كلام فريدة فيما يخص أن ليس الهاتف وراء تسجيل الفيديوهات لها و يعزى الفضل فى ذلك لتعليقها شاشة The Eye فى غرفتها الخاصة كما فعلت ماسة التى أصابها الذعر و الرعب و أيقنت أنه من المؤكد هناك نسخ فيديوهات لها هى الأخرى ..
رغم المتاهة الجديدة التى وقعت فيها فريدة و من معها بعد ما سمعوه عن أختراع شاشات مزودة بكاميرات مراقبة , لكن لم يمنع ذلك من مواجهة رحاب عن كيفية وصولها لهذه المعلومات الخطيرة !
تحشرجت رحاب و هى تحاول الأجابة و أكدت عليهم أنهم منحوها الأمان و لأثبات حسن نيتها تواجدها وسطهم و هى تفصح لهم عن أسرار كان من الصعب أكتشافها من ناحيتهم فى الفترة الحالية .. قاطعتها فريدة و طلبت منها أن تقذفهم بالمفاجأة التالية فأطلقت رحاب قذيفة المفاجأة فى وجوههم و أخبرتهم أنها أحد أعضاء الفريق المسئول عن تجميع البيانات الخاصة بمستخدمى أجهزة شركة الأخطبوط و هى التى أستخدمت الرقم المجهول و أرسلت الفيديوهات لفريدة !!
أضافت لهم أن مستر سولى هو الذى كلفها بالتقرب من فريدة بعد الضغط عليها بأحد الفيديوهات المسجلة لها مسبقاً بنفس الطريقة التى أتبعها مع فريدة و هذا ما أثار رغبتها الأنتقامية و رفضها لأستغلال فريدة كضحية
و تسخير مستر سولى لها كما فعل معها !!
رغم أن رحاب أماطت اللثام عن غموض تسجيل الفيديوهات لكن فريدة كانت تتوق لأن تثب و تنقض على رقبة رحاب و تعتصرها بين يديها لولا منحها الأمان لرحاب لكنها لم تتمالك نفسها طويلا ً و أنفلتت مشاعرها و لبت ما كانت تتوق إليه و هجمت بالفعل على رحاب و لكن تدخل الحاضرون فى محاولة مستميتة منهم
لتخليص رقبة رحاب من بين يدي فريدة ..
*****************************************