أكوان للنشر والترجمة والتوزيع

شارك على مواقع التواصل

عاودت میرفت وقوفها أمام إحدى البحيرات الواقعة على مقربة من بيتها في الريف، وأخذت تتأملها في حيرة. كان صدرها مفعمًا بالألم، ووجهها يطفح بكل صور المآسي، والخطوب.. آه لو أن لدى آلامها شيئًا من الشهامة لغادرت لتوها هذا الصدر المكبل بالحسرات، وأسباب البلى.
أخذت تسائل نفسها في حسرة، وملل عما أقدمت عليه تجاه أدهم، وهل هي أحسنت صنعًا أم أساءت حينما أقدمت على تأنيب إنسان كل جريمته أنه أحبها، وخلصت إلى أنه لم يكن أمامها سوي هذا التصرف للدفاع عن كرامتها، فالزواج حينما يبنى على الرغبة يصبح ضربًا من الهمجية
كان على أن أرفض توريط مشاعري في مؤامرة من أجل زواج يجلب الحيرة، ومالبثت أن أخذت تندب سلوكها الذي باركته منذ قليل.
- كيف لي أن أرهق نفسي في حلم عقيم بسعادة مجهولة سامية، وأنا أرى هنا بالقرب مني سعادة بسيطة، وإن تك عادية فلماذا أطلب أكثر من ذلك. فالزواج الذي يقام على فكرة الحب المقدس بات ضربًا من الماضي فكيف بي أن أتعلق بفكرة هي صورة للعدم لا شك أني مخطئة؛ كان يجب أن أتروى، وأعيد التفكير مرات قبل رفض أدهم..
ثم أخذت تقذف بقطع من الأحجار الصغيرة في الماء، وهنا اقترب منها طفل صغير يرتدي حلة ريفية مهندمة، وسألها في براءة، وذكاء:
- هل لي أن أعرف ما هذا الشيء الذي تقذفينه في البحيرة؟
كانت ميرفت غارقة في ذهول أنساها الإجابة والصبي معًا، فقد تقمصها شيطان الكآبة فلم تعر الصبي جوابًا أو حتى انتباهًا.
وهنا استطرد الصبي وكأنه يجيب على نفسه..
-آه.. إنها أحجار تلك التي تقذفينها ...أليست كذلك؟
وهنا أفاقت ميرفت رغم إلحاح شرودها والتفتت إلى الصبي:
- أي أحجار تلك التي تتحدث عنها يا صغيري؟
وقد أشارت إلى الحجر، وهي تمسك به في ذهول:
-إنها احزاني أستفتي البحر في أمرها.. إنها آلامي أودعها عمق البحيرة ليبتلعها الماء..، وقد أثقلت مني الكاهل.

وهنا جاءت ليزا التي ظلت تبحث عن ميرفت وقتًا طويلًا، وقد وقع إلى سمعها كلمة آلامي التي قالتها ميرفت للصبي..، وهنا هبت ليزا تقول:
-آلامك.. أي آلام تلك التي تتكلفين تحطيمها في الماء؟ لا یا میرفت دعك من الأرق، والتفكير. كفي عن الأرق من أجلي؛ فالحياة جميلة ولا تستحق منك كل هذه المرارة، وهذا الجحود على أوقاتها.
لقد أثقلت هذه الكلمات رأس ميرفت فأنشأت تقول:
- تقولين إن الحياة لا تستحق مرارتنا.. ماذا تعنين؟ أتقصدين أنها غير جديرة بكل هذه الحسرات؟ لا يا ليزا الحياة تتطلب منا أن نواجهها ونحن مسلحين بالمرارة، وإلا تحطمنا فوق صخورها كما تتحطم الأمواج التي لا حول لها ولا قوة على صخور ليست من صنعها..
وهنا عقبت ليزا قائلة:
- لا بد أن تهربي من الألم وتواجهي الحياة
قالت میرفت مقاطعة:
- إنهما أمران جد متباينان.. الهروب من الألم، ومواجهة الحياة.. إذ كيف لي أن أواجه الحياة من غير أن أتذرع بالألم...؟ أحسب أن الحياة نفسها لن تقبل منك هذه النصيحة..

