محمد حسن عبد الجابر

Share to Social Media

- 4 -
كانت أجواء التصوير قد فرضت نفسها  على المكان داخل شقة حازم ..  بدأ فى تسجيل الفيديو الثالث و قدم فى مطلع الفيديو واقعة النصب الطريفة التى حدثت معه بالهايبر و أشار ألى أن هناك أساليب جديدة و متحورة للنصب و أوضح أن شهوة  النصب هى عادة موروثة  و محببة  لدى البعض و تتوارثها  الأجيال على مرور الزمان  ما دام هناك طمع أو فقر فكلاهما أو على الأقل أحداهما تكون بمثابة تربة خصبة لأستقبال  بذور النصب ..
و ليؤكد وجهة نظره  و قد أكتسب حازم وجهة النظر فى هذا الموضوع بعد أن تعرض شخصيا لواقعة نصب و عليه فقد تحركت مناطق فى الجزء الخلفى       من ذهنه و أتجهت لجذب المواضيع التى تدور حول نفس المضمون ..                فقسم الفيديو لثلاث مراحل و برر أمام الكاميرا ذلك ليجعل من  الفيديو        سبوت على بعض  وقائع  النصب الواقعية التى  حدثت منذ فترة طويلة  و كما أنه  نوه للمشاهدين أن فيديو اليوم هو  بمثابة جرس أنذار لعدم الوقوع فى فخ النصب    لا سيما و أن التربة خصبة جدا فى هذه الفترة لأنتعاش تنامى  بذور النصب  فقد خيم شبح الفقر بظلماته على الوضع العام للبلاد مما أدى ألى تأهب  غريزة  الطمع بداخل الكثير من الناس بغرض الحصول على أى ربح سريع  يحقق الثراء السهل  للهروب  من بين  فكى  الفقر ..
فى المرحلة الثانية من الفيديو تناول حازم واقعة نصب طريفة حدثت              عام  1946 م عندما نصب شاب أسمه رمضان أبو زيد العبد  بدهائه على  شاب قروى بسيط  يدعى حفظ الله .. بدأ نصب الفخ عندما أفصح القروى لرمضان أنه جاء الى القاهرة و بحوزته مبلغ من المال يريد أن يفتح به مشروعا فعرض عليه رمضان العبد عدة مشاريع لكنها لم تنال أقتناع القروى الذى كان منبهرا  بالترماى و معجبا بزحامها .. و ما أن لاحظ رمضان العبد ذلك فى عينى القروى حتى  قفزت ألى رأسه حيلة أن يبع  له الترماى و سيكون له الحق بعدها فى جنى قيمة التحصيل أخر الخط و سيكون مشروع مربح نظرا للتزايد المستمر للزحام   فى الترماى و قد لاحظ  حفظ الله ذلك بعينيه ..
و بالفعل ذهبا لمحامى من طرف النصاب و تم صياغة عقد مزيف يضمن البيع مقابل مبلغ  200 جنيه لم يكن منهم مع القروى سوى 83 جنيه فأخذ منه العبد ثمانون جنيه و ترك له ثلاثة جنيهات  بعد أن أقنعه أن يكتب له كمبيالات بقيمة المبلغ المتبقى  و هو 120 جنيه و أوهمه أنه كان لا ينوى البيع بأقل من مبلغ       و قدره  1000 جنيه لكنه تنازل من أجل أنه بلدياته !!
و كان القروى فى غاية السعادة أنه أتم الصفقة و ركب الترماى  ألى أن جاء فى أخر الخط و طلب من الكمسرى كل الأموال التى تم تحصيلها  طول الخط  فضحك الكمسرى ثم تطور الأمر عندما أيقن أن القروى يتحدث بجدية و تحول الموقف لخناقة أنتهت بالذهاب لقسم الشرطة و هناك أكتشف القروى أنه تحول لأكبر مغفل فى مصر و ليس فقط ذلك فقد ذاع صيته عالميا أيضا  فلم تكتفى الصحافة المصرية بنشر قصته كجريدة أخبار اليوم التى سجلت الواقعة على صفحاتها فى عددها الصادر بتاريخ 3 \ 1 \1948 و تحولت القصة فيما بعد لفيلم العتبة الخضراء و الذى أنتج فى عام  1959 م   فحسب بل مجلة أخبار لندن المصورة نشرت أيضا على غلافها  لوحة  تجسد  تلك  القصة !!
