مرّت أسابيع قصيرة بعد اللقاء، وكل التحضيرات كانت عم تنجز بسرعة وكأن الدنيا كلها متواطئة هالمرة حتى تساعد فؤاد. بيت صغير بصافيتا صار جاهز، مزين بذكريات ما انكتبت بعد. حنين كانت تجي تزورو مع أهلها، وعيونها تلمع بالأمل، كأنها طفلة رجعتلها لعبتها الضايعة بعد سنين.
يوم العرس، صافيتا غطّتها الزينة. الضيعة كلها كانت عم تحكي عن الشب يلي رجع من الغربة بوجه جديد وحياة جديدة. الشباب زفو العريس بزغاريد، والأطفال يركضوا حواليه، والفرح يعمّ كل زاوية.
فؤاد واقف عند باب الصالة، بدلة سودة تلمع تحت أضواء القاعة، وعيونه ما تدور غير على وحدة: حنين. دخلت متل الحلم، بفستان أبيض بسيط، شعرها الأشقر متل الذهب الناعم، وعيونها عم تضحك وتبكي بوقت واحد.
اقتربت منه بخطوات هادئة، وكل خطوة كانت تمسح وجع سنين. مدّ إيدو إلها، وهي مدّت إيدها بلا تردد. بهديك اللحظة، حسّ إنو كل الجروح نلئمت، وكل الليل الطويل تبخّر قدام هاللحظة.
أبوها يحيى وأبو فؤاد صافحوا بعض، نظراتهن مليانة فخر ورضى. الأمهات عم يدمعوا ويزغردوا، والكل يصفّق ويغني.
ولما انكتب الكتاب، فؤاد همس بصوت واطي باذنها:
– "خلص، انتهى الكابوس… ابتدى الحلم. هلق بتصيري أم ولادي."
حنين ابتسمت، دموعها تلمع وقالت:
– "وإنت… ولدت من جديد لأجلي."
الليلة كانت بداية حياة، مو مجرد زفاف. بداية لرجل تعلّم من وجعو، وامرأة صبرت بحبها، وحكاية صارت مثل الأسطورة بين أهل الضيعة: قصة فؤاد وحنين، الحكاية اللي ولدت من جديد من قلب الرماد.