Rashasalem

شارك على مواقع التواصل

كم تصبح الثواني ثقال بثقل الجبال والبحار والمحيطات بل بثقل الأرض عندما تزحف لتضن علي المشتاق بالرد بما يهديء روعه .
وقطع الصراع الزمني واللهفة والترقب عندما أجابه..
"كرم":" عارف أيه يوصف "حلا"؟ وتلهف لمعرفة وصفها لديه... سمعت كلمات أغنية محمود العسيلي اللي بتقول .. أنتي حلوة وحياتي بيكي حلوة ومنكرش أني كراجل أتشديت... مسمعتهاش بس باين الدخلة حلوة وعسيلي أغانيه الرومانسية عظمة أتاريك رومانسي في الدكاكيني كده .... أستني أكملك وكانت تستمع إليهم وتغمرها الفرحة ...ليستطرد كلامه ويسهب قائلا ... أسمع للآخر يا مستر كرومبو أنت .. ليرد عليه .. قول يا متقال قول وئسم وضحك الأثنان ... الكوبليه بقي اللي يوصفها بيقول كنتي الدوا لمرض مش عندي وبتشوفيه معايا كتير وجع الهوي جربته زمان أنا وبتدوقيه معايا كتير ... ويختم بالخلاصة حبيتيني ومحبتكيش وحاولت الاقي مافيش مكان في قلبي ليه يا قلبي مدخلتيش ومافيش أكيد أنسان يجيي مكان أنسان والمستخبي اهوه بان معنديش"
وكأنما تسدل ستار الألم والخيبة بنهاية مسرحية تحمل نهاية مأساوية ولكن الختام هنا ليس بعاصفة من التصفيق من أكف المتفرجين بل كانت دموع حارة تسكب لتحترق وجنتيها بغزارة لتلتفت هاربة بعد هذا الحديث القاتل لقلبها الدامي ليقطر دماؤه شهيدة في محراب الحب في قلبها حديث العهد بالحب الوليد.
ورأت"نرمين" فرارها هاربة كأنها تفر من جحيم مستعر يحولها في لحظة إلي هشيم.
فأنطلقت إليهم لتسمع حديث"شريف":"يا شيخ حرام عليك بقي "حلا" دوا لمرض مش عندك وان قلبك محبهاش ده ايه الجحود ده؟"
"نرمين":" أنت قولت أيه يا "كرم" البنت مفلوقة من العياط؟"
"شريف":"حاقولك يا ستي الجاحد ده قال ايه.... ثم سرد لها الحديث بالكامل فجحظت عيناها من الصدمة والذهول لقسوته وجحود كلماته ... علي فكرة يا "كرم" أنت مستهلش البنت دي وخسارة فيك بجد أنت يدوب تستاهل واحده زي "ليال" تمرمط فيك ومتعرفش تصونك ولو شوية أنت مش بني آدم ياريتها ما فضلت جنبك وقت الغيبوبة وساعدتك ترجع للحياة وسابتك مرمي فالعناية لدلوقتي ؛ بس عارف هي تستاهل اللي أحسن منك بكتير ويكون راجل يقدرها "
فرد "كرم" ببرود لا متناهي :" ومين بقي أن شاء الله اللي يستاهلها وراجل وبلا بلا بلا اللي بتقوله ده أنت مثلا" وضحك عاليا لينتقم منه ولو للحظات بعد كلامه الموجع.
"شريف":" يا أعمي البصر والبصيرة أنت معندكش أحساس بشري يقولك أني باحب "نرمين" من سنين وهي بتحبني وبنحضر نفسنا للجواز قريب أن شاء الله ... أنت فاكر كلامي أني طمعان في "حلا" دي أختي الجدعة بجد اللي ملقتش في جدعنتها حد وغيرتي عليها نخوة راجل وأخ أن بنت زي دي تتوجع من واحد زيك كده ..."
وأصطحب"نرمين" مغادين المكان بعد أن أصطحبت حقيبة "حلا" ووصلا إلي المنزل ولكن لم يجداها وهاتفها بالحقيبة أي لا سبيل للأطمئنان عليها ؛ وأنتظرا قدومها وعندما تأخر الوقت أضطر "شريف" للأستئذان بعدما وعدته "نرمين" بأن تطمئنه برسالة عند قدومها .