أما القسم الثالث من الفيديو فتناول فيه حازم النسخة الأجنبية  و الأقدم            و التى  تشبه  هذه الواقعة و أكد أن ما دام هناك فقر و طمع  وجُد  المغفل         و النصاب  فى  أى  بقعة على الأرض و فى أى حقبة من الزمن !
فى عام 1925 م  و بعد خروج  فرنسا من الحرب العالمية الأولى  كانت بيئة مثالية لعمليات النصب  و أنتشر مقال فى هذه الفترة  يدعو لأصلاح  برج أيفل حيث أن البرج  كان  يتجه  للسقوط  و كان  يحتاج  للصيانة  و أعادة  طلائه     و لكن ذلك كان عمل مكلف جدا و كان هذا المقال مصدر ألهام لرجل فى غاية الدهاء يدعى فيكتور لوستيج  و قد وضع خطة جهنمية من وراء هذا الخبر و من الوسائل المساعدة لتنفيذ خطته أنه كان يمتلك بطاقة عمل مزيفة للعمل لدى الحكومة الفرنسية فدعا ستة من تجار المعادن ألى أجتماع سرى فى فندق كريلون  واحد من الفنادق العتيقة  فى باريس رفيعة المستوى و قدم  نفسه على أنه نائب مدير عام  وزارة  البريد  و التلغراف  و شرح لهم أنه تم أختيارهم  لسمعتهم الجيدة و أن عملية صيانة البرج ستكون مكلفة جدا و لذلك تم الغاء العملية        و سيتم بيع البرج للنفايات  و نظرا للضجة المحيطة بتكلفة أعمال الصيانة للبرج  فيجب ألتزام السرية حول عملية بيع البرج و شرح لهم أنه تم أختياره من قبل الوزراة  لأختيار التاجر الذى سيتم التعامل معه بخصوص العملية و أخذهم فى ليموزين ألى البرج لمعاينته و ليكتشف من هو أكثرهم حماسا للموضوع و بالفعل و قع الأختيار على أحدهم و هو بويسون  و لمح  له  فيكتور أنه يسعى لتحسين دخله و يبحث عن مصادر مساعدة للدخل بجانب عمله الحكومى  لتحسين     مستواه  المعيشى  و عليه فهم بويسون أن فيكتور يريد مبلغا كبيرا كرشوة ليرشحه و يقع عليه الأختيار  لشراء  برج  أيفل !!
و بالفعل تلقى  فيكتور و سكرتيره الأمريكى مبلغا كبيرا من المال و هو ثمن أن يقع الأختيار على التاجر بويسون و ليس ثمن البرج  ثم  أخذا قطارا متجها لـ فيينا النمساوية و معهما حقيبة مليئة بالنقود !!
و لم يحدث شئ بعد هروبهما حيث أن بويسون وجد أنه من الأذلال أن يبلغ عن كونه أحمق لهذه الدرجة فأثر الصمت ..
لكن بعد هذه العملية  بشهر رجع  فيكتور و سكرتيره لباريس  مرة  أخرى        و أختار ستة تجار أخرين  و كرر معهم ما فعله فى المرة السابقة و لكن هذه المرة  ذهبت الضحية المختارة للبوليس قبل أتمام  فيكتور للصفقة و أفتضح الأمر لكن تمكن فيكتور و سكرتيره من الهرب !!
و بعد سرد هذه الوقائع  أنهى حازم الفيديو و هو يشير ألى أن النصب حدث       و يحدث و سيظل  يحدث بألوان مبتكرة مادام هناك فقر يولد الطمع ..