عندئذ قطب جبين ليزا، وبدا ثمة شحوب مرمري يكسو خديها، وارتفعت نبرة صوتها قليلاً، وإذا بها تقول لأختها:
- حدثيني يا أختي بحق السماء أي خطب أصابك؟ (مستطردة) نعم لقد اعتدت منك نغمة الحزن التائهة ومزاجك الفلسفي الطريد، ولكني أشعر أن ثمة جديد في أسباب حزنك وتدفقه ... ما الذي أعلي ثورتك، وأثار حنقك؟
لا تقولي إنه الماضي.. فأنت تعرفين أننا لم نعد نعيش فيه، ولن نعيش فيه تكلمي يا ميرفت لعلي أملك لأحزانك دفعًا.. فأحزانك مما يشقيني.
عندئذ خرجت میرفت عن وجومها، وضمت ليزا إلى صدرها ضمة عنيفة كانت كافية لتوكيد عُرى أخوة قوية رغم عدم استنادها إلى روابط دم، ثم سارتا بعد ذلك جنبًا إلى جنب.. قالت ميرفت تحدث أختها:
- ليس الماضي يا ليزا هو ما يثير حنقي، وتأففي الآن رغم أنني أعيش فيه بكل جوارحي..
ثم أخذت تقص على أختها ما فعلته مع أدهم الذي كم ألح في طلب يدها، ولم تبد له سوى الرفض، وبدت ميرفت مهمومة تكظم حسرتها، وندمها في شجاعة، وهي تقول:
- لقد هاجمته، وأدبته؛ لأنه كان يردد دومًا أنه يحبني
- وهل كان يحبك فعلاً ...؟
- قالها مرارًا، وتكرارًا رغم أنني لم أشعر بحبه في أي مرة.
ظهرت ليزا مستسلمة للإصغاء، وما لبثت أن ابتدرت ميرفت معاتبة:
- إن مأساتك يا حبيبتي هي أنك تخشين توريط مشاعرك فيما يشعر به الآخرون أو أنك لا تستطيعين أن تشعري بالطريقة التي يشعرون بها.. فالشفافية المطلقة هي التي تقود خطاك على طول الطريق؛ لذا فلن تصلي إلى نتائج واقعية.. إن المشاعر على هذه الطريقة تصبح جحيمًا.. جحيمًا حيًا يا مرفت..
- ماذا تقولين يا ليزا؟ حسبك أن تتصوري أن الشفافية هي الجحيم، وأن الإنسان إذا ما تشبث بمبادئ راسخة يمليها عليه الضمير يصبح مجافيًا للواقع .... كيف تتورطين في مثل هذا التشبيه السخيف، أنا أفهم مشاعري جيدًا، وأعرف أنني أحس بطريقة منطقية، وأن قلبي الذي تخطئينه أكثر منطقية من عقل أرسطو، فإذا كانت العدالة تبيح إطلاق فكرة الجحيم على المشاعر فاسمحي لي أن أقول في غير تحامل إن الجحيم هو مشاعر الآخرين .... فلن تتمكن الثورة مني إذا أساءت العقول أو القلوب فهمي؛ لأن التباين موجود بين ما أريده، وما يعرفونه. فأنا بجملتي مستعصية على الفهم.
قالت ليزا:
-إن الماضي الذي لا تستطيعين تحديه أو نسيانه هو الذي صاغك على هذا النحو، وهو صاحب النفوذ الأول على جملة تصرفاتك، بل وما تعانينه من قلق، ولكن لا يجب أن تكون حياة المرأة معركة ضارية مع ملابسات حياتها فلا يجب أن تقفى دائمًا متهمة أمام نفسك بأنك ثمرة فحش، وضحية فسق، وإن إرادة الله كانت مباغتة حينما اختارتك لهذه التجربة.. دعي كل مخطيء يكفر عن خطئه.