وظلت مؤرقة تنتظرها حتي جاءت قبل الفجر قليلا لترتمي بأحضانها باكية لتزيد عيناها تورم من كثرة البكاء والنحيب؛ وأخبرتها بأنه أدمي قلبها بأدعائه القاسي بحبها له وبأنه حب من طرف واحد .. طرفها وكم شعرت بتمنيها ان تموت ولا تستمع لتلك الكلمات القاسية هدهدتها "نرمين" لتهديء من روعها وهي تتمتم :" أنت يتمناكي أحسن راجل في الدنيا بجد أنا عاشرتك كام شهر وقربنا علي سنة بس بجد كاني اعرفك من سنين عمري كله عمري ما شوفت في ادبك واحترامك وجدعنتك وده قاله "شريف" عليه وأنه واحد بلا رجولة ولا قلب وأنك تستاهلي اللي أحسن منه مليار مرة .. أهدي يا قلبي هو ميتسهلش دموعك دي"
"حلا:" صدقيني أنا دموعي مش عليه دموعي علي كم القسوة اللي أتجمعت ليا وبقت قدري ونصيبي واولهم قسوة أمي وبعدين أبويا والختام كان بيه؛ عارفة كتير بقيت أقول لحالي هو أنا للدرجة دي بنت سيئة ومستهلش أتحب من أمي وأبويا لدرجة أنهم يتبروا مني بالشكل ده .. كتير كنت اشوف زميلاتي فالمدرسة مامتهم وباباهم فرحانين بيهم اوي وجايبين درجات اقل مني بس كانوا بيشجعوهم ويكافئوهم علي نجاحهم حتي لو قليل ... وده كان بيوجعني .. كانت جدتي تبصلي ودموع القهر جواها علي حالي وكانت بتحاول تعوضني لدرجة كانت بتعتذر لي انها خلفت ابويا من الاساس بسبب قسوته عليا ونفض ايده عني وراح اتجوز وعاش حياته وبيرعي اولاده ورماني ولا كأني كلبة وأمي كمان ... وأستغرقت في نوبة كشلالات من الدموع الحارة ... لتهدئها لتستكمل .... لذلك كانت جدتي تشجعني أعمل لنفسي كيان وكانت دايما تقولي محدش بيختار أبوه ولا أمه بس أحسني أختيار الناس اللي تدخل حياتك لان ده قرارك ولازم تتحملي نتايجه .. وحشتني اوي اوي ... وضمتها لصدرها ... كله حيبقي تمام أنا جنبك أنا و"شريف" وعمرنا ما حنتخلي عنك ابدا .. يالا يا قلبي شوية ويجيي معاد صحيانك للشغل من رأيي تبلغي اجازة وترتاحي النهاردة فالبيت ايه رايك لانك عيونك مورمة مهما حاولتي تداريها .... فأومأت برأسها بالموافقة فالصداع يكاد يفتك برأسها وعيونها المتورمة تكاد لا تري بسببهما وتواصلت مع مديرها الذي وافق علي الاجازة علي الفور فهي مجتهدة وأجهدت نفسها فالفترة الاخيرة علي المشروع المسند إليها وتحممت ووجدت "نرمين" وقد جلبت لها مشروب اليانسون الدافيء لتهدئتها ولجلب النوم لها وأحضنتها حتي غفت بين ذراعيها كرضيع ألتمس الأمان فنام .
وظلت "حلا" في سبات متقطع مؤرق حتي أظلمت السماء وتخطت الساعة العاشرة مساءا؛ وتركتها "نرمين" لتنام ولكنها كانت تتفقدها كل فترة لتعيد الغطاء علي جسدها وتهدهدها فتشعر بأستمرار الامان فتغفو .. واستيقظت لتجدها وقد حضرت لها وجبة عشاء فاخرة كتعويض عما عانته بالليلة المشئومة السابقة.
وحضر "شريف" الذي لم يتحدث عما حدث وأخذ يتحدث بأحاديث مرحة أملا أن يجلب ضحكتها الحلوة لوجهها الحزين؛ ولكن هيهات فلقد فشل فشلا ذريع.
ومرت الأيام وملامح "حلا" تذبل كأوراق الشجر أستعدادا لفصل الخريف لكي تتساقط لتنمو أوراق غيرها لتحيا من جديد؛ وكان القلق يعتري كل المحيطين بها حتي بالعمل فريق العمل معها أبدع في أبتكار طرق لأضحكاها ولكن دون جدوي فكأنما روحها ماتت بداخلها دون وجود أمل لرجوعها مرة آخري للحياة.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.