******************
كانت فيلا راغب الشامى  من أرقى الفيلات الموجودة بحى رفيع المستوى فى مدينة الأسكندرية .. راغب رجل أعمال ذاع صيته فى مجال التجارة  و الصناعة   و مجال  المقاولات و قد حقق نجاحات كبيرة فى هذه المجالات , كان يجلس فى حديقة  فيلته مع صديق قديم له منذ المراهقة يدعى سليمان و لقب                بـ مستر سولى  و قد  قضى أغلب سنوات عمره خارج مصر متنقلا بين         دول العالم   لكنه كان يستقر فى الأصل فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن سافر مع والده للولايات المتحدة   فى عمر السادسة  عشرة  و أكمل  دراسته         هناك  و من  ثم  بدأ حياته  الجديدة ..
مستر سولى مصرى أمريكى فوالده مصرى و تزوج من فتاة أمريكية كانت فى رحلة سياحية لمصر و كان هو مرشد الفوج السياحى و أنجذب لها فتزوجها وعاشت معه فى مصر سنوات و كان قد أنجب منها سليمان و عندما تعثرت معهما  الحياة  قررت الأمريكية العودة لموطنها و سافر معها زوجها والد سولى و ضغطا على  سولى و أصرا على  أن يسافر معهما و عاش الثلاثة هناك حياة أفضل جعلتهم لا يفكرون فى العودة لمصر مرة أخرى , سليمان كان على أتصال  مع صديق المراهقة  راغب الشامى  من خلال جوابات البريد التى كانا يتبادلاها سويا للأطمئنان على بعضهما و متابعة أخبارهما لكنها  كانت تنقطع لسنوات ثم تعود المراسلة  مرة أخرى و  كانا يلتقيان على فترات بعيدة عندما  كان يجد  مستر سولى فرصة ينزل فيها مصر بغرض الزيارة  و الغوص فى عباب الذكريات و لكن زياراته كان لها دوما جانب خفى  فهى  فى  الأساس تكون                              من أجل مصالح  شخصية ..
كان يجلس رجل الأعمال المصرى راغب الشامى  مع رجل الأعمال الأمريكى مستر سولى فى حديقة الفيلا على  سفرة مصنوعة من الخشب التك                و هو خشب مخصص للفرنيتشر الـ أوت دور , تشغل مساحة السفرة صينية كبيرة موضوعة عليها و تحمل فخذ ضأن ينز منه  الدهن و حولها يتناثر أطباق صغيرة بها أصناف متنوعة  من المحاشى  .. كان راغب يعزم فى حرارة على         مستر سولى  كعادة المصريين فى الترحيب بضيوفهم  فألزام الضيف بأنهاء كل الطعام هو رمز الحفاوة فى الترحيب .. كانا يتحدثان و يقصان لبعضهما أمور الحياة و العمل , أخبر مستر سولى  صديقه أنه يرغب فى تنفيذ مشروع ألكترونى فى مصر و قد نفذه فى عدة دول عربية  و نجح فى ذلك  و هو يسعى لتكملة  مشروعه  لأتمام  تأسيس الكيان الذى بدأه  و عليه  فقد قرر تنفيذه  فى مصر فى الفترة الراهنة  مما حفز  راغب  و عرض على صديقه أنه سيقدم  له المساعدات التى  فى  قدر أستطاعته  و التى  تخدمه فى  نجاح  مشروعه ..
كان مستر سولى  يقيم بشكل مؤقت فى فندق خمس نجوم مع مارك مساعده الخاص و لكن أصر راغب الشامى على تخصيص غرفة فى فيلته ليقضى  فيها  مستر سولى  الليلة ليكون معه غدا من بداية اليوم لمباشرة التجهيز لحفل عيد ميلاد أبنه أسر و قال له مازحا أنها حفلة عيد ميلاد لأبنى أسر و أيضا نحسبها بمثابة حفلة ترحيب بمستر سولى  لقدومه مصر .. و وعده  راغب أنهما سوف يجلسان مرة أخرى لمناقشة  حيثيات  مشروعه                                       و الذى يود  تطبيقه  فى  مصر ..

************************

سيمفونية الحرب العالمية لـ بيتهوفن بدأت تنطلق من سماعات هاتف فريدة        و هى جالسة فى محل - وشم و رسم - بجوار ماسة و تتوسطهما منضدة                     - جذع الشجرة -  و التى كانت شاهدة على واقعة العايق كانت حاملة أعلاها أفيونة المزاج  .. النسكافيه و الشيكولاتة الدارك ..