وهنا أخذ ميرفت الهياج، وصاحت قائلة:
- ولماذا لا يكفر الخطأ عن المخطئ، إني هنا لأكفر عن وجود والدين يستوجبان الرثاء.. (باكية).. أنا عارية كالبلهاء في تيارات الهواء.. أنا عارية من النسب، وعار على كل نسب.
وهنا صاحت ليزا:
-لستِ عارًا، ولن تكوني كذلك، بل أنت وسام على صدور كل النساء.. تقى أن الله يحيطك بعنايته؛ لذلك اختارك على هذه السجية النادرة، وروض روحك على مؤاخذة النفس، وعقابها.. أنت تعاقبين الطبيعة بهذا التجهم، إنك تفهمين الدنيا يا حبيبتي أكثر من فهم الدنيا ذاتها، فطبيعتك الواعية، وتطور فكرك الخلاق يجعلان من هبة الحظ لأي فتاة أن تتوحد فيك، ونحن نحصي العظماء في كل العصور، فالعظمة ثروة، والموهبة منحة، ولله حق استرداد ما منح؛ فقد تسترد الموهبة إذا أخفق صاحبها في التقدير لها أو الانتفاع بها، فقد يسطو عليها العامة إذا صارت مصدر شقاء لهم، وقد يتورط الجنون في إهلاكها.. إلا أن الحزن مما تنتفع به الموهبة، فهو كالبوق الذي تنطق منه، وينبغي القول بأن تطاول الآلام على الانسان في عمر الطفولة يعمل على شحذ المواهب المبكرة، هذا ولا أغالي إذا أنا قلت بأن خراب طفولتك، ووقوع شبابك الناعم في براثن ماضي حقیر هما سر نجاحك، وصمودك فهل جانبني الصواب حينما قلت إن الله قد أحاطك بعناية حينما اختارك على هذه السجية النادرة..
ابتسمت ميرفت ابتسامة واهنة اختلستها اختلاسًا، وعادت ليزا لتدور حول تصور ميرفت للحب، والحق أنها أثارت جدلاً كبيرًا بينها، وبين ميرفت حول موقفيهما من الحب، والزواج:
- عهدي بالفلاسفة أنهم فوق مستوى النصح إلا أنني آخذ عليك يا فيلسوفتي تمييزك بين الحب، والمصلحة، وكأنهما أعداء ألداء.
- ولكن الفرق واضح.. فهذا حب، وهذه مصلحة
- إذن ما جدوى الحب إذا كان لا ينفع؟
- هذه هي جدواه.. عدم نفعه فالحب لا يحقق إلا نفعًا معنويًا فهو يؤازر الإبداع، ويفجر الإلهام، ولكن احذري؛ فالحب لا يغني الفقير، بل قد يزيد من محنته.
- هل كان الحب يستحق منا الاهتمام إذا كان يحمل للبشرية الأذى، ويدفع المرء لتحطيم ذاته، وإذا كان الحب مما يدمر أو يهلك كما تتصورينه هل كانت البشرية تتخذه، والحالة هكذا، معبرًا لعلاقات غاية في العمق، والدفء، والصدق.
- بالطبع لا..
- اذن المنفعة مرتبطة ضمنًا بالحب.. فالرجل يختار المرأة التي يحبها.
حينئذ تذكرت میرفت كلمات أدهم عن حق الرجل في المبادءة باختيار المرأة التي يشتهيها، وأردفت تقول في عصبية:
- ولكن أين إذن الحقوق المقدسة للمرأة في الرفض، والاختيار أليس لها أن تختار؟ إن الحب على هذا النحو المتحيز مؤامرة على المرأة، لماذا لا تختار المرأة؟
- ألم يكن رفضك لأدهم هو اختيار محض، ولكن حينما يصبح الاختيار رفضًا يصير هروبًا "، وينبغي أن نتقبل الوضع القائم دون تحفظ فستصبح المرأة شاءت أم أبت ملكاً للرجل، وعندئذ تصبح تحفظاتها أوهام؛ فهي تصل بهذه التحفظات إلى طريق مسدود، إنها تنتهي إلى تحقيق كل طموحات الرجل دون أن تدري، إنها تحمل الطرق على كتفيها بدلاً من أن تمضي عليها بقدميها.
