أرتسمت علي وجه "كرم" ملامح الألم الدفين والذي يخفيه عمن حوله ليثبت للجميع بأنه صلب ويمتلك من القوة الكثير ؛ فهروب "ليل" بيوم عرسهما كان صفعة قوية مدوية لقلبه قبل وجهه فلقد تركته وسط مدعوين حفل الزفاف الأسطوري الذي خططا له سويا وعش حبهما الذي سيجمع بينهما وكل تفاصيل منزلهما الهاديء بأحدي التجمعات السكنية الفارهة وأختيار ألوان الحوائط وأقمشة الأثاث وكل تفصيلة صغيرة أو كبيرة وكانت بينهما ذكريات بالغة الجمال والعذوبة مما جعل هروبها بمثابة نزع لقلبه من صدره وبشراسة وتجمدت نظرات الذهول بمقلتيه ؛ وتوقف قلبه عن النبض وأخذ يعتصر أصابعه لعله يمتص غضبه وحتي لا يصبح مثار للسخرية من الحضور ويواجه نظرات الشماتة ؛ فما أصعب تلك اللحظات علي رجولة أي رجل بالكون فما بال برجل مثل "كرم" .
"كرم" رجل أعمال مشهور تدرج بالمناصب العليا بالشركات العالمية حتي كون لنفسه خبرة ممتازة في عالم الأعمال وأخذه للخطوة بتأسيس شركته الخاصة علي أسس متينة فخبرته في مجال العقارات والبناء لكون دراسته هي مجال الهندسة المعمارية من جامعة ليدز حيث تعد هذا الجامعة واحدة من أفضل الأماكن في العالم لدراسة هندسة العمارة، وتقع هذه الجامعة في بريطانيا، وتعد هذه الجامعة من الجامعات المعتمدة من قبل المجلس الوطني لأعتماد الهندسة المعمارية NAAB، وتتميز هذه الجامعة بقوة البرامج التي تستخدمها ، كما أنها تتيح للطالب المجال لكي يطور نفسه ليكون مهندس معماري متكامل؛ وهو ما تحقق مع "كرم" فوالده " زين الدين جمال" الطبيب المشهور في مجال جراحة القلب أحترم رغبة أبنه الأكبر ولم يتبع العرف السائد بأن الطبيب يوجه أبنه ليكون بنفس مجاله ويحقق له كل أحلامه من خلال أبنه ؛ وقد راهن "زين" علي أبنه وربح الرهان وأصبح " كرم" فخر كبير لوالده الذي ترقب خطواته ومثابرته ليصبح علي ما هو عليه بمجهوده دون الأستعانة بأموال أبيه .
الرابع عشر من شهر فبراير والذي يحتفي به العالم تحت مسمي عيد الحب ويتبادل المحبين الهدايا كتعبير عن ميثاق حبهما المتين والذي أختاراه " كرم" و"ليال" كموعد لحفل زفافهما وتتويج حبهما للأبد رغبة منهما لأحتفاء البشرية بزواجهما مع الأحتفال بعيد الحب عالميا ؛ أصبح هذا التاريخ هو الأسوء في ذاكرة " كرم" بعدما حدث له من هذا الهروب المخزي ؛ ولم يبحث عن سبب هروبها فلقد تكفلت المواقع الصفراء المختصة بالفضائح للمشاهير بتبرير هروبها مع حبيب لها وأن "كرم" كان مجرد دمية لأثارة غيرة حبيبها الحقيقي بعدما أختلفا قبل ظهورها في حياة "كرم" ؛ "ليال" هي عارضة أزياء عالمية تصادف معرفة "كرم" بها أثناء دراسته ببريطانيا فهي من أصل عربي وعبرت القارة لتلتحق بحلمها لتصبح عارضة أزياء عالمية ووجه للعديد من الشركات العالمية المختصة بمستحضرات التجميل وكذلك ماركات شهيرة تطلق خطوط أنتاج للحقائب النسائية ذات الخامات الشديدة الدقة والروعة وأطلالة "ليال" كانت تضيف المزيد من الجاذبية وحب الأمتلاك لتلك المنتجات لدي العديد من النساء في كل البلدان؛ وشركات تصنيع العطور والساعات ؛ وكان هناك سبق لأحدي شركات العطور المختصة بالرجال وأختصت "ليال" كواجهة أعلانية بحبها لهذا العطر الرجالي لأنه عطر حبيبها وكم كانت حملة أعلانية مدوية النجاح لأنها مبتكرة وجديدة أختيار وجه نسائي وليس رجالي.
خطفت قلب "كرم" بمجرد رؤيته لها ؛ روحها كانت مختلفة عن أي فتاة أعترضت أيام عمره لم ينبهر بجمالها مثل أي رجل لكن أجتذبه روحها المرحة وبساطتها ونسجت الأيام خيوط مشاعر وأحاسيس قوية تهاوت وتصدعت بلحظة هروبها من عرسهما ؛ ولم يكترث "كرم" للبحث عن حقيقة هروبها وسببه فهو يعتز برجولته ويسحق بقدمه علي قلبه أن أذله يوما وما حدث معه كان مؤلم وموجع وأجبر نفسه أن يتظاهر بقناع من الصلابة والقوة حتي ظن الكثيرين بأن لم يحبها بالأساس ؛ ولكنه عندما كان ينفرد بنفسه كان يقتلع قناعه الزائف أقتلاعا حتي يتنفس قناعه الحقيقي المخفي الصعداء والألم ؛ لتنساب دموعه محررة من معتقل مقلتيه ؛ ليتجرع ألمه من دموعه كل ليلة كؤوسا حتي الثمالة .
ويطل صباحا بوجه صبوح مشرق مجتازا ألامه الثخينة ليبعثرها بالهواء الذي يتخلل خصلات شعره الكثيف الناعم المتدرج بلونه البني ربانيا وهو يقود سيارته الرياضية فهو يعشق السيارات وأختار سيارته تلك لتتناسب مع شخصيته.