عندما بدأ بيتهوفن فى العزف مع أرتشاف النسكافيه كانت أجواء مماثلة لأجواء دخول العايق عليهم قبل تحويله ألى مسخ مما أدى لأستعادة  ذكرى المشهد  من قبل  فريدة  و ماسة  فتبادلا الضحكات و التنمر على طارق العايق ..
ثم  فاجأت  فريدة صديقتها ماسة و سألتها  : أيه  أخبار سولم  باشا ؟؟؟
فضحكت ماسة و قالت :  لسة مفيش جديد .. زى ما أنتى عارفة .. أنا عارفة أنه بيحبنى  و عايز يتقدملى .. علشان كدة لما بيحاول يفتح الموضوع فى كل مرة
بكون فاهمة  فـ بصده ..
فريدة : يا بنتى هتجننينى معاكى ! مش أنتى معجبة بيه ؟
و لا طلعتى شمال و أنا معرفش ؟
رفعت ماسة حاجبيها مع أبتسامة : منكرش أنى معجبة بالنقيب أسلام  لأن فيه بعض الصفات لفارس أحلامى  .. بس طبيعة حياتى غير طبيعة حياته أنا بحب الرسم و الروقان و الأبداع و بسمع موسيقى .. هو بيسمع ضرب نار و بيشوف لوحات بشرية متشرحة و بيطلع مأموريات بالأيام ..
لسة متلغبطة  بس حاسة  أن القرار هو الفرار ..
فريدة : فالحة فى الألش .. طب ما هو  بابا الحاج  ظابط  .. يعنى المفروض            أنك  واخدة على كدة برضه ؟
ماسة : دى كانت محور خناقاتى مع بابا .. من و أنا صغيرة و أنا بطلب منه يغير شغله علشان أعرف أشوفه و ألعب معاه و كان يبص لماما و يضحك و يقولها الكوبى  بتاعك و  بيحاول دايما يعوضنى عن غيابه بس بكون حاسة أن      محتاجة لحضوره فى حياتى  أكتر من كدة ..
و أستطردت ماسة و هى تغمز بأحدى عينيها : سيبك منى  بقى                      و قوليلى أيه أخبار الكابتن نضال ؟
فريدة : لا فتحى عينيكى  دى .. مفيش حاجة خالص من اللى فى دماغك دة عبارة عن رجل صخرى و الحادثة أنتزعت منه قلبه .. الميعاد اللى حددناه هيكون بكرة و هشوفه هنا فى المحل و أنتى أكيد مش هتفوتى الفرصة و هتبقى موجودة         و بتابعى على المكتب و أنتى  بتتفرجى على الكاميرا زى حكم ال VAR
ضحكت فريدة و ماسة ثم شرعت  فريدة فى أن تجمع  أشيائها  و هى تخبر ماسة أنه يتحتم عليها الرحيل حتى تستعد لحفلة عيد ميلاد صديق أخيها جاسر الليلة ..
**************
خيم الليل بسكونه و ظلماته لكن فيلا راغب الشامى كانت تتلألأ فى الظلام و كأنها زمردة عملاقة  منيرة .. خراطيم شرايط الليد بألوان قوس قزح كانت تكسو جسم الفيلا من الخارج و تـراكات الأضاءة  الورم وايت كانت معلقة بالعرض على أعمدة مؤقتة مخصصة  لرفعها فى حديقة الفيلا ناهيك عن السفرات المصنوعة من خشب التك مثمنة الشكل و التى تملأ الحديقة لأستقبال الضيوف .. فى أحد أطراف الحديقة يوجد أكثر من هاموك للأرجحة .. البالونات الغزيرة  المترابطة تتطاير مع تيارات  الهواء مكونة سقفا للحديقة من البالونات الملونة                        يعلو و يهبط .. فريق الـ دى جى  نصب عدته من سماعات و أجهزة                                   الليزر ذات مؤثرات الأضاءة المتحركة .. الجو مفعم  بالبهجة  و السرور ..
راغب  و زوجته  رانيا  و مستر سولى  كانوا يقفون فى أستقبال الضيوف            و الترحيب بهم .. أسر و ياسمين كانوا يمرون على الضيوف                        و ينظموا حركة تموقعهم ..