- "مترجية" أسألك الزواج يا ميرفت بالطرق التي يفهمها الرجل، ويألفها لا سيما إذا كان هذا الرجل مثل أدهم؛ شاب مزاجه مما يلائمك.
- أدهم يحبني؛ لأن الحب هو سبيله الوحيد لاقتناصي لا للتسامي بي، ولكني رميته بالأنانية، وأشعرته بالذنب. أدهم لم يقف أمامي وقفة عاشق إلا، وحولت المكان الى ساحة محاكمة، كان العشق قرينتي لإذلاله "متحسرة" كان العشق جريمته يا ليزا، وإن كنت في بعض الأحيان أرى أن الهروب من العشق هو الآخر جريمة.
- إذا كان العشق أو الهروب منه جرائم فإن المشاعر المحايدة التي تقف بينهما هي الأخرى مذنبة، وما دمت قد أهنتِ أدهم فلا يجب التفكير فيه ثانية ولتكن مبادئك القاسية أكثر مرونة في أي علاقات أخرى مقبلة.
وفي الوقت الذي وضعت فيه قصة الحب التي خاضتها ميرفت حدًا لبهجتها بالريف، ودفعتها إلي الانغلاق علي النفس كانت ليزا تقضي وقتها في نادي القرية، وتلعب الراكت مع والدها، وتقود الخيل، وكم من مرة ألحت على ميرفت لتركب معها الخيل، وقد كانت ميرفت تعدو بالفرس عدوًا مجنونًا، وكأنها تفر من فكرة محمومة تطاردها. أما ليزا فكانت تقود فرسها في هدوء، وتؤدة؛ لأنها لم تخض في أي وقت صراع مع الحياة أو مع الماضي. إن ليزا صاحبة مزاج أرستقراطي برجوازي إلا أنها على الرغم من ذلك تجيد الشفقة، ولا تعرف الحقد، هذا إلى جانب حبها لقراءة الكتب عن فن الباليه، والشعر، والموسيقي فهي تحب المتعة لأنها تملك مؤهلاتها.
وفي الوقت الذي تتساءل ميرفت عن كيفية الضحك نجد ليزا تسأل ميرفت عن كيفية التعاسة وسط عالم مملوء حتى فوهته بصور المتع، والمسرات.
لقد جلست ميرفت في أحد الأيام تتناول إفطارها، وهي تتصفح عددًا قديمًا من مجلة الهلال، وقد استوقفها مقال يحمل عنوان "زواج الفنان مشكلة" للأديب أنيس منصور، وهنا اقتربت ليزا من ميرفت، وألقت بكل نظرها في المقال، وأخذت تردد عنوانه مرتين:
-"زواج الفنان مشكلة"، ولكن عدم زواجه هو الآخر مشكلة أليس كذلك يا ميرفت؟! ألم يكن قولك أمس إن العشق جريمة، والهروب منه هو الآخر جريمة؟!
-ولكن أنيس منصور عليه رحمة الله هو الآخر فنان، وكان متزوجًا، وهو يدين بنصف فنه الأدبي لزواجه رغم خلو هذا الزواج من مشكلات، ولو أن ثمة مشكلات في الزواج لكان قد أرجع كل فنه إلى هذه المشكلات "مستطردة" الفنان في حاجة إلى مشكلات يوظف طاقاته من خلالها، ويواجهها بحلوله، والفنان الذي ليس لديه حلول يقدم مشكلات فليس زواج الفنان مشـكلـة بل الفن هو المشكلة، أعتقد أنه من غير المثير أن نخوض في مشكلة الفن.
- إلا أنه مما يثير أن نرى مشكلة الفن أليس كذلك؟
- نعم بالطبع..