ظهر جاسر على البوابة برفقة  فريدة فتم الترحيب بهما  من قبل راغب و رانيا     و بترحيب خاص من مستر سولى  الذى صافح فريدة و أطلق تجاهها نظرات     و كأنه يصورها بعدسة عينيه و يخزن الصور فى  ذهنه ..  لمحتهم  ياسمين فوغزت أسر فتحركا ناحيتهما و عانق  أسر صديقه  جاسر و عانقت ياسمين فريدة  و جذبوهما للداخل  الى  ركناً فى الحديقة  قام أسر بتخصيصه لأصدقائه   و لصديقات شقيقته  .. بعد الترحيب قدم  جاسر شنطة هدايا لأسر وهو يتمنى له العمر المديد  فشكره أسر  و تنمر على  ثقلها و أخرج ما بداخلها فوجد عبوتان كبيرتان واحدة كانت عبوة كرياتين مستوردة  و الأخرى                         عبوة  بروتين  مستوردة  أيضا ..
هذا النوع  من الهدايا  يتطاير به لاعبى كمال الأجسام فرحاً و بالفعل            نالت الهدية أعجاب أسر  كثيرا ..
شكره  أسر مرة أخرى و أستأذنهما  بعد أن أتخذ كلاً منهما مقعده 
ليعاود الأهتمام بالضيوف الوافدين ..
بعد مرور حوالى نصف ساعة كانت الحديقة قد أكتظت بالضيوف , سحب أسر هاتفه من جيبه و فتحه للأتصال بكابتن نضال و ما أن بدأ الرنين حتى أستجاب   نضال لهاتفه على الفور و أخبر أسر أنه عند المدخل  فأستدار أسر بناظريه فوجد كابتن نضال فأبتسم له وهو يغلق الهاتف و يسرع تجاهه و عانقه بحرارة لحظة لقائه فأندهش راغب و رانيا و لفت ذلك نظر مستر سولى ..  أرتباط  أسر  بمدربه لهذه الدرجة لكن الأندهاشة الكبرى التى أصابتهم و هى عندما                                   أكتشفوا هدية كابتن  نضال  لأسر !
نضال كان ممسكا فى يده حامل للحيوانات عبارة عن قفص حديدى ذا مظهر شيك لكنه كان يحفظ بداخله جرو جيرمن  شيبرد !!
راغب لا يهوى الكلاب و لذلك لم يهتم عندما أختفى كلب أبنه أسر فجأة و رفض أعادة  تجربة شراء أسر لكلب أخر و مراعاته  لذلك فهو أنزعج عندما وجد نضال يحُضر معه قفص يصدر منه أصواتا  لنباح  كلب !!
على النقيض تماما كان أسر لا يصدق المفاجأة و أنتابته فرحة عارمة لهدية مدربه  فأخذها و حملها عنه و أجلسه فى الركن الخاص الذى ميزه لضيوفه ..
و هنا كان أسر يرد المفاجأة لنضال دون قصد عندما  رأى  نضال  تواجد فريدة  فى نفس المكان الذى هو فيه للمرة الثانية بترتيب القدر !                            و عليه أندهش أسر من تبادلهما نظرات التعجب  للحظات  فسألهما فى أدب :
أنتو تعرفوا بعض ؟
نظرا  كلا من نضال و فريدة تجاه أسر و نطقا فى صوتا  واحداً  و قالا : تقريبا !!
فتدخل جاسر مزمجرا : أنا مش فاهم حاجة !
فقال أسر لصديقه جاسر : دة كابتن نضال يا جاسر الـ بيدربنى  بوكس ..
جاسر : أهلا يا كابتن .. أسر حكى ليا عنك كتير و كان نفسى أقابلك من  زمان .. هو حضرتك تعرف  فريدة  أختى ؟
طلبت فريدة منهم الجلوس و رحبت بنضال  فشكرها  و جذب  الكرسى المجاور لجاسر و جلس بجانبه و على الجانب الأخر لجاسر كانت تجلس فريدة و التى     يثق فيها  جاسر  ثقة  عمياء  ..
كانت الأجواء تقترب من الأحتفال بعيد الميلاد كل شئ أصبح جاهز تقريبا بدأت الأضاءة  تقل تدريجيا و التجمع يتزايد  تدريجيا حول التورتة الضخمة و بدأت مراسم الأحتفال بأسر من غناء و تصوير و أطلاق صواريخ الأحتفال ..
ثم عاد الجميع بعد الأحتفال لأماكنهم و بدأ  تقديم العشاء للحاضرين  ..         كانت أطباق من اللحوم و كانت غير مفهومة لبعض الضيوف منهم على                سبيل المثال لا الحصر فريدة و جاسر و نضال و قد كانوا يجهلون هوية  هذه اللحوم  بدا ذلك عليهم  جليا  ..   لكن كانت تنبعث منها رائحة شهية جدا ..    سأل جاسر صديقه أسر عندما أقترب من السفرة التى يجلس عليها و هو         يتمم على  خدمة  الضيوف  و قال له :
أيه يا أسر اللحمة اللى  بتدوب قبل ما أمضغها دى ؟
دى لحمة لكبار السن و لا ايه ؟
فضحك أسر و أيضا ضحكت فريدة و أخيرا أبتسم نضال و رد أسر :
دة لحم غزلان و لحم  نعام  يا صاحبى .. بألف هنا .. حد ناقصه أى  حاجة ؟
فأثنوا عليه  و طلبوا منه أن يجلس و يأكل معهم  ففعل  ذلك .. و طلب طبقا له   و جلس يأكل فى نهم حتى يحفز ضيوفه على الأكل دون خجل ..
مستر سولى أبدى أعجابه لراغب بطهى اللحوم و تسويتها و أثنى  كثيرا على                   طيب طعمها و سأل صديقه  : هل لديك مزرعة للغزلان  و النعام ؟
فأخبره راغب أنه لا يملك هذا الطراز  من المزارع  و لكن زوجته رانيا  أعتادت على طلب ما تحتاجه من هذه الأصناف أون لاين من صفحة تزورها بأستمرار    و قد عرفتها  من صديقاتها فى أحد الجروبات الخاصة بهم  و هى               لمحل مميز لـ لحوم  و طيور فى القاهرة لتاجر أسمه  سعيد نتعامل معه منذ فترة طويلة  و بضاعته  دائما تكون جيدة ..  كما أنه رشح لنا محلا للفواكه ممتازا لتاجر أسمه جوزيف أيضا نبتاع منه  ما نريد منذ فترة طويلة عن طريق الطلب        أون لاين , و بعد قليل ستتذوق  فاكهة قادمة من محله ستنال أعجابك ..
بدأت تغادر أطباق اللحوم من على السُفر التك ليأخذ مكانها أطباق الجاتوه           و أطباق فاكهة جوزيف المميزة ..
ما أن نزلت أطباق الفاكهة على السفرة التى تجمع نضال و فريدة و جاسر مع التعريف بأسمائها من قبل مقدميها ..  هذا موز أحمر و هذا  دوريان  و هذه مانجوستين .. حتى ألتقط  جاسر هاتفه  وسط  نظرات ترقب من فريدة و نضال       و فتح اليوتيوب و كتب على محرك البحث  أسم أحد أنواع  الفاكهة التى سمعها غير الموز الأحمر .. و عندما سألته فريدة عن ما يفعله  فأجابها  أنه يحاول فهم كيفية التعامل مع هذه الفاكهة  قبل أن يغادر الطبق السفرة  و يخسر فرصة التجربة و لم  يكترث لصرامة نظرتها له و التى تعنى أن يتحلى  بالخجل ..        ثم  وضع الهاتف أمامه على  السفرة و أسنده  بميل على كوب الماء  فأصبحت المشاهدة  واضحة للثلاثة و ظهر أول فيديو فى البحث  فلمس جاسر الشاشة مكان علامة التشغيل ليفتح فيديو حازم الذى يشرح كيفية  تقشير هذه الأنواع من الفواكه المميزة .. و على نهج  الخطوات التى تعلمها جاسر من الفيديو بدأ فى تناول الفاكهة من أمامه و عزم  بها على فريدة و نضال و بدأ الثلاثة فى تطبيق الخطوات الطازجة التى علقت فى أذهانهم  و تعاملوا مع حبات الفاكهة  بوعى أكتسبوه من ثوان قليلة  و نجحوا فى التعامل معها و تلذذوا بمذاقها
و كأنهم جربوها مرات من  قبل ..