- أنتِ تعرفين أننا سوف نودع الريف بعد غد عائدين إلى منزلنا بالمهندسين، وما إن نعود إلى القاهرة حتى آخذك إلى المسرح لمشاهدة مسرحية ممتعـة قد تخرجك من ثورتك العقائدية على الحب؛ فمن خلال هذه المسرحية سوف تمسكين بالخيط المفقود الذي يفصل بين الواقع، والمثال، وستبصرين عن قرب معنى الفن، ومشكلاته، سترين الكاتب المسرحي الذي عبر عن الزيف، وصـوره، واكتشف النفاق، وأسبابه، وبرهن على نهاية القيم بأسلوب فكه، ولاذع، وكلمات منمقة، وعبارات قد تكون جريئة، ولكنها لا تخلو من مسحة ابتذال، ولا أدرى أهو الذي خرب المثالية أم أن ما توصل إليه بصددها هو نهاية بحثه الدائم عنها، لن تجدى من المثالية سوى أطلال باهته، بقايا ذكريات.
في حيرة وارتباك:
-وهل ما يفصل بين الواقع، والمثال هو خط واحد كما تذكرين، وهل هو بهذا الوضوح الذي يجعل الإمساك به أمرًا سهلاً؟! هل بهذه السهولة من الممكن لأي أديب أن يمسك بما تسمينه خطًا فاصلًا بين الواقع، والمثال. ليس بين الواقع، والمثال حدود مجاورة حتى يفصل بينهما خط بمثل هذه الدقة المتناهية التي تذكرينها.
- لا.. لا أقبل هذه الحيل ولا أستسيغ مثل هذا التشويش ستنتابني الرجفة، وأنا أشاهد هذه الأفكار تتحرك أمام ناظري، إلا أنني برغم ذلك لن أمنع نفسي عن رؤيتها.
استيقظت ميرفت مبكرة في صباح اليوم التالي وراحت تحجل تحت أشعة الشمس، وكأنها تودع الخضرة، والجمال، والحقول.
أخذت ميرفت تندفع، وتركض بين الحدائق المكتظة بالأزاهير، ولم تكن الأرض لتمس قدميها من شدة انطلاقها، وانبهارها، وكان وجهها يفيض سعادة، كانت تطفح بشرًا، وتهللاً في هذه الانطلاقة الأخيرة كأن كائنًا لا مرئيًا يلاطفها باستمرار.
لقد قادها الانطلاق إلى إحدى الربى الخلابة، وصعدت عليها في عناء، ومشقة، وهي تقول:
-لا بأس فقد اعتدت منذ الصغر على حياة المخاطرة، والمغامرات (وقد بدت متحفزة) أيتها الربى اكتبي ميلادي على رمالك؛ فلم أكن قد ولدت قبل صعودك..
... فأنا إنسانة بغير ميلاد..
... هيا أسرعي بتسجيل مولدي حتى لا ينساه وجودي ...... أيتها الورود عطري ذكراي من عبقك؛ فأنا كالنحلة ظمأى للرحيق.. أيتها الحقول إلى موعد جديد مع طبيعتك الجميلة فها أنا مع أوراق أشجارك، وحتى تقودني الخطى مرة أخرى إلى حيث مولدي ...
وما لبثت الأسرة أن أعلنت ساعة الرحيل وقررت إنهاء الرحلة، والعودة إلى القاهرة فأخذوا يجرون حقائبهم، وأمتعتهم، وهم يسيرون بخطى متثاقلة قالت الأم لميرفت، وليزا، وهما في طريق العودة:
- يا لها من رحلة صيف رائعة بين المروج، والحدائق..، وقال الأب:
- لیديم الله علينا هذا الريف؛ لأنه صاحب الفضل في كل هذا الحبور، كما أنه أساس المدينة..
الأم في شيء من المجاز لم يفهمه الرجل:
- ولكني أتنبأ بزوال المدينة..
- لا ... فالمدينة باقية، وقائمة مادام هناك ريف.
- إلا أنني لا أعرف لماذا تغلبني الفراسة، وقوة البصيرة بزوالها.
- وهل ستزول بفعل طوفان أم بفعل بركان (ساخرًا)
- لا.. بل بفعل الأنانية، والأحقاد.

0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.