أبتسم نضال لجاسر و قال له : أنت مشكلة يا جاسر ..
رد جاسر بصوت متقطع  : و لو ماروحتش الحمام  دلوقت هتبقى  مشكلة ..              ثم  قفز جاسر من  على  كرسيه متجها لأسر ليرشده لمكان الحمام ..
أصبح نضال يجلس مع فريدة على  سفرة  واحدة يفصلهما مقعد خاوى ,         نظر نضال لفريدة بملامح جدية و سألها : هو أحنا طلعنا قرايب ؟
ضحكت فريدة فى ذهول و قالت : أنت طلعت بتعرف تهزر يا كابتن !
نضال : أيه  الموضوع ؟
أرتبكت  فريدة  لوهلة  و هى تفكر فى الموقف الحرج الذى وقعت فيه  فالوقت غير مناسب لتذكر نضال  بالحادث و لو أجلت الحديث  قد يسئ  نضال بها الظن         و يعتقد أنها تماطل من أجل أن يتقرب منها أكثر .. و قعت فى حيرة و قد لاحظ  نضال عليها ذلك  فقطع شرودها و سألها مرة أخرى : مالك يا فريدة ؟؟
سرت  قشعريرة بداخل فريدة عندما سمعت أسمها هذه  المرة من نضال دون أن يسبق أسمها  لقب أستاذة .. نظرت لنضال و قررت أن تخبره و ليكن ما يكون ..
أكدت  له  رغم أن الوقت غير مناسب لفتح موضوع كهذا لكنها ستخبره حتى  لا يتسلل الشك لعقله أن هناك  سرا أو أمرا  ما  حولها ..
قدمت له  فريدة نفسها أنها فريدة أبراهيم النحراوى بنت سائق أتوبيس الرحلات الذى توفى  فى  حادث أنقلاب الأتوبيس منذ ستة أعوام  و توفى معه كل       ركاب الأتوبيس  من ضمنهم أسرته  ..
تجمدت تعابير وجه نضال و أصبحت جافة لصعقه بهذه الذكرى المؤلمة له  .. فجأة  أقتحمت ياسمين  مع  أسر مجلسهما و طلبت من فريدة أن تقوم معها       و تنخرط  فى  أجواء عيد الميلاد فقامت معها بعد أن أستأذنت من نضال و أسر ..       جلس أسر بجوار كابتن نضال و هو يسأله عن سبب تأخر جاسر فى الحمام       و لكنه  لاحظ علامات أضطراب على وجه نضال و عندما سأله أسر عن ما أصابه  فـ  جائه الجواب من نضال أنه مرهق و يتحتم عليه الرحيل  لينال                         قسطا من الراحة  ثم غادر نضال ..
رغم أن مستر سولى كان مرافقا لراغب فى أغلب أوقات الحفلة لكنه كان مراقبا لسفرة فريدة و نضال أغلب أوقات الحفلة أيضا , كان يطبع  فى عقله صورا لما يلاحظه  لكن الصورة النهائية فى ذهنه أصبحت مشوشة خاصة بعد رحيل نضال فجأة  و أندماج فريدة فى الأحتفال مع ياسمين و أنخراط                                   جاسر فى الرقص مع أسر ..
ذهب مستر سولى للسفرة التى يجلس عليها مساعده الخاص مارك الأسود و قد دعاه لحضور حفل عيد الميلاد معه .. مارك نادرا ما  يفارق  مستر سولى فى أى مكان يذهب أليه فهو الذى يعد له جدول أعمال اليوم و لقبه مستر سولى بالأسود ليس للون بشرته السمراء لكن مارك هو بئر أسرار مستر سولى  فيعتبره سولى الصندوق الأسود له لذلك لقبه بمارك الأسود كما أن مارك هو بمثابة  مؤشر البحث  لمستر سولى  و الذى يحصل من خلاله
على أى معلومة  يرغبها  تخص  أى  شخص أو مكان !
طلب مستر سولى  من  مارك تكوين قاعدة بيانات وافية عن كلا من فريدة        و نضال و  أطلاعه عليها غدا فى الفندق الذى  يقيمان  فيه  !
****************
داخل الفندق الراقى كان يشغل مستر سولى جناحا خاصا يقيم به , سولى يعشق حياة الفنادق و قد أعتادها بحكم  زياراته الكثيرة لدول عديدة ..
قد تمكن اللون الأبيض من أن يغزو  رأس مستر سولى  بالكامل رغم أنه مازال فى الخمسين من عمره  ..  سولى   يقدر النساء كثيرا و يقدر المال أكثر ..    يزداد شعوره  بالأمان كلما تضخمت ثروته و تورط  فى علاقات نسائية عديدة  !
كان يجلس فى غرفته على كنبة جلد أبيض مط .. تجاوره فتاة ثلاثينية فى  يدها سيجارة و بيدها الأخرى كأس ممتلئ  لنصفه بالنبيذ الأحمر و يضرب بكأسه فى كأسها  فيصدر صوت طرقعة الكاسات مع الضحكات ..
   يمد مستر سولى  يده  ليأخذ زجاجة النبيذ من أمامه  ليزود  كأسه و كان  قد  وضعها  على مكعبا من رزم  دولارات متراصة فوق  بعضها  البعض على الأرض مكونة شكل مكعب  أرتفاعه حوالى 50 سم  و طوله و عرضه  حوالى 50  سم          و يتعامل معه  و كأنه قطعة أثاث  يضع عليها  هاتفه  و  زجاجة النبيذ !
قرع  مارك باب الغرفة فأشار سولى  للغانية التى بجواره  لتذهب و تسمح لمارك بالدخول ثم تغادر  و تتركهما  .. دخل مارك و فى يده فلاشة رفعها فى وجه سولى  و قال له أتفضل يا مستر سولى .. كل ما ترغب فى  معرفته عن نضال و فريدة ستجده فى هذه الفلاشة ..  جلس مارك بعد أن طلب منه  مستر سولى ذلك كما طلب منه  أن يقص عليه  نبذة عن محتوى الفلاشة فأستغرقت النبذة   حوالى عشرون  دقيقة  على سبيل الفضفضة كانت كافية لسولى لأن تخمر أفكارا كانت تراوده  بخصوصهما لا سيما و أنه قد شاهد من قبل فيديو فريدة  و هى  توشم العايق  و فهم مارك  ذلك  من مشاركة  مستر سولى  الحوار معه  و ذكر  بعض الأحداث التى ظهرت فى الفيديو  , بدت علامات الرضا واضحة على  وجه مستر سولى و هو يبتسم لمارك  ثم  طلب منه أن يقوم بتشغيل التلفاز و تناول مستر سولى هاتفه من على مكعب الدولارات و قام  بتشغيل فيديو من على هاتفه بعد أن ربطه بالتلفاز فظهر الفيديو على  شاشة التلفاز  و كان فيديو لحازم  و الذى يعرض  فيه حيل  النصب  و  وقائع  حقيقية  طريفة  لنصابين ..
بعد أن شاهد مستر سولى الفيديو للمرة الثانية مع مارك الذى يشاهده للمرة الأولى  طلب منه أن يتواصل مع صاحب الفيديو و يحدد معه موعد على  أخر الأسبوع  يخبره أن هناك رجل أعمال  يريد مقابلته هنا فى  الفندق  ..

كما  طلب  مستر سولى  من  مساعده  مارك أن يتواصل أيضا مع  فريدة          و نضال  و ينسق  معهما مقابلة  فى  نفس الموعد الذى سيحدده  لحازم ..
أكد مستر سولى على مارك أن  هذا الأجتماع المغلق للثلاثة فى  جناحه الخاص  يكون  فى سرية  تامة و لا يخبر أحدا من الثلاثة ألا بشئ  واحد ..
أنه سيكون  تحقيق أحلامهم  و فرصة لهم لن تعوض فى هذا اللقاء  !


******************

1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.